لبنان مهدد بانفجار جديد لأزمة النفايات

بانتظار إقرار الاستراتيجية الكاملة لوزارة البيئة

أزمة النفايات تهدد بالانفجار مع حلول فصل الصيف (غيتي)
أزمة النفايات تهدد بالانفجار مع حلول فصل الصيف (غيتي)
TT

لبنان مهدد بانفجار جديد لأزمة النفايات

أزمة النفايات تهدد بالانفجار مع حلول فصل الصيف (غيتي)
أزمة النفايات تهدد بالانفجار مع حلول فصل الصيف (غيتي)

يصل مكبّ برج حمود، أحد المطمرين الأساسيين لنفايات بيروت، إلى حافة سعته القصوى، مع اقتراب شهر يوليو (تموز)، في غياب أي خطوات لتأمين مواقع بديلة للتخلص من نفايات بيروت الصلبة.
وفي حين قدمت وزارة البيئة توصية بتوسيع المكب، برزت تصريحات لخبراء في مجال النفايات الصلبة تحذر من التوسيع، من دون إجراء أي تقييم للأثر البيئي.
وتشدد مصادر وزير البيئة فادي جريصاتي على وعي الوزارة بأن معالجة أزمة النفايات في لبنان تحتاج إلى وقت طويل، لكن تنفيذ استراتيجية متكاملة لهذا الملف لا يعني الانتظار من دون خطط طوارئ، لتجنب عودة النفايات إلى الشارع، وتحديداً مع حلول الصيف.
الأسئلة المتعلقة بملف النفايات، الذي انفجر قبل سنين، وحرك الشارع اللبناني بمظاهرات واعتصامات أقلقت السلطة السياسية، تعكس أزمة ثقة، لجهة التسريبات عن الصفقات المشبوهة أو لجهة العشوائية في المعالجة والانتقادات الموجهة إلى وزارة البيئة على أكثر من صعيد. وآخرها الحملة التي تقودها النائبة بولا يعقوبيان لمنع إنشاء المحارق، محذرة من «الاستمرار في هذا الاستثمار الخطر بيئياً وصحياً، في ظل غياب الرقابة الحكومية الجدية والاستنسابية في تطبيق القانون»، بالإضافة إلى ارتفاع المكبات العشوائية والمطامر غير المطابقة للمواصفات.
وتقول مصادر جريصاتي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزارة تعالج كل مشكلة تواجهها بالتزامن مع إنجاز استراتيجيتها، والانتقادات سببها تناول ما تقوم به الوزارة بطريقة مجتزأة». وتشير إلى أن «خطط الطوارئ ضرورية لتحول دون انتشار النفايات في الشوارع، مع اقتراب نهاية القدرة الاستيعابية لمطمر الجديدة في يوليو المقبل، ومطمر (كوستابرافا) في يناير (كانون الثاني) 2022».
وكانت وزارة البيئة قد استعانت بخبير فرنسي من أصل لبناني هو الدكتور المهندس إيمي منسي لتحديد مصادر الروائح الكريهة التي اجتاحت بيروت الكبرى، وأسبابها وسبل معالجتها. فعاين مراكز فرز ومعالجة النفايات الصلبة وطمرها في منطقتي الغدير جنوب بيروت وبرج حمود (الجديدة) شمال بيروت، كما عاين مصبّات الماء والصرف الصحي في هاتين المنطقتين، وبعض المزارع والمسالخ في منطقة الشويفات. وعمد إلى تحديد الحلول الأنسب التي يقتضي تجربتها على المواقع والمواد اللازمة لها.
ويقول الكاتب والأستاذ الجامعي في الإعلام البيئي حبيب معلوف لـ«الشرق الأوسط» إن «أكبر مصدر للروائح هو معامل التخمير، وخصوصاً التي تعمل بموجب العقد الجديد بعد طلب تطوير معمل الكورال في برج حمود لرفع كمية النفايات العضوية المعدة للكبس من 300 طن إلى 700 طن. والنفايات التي يعاد طمرها بعد الكبس لا تنفع لشيء. فتخمير النفايات العضوية يجب أن يتم من المصدر، لكن ما يحصل هو كبس 2500 طناً من النفايات بكل ما فيها. وبعد ذلك استخراج 700 طن من النفايات العضوية منها لتخميرها. والتعامل يومياً مع مثل هذه العملية ينتج الروائح الكريهة، التي يزداد انبعاثها مع ارتفاع الحرارة».
ويضيف معلوف أن «ارتباك الوزارة واضح. المهل تنتهي، ولا بدائل. فقط تمديد لخطط طوارئ. فجريصاتي رفع إلى رئاسة مجلس الوزراء خريطة طريق لمعالجة النفايات، بناء على مسودة لاستراتيجية لم يقدمها. وتوسيع المطامر يعني أن لبنان مقبل مرة جديدة على أزمة نفايات ستستدعي اللجوء إلى حلول طارئة غير مدروسة على حساب البيئة والأملاك العامة وتتسبب بتلويث بعيد المدى، فتضطر الحكومة إلى الموافقة على ردم البحر ومنح الأملاك العامة إلى البلديات لتسكت عن وجود مطامر في مناطقها». ويشير إلى أن «وزارة البيئة لم تقم بأي مراجعة أو محاسبة لأسباب فشل تطبيق الخطة الطارئة للعام 2016 وحجم الانبعاثات والعصارة التي أنتجتها، وانتهاء القدرة الاستيعابية للمطامر قبل أوانها، وكيفية هدر المال العام. ولم تدقق أو تجري دراسات وتأخذ عينات. ومع هذا يريدون توسيع المطامر».
وترد المصادر بأن استراتيجيتها «تتضمن إنشاء المطامر التي يجب أن توزع على كامل المناطق اللبنانية، إذ ليس مسموحاً أن تقتصر على منطقة بعينها. بالإضافة إلى معمل جديد للفرز مع تطوير ثقافة الفرز من المصدر. بالإضافة إلى مناقصة لتشغيل معامل قدمها الاتحاد الأوروبي، ووضع قانون لتأمين الأموال اللازمة لتنفيذ الخطة، ولو استدعى الأمر فرض رسوم رمزية، وأخيراً إنهاء الجدل بشأن المحارق.
من خلال دراسة للأثر البيئي بشكل علمي ونهائي لإقفال السجال المتعلق بالمحارق نهائياً. وهذه الاستراتيجية تتطلب أن تسير عناصرها الأربعة معاً ولا يمكن تجزئتها. وميزانية الوزارة تقلصت من 9 ملايين دولار إلى 8 ملايين. ومع هذا العمل جارٍ والاستراتيجية شبه منتهية، وقد وضعت بطريقة تشاركية مع اختصاصيين، وتم الأخذ بالملاحظات. وعندما تكتمل صيغتها النهائية سيتم عرضها في مجلس الوزراء».
وتوضح مصادر الوزارة أن «عقود تلزيم جمع النفايات ومعالجتها لا توقعها الوزارة، إذ يتولاه مجلس الإنماء والإعمار بتكليف من رئاسة الحكومة، ويراقب استشاري من المجلس أداء الملتزمين ويضع تقريره الذي تتلقى الوزارة نسخة منه. وعندما نتبين أن هناك خللاً ما نراسل المجلس الذي يتجاوب مع ملاحظاتنا. والقانون الجديد للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة الصادر في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، حدد الصلاحيات وأناط بوزارة البيئة وضع الاستراتيجية الوطنية لهذا القطاع، بمشاركة القطاعين العام والخاص، بما في ذلك المجتمع المدني، كما قضى بإنشاء الهيئة الوطنية لإدارة النفايات التي ترتبط بوزير البيئة. وعندما يوضع القانون موضع التنفيذ ستتمكن الوزارة من إنجاز الكثير».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.