قمة أوساكا: دعم اتفاق المناخ مقابل تجنب انتقاد «الحمائية» الأميركية

«تسوية» يابانية أنقذت البيان الختامي لمجموعة العشرين

الأمير محمد بن سلمان مع قادة ورؤساء وفود الدول المشاركة في قمة العشرين خلال الجلسة المصاحبة للقمة بعنوان «تمكين المرأة اقتصادياً» أمس (واس)
الأمير محمد بن سلمان مع قادة ورؤساء وفود الدول المشاركة في قمة العشرين خلال الجلسة المصاحبة للقمة بعنوان «تمكين المرأة اقتصادياً» أمس (واس)
TT

قمة أوساكا: دعم اتفاق المناخ مقابل تجنب انتقاد «الحمائية» الأميركية

الأمير محمد بن سلمان مع قادة ورؤساء وفود الدول المشاركة في قمة العشرين خلال الجلسة المصاحبة للقمة بعنوان «تمكين المرأة اقتصادياً» أمس (واس)
الأمير محمد بن سلمان مع قادة ورؤساء وفود الدول المشاركة في قمة العشرين خلال الجلسة المصاحبة للقمة بعنوان «تمكين المرأة اقتصادياً» أمس (واس)

نجحت الدبلوماسية اليابانية في إقناع الدول والأطراف المشاركة في «قمة العشرين» في أوساكا بالتركيز، في البيان الختامي أمس، على «المبادئ والنقاط المشتركة» بدلاً من «نقاط الاختلاف». كما تم إنجاز «مقايضة» بإقناع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بقبول إعلان الدول الـ19 «التزام التطبيق الكامل» لاتفاق المناخ الموقع في باريس العام 2015، مقابل تجنب المشاركين انتقاد «الحمائية» التي تعتمدها إدارة ترمب.
لكن القادة حذروا، بعد مفاوضات صعبة استمرت حتى آخر لحظة، من تنامي المخاطر التي تحدق بالاقتصاد العالمي. واستعاضوا عن ذلك بالدعوة إلى «مناخ تجاري حر ونزيه»، بحسب تسوية اقترحتها الرئاسة اليابانية للقمة.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بعد الجلسة الختامية، إن الولايات المتحدة قبلت أن تؤكد دول أخرى اهتمامها بحماية المناخ في البيان.
وهناك حالة من الانقسام بين قادة «مجموعة العشرين» حول قضية تغيّر المناخ منذ قرار الرئيس ترمب الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ المبرم قبل أربع سنوات.
وقال الموقعون الـ19 في البيان الختامي للقمة إنهم متفقون على «عدم التراجع» عن هذا الاتفاق، مستخدمين لهجة تذكّر بنبرة البيان الختامي للقمة السابقة في بوينس آيرس، عاصمة الأرجنتين، نهاية العام الماضي.
وقالت أوساط فرنسية، قبل الجلسة الختامية، إن جهود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أدت إلى «تبني النصّ بشأن المناخ». ويؤكد اتفاق 19+1. دعم الدول الـ19. ومن بينها الصين وفرنسا وألمانيا، لاتفاق باريس حول المناخ الذي انسحبت الولايات المتحدة منه عام 2017.
وتم التوصل إلى هذا الاتفاق صباح السبت بعد مفاوضات طويلة وشاقة بسبب محاولة الولايات المتحدة عرقلة الإعلان الذي اتخذ شكلاً مماثلاً لإعلاني قمتي «مجموعة العشرين» في هامبورغ عام 2017 وبوينس آيرس عام 2018، بحسب الرئاسة الفرنسية. وقالت ميركل أمام الصحافة إن مجموعة العشرين توصلت فيما يخصّ المناخ إلى «نصّ مماثل» لنصّ العام الماضي، بعد مفاوضات شاقة.
من جهته، قال ماكرون الذي تعاني بلاده من موجة حر شديدة إنه كان يأمل في «الذهاب أبعد من ذلك» في قمة أوساكا فيما يخصّ المناخ. وأضاف: «تجنّبنا التراجع (...) لكننا يجب أن نذهب أبعد من ذلك (...) وسنبذل كل جهدنا للذهاب أبعد من ذلك».

- الحماية
وعن موضوع التعددية والحماية قال القادة في البيان الذي صدر بعد يومين في أوساكا، غرب اليابان، إن النمو الاقتصادي العالمي لا يزال ضعيفاً وإن الاحتمالات تتجه للأسوأ مع تصاعد التوترات التجارية والجيوسياسية، في إشارة إلى «الحرب التجارية» بين أميركا والصين. وقال البيان: «نسعى جاهدين لتوفير مناخ تجاري واستثماري حر نزيه غير منحاز وشفاف ومستقر يمكن التكهن به وإبقاء أسواقنا مفتوحة».
وهذا البيان الثاني على التوالي للقمة الذي يحجم عن الدعوة للحاجة لمقاومة الحماية التجارية، تجنباً لإثارة حفيظة واشنطن.
لكن آبي أخفى انزعاجه، وأكد في مؤتمر صحافي بعد ختام القمة أن ثمة الكثير من «الأمور المشتركة» بين قادة «مجموعة العشرين»، بينها الاعتراف المشترك بحاجة المجموعة لأن تظل المحرك الرئيسي للنمو العالمي.
وعند صياغة بيان القمة، حرصت اليابان، التي ترأس الاجتماع، على إيجاد «أرضية مشتركة» بين الولايات المتحدة التي تعارض لغة التنديد بـ«الحماية التجارية» والدول الأخرى التي تسعى إلى تحذير أقوى ضد التوتر التجاري.
من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر صحافي: «لم تحدث القرارات انفراجة، لكن جميع المشاركين أكدوا على التطلع لمواصلة العمل لتحسين نظام التجارة العالمي». وأضاف: «حقيقة أن الجميع أكد الحاجة لهذه العملية، والاستعداد للعمل تجاه هذه العملة أمر إيجابي بالفعل».
وهزت التبعات الواسعة النطاق للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين الأسواق، واختبرت قدرة أعضاء مجموعة العشرين على توحيد جبهتهم لتفادي كساد عالمي.
واتفقت الولايات المتحدة والصين على استئناف محادثات التجارة ما يعطي بعض الأمل في إمكانية تسوية أكبر اقتصادين في العالم للنزاع المرير بينهما.
غير أن كريستين لاغارد، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، حذرت من أن الاقتصاد العالمي يواجه «موقفاً صعباً» بسبب النزاعات التجارية، وحثت صناع القرار في مجموعة العشرين على خفض الرسوم الجمركية والعقبات الأخرى أمام التجارة. وقالت: «فيما نرحب باستئناف محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، فإن الرسوم التي فرضت بالفعل تكبح الاقتصاد العالمي، بينما تحمل القضايا التي لم تحسم الكثير من الضبابية تجاه المستقبل».
وكان آبي يأمل في استخدام القمة لمحاربة «الحمائية» في مختلف أنحاء العالم. ومن دون استخدام كلمة الحمائية، قال الزعماء في البيان: «نسعى جاهدين لخلق بيئة حرة ونزيهة وغير تمييزية وشفافة وقابلة للتنبؤ بها ومستقرة في قطاعي الاستثمار والتجارة ولإبقاء أسواقنا مفتوحة»، بحسب اقتراح ياباني للبحث عن «مبادئ مشتركة» بدل التركيز على نقاط الخلاف لضمان نجاح القمة. وأضاف البيان أن التجارة الدولية والاستثمار «محركات مهمة للنمو والإنتاجية والابتكار وخلق فرص العمل والتنمية».

- البيئة
في غضون ذلك، أعرب آبي عن رغبته للمشاركين في أن «يوحدوا صفوفهم في جهود مواجهة قضايا البيئة، من بينها تغير المناخ». كما تعهد بدور قيادي في معالجة النفايات في المياه والمحيطات. وقالت المديرة التنفيذية لـ«غرينبيس» جينيفر مورغان في بيان: «كي يثبت القادة للشعب أنهم مستعدون حقاً للقيام بما هو متوقع منهم، يجب على زعماء المجموعة بدء إزالة الكربون سريعاً من اقتصاديات بلادهم». وأصدرت رئاسة القمة وثيقة باسم «مبادرة اليابان لتنفيذ رؤية أوساكا للمحيطات الزرقاء» الخالية من التلوث ونفايات البلاستيك، تقترح تعاوناً دولياً لتحقيق ذلك وعقد سلسلة لقاءات لـ«العشرين».
كما أكد الجانب الياباني أهمية تسريع إصلاح «منظمة التجارة العالمية» باعتبارها أداة للنمو العالمي وسط استمرار الانقسام بسبب رفض واشنطن تعيين قضاة في المنظمة الدولية.
كما صدرت وثيقة باسم القادة حول «منع استغلال الإنترنت للإرهاب والتطرف العنيف المرتبط بالإرهاب»، وجاء فيها: «كقادة، واحدة من أعظم مسؤولياتنا هي ضمان أمن مواطنينا. إنه دور الدولة، أولاً وقبل كل شيء، منع ومكافحة الإرهاب. هنا في أوساكا، نؤكد من جديد التزامنا العمل لحماية شعبنا من الاستغلال الإرهابي للإنترنت. نصدر هذا البيان لرفع مستوى التوقعات بالنسبة للمنصات على الإنترنت للقيام بدورها».


مقالات ذات صلة

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

العالم تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

اتفقت دول مجموعة العشرين على العمل معاً لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء، لكن دون التوصل لاتفاق حول نظام ضريبي عالمي.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا ووزير المالية البرازيلي فرناندو حداد ورئيس البنك المركزي البرازيلي روبرتو كامبوس نيتو يحضرون اجتماع افتتاح الدورة المشتركة لمجموعة العشرين والمسارات المالية في قصر إيتاماراتي في برازيليا (رويترز)

دول مجموعة العشرين تتفق على تجنب القضايا الجيوسياسية في قمة ريو دي جانيرو

قال ممثل البرازيل في مجموعة العشرين أمس (الجمعة) إن دبلوماسيي المجموعة اتفقوا على تجنب القضايا الجيوسياسية الشائكة خلال قمة أكبر الاقتصادات في العالم.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أوروبا عدد من زعماء العالم يجلسون للتحضير لجلسة عمل حول أفريقيا وتغير المناخ والتنمية في منتجع بورجو إجنازيا خلال قمة «مجموعة السبع» (أ.ف.ب)

«السبع» لدعم أوكرانيا بـ50 مليار دولار من الأصول الروسية

اتفق قادة «مجموعة السبع» خلال انطلاق قمتهم في جنوب إيطاليا، بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس (الخميس)، على دعم أوكرانيا بقرض قيمته 50 مليار دولار

شوقي الريّس (فازانو (إيطاليا)) «الشرق الأوسط» (بروكسل)
المشرق العربي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى نزوله من الطائرة على مدرج مطار خورخي نيوبيري في بوينس أيريس (أ.ب)

انتقادات متكررة لأميركا وسط مطالب الـ«20» بوقف النار فوراً في غزة

أدى بقاء السماعات مفتوحة خلال اجتماعات رفيعة مغلقة لمجموعة العشرين للدول الغنية في البرازيل إلى سماع انتقادات لواشنطن بسبت معارضتها وقف النار فوراً في غزة.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي خلال أحد الاجتماعات على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

البرازيل تؤكد وجود دعم واسع في مجموعة الـ 20 لحل الدولتين

أكد وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا، اليوم (الخميس)، وجود «إجماع» بين أعضاء مجموعة العشرين لدعم حل الدولتين في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

احتجاجات مناهضة لحرب غزة في أستراليا تدخل يومها الثاني

متظاهرون يسيرون في الشارع أمام معرض الدفاع الدولي للقوات البرية في ملبورن (أ.ف.ب)
متظاهرون يسيرون في الشارع أمام معرض الدفاع الدولي للقوات البرية في ملبورن (أ.ف.ب)
TT

احتجاجات مناهضة لحرب غزة في أستراليا تدخل يومها الثاني

متظاهرون يسيرون في الشارع أمام معرض الدفاع الدولي للقوات البرية في ملبورن (أ.ف.ب)
متظاهرون يسيرون في الشارع أمام معرض الدفاع الدولي للقوات البرية في ملبورن (أ.ف.ب)

دخلت احتجاجات مناهضة لحرب غزة خارج معرض للدفاع في أستراليا يومها الثاني، اليوم (الخميس)، بعد اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمحتجين أمس (الأربعاء)، تسببت في إصابة العديد من قوات الأمن، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وسار المتظاهرون في شوارع مدينة ملبورن؛ حيث يقام معرض الدفاع الدولي للقوات البرية، بينما أقامت الشرطة حواجز جديدة لمنع دخول الحشد إلى الطرق القريبة من مقر استضافة المعرض الذي يقام كل عامين.

ونشرت السلطات قوات الأمن في حين قالت الشرطة إنها أكبر عملية أمنية في ملبورن منذ المنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2000.

واعتقلت الشرطة العشرات، أمس، بينما استخدمت طلقات الإسفنج والقنابل الصوتية لتفريق الحشد؛ حيث ألقى بعض المشاركين فيه الحجارة وروث الخيل والزجاجات على الشرطة.

واحتج نحو 1500 شخص خارج المعرض، أمس، حيث ردد العديد منهم شعارات مؤيدة لفلسطين عبر مكبرات الصوت ولوّحوا بأعلامها، بينما حمل آخرون لافتات وأعلاماً تمثل صراعات وقضايا أخرى.

وقالت شرطة ولاية فيكتوريا إن 22 شخصاً وجهت إليهم اتهامات، واحتاج 27 ضابط شرطة إلى علاج طبي.

متظاهرون يحتجون أمام معرض الدفاع الدولي للقوات البرية في ملبورن (أ.ف.ب)

وزعم المتظاهرون أن الشرطة استخدمت الرصاص المطاطي وأسلحة أخرى قالوا إنه يجب حظر استخدامها ضد المحتجين، ومنها رذاذ الفلفل.

وأثار العنف أثناء الاحتجاجات، بقيادة مجموعة تطلق على نفسها اسم «ديسربت لاند فورسيز»، انتقاداً قوياً من الأحزاب السياسية الرئيسية. غير أن حزب الخضر اليساري الصغير دعا إلى إجراء تحقيق مستقل في تصرفات الشرطة.

ومن المتوقع أن يشارك في المعرض نحو ألف منظمة من 31 دولة، وقال المنظمون إنه أكبر معرض دفاعي في أستراليا. ويختتم المعرض الذي يستمر ثلاثة أيام فعالياته غداً (الجمعة).