الرئاسة الفلسطينية: المبادرة العربية خط أحمر... والسلام ليس بأي ثمن

مظاهرات ومواجهات وإضرابات وهتافات ضد صفقة القرن... وإحراق صور ترمب في الضفة وغزة

متظاهرون فلسطينيون يحتجون ضد الخطة الأميركية المعروضة في ورشة البحرين في مدينة نابلس بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
متظاهرون فلسطينيون يحتجون ضد الخطة الأميركية المعروضة في ورشة البحرين في مدينة نابلس بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
TT

الرئاسة الفلسطينية: المبادرة العربية خط أحمر... والسلام ليس بأي ثمن

متظاهرون فلسطينيون يحتجون ضد الخطة الأميركية المعروضة في ورشة البحرين في مدينة نابلس بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
متظاهرون فلسطينيون يحتجون ضد الخطة الأميركية المعروضة في ورشة البحرين في مدينة نابلس بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)

قالت الرئاسة الفلسطينية إن مبادرة السلام العربية التي أقرتها القمم العربية والإسلامية، وأصبحت جزءاً من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1515، خط أحمر، متهمةً الإدارة الأميركية بمحاولة إعادة صياغة هذه المبادرة ضمن خطة السلام الأميركية الجديدة الهادفة إلى «تصفية القضية». ورفضت السلطة الفلسطينية المشاركة في مؤتمر المنامة الذي يطلق المرحلة الأولى من خطة السلام التي صممتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وأشرف عليها صهره وكبير مستشاريه جاريد كوشنر.
وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة: «المبادرة خط أحمر لا كوشنر أو غيره يستطيع إعادة صياغة المبادرة نيابةً عن القمم العربية والإسلامية». وجاءت تصريحات أبو ردينة، مع إطلاق واشنطن الجزء الأول من خطتها للسلام في الورشة الاقتصادية التي انطلقت في البحرين أمس، وقوطعت من قبل الفلسطينيين الذين انتقدوها بشدة.
وقال أبو ردينة: «السلام لن يكون بأي ثمن، والرئيس محمود عباس كشف أهداف هذه الصفقة التي تستهدف تصفية قضيتنا الوطنية، أمام قمم مكة التي عُقدت مؤخراً في المملكة العربية السعودية». وأضاف: «هدف ورشة المنامة هو التمهيد لإمارة في غزة، وتوسيعها والتخطيط لفصلها عن الضفة الغربية، وتهويد القدس».
وتعهدت الرئاسة الفلسطينية بأن أي خطة لا تمر عبر الشرعية الفلسطينية مصيرها الفشل. وأضافت: «إن أي إجراءات أحادية هدفها تجاوز الشرعية العربية والدولية ستصل إلى طريق مسدود، وإن فلسطين لم تكلف أحداً بالتكلم باسمها، وإنه لا شرعية إلا لقرارات الشعب الفلسطيني الممثلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وقرارات المجالس الوطنية». وتابعت الرئاسة: «لن يكون لأحد أي دور سوى الدور الوظيفي لمشروع استعماري جديد له أهداف أوسع مما يعتقد البعض».
وهجوم الرئاسة على الورشة الاقتصادية في البحرين استهدف كذلك الرد غلى تصريحات كوشنر الذي قال إن «أي اتفاق سلام لن يكون على غرار مبادرة السلام العربية، بل سيكون في منطقة وسط بين مبادرة السلام العربية وبين الموقف الإسرائيلي».
وتنص المبادرة العربية، التي أُعلنت في قمة بيروت عام 2002، على قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وتكون عاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، إلى جانب الانسحاب الكامل من الجولان السوري والأراضي التي لا تزال محتلة في جنوب لبنان. ورفضت إسرائيل هذه المبادرة على الرغم من أنها تنص على تطبيع كامل للعلاقات مع إسرائيل بعد قيام الدولة الفلسطينية.
ويتهم الفلسطينيون واشنطن بالسعي لتطبيق المبادرة بالمقلوب عبر البدء بتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل قبل صنع السلام. وكان هذا أحد أسباب رفض خطة السلام الأميركية إلى جانب ما يقوله الفلسطينيون من أنها تستهدف تصفية القضية عبر شطب أهم ملفين، وهما القدس واللاجئين.
وصعّد الفلسطينيون هجومهم على الورشة الاقتصادية مع انطلاقها.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، إن «الخطة الاقتصادية الأميركية التي أعلن عنها كوشنر ليست سوى تملص من الاستحقاقات والحلول السياسية التي تستوجب إنهاء 52 عاماً من الاحتلال العسكري الإسرائيلي عن فلسطين». وأضاف: «إن السبيل الوحيد للسلام والازدهار يكمن في تجسيد سيادة الدولة الفلسطينية الحرة على أرضها، وإنجاز حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في تقرير المصير والاستقلال وعودة اللاجئين وفقاً للقرار الأممي 194».
وتابع: «إن تحقيق الحرية والعدالة يمرّ عبر تنفيذ قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي وليس من خلال الاعتراف بإجراءات الأمر الواقع غير القانونية التي يفرضها الاحتلال على الأرض بالقوة».
وجدد عريقات تأكيد الموقف الرسمي الفلسطيني الواضح بعدم المساومة على الحل السياسي العادل والدائم، وقال: «إن أي خطة تتضمن عناصر إنهاء القضية الفلسطينية وإلغاء وجود شعبها مرفوضة سلفاً من الجانب الفلسطيني، وغير قابلة للنقاش أو التفاوض». وأكد عريقات أن الفلسطينيين سيُفشلون جميع هذه المحاولات كما أفشلوا غيرها على مرّ التاريخ.
وتظاهر آلاف الفلسطينيين، أمس، في الضفة الغربية ضد ورشة البحرين، فيما عمّ الإضراب الشامل قطاع غزة. وهتف متظاهرون في جميع مدن الضفة الغربية ضد الرئيس الأميركي دونالد ترمب وخطته، كما أحرقوا رسوماً تصور الرئيس الأميركي خلال المظاهرات. وهذا هو اليوم الثاني الذي يتظاهر فيه الفلسطينيون في الضفة وقطاع غزة بدعوة من حركة «فتح» التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والفصائل الأخرى إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني والنقابات.
وقال نائب رئيس حركة «فتح» وعضو مركزيتها محمود العالول، إن السلطة ستتصدى لمحاولة العبث بالقضية الفلسطينية. وأضاف في مظاهرة في نابلس موجهاً رسالة إلى الإدارة الأميركية: «لا صفقة عصركم ولا ورشتكم يمكن أن تمر ما دام هذا الشعب موحداً، ونرفض أن يتكلم باسمنا أحد سوى هذا الشعب وممثله الشرعي منظمة التحرير الفلسطينية». وأردف: «فلسطين لا تباع ولا تشترى».
ومظاهرة نابلس كانت جزءاً من مظاهرات أخيرة جرت في رام الله وبيت لحم والخليل وأريحا وسلفيت في الضفة الغربية. وتحول بعض هذه المظاهرات إلى مواجهات مع الجيش الإسرائيلي على نقاط التماسّ. وفي غزة عمّ الإضراب الشامل مختلف مرافق الحياة استجابةً لدعوة القوى الوطنية والإسلامية احتجاجاً على ورشة البحرين. وأغلقت المحال التجارية أبوابها إضافة إلى تعطيل عمل البنوك بقرار من سلطة النقد. كما أغلقت الجامعات والوزارات الحكومية بما فيها المحاكم والتزمت نقابة الصيادين بقرار الإضراب وأعلنت تعليق العمل. وشهدت غزة كذلك مواجهات شرق بلدة بيت حانون شمال القطاع أدت إلى إصابة 3 فلسطينيين على الأقل برصاص الجيش الإسرائيلي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».