ألبيرتو مورافيا... شاعراً

مورافيا
مورافيا
TT

ألبيرتو مورافيا... شاعراً

مورافيا
مورافيا

تميزت أعمال الروائي الإيطالي ألبيرتو مورافيا (1907 - 1990)، الذي يعد من أشهر كتاب إيطاليا في القرن العشرين، الأدبية بالبراعة والواقعية لنفاذه إلى أعماق النفس البشرية، فقد هاجم مورافيا الفساد الأخلاقي في إيطاليا. وترجمت معظم أعماله إلى عدة لغات عالمية، كما تم تحويل كثير من رواياته إلى أفلام سينمائية. ويتسم أدب مورافيا بتبسطه في سرد مشاعر الجنس لدى أبطال رواياته، والتداخلات في الأحداث التي تنشأ عبر تلبية تلك المشاعر والرغبات، حيث إنه يتسم بالتركيز على التحليل النفسي لنوع العلاقة بين الجنسين أو الزوجين، وهذا واضح في روايته «الاحتقار». وكان مورافيا متعدد الشخصيات وجوانب الإبداع، كلما قرأته اكتشفت أكثر من زاوية جديدة لديه تستحق التوقف والدخول في أدق التفاصيل. وقبل أيام، أصدرت دار نشر «بومبياني» الإيطالية كتاباً يقع في 207 صفحات، ويحمل عشرات القصائد التي كتبها في سنوات السبعينات من القرن الماضي. وكتب الروائي مورافيا نصوصاً باللجوء إلى قصائد شعرية قصيرة جداً، كان يجمعها في ملف واحد، مما يجعلنا نقول إنه كان يفترض نشرها. والآن، ظهرت طبعة «الديوان الشعري»، وقد تولت هذا الأمر الأديبة الشابة ألساندرا أغراندليس.
الانطباع الذي مؤداه أن في كل راوٍ يكمن شاعر غالباً ما يجد إثباتاً وتأكيداً له. ومن دون شك، فإن هذا يقع أكثر مما يقع عكسه، أي القول إن في كل شاعر يتخفى راوٍ. وربما هذا يجعلنا نعتقد أن الشعر يجلب معه علاقة جذرية مع الكلمة، ومع الواقع، ويضع نفسه كجزء بسيط أو خلية أولى للإبداع. إلا أن قولنا هذا يجعلنا نغمط حق ضروب التعبير الأخرى الممكنة، أو سائر أجناس الأدب، وكأننا نجعلها شيئاً لاحقاً أو متفرعاً عن الشعر، وهو أمر غير صحيح.
أيا كانت الحال، فألبيرتو مورافيا كتب أيضاً شعراً من منتصف السبعينات، ولمدة عقد تقريباً، وتحديداً كتب 83 قصيدة، جمعها في مكتوب مرقوم، وهو ما يجعلنا نعتقد أنه كان ينوي نشرها. وقد اتسمت تلك السنين بفاجعتين إنسانيتين: الأولى جريمة قتل الشاعر المخرج السينمائي الشهير بيير باولو بازوليني (نجد أن هذا الديوان قد اختتم بقصيدة خصصها مورافيا لموت بازوليني)، ثم جريمة قتل رئيس وزراء إيطاليا الديمقراطي المسيحي آلدو مورو، وكان مورافيا مشغولاً بالتحرير الطويل المضني لروايته «الحياة الباطنة» التي ظهرت سنة 1978.
وبعد 50 عاماً من تمارين الشباب الأولى على الكتابة الأدبية، نجده يستعيد أدوات الشعر، والأحرى أسلحته، ليوجهها أولاً وقبل كل شيء ضد نفسه.
إذن، الوصل بين مورافيا والشعر لم يغب أبداً، كما تقول معدة الكتاب في الدراسة المقدمة لهذا الديوان، إذ نجدها تعيد بدقة بناء عناصر ومراحل علاقة مورافيا بالشعر: قراءات، ومعارف، ومداخلات، وترجمات، وإحالات في داخل العمل الروائي، وبالخصوص نجد أيضاً تصوراً للشعر وللشعراء.
وبالفعل، ومنذ 1931 مثلاً، نجد أن مورافيا قد نجح في الاتصال وفي التعرف شخصياً على الشاعر بول فاليري، والشاعر سان جون بارس في باريس، ثم الشاعر الإنجليزي ييتس، وبعده الشاعر ت. س. إليوت بلندن. وعند هذا الأخير، تعرف مورافيا على نجمه الهادي، بالإضافة إلى الشاعر الإيطالي الحاصل على جائزة نوبل، إيجنيو مونتالى. وهذا مفهوم؛ ذلك أن شاعر قصيدة «الأرض اليباب»، وشاعر قصيدة «شر العيش»، كانا يمثلان بالنسبة إلى قصاص روائي بحجم ألبيرتو مورافيا صنوين كبيرين أصيلين، وهو الذي يمكن أن نعده أحد الآباء المؤسسين للوجودية الأوروبية، الذي ركز في معظم أعماله الروائية على مقاومة الانسحاق الإنساني تحت أقدام الحضارة الرأسمالية، تلك المقاومة التي أدت في منتجه الروائي والشعري إلى الانسحاب إلى البدائية، الذي يعتبره ضرباً من إيجاد الصلات بينه وبين الأدب عن طريق رموز جديدة.
من شعره
«في جنازتي»
لقد تابعت جنازتي
مشياً
الأحصنة المزينة بريش الأجنحة
اللاهثة بقوة
من الملل
تجر عربة الجنازة المذهبة ذات الزينة العربية
في الزوايا الأربعة
ملائكة الفضة الأربعة
للشعر
يبكون
دموعاً
من جبس
مصبوغ
ومن سواد النعش
تدلى تاج واحد
من أقحوان أصفر
وعلى الشريط
البنفسجي
كتب اسمي ولقبي
وفي الصندوق
مسجاة
جثة أدبي
وقد كانت فيما مضى حية أيما حياة
لم أتبع الجنازة
إلى المقبرة
إذ انعطفت في شارع ما
وذهبت.
«الصوت»
يجيء إليّ وكأنه جمال الزمن نفسه
هو المباراة السهلة التي تتصادم في أسلاك الهاتف
إذ يأتي الاسم «كارمن» عرضاً
منقاداً وكأنه نسمة أو نفحة
هو مثل ائتمان الغضب القادم
إنه سرقة الأسرار
في الجانب الآخر... في لحظات الهياج المترامية بعيداً
يكون هذا الصوت بطبقات أكثر حدة حتى من طرق المعادن
بفضول كبير يتغير هذا الصوت ليمتلك حقيقته حين تتحدث «كارمن»
بلغتها الإسبانية
ما يحكيه الصوت هو الخفة والرشاقة في تعبير يشبه «الفينيسياني»*
دائماً ينطلق متصالحاً مع فضول آخر
هذا الصوت الذي كان من أصول تحمل الدهشة
حيرت الرومان
الجسد
هكذا إذن... هي النهاية
هي المحط الأخير الذي اسمه الجسد
ذلك المتخفي دائماً تحت الهندام
وما أدرانا عن ظاهر هذه الحالة ذات الخصوصيات الكثيرة...
هذا التآلف المتجاذب الذي نبحر فيه تنقيباً... هو الجسد
هو التعلق الخصب المثمر الواثق، الأكيد، الذي يعرف نفسه
كل الأشياء التي فيه لا يمكن استبعاد تلك الفرص الرائعة التي يحويها
حيث تتكاشف مع نفسها وهي تعوم في ماء البحر
- فينيسياني: نسبة
إلى مدينة فينسيا (البندقية)



فنانون مصريون يشيدون بكوميديا «أشغال شقة جداً» رغم «الانتقادات»

إسلام مبارك وهشام ماجد في لقطة من مسلسل «أشغال شقة جداً» (حسابها بموقع «فيسبوك»)
إسلام مبارك وهشام ماجد في لقطة من مسلسل «أشغال شقة جداً» (حسابها بموقع «فيسبوك»)
TT

فنانون مصريون يشيدون بكوميديا «أشغال شقة جداً» رغم «الانتقادات»

إسلام مبارك وهشام ماجد في لقطة من مسلسل «أشغال شقة جداً» (حسابها بموقع «فيسبوك»)
إسلام مبارك وهشام ماجد في لقطة من مسلسل «أشغال شقة جداً» (حسابها بموقع «فيسبوك»)

أشاد عدد من الفنانين المصريين بالمسلسل الكوميدي «أشغال شقة جداً»، الذي يعرَض حالياً ضمن موسم دراما رمضان 2025، بعد أن عرض موسمه الأول في رمضان 2024 وحقق نجاحاً لافتاً حينها، وفق نقاد ومتابعين.

ومن بين الفنانين الذين أشادوا بالمسلسل نيللي كريم، وتامر حسني، وعمر السعيد، وعارفة عبد الرسول، وكذلك ناهد السباعي التي ظهرت في إحدى حلقات العمل، حيث وصفت شخصيتها بأنها «من ألذ وأحلى أدوارها»، بالإضافة إلى الإعلامي الشهير عمرو أديب.

ووجهت الفنانة نيللي كريم الشكرَ للصُنَّاع، وأشادت بأدائهم عبر حسابها بـ«فيسبوك»، بينما نشر الفنان تامر حسني الملصق الدعائي للعمل عبر خاصية «ستوري» بـ«إنستغرام» وكتب: «مبروك للصُنَّاع والأبطال... مسلسل فوق الرائع»، وكذلك الفنانة عارفة عبد الرسول، التي وصفت كوميديا المسلسل بـ«الرايقة»، بينما أكد الفنان عمر السعيد أنه «أحلى حاجة بتضحك من سنين»، عبر حسابيهما بـ«فيسبوك».

وأشاد الإعلامي عمرو أديب، بالعمل وأداء ممثليه، وكتب أديب على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي «إكس»: «هشام ماجد نجح خلاص مش لازم تنتظر لما المسلسل يخلص، بقيت أنتظر ميعاد نزول الحلقة الجديدة علشان أضحك من قلبي».

وانهالت إشادات الفنانين على العمل رغم الانتقادات التي وُجِّهت له بعد عرض حلقاته الأولى، حيث تم اتهامه بـ«العنصرية والتنمر» ضد الأفارقة، وذلك بعد ظهور الممثلة السودانية إسلام مبارك في دور «مدينة» الخادمة النيجيرية، وشمل الانتقاد أيضاً أحد المشاهد التي ظهر فيها الفنان محمد عبد العظيم داخل «الحمام»، وكذلك أحد الألفاظ الذي ورد على لسان الفنان مصطفى غريب، كما انتقد الكاتب خالد منتصر مشهد فحص الأموال المزورة، موضحاً أنه ليس من اختصاص الأطباء الشرعيين.

إسلام مبارك تتوسط أسماء جلال وهشام ماجد (حساب هشام بـ«فيسبوك»)

ولم يتوقف الأمر عند الانتقادات فقط، فقد تقدم المحامي المصري أيمن محفوظ ببلاغ إلى «المجلس القومي للمرأة» ضد صُنَّاع المسلسل، وطالبه بالتدخل لوقف المشاهد المثيرة للجدل، وضرورة تعديل بعض القوانين، لافتاً إلى أن «العمل يسيء للمرأة المصرية، ويروج للانحرافات الأخلاقية»، عادّاً أن «ما ورد على لسان إحدى الممثلات خلال مشهد بالعمل حول تعدد علاقاتها غير مقبول». وفق تعبيره.

في المقابل، استنكرت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله ما أُثير حول المسلسل من انتقادات واتهامات، لافتة إلى أنها «لم تلمس أي شيء من هذا القبيل»، واصفة ما يحدث بـ«التربص بالعمل».

وتضيف خير الله لـ«الشرق الأوسط»: «المسلسل لم يقدم لقطات ضد المنطق، لكن كوميديا الموقف تتطلب أحياناً نوعاً من المبالغة وتصوير موقف بعينه بشكل مغاير للواقع كي يتحقق الضحك وهو هدف المسلسل»، مشيرة إلى أن «تصدره حتى الآن قائمة الأفضل، وحصاده إشادات واقعية دليل نجاح، كما أن هشام ماجد يعي جيداً قيمة السيناريو وتوزيع الأدوار».

ناهد السباعي وهشام ماجد (حسابه بـ«فيسبوك»)

وخلال لقائه في برنامج «تفاعلكم» على قناة «العربية» أكد الفنان هشام ماجد أن اتهام صناع العمل بالعنصرية أمر يزعجهم، موضحاً أن «الأحداث كوميدية»، كما قدم ماجد اعتذاره عمّا استاء منه الناس، مؤكداً «حرص الصُنَّاع على عدم إزعاج أحد».

وبعيداً عن الانتقادات، وجَّه المخرج والمؤلف خالد دياب عبر حسابه بموقع «فيسبوك» الشكرَ لأسرة العمل، وشقيقته المؤلفة شيرين دياب، التي وصفها بـ«الخطيرة» لأفكارها وكتاباتها الذكية، مؤكداً أنه تعلَّم من شقيقه المخرج محمد دياب كثيراً، وأنه صاحب الفضل في دخوله المجال الفني، بينما قال محمد دياب عبر حسابه بـ«فيسبوك» إن «سيناريو العمل ظل يُعرَض على منتجين لمدة 5 سنوات وكان يتم رفضه، إلى أن قدمه هشام ماجد ونجح نجاحاً كبيراً».

مسلسل «أشغال شقة جداً» مكون من 15 حلقة من بطولة هشام ماجد، وأسماء جلال، ومصطفى غريب، وشيرين، وسلوى محمد علي، وتأليف شيرين دياب وخالد دياب، وإخراج خالد دياب، ويضم نخبة كبيرة من ضيوف الشرف.

هشام ماجد يتوسط محمد عبد العظيم ومصطفى غريب (حساب هشام بـ«فيسبوك»)

الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن يقول إن الجدل حول مسلسل «أشغال شقة جداً» يؤكد أنه من أكثر المسلسلات انتشاراً في رمضان بدليل تحليل مشاهد ولقطات بعينها من قبل الناس، رغم التحفظ على بعض الألفاظ التي قد لا تناسب كل أفراد الأسرة، لكنه إجمالاً لا يستحق كل هذا الهجوم.

الممثلة السودانية إسلام مبارك في لقطة من مسلسل «أشغال شقة جداً» (حسابها بـ«فيسبوك»)

وأشار عبد الرحمن في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التعامل مع الحلقتين الأولى والثانية تم بحساسية مبالغ فيها، فلم يكن هناك أي تنمر على أصحاب البشرة السمراء، ولا توجد عنصرية ضد جنسية بعينها، فشخصية (الخادمة النيجيرية) تتسم بالشراهة والقوة البدنية المفرطة، وهذا مرض يحتاج إلى علاج وليس من أجل السخرية كما اعتقد البعض».