الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: واشنطن مع حلٍ يعكس إرادة الشعب السوداني

TT

الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: واشنطن مع حلٍ يعكس إرادة الشعب السوداني

أكدت واشنطن دعمها لعمل الوسيط في الأزمة السودانية من الاتحاد الأفريقي، الحسن لبات، ودعمها أيضاً لعمل المبعوث الإثيوبي الخاص بالسودان، محمود درير، وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن واشنطن تشجع المبعوثين على «استخدام خبراتها الواسعة للوساطة وإيجاد حل للأزمة». وأضاف أن الولايات المتحدة تشجع الأطراف على «التوصل لحل سياسي يعكس إرادة الشعب السوداني».
جاءت هذه التصريحات بعد اجتماع سري كانت دعت إليه ألمانيا قبل يومين، وضم إضافة إلى دول الترويكا (وهي: الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج) السعودية وقطر ومصر، والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي. ولم تدع أطراف سودانية لحضور اللقاء، وبررت الخارجية الألمانية ذلك بأن اللقاء «غير رسمي».
وقال المتحدث باسم الخارجية ، إنها تدعم بيان 6 يونيو (حزيران) الصادر عن الاتحاد الأفريقي والذي يعلق عضوية السودان في الاتحاد، كرسالة قوية «للتنسيق معهم ومع الشركاء الآخرين في الرد الدولي». وأضاف المتحدث أن واشنطن تحيي «الشعب السوداني الذي أبقى على تحركاته السلمية، في مساعيه لإيجاد بيئة يمكن إكمال الحوار فيها». وشدد على ضرورة أن تنهي السلطات العسكرية «كل الأعمال العدائية ضد المدنيين، وأن تسحب قواتها من الخرطوم وتسمح بتحقيق مستقل في أعمال العنف الأخيرة، وتعيد خدمات الإنترنت». وكرر أن شعب السودان «يستحق حكومة مدنية تناسب كل الفئات»، وأن الولايات المتحدة تبقى ملتزمة بالعمل مع الشعب السوداني إلى جانب الشركاء الدوليين، في البحث عن حل سلمي في السودان.
وكان السفير جان ميشال دوموند، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي بالخرطوم، قال مؤخراً إن التكتل يدعم وساطة الاتحاد الأفريقي والجهود الإثيوبية لتيسير التفاوض بين الأطراف السودانية، مبيناً أن الاتحاد الأوروبي ظل على تواصل مستمر مع القوى السياسية السودانية، خاصة «قوى الحرية والتغيير»، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي يولي الوضع الراهن في السودان اهتماماً كبيراً. وجاء ذلك في تصريح صحافي عقب لقائه رئيس المجلس العسكري السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في الخرطوم يوم الخميس الماضي.
وأوضح السفير ميشال أن اللقاء تناول سير الحوار بين المجلس العسكري والقوى السياسية حول ترتيبات الفترة الانتقالية وتشكيل الحكومة المدنية، مضيفاً أن لقاءه برئيس المجلس اتسم بالوضوح والصراحة. وأوضح السفير ميشال أن الاتحاد الأوروبي يشجع جميع الأطراف السودانية للوصول إلى تسوية تضع السودان على مسار السلام والوحدة والديمقراطية والازدهار. وعبّر ميشال عن أمله في أن تشرع الأطراف في استئناف الحوار بعد توقفه إثر أحداث الثالث من يونيو (حزيران) وتهيئة البيئة التي تسمح بالوصول السريع إلى تشكيل سلطة متفق عليها، بقيادة مدنية. وبشأن أحداث فض الاعتصام، قال ميشال إن الفريق البرهان أوضح أن المجلس العسكري لم يكن ينوي فض الاعتصام، ولكن هناك جهات تدخلت وأن هناك تحقيقات شفافة وذات مصداقية تجرى الآن في هذا الشأن.

كانت قوى الحرية والتغيير قد أوقفت المحادثات مع المجلس العسكري الانتقالي عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) الماضي لتسليم السلطة إلى المدنيين، عقب فض الاعتصام أمام قيادة الجيش. وبحسب لجنة أطباء السودان المركزية فقد قتل 118 شخصاً خلال فض الاعتصام، فيما قالت وزارة الصحة السودانية إن عدد القتلى 61 شخصاً.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».