«المعارضة العونية» تتهم «التيار الحرّ» بالتآمر على حقوق العسكريين

اللواء عصام أبو جمرا
اللواء عصام أبو جمرا
TT

«المعارضة العونية» تتهم «التيار الحرّ» بالتآمر على حقوق العسكريين

اللواء عصام أبو جمرا
اللواء عصام أبو جمرا

شنّت «المعارضة العونية» هجوماً على «التيار الوطني الحرّ» بسبب ما سمته «تجاهل التيار وقيادته لمطالب قدامى القوى العسكرية»، واتهمته بـ«قلة الوفاء، ونكران الجميل، لمن شكلوا الرافعة الشعبيّة والحاضنة الأساسيّة لحالة التيار، وامتداده على مساحة لبنان»، واعتبرت أن «صمت قيادة التيار تجاه المطالب المحقّة للعسكريين والمتقاعدين تحوّل إلى ما يشبه التآمر على حقوقهم ومكتسباتهم»، في وقت عبّر فيه «التيار الحرّ» عن أسفه لأن «بعض المتقاعدين يحمّلون التيار مسؤولية تخفيض رواتبهم».
وذكّرت «المعارضة العونيّة»، في بيان أصدرته أمس، أنّ «التحركات التي قام بها المتقاعدون، طالما افتخرت بها قيادة التيار في الماضي، في مواجهة حكومات اعتمدت سياسة مغايرة لتوجهات التيار السياسيّة آنذاك»، ورأت أنّ «الإدارة السياسيّة المؤتمنة على المؤسّسة العسكريّة من واجبها اعتماد الوضوح والشفافيّة، وإطلاع المعنيين بالأمر على حقيقة الأمور، تجنباً لمحاولات التحوير والتسويف المعتمدة هذه الأيام».
واعتبرت المعارضة العونيّة أنّ «اعتماد أسلوب الكذب المتواصل سيجبر النواب عند التصويت على بنود الموازنة على تبيان حقيقة موقفهم أمام الرأي العام»، ورأت أنّ «المحاولات العبثية لإيجاد مصادر تمويل للخزينة المفلسة من جيوب المواطنين وذوي الدخل المحدود والمتقاعدين لن تجدي نفعاً، طالما أن المعنيين يتجنبون الوصول إلى مكامن الفساد والهدر والسرقة في كثير من مؤسسات الدولة».
ورد النائب عن «التيار الوطني الحرّ»، زياد أسود، على هذه الاتهامات، وسأل عن الهوية الحقيقية لهذه الحركة التي تسمّي نفسها «المعارضة العونية»، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعرف لماذا يصرّ البعض على تحميل (التيار الوطني الحرّ) مسؤولية خفض رواتب المتقاعدين، علماً بأن أكثر من نصف نواب التيار أعلنوا صراحة معارضتهم اقتطاع أي ضريبة من رواتب العسكريين أو المتقاعدين». ورأى أسود أن «تخفيض العجز يجب أن يبدأ بمكافحة الفساد، ووقف الهدر، وزيادة النمو، وخلق فرص العمل والإنتاج، وإعادة تصويب بوصلة الأنفاق، وليس بفرض الضرائب، أو اقتطاع نسبة من رواتب الموظفين والمتقاعدين»، مبدياً أسفه لأن مالية الدولة لا تزال رهن بعض الأحزاب والسياسيين».
ومن جهته، شنّ نائب رئيس الحكومة الأسبق اللواء عصام أبو جمرا، وهو أبرز القياديين المنشقين عن «التيار الوطني الحرّ»، هجوماً عنيفاً على الرئيس ميشال عون، وصهره وزير الخارجية جبران باسيل، واتهم الأخير بـ«الثراء على حساب الشعب اللبناني». واعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن باسيل «جمع ثروته من أموال الشعب اللبناني»، وسأل: «من أين أتى باسيل بثروته الطائلة والمليارات التي يملكها؟ هل من راتبه الشهري أم من الصفقات؟ لو أعاد باسيل وباقي السياسيين ربع ثروتهم التي جمعوها من خزينة الدولة لأصبح لبنان بخير». وسخر أبو جمرا من مقولة إن باسيل لديه شركة هندسة تدير مشاريع كبرى، وذكّر بأنه «تسلّم مشروعاً واحداً في الضاحية الجنوبية بعد حرب يوليو (تموز) 2006، لكن لم يكمله لأن (حزب الله) طرده من الضاحية، والكلّ يعرف ذلك». وأيد أبو جمرا ما جاء في بيان «المعارضة العونية» الذي يتهم «التيار الحرّ» بتجاهل مطالب قدامى العسكريين، وقال: «عندما كنّا في الحكومة العسكرية (بين عامي 1988 و1990) التي كانت مؤلفة من 3 وزراء (العماد عون واللواء عصام أبو جمرا واللواء ادغار معلوف)، تسلّم كلّ واحد منّا 6 وزارات، وللمفارقة أن جميع الوزارات التي كانت في عهدة عون انقسمت، بدءاً من رئاسة الحكومة إلى وزارات الدفاع والداخلية والمال والإعلام. والآن، وبعد 3 عقود، نجد أن الرجل عاد إلى الوراء». وأكد أبو جمرا أن جبران باسيل «لا يمثّل الحالة العونية الحقيقية لأنه أتى إلى رئاسة التيار بالتعيين، وخلافاً لنظام الحزب، وجاء بالتزوير والضغط المباشر».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.