شاشة الناقد: J‪’‬ai perdu on corps

I Lost my Body
I Lost my Body
TT

شاشة الناقد: J‪’‬ai perdu on corps

I Lost my Body
I Lost my Body

J‪’‬ai perdu on corps
• إخراج: جيريمي كلابان
• تقييم: (جيد)
يد تبحث عن صاحبها
خرج هذا الفيلم قبل أيام قليلة بالجائزة الأولى من مهرجان أنيسي لسينما الأنيميشن. وكان شوهد في «أسبوع النقاد» خلال مهرجان «كان» السينمائي الذي مضى. إنتاج فرنسي من مخرج لم يسبق له أن حقق فيلم رسوم من قبل (ولا تشير خلفيته أنه حقق أي فيلم من أي نوع)، لكن النتيجة ذات مستوى احترافي جيد على الدوام.
«فقدت جسدي» (I Lost My Body كما عنوانه التسويقي بالإنجليزية) لا يبدو أنه الفيلم الذي يرغب المشاهد تمضية الوقت معه خصوصاً إذا ما كان فيلم رسوم متحركة. لكن المخرج جيريمي كلابان، الذي لم يسبق له أن نفّذ فيلماً من هذا النوع بمفرده من قبل، يحوّل ما يبدو مثيراً للحذر إلى عمل مثير للاهتمام. من فيلم يدور حول يد مقطوعة تبحث عن صاحبها لتعود إليه، إلى فيلم مؤثر في لحظات هذا البحث كما لو أن اليد تمثل طفلاً ضائعاً فقد والديه.
التحدي الأول الذي يفترض بأنه واجه المخرج هو مقدار النجاح الفني والدرامي الممكن تحقيقه فيما لو سرد الفيلم من وجهة نظر تلك اليد. يذلل كلابان معظم الصعوبة الناتجة عن هذا التحدي الذي يتبلور فيما لو أن الفيلم سيستطيع الحفاظ على أهميته لدى المشاهد فيما لو لم يكن الفيلم عن الشاب الذي يبحث عن يده عوض العكس. العنوان يلخص الوضع خير تلخيص في هذه الحالة.
إلى حد معين، الفيلم هو مغامرة ناتجة عن الحكاية التي اختيرت للسرد. بطل الفيلم ناووفل (صوت حكيم فارس) هو صبي فرنسي أمضى أجمل سنوات حياته في أفريقيا إلى أن خطف الموت والديه في حادثة سيارة. حين عودته إلى فرنسا. بعد حين يفقد هو إحدى يديه ما يجعله نموذجاً لمن تحيط به الأقدار السيئة. لكن يده تبحث عنه من غير علمه وفي هذا البحث يكمن حس المغامرة إذ عليها أن تكون حذرة من الأعداء. وهناك مشهد مخيف التوقعات بين اليد وجرذ يمني النفس بعضّها.
في طي كل ذلك، وعندما ينتقل الحدث إلى ناووفل نفسه، فإن المخرج يكمل الصورة برمي الضوء على خلفية الشاب وحاضره. الفيلم هنا عن كيف تخلق حادثة واحدة وضعاً فاصلاً بين أحلام الصبي (كان يمني النفس بأن يصبح عازف بيانو مع مستقبل باهر في الموسيقى) والواقع الذي يعيشه اليوم وقد تحول إلى مُعاق. بفقدانه يده يفقد الصبي البهجة كاملة. انجذابه صوب فتاة اسمها غبريال (صوت ڤكتوار دو بوا) ينساب إليه الأمل ليس بعودة اليد إليه (كونه لا يعرف أنها تبحث عنه). النهاية السعيدة هنا لا تفقد الفيلم مسيرته وما سبقها من طروحات وأحاسيس.
الرسم جيد طوال الوقت والألوان تترك مساحات واسعة للخلفية مع إضاءة مدروسة وموسيقى مناسبة (كتبها دان لَڤي).



هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.