أوباما يستعد لتوسيع الضربات الجوية ضد «داعش» إلى سوريا

الرئيس الأميركي لديه صلاحية إصدار أوامر عملية موسعة.. والكونغرس لا يزال منقسما حول التصويت على عمل عسكري

أوباما يستعد لتوسيع الضربات الجوية ضد «داعش» إلى سوريا
TT

أوباما يستعد لتوسيع الضربات الجوية ضد «داعش» إلى سوريا

أوباما يستعد لتوسيع الضربات الجوية ضد «داعش» إلى سوريا

صرح مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية بأن الرئيس باراك أوباما مستعد لإصدار أوامره بتوجيه ضربات جوية في سوريا، منتقلا بالحملة العسكرية ضد تنظيم داعش إلى ساحة جديدة وغير متوقعة.
لكن أوباما لا يزال يواجه مجموعة من التحديات، بما في ذلك كيفية تدريب وتجهيز قوة برية حيوية وناجحة لمحاربة «داعش» داخل سوريا، وكيفية التدخل من دون تقديم المساعدة إلى الرئيس السوري بشار الأسد، وكذلك كيفية حشد الشركاء مثل تركيا والسعودية. وكان خطاب أوباما، المقرر أن يكون ألقاه مساء أمس، مخصصا لتوضيح استراتيجيته إلى المواطنين الأميركيين حيال «إضعاف ثم تدمير الجماعة الإرهابية في النهاية»، على نحو ما صرح به البيت الأبيض في بيان صدر أخيرا. أما الأشخاص المُطّلعون على خطط الرئيس الأميركي فقد وصفوها بحملة طويلة الأجل وأكثر تعقيدا من الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة ضد أهداف تخض تنظيم القاعدة في اليمن وباكستان وغيرهما من الدول. وقاوم أوباما التدخل العسكري في سوريا لما يربو على ثلاث سنوات، خشية أن يؤدي التسليح المبكر للمتمردين المعارضين للسيد الأسد إلى الفشل في تغيير التوازن في الحرب الأهلية، في حين أن المزيد من التدخل العسكري من شأنه أن يأتي بآثار ممتدة في المنطقة المضطربة.
وعندما هدد أوباما سوريا بالضربات الصاروخية العام الماضي، بعدما استخدمت قوات الأسد الأسلحة الكيماوية، قادته المعارضة الشرسة داخل الكونغرس الأميركي إلى التخلي عن تلك الخطة. أما الآن، وعلى الرغم من كل شيء، فإن التهديد الذي يشكله «داعش» غيّر من المناخ السياسي الأميركي ومن حسابات الرئيس كذلك.
في يوم الثلاثاء، أطلع الرئيس زعماء الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في مجلس النواب ومجلس الشيوخ، على خططه. وأخبرهم أوباما بأنه يعتقد أن لديه السلطة اللازمة لإصدار أمر بتنفيذ عملية موسعة، على الرغم من أنه «سوف يرحب بأي خطوة من جانب الكونغرس من شأنها أن تساعد في الجهود الشاملة الجارية»، حسبما أفاد بيان البيت الأبيض. غير أن الكونغرس الأميركي يشهد حالة من الانقسام حول الحاجة إلى التصويت على العمل العسكري قبل انتخابات التجديد النصفي، ويبدو أن كلا الجانبين يبحث عن وسيلة لحشد التأييد داخل الكونغرس من دون منح تفويض صريح باستخدام القوة. وإحدى الوسائل قيد المناقشة حاليا هي قيام المشرعين في الكونغرس بالموافقة على تمويل قدره 500 مليون دولار من أجل تدريب وتسليح المتمردين الذين يقاتلون «داعش» في سوريا، وهو التشريع الذي طال انتظاره في كابيتول هيل. يعد خطاب الرئيس أوباما للأمة، عشية الذكرى السنوية الثالثة عشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 الإرهابية، تتويجا لأسابيع من المداولات الداخلية المطولة، والتي تلتها أيام من الحشد والضغط الشديد من قبل حلفاء الرئيس - في اجتماع حلف شمال الأطلسي في مدينة ويلز الإنجليزية، ومع الكونغرس، وحتى خلال العشاء الذي استمر لثلاث ساعات ليلة الاثنين الماضي مع الأعضاء الديمقراطيين والجمهوريين في مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية. وقد تحرك البيت الأبيض متحفزا إثر حوادث قطع رؤوس الصحافيين الأميركيين، جيمس فولي وستيفن جيه سوتلوف، على يد مقاتلي «داعش» الملثمين. وحولت الصورة المروعة، التي التقطت من مقاطع الفيديو وانتشرت في جميع أنحاء العالم، الرأي العام الأميركي لصالح تنفيذ العمل العسكري ضد المسلحين، كما يظهر في استطلاعات الرأي الأخيرة، ويبدو أنها حفزت كذلك الرئيس الذي قاوم طويلا التدخل العسكري في سوريا.
لكن أوباما يواجه بعض التعقيدات أثناء عمله على حشد الدعم في الداخل وتكوين التحالف في الخارج. فالحكومة التركية، على سبيل المثال، تخشى من الهجمات الانتقامية من جانب «داعش» نظرا لقلقها من أن تقوم الجماعة المتطرفة بإيذاء المواطنين الأتراك المحتجزين لديها وعددهم 49 مواطنا، بمن فيهم القنصل التركي العام، عقب قيام «داعش» بالهجوم على القنصلية التركية في مدينة الموصل العراقية.
التقى وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل، أول من أمس، مع القادة الأتراك لمناقشة مساهماتهم في الجهد المزمع القيام به، غير أنه خرج من دون الحصول على التزامات ملموسة، حيث أعرب أحد المسؤولين الأتراك عن قلقه من أن تقع الأسلحة المرسلة إلى المتمردين السوريين لمحاربة «داعش» في أيدي المقاتلين الأكراد الذين تصنفهم تركيا ضمن الجماعات الإرهابية. وأرسل البيت الأبيض جون كيري وزير الخارجية إلى السعودية هذا الأسبوع لضمان تأييد السعوديين.
وخلال العشاء الذي جرى يوم الاثنين، تحدث العديد من المشاركين، وأعرب الرئيس أوباما عن ثقته في تكوين تحالف قوي ضد «داعش» مع مرور الوقت. وقال المشاركون إنه عرض عليهم خطة شاملة تتضمن المكونات العسكرية، والدبلوماسية، والآيديولوجية، استنادا إلى محاولة مواجهة مسار الأحداث الذي عمل «داعش» على الترويج له في العالم العربي. وقال أحد الضيوف، صامويل آر بيرغر، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، إن الصورة الكبيرة تشير إلى أنه سوف يكون مشروعا طويل الأجل بالفعل، وإنه من الضروري أن تقوده أميركا، وإن ذلك الصراع لا يمكن أن يتحول إلى صراع أميركي سني. وأضاف «يجب أن يكون الأمر واضحا: أننا نساعد المعتدلين السنة في محاربة المتطرفين منهم». وصرح أحد الحضور أيضا، وهو ستروب تالبوت، وكان يشغل منصب نائب وزير الخارجية الأميركية سابقا ومدير معهد بروكينغز حاليا، قائلا «إن الرئيس ينظر إلى (داعش) بصفته ظاهرة جديدة تستلزم عدم التفكير فيها من زاوية أن بعضا منهم هنا وبعضا منهم هناك، لكن أيا كان الأمر فلا بد من قتالهم». وقالت جين هارمان، رئيسة مركز وودرو ويلسون، إنه في حين احتلت حكومة الأسد جانبا كبيرا من المناقشات، فإنها وغيرها من المشاركين أخبروا أوباما بأنه بإمكانه إصدار تفويض بتنفيذ عمل عسكري في سوريا من دون الخوف من مساعدة الأسد، نظرا لأن «داعش» يحتل أراضي ليست تحت سيطرته، وأنه من غير المرجح لقواته إعادة احتلال تلك المناطق.
لكن هارمان، وهي نائبة ديمقراطية سابقة عن ولاية كاليفورنيا، قالت إنها أصرت وبشدة على وجوب حصول الرئيس أوباما على تفويض من الكونغرس حيال أي عمل يقوم به. غير أن دعوتها تلك لم تلق ترحيبا من قبل العديد من النواب الديمقراطيين الحاليين في الكونغرس. وصرحت نانسي بيلوسي، من ولاية كاليفورنيا، وزعيمة الأقلية في مجلس النواب، للصحافيين بأن الموقف العام تجاه العمل العسكري كان شديد التباين منذ عام مضى، حينما واجه السيد أوباما معارضة شديدة في الكونغرس إزاء شن الهجمات الصاروخية ضد حكومة الأسد ردا على استخدامها للأسلحة الكيماوية. وأشارت بيلوسي إلى أن التصويت الوحيد الذي من المرجح أن يجريه الكونغرس سوف يكون قبل انتخابات الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) حول تمويل الحملة العسكرية، لكن الزعماء الجمهوريين لم يعدوا بذلك حتى الآن.
ومن المتوقع طرح التصويت على مشروع قانون للتمويل المؤقت في مجلس النواب يوم الخميس، والذي يشتمل على الإنفاق على العمليات العسكرية في الخارج من الأول من أكتوبر (تشرين الأول) وحتى الحادي عشر من ديسمبر (كانون الأول)، لكن الأموال سوف تظل قيد القانون الشامل حتى تتمتع الحكومة بحرية التصرف. وقال مساعدون جمهوريون في مجلس النواب، إن ما يسمى بعمليات الطوارئ في الخارج سيتم تمويلها على نفس مستوى تمويل مثل تلك الجهود في السنة المالية الحالية. وقد أضاف الجمهوريون بالفعل 88 مليون دولار في صناديق جديدة لمكافحة فيروس إيبولا.
وقال السيناتور ميتش ماكونيل، القيادي الجمهوري من ولاية كنتاكي، إنه يُفضل إصدار تفويض من الكونغرس على تنفيذ العمل العسكري. لكنه أضاف أن الأمر يرجع إلى الرئيس في عرض خطة واضحة لهزيمة «داعش» على الكونغرس قبل إجراء أي تصويت على التفويض المذكور. وقال متحدث باسم السيد جون إيه بوينر، رئيس المجلس، إنه سوف يدعم نشر القوات العسكرية الأميركية «للمساعدة في تدريب القوات العراقية والقيام بدور استشاري لصالحها ومساعدتها على استهداف» قادة «داعش». غير أنه لم يشر إلى التصويت في مجلس النواب. وقبل الخطاب، أرسل البيت الأبيض وفدا للقاء النواب في جلسة إحاطة سرية. ومن بين الوفد الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة، وماثيو أولسن مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، وأنتوني جيه بلينكن نائب مستشار الأمن القومي.
* خدمة «نيويورك تايمز»



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.