باشيليه قلقة من الوضع الإنساني «الخطير» في فنزويلا

مفوضة حقوق الإنسان التقت الحكومة والمعارضة ودعت إلى الحوار بين الطرفين

ميشيل باشيليه
ميشيل باشيليه
TT

باشيليه قلقة من الوضع الإنساني «الخطير» في فنزويلا

ميشيل باشيليه
ميشيل باشيليه

في ختام زيارتها أمس إلى فنزويلا دعت مفوّضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليه إلى إطلاق سراح المعارضين السياسيين المسجونين، واصفة الوضع الإنساني فيها بـ«الخطير»، وأعلنت أنّها ستعيّن موفدين لمراقبة وضع حقوق الإنسان. كما دعت إلى الحوار بين الحكومة والمعارضة وأكدت دعمها لوساطة النرويج حيث التقي مندوبو الطرفين وجها لوجه للمرة الأولى في مايو (أيار) الماضي. لكن المحادثات لم تسفر عن نتيجة حتى الآن.
وقالت باشيليه: «أتفهم تشكيك البعض في إمكانية أن يثمر هذا النوع من المفاوضات، لكن الوضع الخطير في البلاد يجب أن يدفع القادة إلى المحاولة».
وقالت باشيليه: «توصّلنا إلى اتفاق مع الحكومة يقضي بإقامة مسؤولين اثنين مكلّفين حقوق الإنسان هنا»، موضحة أن مهمّة هذين المراقبين «ستكون تقديم المساعدة والمشورة ولكن أيضاً، وهذا أمر بالغ الأهمية، الاستمرار في مراقبة وضع حقوق الإنسان في فنزويلا». وأضافت أن «الوضع الإنساني خطير (...) ويؤثر على عدد كبير من الأشخاص في هذا البلد الذي يشهد أسوأ أزمة اقتصادية واجتماعية في تاريخه الحديث.» وقالت باشيليه في بيان تلته أمام الصحافيين، بعد أن التقت مع الرئيس نيكولاس مادورو وزعيم المعارضة خوان غوايدو: «أدعو السلطات إلى إطلاق سراح كل المعتقلين أو المحرومين من حريتهم بسبب ممارستهم حقوقهم المدنية سلمياً». وألقت منظمات حقوق الإنسان والمعارضة باللائمة على قوات الأمن الحكومية والمجرمين الموالين للحكومة في جرائم القتل والتعذيب والاعتقالات التعسفية في فنزويلا.
كما أجرت باشيليه محادثات مع غوايدو بعد لقاء مع ممثلين حكوميين وأقارب السجناء السياسيين. وقال غوايدو: «نحن نعيش في ديكتاتورية تنتهك حقوق الإنسان». ويحظى غوايدو الذي أعلن نفسه رئيسا مؤقتا في يناير (كانون الثاني)، بدعم العشرات من الدول في حملته للإطاحة بالرئيس مادورو. وكان مادورو قد فاز بفترة ولاية ثانية في انتخابات متنازع عليها العام الماضي، وشهدت فترة رئاسته أزمة اقتصادية وسياسية هائلة. وتحدث مادورو عن «اجتماع ناجح للغاية»، وأصر على أنه سوف «يقبل مقترحات وتوصيات المفوضة السامية»، مضيفا أن أي شخص سينتهك حقوق الإنسان ستتم محاسبته.
وبحسب منظمة «فورو بينال» لحقوق الإنسان، ثمة 700 شخص موقوفون في فنزويلا «لأسباب سياسية». غير أنّ حكومة الرئيس نيكولاس مادورو تعترض على مصطلح «سجناء سياسيين». وتعهد الرئيس مادورو بـ«النظر بجديّة» في توصيات باشيليه. وصرح في خطاب متلفز: «ستكون لدينا معايير مختلفة، لأنها موجودة في كل الدول، ولكنّي قلت لها إنّه بوسعها الاعتماد علي بصفتي رئيساً للجمهورية للنظر بجديّة باقتراحاتها وتوصياتها وطروحاتها».
وخلال زيارتها، التقت باشيليه، الرئيسة السابقة لتشيلي، مع أقرباء المعتقلين الذين اتهم عدد منهم بـ«التآمر» لإسقاط الحكومة. كما أجرت مباحثات مع أقرباء أشخاص قتلوا خلال المظاهرات المناهضة لمادورو في 2017، ودفع الركود الاقتصادي الذي ترجم على الأرض بتضخم كبير ونقص في المواد الأساسية وانقطاع متكرر للتيار الكهربائي، أربعة ملايين فنزويلي إلى مغادرة بلدهم منذ 2015، حسب أرقام الأمم المتحدة. وتؤكد المنظمة الدولية أنّ ربع السكان، أي نحو سبعة ملايين شخص، يحتاجون إلى مساعدة إنسانية عاجلة.
سياسيا، تعيش فنزويلا على وقع المواجهة بين مادورو وخوان غوايدو الزعيم المعارض الذي أعلن نفسه رئيسا بالوكالة في 23 يناير، واعترفت نحو خمسين دولة بينها الولايات المتحدة، بصفته هذه. ويصف غوايدو مادورو بأنه «ديكتاتور» قام بـ«اغتصاب» السلطة لأنه تمكن من البقاء في السلطة على أثر انتخابات رئاسية «تم تزوير» نتائجها. وبعد لقائه باشيليه صباح الجمعة، أكد أنها ستدعو السلطات إلى الإفراج عن السجناء السياسيين. وقال أمام الصحافيين: «قالت لنا إنّها تصرّ على الإفراج عن السجناء السياسيين». ودعا غوايدو سكان كراكاس إلى التظاهر للمطالبة بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين. واستجاب نحو 300 شخص لدعوته.
وقال صحافي من وكالة الصحافة الفرنسية إنهم تجمعوا أمام مقرّ برنامج الأمم المتحدة للتنمية في فنزويلا، وهم يرددون هتافات بينها «مادورو هو بينوشيه»، في إشارة إلى الديكتاتور التشيلي الذي تعرّضت ميشيل باشيليه في عهده للتعذيب على يد الشرطة السياسية.
وأخيرا، انتقدت باشيليه العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وتهدف إلى ممارسة مزيد من الضغوط على مادورو. وقالت: «أشعر بالقلق من أن تؤدي العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة هذه السنة على صادرات النفط وتجارة الذهب إلى تفاقم وتعميق الأزمة الاقتصادية».
ويعاني الاقتصاد من معدلات تضخّم فلكية يتوقع أن تبلغ هذا العام 10 ملايين في المائة، بحسب صندوق النقد الدولي، فيما تعتبر الأمم المتحدة أنّ ربع السكان، أي ما يوازي سبعة ملايين شخص، يحتاجون إلى مساعدة إنسانية طارئة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».