حكاية إبداع فني فريد رغم أنف «التوحد»

الطفل مارتينوفيتش يستعد لمعرضه السابع

الفنان ماركوس مارتينوفيتش
الفنان ماركوس مارتينوفيتش
TT

حكاية إبداع فني فريد رغم أنف «التوحد»

الفنان ماركوس مارتينوفيتش
الفنان ماركوس مارتينوفيتش

يستعد الطفل ماركوس مارتينوفيتش لمعرضه الفردي السابع رغم أنه لم يتجاوز بعد عامه الـ12. وهو ليس الطفل الوحيد الذي أبدع في مجالات فنية متنوعة في سن مبكرة، إلا أنه واحد من قلة من الأطفال الذين شكل إبداعهم نصراً، لم يكن هدفاً في حياتهم، على مرض «التوحد»، الذي يعاني المصاب به من ضعف في التفاعل الاجتماعي وعجز في التواصل اللفظي وغير اللفظي، كما يؤثر هذا المرض الذي هو عبارة عن اضطرابات في النمو العصبي على قدرة معالجة البيانات والمعلومات لدى المصاب به. رغم هذه الأعراض وغيرها من سلوكيات غير طبيعية نسبياً نتيجة إصابته بـ«التوحد»، برزت لدى مارتينوفيتش مواهب متنوعة في سن مبكرة، ورسم أول لوحة وهو في السادسة من عمره.
وتجري الاستعدادات حالياً في واحدة من أشهر صالات العرض في العاصمة الروسية موسكو لاستضافة معرض بعنوان «أنا هنا، أنا معك» لأعمال الفنان الطفل ماركوس مارتينوفيتش، التي خصص المنظمون لها كامل مساحة العرض في المبنى من 3 طوابق، وسيكون المعرض الأول الذي يقدم أكبر عدد من لوحات رسمها مارتينوفيتش، وأعمال فنية أخرى أنجزها خلال 5 سنوات من مسيرته الفنية، بواسطة تقنيات الفيديو والصوت، فضلاً عن بعض «مؤلفاته».
في تقديمها للمعرض، تقول مهندسة التصميم والفنانة الروسية كاتيا بوتشاروفا، إن «كل شيء في فن مارتينوفيتش يثير الدهشة، رحابة مساحات الفكرة في اللوحات، اكتمالها، ويمكن القول كمالها». ورأت أن «عدم التزام الفنان الطفل بنوع محدد من الرسم يعود إلى حالته الإبداعية، وهو يبدع بشكل طبيعي تلقائي، كأنه يتنفس»، وأوضحت أنه أنجز خلال 5 سنوات مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية المتنوعة، منها الرسم والتصوير، وصمم لوحات بواسطة الصورة المتحركة، وغيرها. وأضافت: «أمامنا فنان ناضج ذو أفكار عميقة، ورؤية للعالم فريدة وفعالة»، معبرة عن قناعتها بأن الإعجاب بلوحاته لا يتطلب بالضرورة معرفة حالته الصحية، و«يؤكد معرض لوحاته إمكاناته اللامحدودة». وقالت في الختام: «عالم ماركوس الداخلي مساحة للحرية، وفضاء استقلال عن الخوف والألم، والشك والشعور بالكسل، وعن السلوك والصور النمطية، والفشل، وعن كل شيء يمنع الإنسان من العثور على ذاته».
ماركوس مارتينوفيتش، الروسي - الألماني، بدأ الرسم وهو في السادسة من عمره وفق رواية والدته الروسية تتيانا، التي قالت إنه لم يُظهر أي اهتمام بالرسم قبل ذلك، «إلا أنه وفي لحظة معينة ودون سابق إنذار طلب ورقة وألواناً»، وطلب منها أن تقف ليرسمها، وقال: «سأرسم لوحة (ظل أمي في النافذة)». وكانت تلك لوحته الأولى. وفي أعماله التي رسمها بعد ذلك يبرز تركيزه على والدته وعلى بعض المفاصل في طفولته، مثل نمو سن جديد، أو صورته وهو يقف مع شخصية من أبطال حكايات الأطفال، أو وهو يجسد «لينين في الصندوق» أو حتى لوحة عالمية مثل «موت أوفيليا»، وما إلى ذلك. تقول والدته إنها تعلمت منه الكثير، وأدركت كم من العبث في حياتنا، و«كيف نحب أن نخلق قواعد غبية»، ذلك أنه يطرح أسئلة تبدو لنا غريبة لأنها لا تتوافق مع ما اعتدنا عليه، لكنها منطقية إلى حد ما، على سبيل المثال، يقول ماركوس مارتينوفيتش: «لماذا تجب علينا مصافحة الآخرين إن كان بوسعنا أن نقول لهم (مرحباً)؟ ولماذا تجب علينا المصافحة بيد محددة حتى لو كانت الأبعد عن يد الشخص الذي نريد مصافحته؟»، وما إلى ذلك. يبدو أنها فلسفته الخاصة للحياة، ولعله وجد في الرسم وسيلة للتعبير عنها.


مقالات ذات صلة

62 مليون شخص أُصيبوا بالتوحّد عام 2021

يوميات الشرق اضطراب طيف التوحّد يؤثّر في التواصل والتفاعلات الاجتماعية (جامعة بول ستايت)

62 مليون شخص أُصيبوا بالتوحّد عام 2021

أوصت الدراسة بتخصيص مزيد من الموارد لبرامج الكشف المبكر وتحسين الأدوات التشخيصية، لا سيما للبالغين ولأولئك المقيمين في البلدان ذات الدخلَيْن المنخفض والمتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك طفل يعاني من التوحد (أرشيفية - رويترز)

جين مسؤول عن نمو الدماغ ربما يكون على صلة بمرض التوحد

من المعروف علمياً أن تحديد سبب التوحد أمر صعب، ويرجع ذلك إلى حدّ كبير إلى أنه عبارة عن مجموعة معقدة من اضطرابات النمو، وليس حالة واحدة.

الولايات المتحدة​ روبرت كينيدي جونيور مع الرئيس المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب: روبرت كينيدي سيبحث في الصلة المحتملة بين اللقاحات و«التوحد»

قال الرئيس المنتخب دونالد ترمب إن روبرت كينيدي جونيور، مرشحه لمنصب وزير الصحة، قد يحقّق في وجود صلة مفترضة بين اللقاحات ومرض التوحّد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك طفل يعاني من مرض التوحد في الولايات المتحدة (أرشيفية - رويترز)

الإنفلونزا خلال الحمل قد تؤدي إلى إصابة الجنين بالتوحد

كشفت دراسة حديثة عن أن إصابة الحوامل بالإنفلونزا قد تؤدي إلى إصابة الأجنة بالتوحد الذي يستمر مدى الحياة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق إرادة الإنسان تخطُّ مساره (مواقع التواصل)

مُصابة بالتوحُّد أقوى من قدرها

أول ما خطر للشابة إيما شورز عندما تلقَّت الخبر تشخيصها بالتوحُّد، تكوين صداقات مع آخرين يعيشون الحالة عينها. أشخاص شعرت بأنهم قد يفهمونها. 

«الشرق الأوسط» (لندن)

5 يوروات «عقاب» مدرسة ألمانية لكل تلميذ متأخر

الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)
الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)
TT

5 يوروات «عقاب» مدرسة ألمانية لكل تلميذ متأخر

الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)
الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)

قلَّة لم تتأخر عن موعد بدء الدراسة في الصباح، لأسباب مختلفة. لكنَّ اعتياد التلامذة على التأخر في جميع الأوقات يُحوّل المسألة إلى مشكلة فعلية.

في محاولة للتصدّي لذلك، بدأت مدرسة «دورير» الثانوية بمدينة نورمبرغ الألمانية، فرض غرامة تأخير مقدارها 5 يوروات على كل تلميذ يُخالف بشكل دائم، ودون عذر، لوائح الحضور في التوقيت المحدّد.

وذكرت «وكالة الأنباء الألمانية» أنه بعد مرور أشهر على تنفيذ هذه الخطوة، لم يكن المدير رينر جيسدورفر وحده الذي يرى أن الإجراء يحقق نتائج جيدة.

إذ يقول مجلس الطلاب إن عدد التلاميذ المتأخرين عن حضور الفصول الدراسية تَناقص بدرجة كبيرة منذ فرض الغرامة، يوضح جيسدورفر أن الإجراء الجديد لم يفرض في الواقع بوصفه نوعاً من العقوبة، مضيفاً: «ثمة كثير من التلاميذ الذين مهما كانت الأسباب التي لديهم، لا يأتون إلى المدرسة في الوقت المحدّد». ويتابع المدير أن أولئك الصغار لا يكترثون بما إذا كنت تهدّدهم بالطرد من المدرسة، لكنْ «دفع غرامة مقدارها 5 يوروات يزعجهم حقاً».

ويؤكد أن الخطوة الأخيرة التي تلجأ إليها المدرسة هي فرض الغرامة، إذا لم يساعد التحدث إلى أولياء الأمور، والمعلّمون والاختصاصيون النفسيون بالمدرسة، والعاملون في مجال التربية الاجتماعية على حلّ المشكلة.

وحتى الآن فُرضت الغرامة على حالات محدودة، وهي تنطبق فقط على التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم بين 9 سنوات و11 عاماً، وفق جيسدورفر، الذي يضيف أن فرض الغرامة في المقام الأول أدّى إلى زيادة الوعي بالمشكلة.

وتشير تقديرات مدير المدرسة إلى أن نحو من 5 إلى 10 في المائة من التلاميذ ليسوا مهتمّين بالتحصيل التعليمي في صفوفها، إلى حدِّ أن هذا الاتجاه قد يُعرّض فرصهم في التخرج للخطر.

بدورها، تقول متحدثة باسم وزارة التعليم بالولاية التي تقع فيها نورمبرغ، إن المسؤولية تتحمَّلها كل مدرسة حول تسجيل هذه المخالفات. وتضيف أنه في حالات استثنائية، يمكن للسلطات الإدارية لكل منطقة فرض غرامة، بناء على طلب المدارس أو السلطات الإشرافية عليها.

ويقول قطاع المدارس بالوزارة إن المدارس المحلية أبلغت عن تغيُّب التلاميذ عن الفصول الدراسية نحو 1500 مرة، خلال العام الماضي؛ إما بسبب تأخّرهم عن المدرسة أو التغيب طوال أيام الأسبوع، وهو رقم يسجل زيادة، مقارنةً بالعام السابق، إذ بلغ عدد مرات الإبلاغ 1250، علماً بأن الرقم بلغ، في عام 2019 قبل تفشّي جائحة «كورونا»، نحو 800 حالة.

أما رئيس نقابة المعلّمين الألمانية، ستيفان دول، فيقول إن إغلاق المدارس أبوابها خلال فترة تفشّي الجائحة، أسهم في فقدان بعض التلاميذ الاهتمام بمواصلة تعليمهم. في حين تشير جمعية مديري المدارس البافارية إلى زيادة عدد الشباب الذين يعانون متاعب نفسية إلى حدٍّ كبير منذ تفشّي الوباء؛ وهو أمر يمكن أن يؤدي بدوره إلى الخوف المرَضي من المدرسة أو التغيب منها.