اعتقالات حوثية تهدد أغنياء صنعاء بالجوع غداة حرمان فقرائها «الغذاء»

مصرفيون عاقبتهم الميليشيات على الاستيراد بالتنسيق مع «مركزي الشرعية»

جانب من المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)
جانب من المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

اعتقالات حوثية تهدد أغنياء صنعاء بالجوع غداة حرمان فقرائها «الغذاء»

جانب من المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)
جانب من المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)

غداة تسببهم في حرمان ما يربو على 850 ألف يمني يستفيدون من مساعدات يقدمها برنامج الأغذية العالمي في صنعاء، اتخذ الحوثيون خطوة تهدد حتى الأغنياء القادرين على شراء طعامهم، لكنهم قد يستيقظون في أحد الأيام ليجدوا الأسواق شبه خاوية من المواد الغذائية.
تحذيرات انطلقت من صنعاء تستغيث من حملة اعتقالات نفذتها الميليشيات ضد قيادات بنكية في صنعاء، على خلفية تعاملهم مع البنك المركزي اليمني في عدن من أجل فتح اعتمادات لاستيراد مواد غذائية أساسية للمواطنين.
وقالت مصادر، فضلت حجب هويتها، لـ«الشرق الأوسط»، إن جهاز الأمن القومي التابع للحوثيين احتجز لعدة أيام عدداً من قيادات البنوك العاملة في صنعاء، بحجة أن بنوكهم «قدمت طلبات فتح اعتمادات لاستيراد مواد غذائية أساسية لدى البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن».
كان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أصدر قراراً جمهورياً في سبتمبر (أيلول) 2016، بنقل البنك المركزي اليمني من مقر الرئيس في صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن.
وتواجه البنوك اليمنية، وعددها 17 بنكاً، صعوبات عديدة في ظل سيطرة الميليشيات الحوثية الانقلابية على صنعاء، وفرض مزيد من القيود والإتاوات على هذه البنوك من أجل تمويل ما يسمى بـ«المجهود الحربي».
وحسب المصادر العاملة في القطاع البنكي اليمني، فإن فتح اعتمادات لاستيراد المواد الغذائية الأساسية لدى البنك المركزي اليمني في عدن، بموجب نظام الاستعاضة المعمول به، لا يبرر على الإطلاق توقيف قيادات البنوك لدى الأمن القومي التابع للحوثيين.
وأضافت: «البنوك اليمنية لديها عملاء ومستوردون في المحافظات الجنوبية من البلاد يطلبون من البنوك فتح اعتمادات استيراد مواد أساسية، والبنوك لا تستطيع رفض طلباتهم، وفي حالة الرفض يجب إغلاق هذه البنوك».
وحسب المصادر، التي لم تحدد وقت احتجاز قيادات بعض البنوك، فإن عملية فتح الاعتمادات لدى البنك المركزي بعدن لا يؤدي إلى نقل أو ترحيل أي سيولة محلية من مناطق الشمال إلى الجنوب، وتابعت: «ليس هناك أي ضرر على الوضع في المناطق الشمالية من العمل الذي تقوم به البنوك، بل هذا العمل يندرج تحت التصرفات والأعمال المصرفية المشروعة».
وأكدت البنوك اليمنية، في اجتماع لها عقد في صنعاء، أن تعاملها مع البنك المركزي في عدن لاستيراد المواد الأساسية لا يعطي أي مسوغات تبرر احتجاز موظفيها، وأن أي تجاوزات ومشكلات ذات صلة بالعمل المصرفي يجب أن تناقش وتحل في إطار البنك المركزي والقوانين المنظمة للنشاط المصرفي في البلاد، محذرة في الوقت نفسه بأن «أي تدابير يتم اعتمادها لمعالجة مشكلات القطاع خارج إطار القوانين النافذة لن تقدم حلولاً، ولن تساعد على تحقيق أي نوع من الاستقرار في بيئة العمل المصرفي».
ووفقاً للمصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» من صنعاء، فإن توقف قيادات البنوك اليمنية لن يكون له مردود سوى تشويه سمعة البنوك، وإضعاف ثقة الجمهور بها، مطالبة بتحييد القطاع المصرفي عن أي تجاذبات سياسية بين الأطراف اليمنية.
وكشفت المصادر أن 80 في المائة من دخل البنوك التجارية اليمنية يأتي من استثمار الفائض في أذون الخزينة وأدوات الدين العام الأخرى.
وتعاني البنوك اليمنية في العاصمة صنعاء، مشكلات معقدة، جراء ممارسة الميليشيات الحوثية العبثية، من تعثر ديونها عند حكومة الحوثي الانقلابية، كما تمنع الميليشيات البنوك من استخدم أموالها المودعة كاحتياطي قانوني في البنك المركزي بصنعاء.
ويضم القطاع المصرفي في اليمن 17 مصرفاً، موزعة بين 9 بنوك محلية مملوكة للقطاع الخاص، و4 بنوك مملوكة للدولة، و4 فروع لبنوك أجنبية، ويواجه تحديات كبيرة، أبرزها عدم قدرته على سحب أمواله من البنك المركزي بصنعاء، ونقص السيولة.
وتوقعت دراسة للبنك الدولي أن يظل انعدام ثقة المودعين في القطاع المصرفي مشكلة إذا لم تتعاف سيولة البنوك بصورة سريعة بعد الحرب، وستظل البنوك غير قادرة على تقديم الخدمات الأساسية مثل دفع المرتبات والتحويلات والقروض.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».