مدير الأمن العام اللبناني ينفي تسليم منشقين للمخابرات السورية

اللواء إبراهيم لـ «الشرق الأوسط» : ننفّذ قرار الدولة بمنع الدخول غير الشرعي

عباس إبراهيم
عباس إبراهيم
TT

مدير الأمن العام اللبناني ينفي تسليم منشقين للمخابرات السورية

عباس إبراهيم
عباس إبراهيم

تضاربت المعلومات حول ترحيل الأمن العام اللبناني لاجئين سوريين؛ بينهم عدد من المجندين المنشقين عن قوات النظام، وأفادت تقارير إعلامية بأن جهاز الأمن العام اللبناني «سلّم الأسبوع الماضي 30 شخصاً؛ بينهم نساء، إلى الأمن السوري عند الحدود اللبنانية - السورية، وتم نقلهم من قبل المخابرات الجوية إلى دمشق»، في وقت نفى فيه المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم هذه المعلومات جملة وتفصيلاً، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمن العام لم يسلّم أي منشق للسلطات السورية على مدى السنوات السبع الماضية، ولن يسلّم أحداً الآن»، موضحاً أن «من جرت إعادتهم إلى سوريا دخلوا خلسة في الأيام الأخيرة، وليست لديهم ملفات أمنية في بلادهم».
وكانت تقارير إعلامية نقلت عن لاجئين سوريين في لبنان أن «الأمن العام أوقف الأسبوع الماضي في منطقة بر إلياس (البقاع اللبناني)، 3 مجندين سوريين منشقين عن النظام، بعد أن استدعاهم للمراجعة وتسلّم أوراقهم التي صودرت منهم أثناء حملة مكافحة العمالة الأجنبية، وسارع إلى تسليمهم للمخابرات السورية في اليوم التالي لتوقيفهم، علماً بأن ذويهم أطلعوا الأمن العام على صورة أوضاعهم الأمنية لتجنّب ترحيلهم وتسليمهم للنظام، والذي يعرّض حياتهم للخطر».
وأدان رئيس الهيئة العليا للتفاوض في المعارضة السورية نصر الحريري ما سماه تسليم السلطات اللبنانية لاجئين سوريين بينهم عسكريون منشقون لنظام بشار الأسد، واصفاً الأمر بأنه «غير أخلاقي». وقال الحريري في تغريدة له، إن «تسليم السلطات اللبنانية عدداً من السوريين من مدنيين وعسكريين منشقين بينهم نساء، هو تصرف مخيف ومدان ومستنكر». وأضاف: «لا يمكن للسلطات اللبنانية التذرع بأسباب قانونية ركيكة وواهية، لتبرير هذا العمل غير الأخلاقي، الذي لا ينسجم مع قواعد حقوق الإنسان والقانون الدولي».
هذه التقارير والمعلومات نفاها بالمطلق المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عبّاس إبراهيم، الذي أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الأمن العام «لم يسلّم أي منشق إلى سوريا على مدى السنوات الثماني الماضية؛ فلماذا يسلمهم الآن؟». وقال: «هناك قرار صادر عن المجلس الأعلى للدفاع (في لبنان) بتاريخ 24 نيسان (أبريل (نيسان) 2019 يمنع دخول أي سوري البلاد خلسة، ويطالب الأجهزة بإعادة كل من يدخل خلسة إلى سوريا، ونحن نطبّق هذا القرار لا أكثر ولا أقلّ»، لافتاً إلى أن «كلّ جهاز يضبط أي شخص يدخل بطريقة غير شرعية يسلمه للأمن العام لإعادته إلى بلاده».
واستبعد اللواء إبراهيم حدوث انشقاق جديد في الجيش السوري، وقال: «عمليات الانشقاق حصلت في السنوات الماضية وفي ذروة الأزمة، أما الآن وبعد استتباب الوضع في معظم سوريا، لم تسجّل أي عملية انشقاق، وبالتالي من يجري توقيفهم وإعادتهم ليسوا منشقين؛ بل مواطنون عاديون دخلوا للعمل في لبنان بطريقة غير شرعية»، كاشفاً عن أن «أي سوري يدخل خلسة سنعيده، ومن يرد الدخول بطريقة شرعية فأهلاً وسهلاً به، ونحن نطبق قرار الدولة». وكشف المدير العام للأمن العام عن أن «أي سوري لديه ملف أمني يحاول الدخول إلى بلاده عبر المطار أو الحدود البرية والبحرية، تبلغه السلطات السورية بواقع وضعه القانوني، فإما يقبل الخضوع للمساءلة القانونية، أو يعود من حيث أتي».
وتبحث المؤسسات الإنسانية المهتمة بشؤون اللاجئين في لبنان عن أدلّة للتثبّت من هذه المعلومات، وأفادت الناطقة باسم المفوضية العليا للاجئين في لبنان ليزا أبو خالد، بأن المفوضية «تناقش هذه المسألة مع السلطات اللبنانية المختصة». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ندعو في أي بلد حول العالم إلى إتاحة الفرصة للناس للتعبير عن أي قلق قد يكون لديهم فيما يتعلّق بالترحيل، ولتقييم طلبهم حسب الأصول».
وتضع هيئات أخرى هذه الأنباء في خانة المعلومات المتضاربة، ولفت المحامي نبيل الحلبي، مدير مؤسسة «لايف»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «هناك معلومات تتحدث عن تسليم الأمن العام اللبناني 3 منشقين للمخابرات السورية، وهذا الأمر لا يزال في طور التحقيق». وقال إن «مؤسستنا تتقصّى حقيقتها لبناء حيثية قانونية، وجمع معلومات متقاطعة ذات مصداقية لتبني الموقف المناسب». وكشف عن «معلومات مماثلة وصلت إليه قبل أسبوعين تتحدّث عن تسليم السلطات اللبنانية شخصين للمخابرات السورية عند نقطة المصنع - جديدة يابوس، أحدهما من منطقة يبرود في القلمون السوري جرت تصفيته على الفور، ونحن في مؤسسة (لايف) نسعى إلى التثبّت من هذه الواقعة».
وأشار المحامي نبيل الحلبي، إلى أن الأمن العام اللبناني «يستند إلى قرار صادر عن مجلس الوزراء اللبناني في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2014، وضع شروطاً قاسية جداً لدخول السوريين إلى لبنان، لعدم تحمله تدفق مزيد منهم، وهذا القرار تحفظنا عليه يومها، لأنه ينتهك حقوق الإنسان والاتفاقية الدولية الخاصة باللاجئين»، مؤكداً في الوقت نفسه أن «هناك حملة سياسية وإعلامية تنطوي على تهديدات تطال منظمات حقوق الإنسان، وتحذرها من التدخل في موضوع ترحيل اللاجئين».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.