مراسل قناة «العالم» في سوريا يعود إلى الهرمل عاطلاً عن العمل

دخل المجال الإعلامي عبر مؤسسات دينية شيعية

حسين مرتضى المراسل السابق لقناة «العالم» الإيرانية في سوريا (صفحة شخصية فيسبوك)
حسين مرتضى المراسل السابق لقناة «العالم» الإيرانية في سوريا (صفحة شخصية فيسبوك)
TT

مراسل قناة «العالم» في سوريا يعود إلى الهرمل عاطلاً عن العمل

حسين مرتضى المراسل السابق لقناة «العالم» الإيرانية في سوريا (صفحة شخصية فيسبوك)
حسين مرتضى المراسل السابق لقناة «العالم» الإيرانية في سوريا (صفحة شخصية فيسبوك)

بعد ثماني سنوات قضاها حسين مرتضى مراسلاً لقناة «العالم» الإيرانية في ساحات المعارك بسوريا، وعلى خطوط التماس، مرافقاً للميليشيات الإيرانية و«حزب الله» اللبناني، أعلن أنه فقد عمله بعد استقالته من قناة «العالم»، وقال في تصريح صحافي: «أنا خارج قناة (العالم)... أجهّز للاستقرار في الهرمل»، مشيراً إلى أنه ليس لديه أي عمل وسيتفرغ لعائلته وأولاده، ما يوحي بأنه لم يستقِلْ برضاه، وليس لديه فرصة عمل أخرى تبرر الاستقالة.
وحسين مرتضى اللبناني الجنسية من مدينة الهرمل، ولد 1972 في «تل الزعتر» بيروت، وجاء إلى العمل الإعلامي عبر المؤسسات الدينية الشيعية، حيث انتسب في طفولته إلى «جمعية كشافة الأمام المهدي»، وقبل إنهائه دراسته الثانوية انتسب إلى ما يُسمى بـ«التعبئة العامة»، وبعد إتمامه دراسته الجامعية في العلوم السياسية عُيّن مديراً لإحدى المدارس التابعة للجمعيات الخيرية الشيعية في لبنان، ثم تقدم إلى مكتب قناة «العالم» بطهران وقت انطلاقتها عام 2000، للعمل فيها، وبقي في طهران حتى عام 2010 حيث تم تعيينه مديراً ومراسلاً لمكتبها في دمشق.
مع اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، رافق مرتضى الميليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني، في معارك حلب وحمص والغوطة وغيرها من المدن، وأُصِيب عدة مرات نُقِل في آخرها إلى أحد مستشفيات بيروت ليخضع لعملية جراحية. وخلال تغطيته للمعارك عُرِف بمواقفه التحريضية ضد السوريين المعارضين، وبالتشفي في الخصوم، متجاوزاً بذلك أدبيات المهنة كإعلامي ميداني عليه الالتزام بنقل الأحداث والوقائع، دون إظهار ميل مباشر لطرف من الأطراف، لكنّه تمكّن من خلال انحيازه، من حصد شعبية واسعة بين أوساط الموالين للنظام، بالإضافة إلى تمتعه بحفاوة خاصة من قبل المسؤولين في النظام، لا سيما مسؤولة الإعلام في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان.
في المقابل، حصد مرتضى كراهية ونقمة في أوساط المعارضين، وذلك على خلفية رسائله المصوّرة التي دأب على بثها عبر صفحاته الإخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي حفلت بالتحريض والاستفزاز والتشفي والتهديد، أقساها كان تشفيه بالمهجرين، والسخرية من ركوبهم الباصات الخضراء التي خصصها النظام لترحيلهم عن مناطقهم بعد سيطرته عليها.
هذا الولاء منقطع النظير الذي أظهره حسين مرتضى لإيران و«حزب الله»، جعل نبأ استغناء قناة «العالم» عن خدماته، أو «تقديم استقالته» صادماً. «صفحة حسين مرتضى الإخبارية» أكدت الخبر وذكرت: «قدم الإعلامي اللبناني حسين مرتضى استقالته من قناة (العالم) بعد ساعات من تسلم قناة (العالم) لكافة أعمال قناة (العالم) الإخبارية في دمشق. وكانت الإدارة العامة في طهران لقناة (العالم) قد قرَّرت دمج القناتين في دمشق تحت إدارة واحدة ممثلة بقناة (العالم سوريا) التي تبث الأخبار، لكنها تركز على المنوعات، وهي لا تزال تبثّ تجريبياً ولم تكتمل برمجتها بعد». ولفتت الصفحة إلى أن مرتضى «رفض عرضاً بتعيينه مديراً عامّاً لوكالة (إيران برس) في مكتبها ببيروت. وفضل الاستقالة من العمل مع الهيئة التي تدير تلك المؤسسات». وكانت إيران قد أطلقت قناة «العالم سوريا» عام 2017، على أن تكون قناة منوّعة مستقلة عن قناة «العالم» الإخبارية، لكنها لا تزال تبث تجريبياً لغاية الآن، ولم تحقق أي حضور يُذكر، كما أن حضور قناة العالم الإخبارية في سوريا لم يؤثر على القنوات اللبنانية الأخرى المرادفة لها، والتي تدعمها إيران في المنطقة، كقناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» وقناة «الميادين» الخاصة. وعلى الأرجح جاء دمج قناة «العالم سوريا» مع «مكتب العالم الإخبارية» لترشيد النفقات، في وقت تواجه فيه إيران ضغوطاً دولية، وتخضع لعقوبات اقتصادية للحدّ من نشاطاتها الطامحة إلى مزيد من التغلغل في المنطقة العربية وتقوض استقرارها.
جدير بالذكر أن إقصاء حسين مرتضى كمراسل حربي بارز قدم خدمات كبيرة للنظام السوري خلال الحرب ليس الأول من نوعه، فقد سبق وأُقصي عدد من المراسلين الحربيين الذين لمع نجمهم خلال الحرب، وبدأت أصواتهم تعلو ضد حكومة النظام، مستندين على دعم المسؤولين العسكريين الذين توطدت علاقتهم الشخصية بهم خلال الحرب، كمراسل قناة «الميادين» في حلب، رضا الباشا، ومراسل التلفزيون السوري في حلب، شادي حلوة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».