قمة أوروبية لتعيين 5 مسؤولين بارزين في الاتحاد

قمة أوروبية لتعيين 5 مسؤولين بارزين في الاتحاد
TT

قمة أوروبية لتعيين 5 مسؤولين بارزين في الاتحاد

قمة أوروبية لتعيين 5 مسؤولين بارزين في الاتحاد

اجتمع القادة الأوروبيون في بروكسل أمس، للتوافق على الأسماء المطروحة لشغل المناصب الخمسة العليا في التكتل؛ أربعة مناصب سياسية ومنصب مالي. ويتفاوض الأوروبيون لتعيين خلفاء جان كلود يونكر في قيادة المفوضية الأوروبية ودونالد توسك في رئاسة المجلس الأوروبي، وفيديريكا موغيريني الممثلة العليا للاتحاد للشؤون الخارجية، وأنتونيو تاجاني رئيس البرلمان الأوروبي وماريو دراغي رئيس البنك المركزي.

رئيس المفوضية
يتولى قيادة المفوضية الأوروبية، وهي الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي التي تمسك بشكل شبه كامل بالمبادرة التشريعية، ما يخولها صوغ واقتراح مشاريع القوانين كما هي مكلّفة تطبيق القوانين والسهر على احترام المعاهدات والاتفاقيات.
ويشرف رئيس المفوضية على هيئة تضم 27 مفوضا (26 بعد خروج بريطانيا من الاتحاد)، هم مفوض لكل دولة عضو، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وتغطي مسؤوليات هذه الهيئة كامل نطاق صلاحيات الاتحاد الأوروبي، من الشؤون الاقتصادية إلى القضاء، مرورا بالمنافسة والزراعة والطاقة وحتى المجال الرقمي. وتستمر ولاية رئيس المفوضية خمس سنوات يمكن تجديدها لمرة واحدة.
رئيس المجلس
يتولى قيادة المجلس الذي يضم رؤساء دول وحكومات بلدان الاتحاد والمكلف تحديد توجهات الاتحاد وإعطاءه وجهته السياسية. استحدث منصب الرئيس الدائم للمجلس عام 2009. وهو مكلف بشكل أساسي التوصل إلى توافق بين قادة الدول الـ28 (الـ27 بعد بريكست).
ويشرف على القمم الأوروبية التي تجمع القادة بصورة عامة في بروكسل، فيتولى تنسيق أعمالها ويترأسها. ويمثل الاتحاد الأوروبي في الخارج مع رئيس المفوضية. وتستمر ولاية رئيس المجلس سنتين ونصف سنة، وهي قابلة للتجديد لمرة واحدة.
«وزير الخارجية»
استحدث منصب «الممثل الأعلى للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية» قبل عشر سنوات. ويقضي دوره بتنسيق سياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية والدفاعية.
والممثل الأعلى للدبلوماسية الأوروبية هو عضو في المفوضية الأوروبية بصفة نائب رئيسها، والمجلس الأوروبي في آن واحد، إذ يترأس اجتماعات وزراء الخارجية ويشارك في قمم رؤساء الدول والحكومات.
ويتم تعيينه لخمس سنوات.
رئيس البرلمان
ينتخب لولاية من سنتين ونصف سنة قابلة للتجديد، ما يمثل نصف ولاية البرلمان الأوروبي التي تستمر خمس سنوات. ويقود مجمل أعمال الهيئة المنتخبة مباشرة من مواطني الاتحاد منذ 1979. وهو يمثل البرلمان أمان العالم الخارجي وفي علاقاته مع هيئات الاتحاد الأخرى، ويشارك في الجلسات الموسعة، ويسهر على احترام الآليات التنظيمية، ويوقع على الميزانية وعلى قوانين الاتحاد الأوروبي.
وقد تمّ تعزيز صلاحيات البرلمان الأوروبي بصورة تدريجية، وخصوصا بموجب معاهدة لشبونة الموقعة عام 2009. وعهد بأربعين مجال اختصاص جديدا إلى هيئة «القرار بالتشارك» هذه، ما يضع البرلمان على قدم المساواة مع المجلس.
ومن بين هذه المجالات الزراعة وأمن الطاقة والهجرة والقضاء والشؤون الداخلية والصحة والصناديق الهيكلية الأوروبية للاستثمار. ويعطي النواب موافقتهم على الاتفاقيات الدولية، ولا سيما التجارية منها.
رئيس البنك المركزي
يشغل رئيس البنك المركزي الأوروبي منصبه لولاية واحدة من ثماني سنوات، يقوم خلالها بوضع وتنفيذ السياسة النقدية التي تنعكس على الحياة اليومية لأكثر من 340 مليون شخص من مواطني الاتحاد الأوروبي.
ويترأس هيئة إدارة البنك المركزي المؤلفة من ستة أعضاء، وكذلك مجلس حكامه الذي يشمل حكام المصارف المركزية الوطنية الـ19 لدول منطقة اليورو.
وصوت الرئيس راجح عند اتخاذ القرارات المتعلقة بزيادة معدلات الفائدة أو خفضها وغيرها من أدوات دعم الاقتصاد. وبمعزل عن عمله في مقر البنك المركزي في فرانكفورت، يحضر الرئيس إلى البرلمان الأوروبي لرفع تقارير فصلية ويلقي خطابات تتابعها الأسواق من كثب، يمكن لأي كلمة فيها أن يكون لها تأثير بالغ.
وتأكيدا لأهمية أي كلام يصدر عن رئيس البنك المركزي الأوروبي، تمكن ماريو دراغي في يوليو (تموز) 2012 في لندن، من إنقاذ اليورو في وقت كان الاتحاد النقدي على وشك الانهيار في ظل أزمة الديون اليونانية، بمجرد إعلانه تصميمه على حل مشكلة منطقة اليورو «مهما تطلب الأمر»، ثلاث كلمات دخلت التاريخ منذ ذلك الحين.


مقالات ذات صلة

اقتصاد منطقة اليورو ينهي عام 2024 على تراجع وسط مخاوف بشأن التجارة

الاقتصاد شارع بمدينة كمنيتس شرق ألمانيا (أ.ف.ب)

اقتصاد منطقة اليورو ينهي عام 2024 على تراجع وسط مخاوف بشأن التجارة

أظهر كثير من المؤشرات الرئيسية يوم الأربعاء أن اقتصاد منطقة اليورو أنهى عام 2024 على نحو ضعيف، مما يشير إلى أن التعافي المأمول لا يزال بعيد المنال.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت (ألمانيا))
الاقتصاد علم الاتحاد الأوروبي على أوراق اليورو النقدية (رويترز)

استقرار عوائد السندات في منطقة اليورو قبيل بيانات التضخم

استقرت عوائد السندات في منطقة اليورو بشكل عام يوم الثلاثاء مع ترقب المستثمرين لبيانات التضخم المرتقبة في وقت لاحق من اليوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد موظف يعدّ أوراق الدولار الأميركي في بنك بهانوي لدى فيتنام (رويترز)

الدولار الأميركي يتراجع مع تكهنات بشأن سياسة ترمب التجارية

تراجع الدولار الأميركي، يوم الثلاثاء، قرب أدنى مستوى له في أسبوع مقابل العملات الرئيسية، مع تكهنات حول ما إذا كانت الرسوم الجمركية التي سيطبقها دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد خضراوات معروضة في سوبر ماركت «سير بلس» في برلين (رويترز)

ارتفاع مفاجئ في التضخم الألماني إلى 2.9 % خلال ديسمبر

قفز التضخم في ألمانيا إلى 2.9 في المائة في ديسمبر، وهو أعلى من المتوقع، وفقاً لما أعلنه مكتب الإحصاء الاتحادي (دستاتيس).

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد أعلام خارج مقر المفوضية في بروكسل (رويترز)

اقتصاد منطقة اليورو يُنهي 2024 بحالة هشة مع استمرار انكماش نشاطه

أنهى اقتصاد منطقة اليورو عام 2024 في حالة هشة وفقاً لمسح أظهر انكماش النشاط الاقتصادي للشهر الثاني على التوالي خلال ديسمبر

«الشرق الأوسط» (عواصم)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟