انتقادات في الخليج لتغريدات دعاة تضامنوا فيها مع انتحاريي «أحرار الشام»

اعتبرتهم مخالفين للأنظمة المجرّمة للتيارات المتطرفة

انتقادات في الخليج لتغريدات دعاة تضامنوا فيها مع انتحاريي «أحرار الشام»
TT

انتقادات في الخليج لتغريدات دعاة تضامنوا فيها مع انتحاريي «أحرار الشام»

انتقادات في الخليج لتغريدات دعاة تضامنوا فيها مع انتحاريي «أحرار الشام»

سجل الشارع الخليجي اعتراضه على تغريدات بعض الدعاة المشهورين المؤبنة لمقتل عدد من قادة جبهة أحرار الشام، التي تعمل تحت لواء «الجبهة الإسلامية»، في تفجير مجهول استهدف اجتماعا لهم في ريف إدلب شمال سوريا، قتل فيه 45 بينهم 20 قياديا وشرعيا، على رأسهم أمير الحركة حسان عبود (الحموي).
واعترض الناشطون أمس في «تويتر» على فتح بعض هؤلاء الدعاة أبواب العزاء عبر حساباتهم ومعرفاتهم في «تويتر»، مما أثار الاستفهام لدى الشارع الخليجي حول مدى اختلاف جبهة أحرار الشام الإسلامية عن «جبهة النصرة» و«تنظيم داعش» بوصفهما جماعتين إرهابيتين.
وكان لافتا ضمن من قدموا كلمات الرثاء الحزينة لمقتل قادة «أحرار الشام» وجود شخصيات إسلامية مختلفة اجتمعت في عزائها مع حجاج العجمي، المصنف دوليا بدعمه للإرهاب، إلى جانب الداعية السعودي محمد العريفي، والدكتور ناصر العمر الذي قال في تغريدته «المصاب جلل، فلنجعل قول الصديق لنا منهجا»، متابعا «من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت». فيما غرد حجاج بن فهد العجمي «كان اجتماع قادة أحرار الشام من أجل توحيد العمل وجمع الكلمة، حدثني بذلك أبو عبد الملك تقبله الله، ولذا تمت تصفيتهم».
ويكمن رفض الخليجيين لموقف الدعاة الأخير في تباين مواقفهم تجاه ما اعتبره الرافضون ازدواجا صارخا من قبل الدعاة، إذ إن دول الخليج أعلنت عن مواقفها الصريحة تجاه الجماعات المتطرفة وحربها المعلنة تجاههم، وسقوط شهداء من رجال الأمن قابله من يسمون بالدعاة بالصمت المطبق.
واستهجن الشارع الخليجي تغريدات أطلقها الدكتور محمد العريفي، أعرب خلالها عن حزنه لمقتل الأحرار، جاء في إحداها «إنا لله وإنا إليه راجعون.. اللهم انصر المجاهدين في سبيلك، ووحد صفهم على الهدى، ومن أرادهم بسوء فرد كيده في نحره». وفي تغريدة ثانية قال «نحن أمة ولادة حبب إلينا البذل والتضحية.. الموت لا يعجله إقدام ولا يؤخره حذر.. الموعد عند الله. رب اجمعنا في جنتك»، في الوقت الذي لم يعبر فيه العريفي عن حزنه على الضحايا من رجال الأمن الذي سقطوا في مواجهات مع الإرهابيين.
أما الدكتور سعد البريك فاكتفى بإعادة التغريد لما قاله زهران علوش «نعزي الأمة الإسلامية في استشهاد قادة الجهاد.. اللهم إن إخواننا قد وفدوا عليك.. اللهم فتقبلهم في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين». أما الدكتور محمد الهبدان فاكتفى بالتعزية قائلا «اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرا منه.. قولوا: آمين.. آمين».
وعبر إبراهيم السكران، في تغريدته، بقوله «جاهدوا معا.. وصاغوا المنجزات معا.. ثم أبوا أن يودعونا إلا مترافقين معا. رب اجعل تآخيهم إليك من حسن خاتمتهم». وقال فهد العيبان «قتل في معركة أحد ومؤتة خيار المجاهدين من أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، فصبر المؤمنون واحتسبوا، فكانت العاقبة نصرا من الله وفتحا قريبا».
ووصف الناشطون في «تويتر» مواقف هؤلاء الدعاة بأنها تأتي مخالفة لتوجيهات القيادة السعودية والأمر الملكي الذي صدر بداية فبراير (شباط) الماضي، والذي يجرم ويعاقب بالسجن كل من ينتمي للتيارات أو الجماعات - وما في حكمها - الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخليا أو إقليميا أو دوليا، أو يعلن تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها بأي صورة كانت، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت، أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو التحريض على شيء من ذلك، أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأي طريقة.
يشار إلى أن حركة أحرار الشام هي إحدى أذرع الجبهة الإسلامية، وتأسست في 2011 على يد أبو خالد السوري أو «أبو محمد بهايا»، من مواليد مدينة حلب، والمعروف والملقب بـ«أبو عمير الشامي»، رسول ومستشار أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، قبل نجاح عملية اغتياله في سوريا في 2014، لتتحد صفوف أحرار الشام المصنفة دوليا بالإرهاب مع جبهة النصرة ممثلة تنظيم القاعدة في سوريا، عقب اتهام تنظيم داعش بالوقوف وراء عملية اغتيال زعيمها.
وتعد جبهة أحرار الشام إحدى حركات السلفية الجهادية المحلية متعددة الروافد من «تجربة الطليعة» المقاتلة الفرع المسلح لجماعة الإخوان المسلمون في سوريا (واجهت نظام حافظ الأسد سابقا) والسلفية الحركية القطبية، إلى عبد الله عزام، إلى الجهاد العالمي بصورته القاعدية، وإن كان حضور الأخيرة أقل ظهورا من أن تكون الحركة تابعة لـ«القاعدة» تنظيميا أو فكريا مثل جبهة النصرة، رغم التعاون العسكري المعلن بين أحرار الشام وتنظيم القاعدة.
عايش أبو خالد السوري نشأة الجهاد العالمي، وشارك فيها وفي التوسع مع الجيل الأول للجهاديين مثل عبد الله عزام وأسامة بن لادن وأيمن الظواهري، وكان عضوا في مجلس شورى خراسان، الذي مثل أعلى سلطة استشارية لـ«القاعدة» والجهاد العالمي، وكان من المقربين لأسامة بن لادن وأيمن الظواهري، دون أن ينتمي تنظيميا أو بيعةً لتنظيم القاعدة، ودون أن يتعارض ذلك مع مشاركته كوسيط ومخطط في عمليات «القاعدة» وحروبها في أفغانستان والعراق كشخصية جهادية مستقلة لها احترامها وتاريخها، أسوة برفيقه الأقرب له - على المستوى الفكري والشخصي - ونعني المنظر الاستراتيجي الأهم للجهاد العالمي أبو مصعب السوري، الذي طرح فكرة تعدد فصائل المقاومة ولا مركزية القيادة، والذي وصف «أبو خالد» في كتابة دعوة المقاومة الإسلامية بالقول «أخي وصديقي ورفيق دربي ومساري الصابر المصابر المجاهد الشيخ أبو خالد السوري حفظه الله وأمتعنا والأمة به وبأمثاله».
وتضم الجبهة الإسلامية ما يقارب 11 لواء بقوة إجمالية يتراوح قوامها ما بين 45.000 و60.000 مقاتل تحت قيادة واحدة، من بينها «كتائب أحرار الشام» (التي تعمل في جميع أنحاء سوريا)، و«حركة الفجر الإسلامية» (التي تعمل في مدينة حلب وحولها)، و«كتائب أنصار الشام» (في اللاذقية وحولها)، و«لواء الحق» (في حمص)، و«جيش التوحيد» (في دير الزور)، و«جماعة الطليعة الإسلامية» (في المناطق الريفية من إدلب)، و«كتيبة مصعب بن عمير» (في المناطق الريفية من حلب)، وجماعات «كتيبة صقور الإسلام»، و«كتائب الإيمان المقاتلة»، و«سرايا المهام الخاصة»، و«كتيبة حمزة بن عبد المطلب» التي تعمل في منطقة دمشق.



اجتماعات الرياض تؤكد أهمية دعم سوريا ورفع العقوبات

TT

اجتماعات الرياض تؤكد أهمية دعم سوريا ورفع العقوبات

جانب من اجتماع وزراء الخارجية بشأن سوريا في الرياض (د.ب.أ)
جانب من اجتماع وزراء الخارجية بشأن سوريا في الرياض (د.ب.أ)

أكدت الاجتماعات الوزارية التي عقدت في الرياض، الأحد، بمشاركة عربية ودولية بارزة، أهمية دعم سوريا ورفع العقوبات.

وانطلقت الاجتماعات في وقت سابق اليوم لمناقشة الوضع الحالي وسبل دعم البلاد إنسانياً وسياسياً بعد شهر على سقوط نظام بشار الأسد.

واستهل وزراء الخارجية العرب برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، اجتماعهم بحضور أمين عام جامعة الدول العربية، وأمين عام مجلس التعاون الخليجي. ويشارك في الاجتماع وزراء خارجية مصر، وسوريا، وقطر، والإمارات، والأردن، وسلطنة عمان، ولبنان، والبحرين.

وأكد الأمير فيصل بن فرحان أهمية رفع العقوبات الأحادية والأممية المفروضة على سوريا. كما أعلن، في مؤتمر صحافي أعقب الاجتماعات في الرياض، الترحيب بالخطوات التي اتخذتها الإدارة السورية الجديدة، مؤكدا الاستمرار في تقديم أوجه الدعم لسوريا.

وزير الخارجية السعودي يستقبل وزير خارجية الإدارة السورية الجديدة لدى وصوله إلى مقر انعقاد الاجتماعات الوزارية في الرياض (رويترز)

بيربوك: أمل جديد لكن الوضع متقلب

ومن داخل أروقة الاجتماع، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك: «هناك أمل جديد (...) كلما وحدنا قوانا معاً من أجل حوار سياسي عادل وعملية لإعادة الإعمار باسم الشعب السوري كله، كلما زادت فرص نجاحنا في تحقيق النجاح للشعب السوري». وأضافت أن «هذه العملية يجب أن يقودها السوريون أنفسهم، والدعم الموحد من الدول الحاضرة هنا اليوم سيكون عوناً في هذه العملية».

ورداً على سؤال «الشرق الأوسط»، استدركت الوزيرة الألمانية بالقول: «مع ذلك، فإن الوضع متقلب للغاية. وقد رأينا ذلك في الأيام الأخيرة مع انتشار أعمال عنف جديدة».

وأكدت الوزيرة الألمانية أن وجود اللاعبين الرئيسيين في الرياض يهدف إلى إيجاد عمليات سلمية للشرق الأوسط، والآن أيضاً لسوريا، وتابعت: «هذا أمر مهم للغاية».

تفاؤل بريطاني

قالت المملكة المتحدة إن اجتماعات الرياض بقيادة عربية ستركز على الخطوات المقبلة التي يمكن للمجتمع الدولي اتخاذها لدعم السلطات السورية المؤقتة، بما في ذلك آليات لمحاسبة نظام الأسد على جرائم الحرب التي ارتكبها ضد الشعب السوري.

وأكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، أن بلاده ملتزمة تجاه الشعب السوري وتدعم بالكامل عملية انتقال سياسي بقيادة سورية تؤدي إلى حكومة شاملة وغير طائفية وممثلة لجميع الأطياف.

ولفت لامي في بيان إلى أن «المملكة المتحدة واضحة جداً خلال اللقاءات الأولى مع السلطات المؤقتة بشأن الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فيما يتعلق بالحكم الشامل، وتسهيل المساعدات الإنسانية، والتعاون في مجال الأسلحة الكيماوية، ومواجهة التهديد الذي يشكله تنظيم (داعش) على الأمن الوطني للمملكة المتحدة».

وأضاف الوزير البريطاني بالقول: «يجب على المجتمع الدولي أن يتحد لدعم الشعب السوري بينما يبني مستقبلاً ديمقراطياً وبلداً متنوعاً وحديثاً، نحن متحدون مع شركائنا الرئيسيين من المنطقة وخارجها لضمان حماية المدنيين، وتوفير الوصول إلى المساعدات، وتحقيق الأمن داخل سوريا والمنطقة الأوسع».

وتابع: «يستحق السوريون مستقبلاً مشرقاً ومزدهراً، ونحن هنا اليوم لدعم ذلك».

وأثناء زيارته للسعودية، سيجتمع وزير الخارجية البريطاني مع وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، وعدد من وزراء الخارجية العرب والأوروبيين، وفقاً للبيان.

السفير السوري لدى السعودية أيمن سوسان، أكد في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» أن «السعودية لها ثقل إقليمي ودولي، وإمكانات هائلة تستطيع أن تكون سنداً لسوريا لتتجاوز المرحلة التي تمر بها حالياً»، مبيناً أنها «كما كانت على الدوام لن تترك سوريا وحدها، وستقوم بكل ما من شأنه إعادتها إلى موقعها الطبيعي».

وأضاف: «ما تقوم به المملكة اليوم بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين ومتابعة من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ليس غريباً عليها»، مشيراً إلى أنها «مدت يد العون للسوريين منذ بداية الأزمة في 2011، ولم تكن لديها مشكلة لإرسال مساعدات لجميع المناطق السورية، لكن النظام البائد كان يحول دون وصولها للتحكم بها كما يشاء».

كما سيرت السعودية منذ أيام، مساعدات إنسانية إلى دمشق عبر جسرين بري وجوي يحملان على متنهما مواد غذائية وإيوائية وطبية؛ لتخفيف آثار الأوضاع الصعبة التي يمر بها الشعب السوري حالياً، وذلك ضمن دعمها المتواصل للدول الشقيقة والصديقة في مختلف الأزمات والمِحن التي تمر بها.

وأكدت الرياض أن هذه المساعدات «ليس لها سقف محدد»؛ إذ سيبقى الجسر الإغاثي مفتوحاً حتى تحقيق أهدافه على الأرض هناك باستقرار الوضع الإنساني، وفق توجيهات القيادة السعودية؛ للتخفيف من معاناة المتضررين.

يأتي اجتماع الرياض بعد لقاء استضافته مدينة العقبة الأردنية منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله «لجنة الاتصال الوزارية المعنية بسوريا» الوقوف إلى جانب الشعب السوري، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة التاريخية لإعادة بناء وطنه على الأسس التي تحفظ أمنه واستقراره وسيادته ووحدته، وتلبي حقوق شعبه في حياة آمنة، حرة، مستقرة، كريمة على أرضه.