مفتي الحوثيين يصف موظفي الأمم المتحدة بالجواسيس... و«الشرعية» تندد

مفتي الحوثيين، شمس الدين محمد شرف الدين
مفتي الحوثيين، شمس الدين محمد شرف الدين
TT

مفتي الحوثيين يصف موظفي الأمم المتحدة بالجواسيس... و«الشرعية» تندد

مفتي الحوثيين، شمس الدين محمد شرف الدين
مفتي الحوثيين، شمس الدين محمد شرف الدين

واصلت الجماعة الحوثية التصعيد ضد برنامج الأغذية العالمي على خلفية اتهامه لها بعرقلة نشاطه وسرقة المساعدات من أفواه الجياع، وما تلا ذلك من تعليق جزئي لأنشطته في مناطق سيطرة الجماعة، إذ أوعزت إلى مفتيها بإصدار فتوى دينية تعد البرنامج أداة للتجسس والتخابر، وهو ما يعني منح الضوء الأخضر لاستهداف موظفي برنامج الأغذية العالمي.
وجاءت الفتوى الحوثية التي صدرت من القيادي في الجماعة شمس الدين شرف الدين، المعيّن من قِبَلها مفتياً للديار اليمنية، خلال خطبة له من على منبر أحد المساجد في صنعاء، وأعادت بثها قناة «المسيرة» التي تعد الذراع الإعلامية التلفزيونية الأبرز للميليشيات.
وفيما لقيت الفتوى إدانة واستنكاراً من الحكومة الشرعية، جاء مضمونها ليتطابق مع تصريحات كبار قادة الميليشيات، وفي مقدمهم المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام وعلى لسان الرجل الثالث في سلم القيادة الحوثية محمد علي الحوثي رئيس ما تسمي اللجنة الثورية العليا.
وفي تغريدات أخيرة لمحمد الحوثي، حاول شن هجوم مضاد على برنامج الأغذية العالمي من خلال زعمه أن البرنامج بات مسيّساً ويجعل من الغذاء سيفاً مصلتاً لتهييج المشاعر ضد جماعته، إلى جانب زعمه أن البرنامج يرسل رسائل نصية عبر الهواتف إلى المستفيدين تحرّض ضد الجماعة.
وهروباً من حقيقة قيام الجماعة بسرقة المساعدات الغذائية وعرقلة وصولها وسعي البرنامج الأممي لوضع حد لذلك في مناطق سيطرة الميليشيات عبر إقامة قاعدة بيانات للمستفيدين واعتماد نظام بصمة العين، قال القيادي الحوثي إن ذلك يخالف عادات المجتمع والقانون، على حد زعمه.
وكان المتحدث باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام، قد زعم هو الآخر أن المنظمات الدولية والأممية في مناطق سيطرة الجماعة «تعمل مع أجهزة مخابرات دولية تبيع معلوماتها وبياناتها وإحداثياتها لدول تحالف دعم الشرعية تحت عنوان العمل الإنساني، مستخدمة أسوأ أنواع الخداع والتضليل»، حسب قوله.
واتساقاً مع دفاع قادة الجماعة عن فسادها جاءت الفتوى الدينية لتزعم على لسان مفتي الجماعة أن برنامج الأغذية العالمي يقوم بأدوار استخباراتية في صنعاء والحديدة يتم خلالها تحديد مواقع قادة الميليشيات الحوثية لمصلحة تحالف دعم الشرعية والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية.
وحسب مراقبين يمنيين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» فإن من شأن هذه الفتوى أن تطلق يد مسلحي الجماعة لاستهداف مئات الموظفين العاملين مع برنامج الغذاء العالمي، باعتبارهم مخبرين وجواسيس، وهو الأمر الذي يُعتقد أنه سيزيد من حدة الأزمة المتفاقمة بين قادة الجماعة والبرنامج الأممي.
وفي هذا السياق أدان وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني، هذه الفتوى التحريضية وقال في تغريدات على «تويتر»: «نُدين ونستنكر بشدة تصريحات المدعو شمس الدين شرف الدين الذي عينته الميليشيات الحوثية مفتياً للديار اليمنية».
ووصف الإرياني هذا التصعيد بأنه «بمثابة فتوى بإهدار دماء العاملين في المنظمات الدولية والهيئات العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية في اليمن، بمزاعم رصدهم للإحداثيات وجمع معلومات لصالح أجهزة مخابرات».
وأضاف: «هذا التحريض من مفتي الميليشيات ومن قبله الناطق باسمها محمد عبد السلام وكيل الاتهامات الخطيرة يجعل نشاط المنظمات والعاملين فيها في مناطق سيطرة الميليشيات محفوفاً بالمخاطر ويجعلهم عرضة للابتزاز، ويَحول بينهم وبين أداء مهامهم في تقييم الأوضاع الإنسانية وتقديم المساعدات الإنسانية لمن يستحقها».
وكان مدير برنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي، قد هاجم خلال جلسة مجلس الأمن الأخيرة سلوك الميليشيات تجاه عمل البرنامج بما في ذلك سرقة المساعدات وعرقلة وصولها وتوزيعها وتعريضها للتلف، وذلك قبل أن يلجأ البرنامج إلى تعليق جزئي لأنشطته في مناطق سيطرة الميليشيات قبل أيام.
وتقول مصادر حكومية يمنية إن سرقات الميليشيات للأغذية الأممية يسهم بشكل رئيسي في تمويل المجهود الحربي للجماعة الحوثية، إذ تكفي الكميات التي تسطو عليها الجماعة للإنفاق الشهري على أكثر من 100 شخص من مقاتليها.
في سياق ذي صلة بحث وزير الزراعة والري في الحكومة اليمنية عثمان مجلي، مع المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي، العلاقة الثنائية بين اليمن والبرنامج، وجهود البرنامج في مجال الإغاثة لمعالجة الوضع الإنساني في اليمن، حسب مصادر حكومية رسمية.
وذكرت المصادر أن اللقاء بين الوزير مجلي والمسؤول الأممي جاء على هامش الدورة الـ41 لمنظمة «الفاو» المنعقدة في العاصمة الإيطالية روما، حيث تم تأكيد أهمية البدء في مشاريع التنمية المستدامة القائمة على إنتاج الغذاء، ودعم القطاع الزراعي وشبكات الضمان الاجتماعي، وتعزيز دعم تطوير المجتمعات الزراعية والإنتاجية المحلية.
وأفادت وكالة «سبأ» بأن مجلي «أشاد بالعمل الإنساني الذي يقوم به البرنامج وموقفه الواضح تجاه الخروق التي تقوم بها ميليشيات الحوثي الانقلابية عبر إحاطة المدير التنفيذي الأخيرة في مجلس الأمن الذي عرّى من خلالها انتهاكات الميليشيات لعرقلة العمل الإنساني».
وفي حين شدد وزير الزراعة اليمني على أهمية بحث آليات وطرق تضمن وصول الغذاء إلى مستحقيه وتجنيب المحتاجين أضرار تصرفات الميليشيات الانقلابية وسطوها على المساعدات، يخشى المراقبون اليمنيون أن تسلك المنظمات الدولية الأخرى العاملة في اليمن نهج برنامج الغذاء في تعليق أعماله جزئياً، بسبب الإجراءات الحوثية التعسفية.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».