بوتين يحدد أولوياته في سوريا... ويتجاهل التسوية السياسية

قال لقادة «بريكس» إن المدخل في القضاء على بؤر التوتر وعودة اللاجئين وإنعاش الاقتصاد

اجتماع دول «البريكس» في قمة العشرين: رئيس وزراء الهند ورؤساء جنوب أفريقيا والبرازيل والصين وروسيا (إ.ب.أ)
اجتماع دول «البريكس» في قمة العشرين: رئيس وزراء الهند ورؤساء جنوب أفريقيا والبرازيل والصين وروسيا (إ.ب.أ)
TT

بوتين يحدد أولوياته في سوريا... ويتجاهل التسوية السياسية

اجتماع دول «البريكس» في قمة العشرين: رئيس وزراء الهند ورؤساء جنوب أفريقيا والبرازيل والصين وروسيا (إ.ب.أ)
اجتماع دول «البريكس» في قمة العشرين: رئيس وزراء الهند ورؤساء جنوب أفريقيا والبرازيل والصين وروسيا (إ.ب.أ)

بدا لافتاً حديث الرئيس فلاديمير بوتين، قبل قمة أوساكا، وخلالها، حول المهام والأولويات التي يتعين على بلاده و«على المجتمع الدولي معها» أن ينجزها في سوريا. إذ حدد الرئيس العناصر الأساسية للتحرك المطلوب في استكمال القضاء على ما تبقى من «بؤر توتر» في سوريا وتسهيل عودة اللاجئين عبر دعم الحكومة السورية، وتسهيل وصول المساعدات الدولية لها، ثم إطلاق مشروعات إعادة الإعمار التي ينبغي لها أن تدعم تحديث الاقتصاد السوري تحت مظلة «القيادة الشرعية».
كانت موسكو قد بدأت، منذ وقت طويل، تقلص إشاراتها إلى احتمالات العودة إلى مفاوضات في جنيف، أو العمل لإحياء المسار التفاوضي. وخلال العامين الماضيين، تحديداً بعد انطلاق «مسار آستانة» في بداية 2017، انصب التركيز الروسي على ملفات وقف النار وتوزيع المناطق السورية إلى مناطق حملت تسمية «مناطق خفض تصعيد»، لكنها لم تلبث أن تحولت إلى مناطق عمليات واسعة قامت خلالها روسيا بحسم الوضع الميداني لصالح النظام فيها، وهكذا أغلقت ملفات مناطق الجنوب السوري وحلب، ثم غوطة دمشق، لتبقى منطقة إدلب فقط التي تواجه منذ أسابيع تصعيداً عسكرياً متواصلاً.
في هذه الأثناء، أطلقت موسكو فكرتي إعادة اللاجئين وإطلاق عمليات الإعمار، وحثت المجتمع الدولي على التعامل مع هذين الملفين، من دون أن تسمح بفتح نقاش حول ضرورة إعادة إطلاق العملية السياسية التي أقرها مجلس الأمن في قراره 2254.
وفي نقاشاتهم مع الأمم المتحدة، ركز المسؤولون الروس، طوال العامين الماضيين، على حصر تنفيذ القرارات الدولية في الجهود المتعثرة لتشكيل اللجنة الدستورية وإطلاق عملها. وفي أكثر من موضع، انتقدت موسكو بشدة تصريحات مبعوثين دوليين أو عواصم غربية سعت إلى التذكير بضرورة إطلاق المسار السياسي متكاملاً، وفقاً لرؤية السلال الأربع التي وضعها المبعوث الدولي السابق إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.
ورغم فشل موسكو في إقناع المجتمع الدولي بحصر النقاش حول ملفي إعادة الإعمار وعودة اللاجئين، وتعثرها في إقناع البلدان العربية بتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، غير أن تسارع التطورات السياسية في المنطقة، خصوصاً حيال الملف الإيراني، وتنامي الانتقادات لسياسات إيران الإقليمية، وفر لموسكو فرصة كبرى من أجل إعادة ترتيب أولوياتها، وفقاً للتطورات الحاصلة، فأرسلت أكثر من مرة إشارات غير مباشرة إلى استعدادها للتعامل مع ملف إخراج إيران من سوريا، عبر التأكيد على أن «كل القوى الأجنبية يجب أن تخرج»، كما حافظت على قنوات اتصال وثيقة مع إسرائيل من جانب، ومع الأطراف العربية من جانب آخر، فضلاً عن التنسيق المتواصل مع كل من تركيا وإيران، بهدف توفير أوسع دعم ممكن لتحركها السياسي على المستوى الإقليمي، وتوجت هذه الجهود بقبول الفكرة الإسرائيلية بعقد اجتماع لرؤساء مجالس الأمن القومي في روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة، تم التمهيد له بتسريب معطيات عن عرض أميركي للروس بمقايضة تقوم على احتواء الإيرانيين في سوريا في مقابل تعويم نظام الأسد. وعلى الرغم من أن موسكو نفت على المستوى الرسمي وجود «صفقة» يجري إنضاجها، لكنها تركت الباب موارباً للمفاوضات.
ووفقاً لمصادر روسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن موسكو تتعامل مع احتمال التوصل إلى اتفاقات حول سوريا من قواعد أساسية تنطلق منها، منها «البناء على ما تم تحقيقه حتى الآن، لأن تقويضه يعني إعادة الفوضى إلى سوريا»، و«العمل في إطار أشمل يلبي مصالح كل الأطراف الإقليمية»، بمعنى أن الملف لا يقتصر على معالجة ملف الوجود الإيراني في سوريا، وهذا يفسر إصرار الروس على الإشارة إلى أن لقاء القدس الغربية يمكن أن يتحول إلى «آلية ثابتة لمناقشة ملفات الشرق الأوسط».
بهذا المعنى يمكن فهم كلمات الرئيس بوتين عندما قال في اجتماع لمجموعة «بريكس»، على هامش قمة أوساكا، إن المهمة الأولى في سوريا هي استكمال القضاء على «بؤر التوتر»، إذ لم تعد موسكو منذ وقت طويل تتعامل مع الملف السوري على أساس «حرب أهلية» أو نزاع بين السلطة والمعارضة، وفي أحسن الأحوال عندما لا تتهم كل المعارضة بأنها إرهابية فهي تركز على فكرة «التمرد الدموي على الحكومة الشرعية».
وبالمعنى نفسه، يمكن الانطلاق من أن المجتمع الدولي سوف يتعامل مع «الأولويات» التي أوضحها بوتين خلال أعمال القمة وبعدها.
اللافت أن بوتين قال خلال اجتماع قادة دول «بريكس»، إن «الإجراءات الملحة في سوريا (القضاء على بؤر التوتر وعودة اللاجئين وإنعاش الاقتصاد) تشكل المدخل المناسب من أجل «حل الأزمات والصراعات الأخرى، سواء في أفغانستان أو فنزويلا أو الشرق الأوسط أو شبه الجزيرة الكورية».
وأشار إلى أنه «بفضل تقديم روسيا المساعدة الأكبر للحكومة السورية الشرعية في سوريا، أصبح من الممكن وقف إراقة الدماء على نطاق واسع». ولم ينكر بوتين أن «الطريق نحو الانتصار في سوريا» كان «محفوفاً بالمخاطر»، وفقاً لتصريح سابق في مقابلة مع صحيفة «فاينشال تايمز»، قال فيه إن نتيجة الجهود التي بذلتها روسيا في سوريا أكبر مما كنا نتوقع، رغم أن الخطر من التدخل في هذه الأزمة كان كبيراً.
وزاد: «فكرت في هذا الموضوع مسبقاً وجيداً، وقيمت كل الملابسات والإيجابيات والسلبيات. كما قيمت سيناريوهات تطورات الأوضاع حول روسيا، وما هي التداعيات بالنسبة إليها، وتحدثت عن ذلك مع المساعدين والوزراء، وليس فقط من الأجهزة الأمنية العسكرية، وإنما مع كبار المسؤولين الآخرين. واعتبرت في نهاية المطاف أن النتيجة الإيجابية من مشاركتنا النشطة في الشؤون السورية ستكون بالنسبة إلى روسيا ومصالحها أكبر بكثير من تداعيات عدم التدخل والتفرج السلبي على تنامي قوة الإرهاب الدولي قرب حدودنا».
هكذا قيم بوتين قرار التدخل، قبل أن يحصي نتائجه: «أولاً، تم القضاء على عدد كبير من المسلحين، ثانياً، تمكنا من إرساء استقرار في المنطقة القريبة منا جغرافياً، ما يعني أننا ثالثاً: أثرنا بشكل مباشر على ضمان أمن روسيا في داخل البلاد نفسها، ورابعاً، أقمنا علاقات جيدة وعملية مع كل دول المنطقة، ومواقعنا في الشرق الأوسط أصبحت أكثر استقراراً. والأمر يتعلق قبل كل شيء بسوريا نفسها، حيث تمكنّا من الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، ومنع اندلاع الفوضى هناك، وأخيراً طورنا قواتنا المسلحة بشكل كبير بعدما تلقت خبرة لا يمكن تصورها في أي تدريبات في الأجواء السلمية».
هكذا بنى الرئيس الروسي تحليله لنتائج التدخل في سوريا، ووفقاً لهذا البناء، يقوم الموقف الروسي الحالي على ضرورة حصر الأولويات للتحرك المقبل في «ملفات عملية ميدانية»، وفقاً لتعليق مصدر روسي، قال إن «التطورات تجاوزت جنيف، والفهم الأكثر واقعية للتسوية السياسية المطلوبة يقوم على وضع دستور جديد يمهد لانتخابات في وقت لاحق، على أن يبدأ العمل فوراً على تحسين الوضع المعيشي للمواطنين عبر عملية واسعة لإعادة تأهيل الاقتصاد وإعمار البلاد، مع ضمان رفع العراقيل عن عودة اللاجئين».


مقالات ذات صلة

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمته في الجلسة الثالثة لقمة دول مجموعة العشرين (واس)

السعودية تدعو إلى تبني نهج متوازن وشامل في خطط التحول بـ«قطاع الطاقة»

أكدت السعودية، الثلاثاء، أن أمن الطاقة يمثل تحدياً عالمياً وعائقاً أمام التنمية والقضاء على الفقر، مشددة على أهمية مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في اليوم الأخير من القمة (إ.ب.أ)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

نجحت البرازيل بصفتها الدولة المضيفة في إدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة النهائية لقمة العشرين بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ.

أميركا اللاتينية الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع» في «قمة الـ20»

أطلق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر»، وذلك خلال افتتاحه في مدينة ريو دي جانيرو، أمس، قمة «مجموعة العشرين».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو )
العالم لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

«قمة العشرين» تدعو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

أعلنت دول مجموعة العشرين في بيان مشترك صدر، في ختام قمّة عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.