«إمام عبد الفتاح إمام» و«عزت قرني» يغادران مقعد الفلسفة

أثريا المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات وتتلمذ عليهما عشرات الباحثين

إمام عبد الفتاح إمام
إمام عبد الفتاح إمام
TT

«إمام عبد الفتاح إمام» و«عزت قرني» يغادران مقعد الفلسفة

إمام عبد الفتاح إمام
إمام عبد الفتاح إمام

كلاهما أحب الفلسفة واتخذها طريقاً لمحبة الحياة، وعمق حبه لها بالبحث المنهجي والدرس الأكاديمي لتاريخها ومذاهبها ومدارسها الفكرية، بداية من عصورها الكلاسيكية الأولى إلى ما وصلت إليه في عالمنا الراهن. كان شغلهما الشاغل أن ترتبط الفلسفة بالمجتمع، بقضاياه الاجتماعية والسياسية والثقافية، وأن تكون مرآة يتطلع من خلالها إلى معنى الخير والحرية والجمال والحقيقة.
يومان وست سنوات، شكلت الفارق اللفظي بين رحلتيهما في أروقة الفلسفة والحياة، فما كدنا نلمم أحزاننا يوم الاثنين الماضي على رحيل الدكتور عزت قرني أستاذ الفلسفة والمفكر الموسوعي، ورئيس لجنتها بالمجلس الأعلى للثقافة، إثر حادث سيارة عن عمر يناهز 79 عاماً، حتى تضاعفت أحزاننا، فبعد نحو 48 ساعة فوجئنا بغياب الدكتور إمام عبد الفتاح إمام، شيخ أساتذة الفلسفة والمترجم المصري الكبير، عن عمر ناهز 85 عاماً.
برحيل هذين العلمين خسرت الحياة الثقافية العربية جهود اثنين من العلماء المفكرين شكلا مثالاً يحتذى لطلابهما المهمومين بالبحث الفكري العلمي، كما أضافا للمكتبة العربية عشرات المؤلفات في الفكر الفلسفي، وتركا بصمة في مجال الترجمة خاصة لأعلام الفلسفة ومذاهبهم ونظرياتهم الراسخة.
أكاديمياً بدأ الراحلان جهودهما العلمية من تربة الفلسفة المثالية، ومن نقطتين، بينهما الكثير من التشابه والتباين أيضاً، إحداهما تمثل عتبة البدايات والأخرى تمثل، قوس النهاية.
مثلت فلسفة أفلاطون نقطة البدء في منهج عزت قرني الأكاديمي، فكانت أطروحته للدكتوراه التي حصل عليها من جامعة السوربون بفرنسا عام 1972 بعنوان «الدوكسا في نظرية المعرفة الأفلاطونية». وفيها فند فلسفة أفلاطون وفق مبدأ التدرج والانتقال بالمفاهيم والرؤى المعرفية من مستوى (الدوكسا) والتي تمثل آيديولوجية الرأي العام الشائعة، إلى مستوى أكاديمي علمي يتحرى الضبط المعرفي والمنهجي، وإعمال العقل في الرصد والتحليل والتقييم.
رفد قرني دراسته الأكاديمية بتعلم اللغة اليونانية القديمة ومعرفة المصادر الأم، ونقل إلى العربية عدداً من محاورات الفيلسوف اليوناني أفلاطون، أضاءها بمقدمات كاشفة للنص الأفلاطوني وسياقه التاريخي، وما انطوى عليه من تطوير في الرؤية والتطبيق... من بين هذه المحاورات: «فيدون» أو خلود النفس، «محاورة أوطيفرون» أو في التقوى، «محاورة السيفطائي»، أو في الوجود.
ومثلما انطلق قرني أكاديمياً من أفلاطون وفلسفته المثالية، والتي تجعل من الحق حقيقة العالم العقلي، بينما العالم المحسوس لا يعدو كونه أشبه بالظلال، اتخذ إمام عبد الفتاح إمام من مثالية هيجل المطلقة مداراً لبحثه الأكاديمي، وحصل على الدكتوراه عام 1972. وكان موضوع أطروحته «تطور الجدل بعد هيجل»، وهو العام نفسه الذي حصل فيه قرني على الدكتوراه من جامعة السوربون، بينما حصل عليها إمام من كلية الآداب جامعة عين شمس بالقاهرة.
لا تخلو هذه المصادفة بين الأستاذين من دلالات ومفارقات، فعلى عكس مثالية أفلاطون تنهض مثالية هيجل المطلقة على التماثل بين الفكر والواقع في جدلية لا انفصام فيها، حيث يرى أن «كل ما هو عقلي واقعي وكل ما هو واقعي عقلي» وأن العقل عبر تطوره الخاص به يعبر عن تطور الواقع. أيضاً انشغل إمام بهيجل فتعلم الألمانية، ونقل إلى العربية كل تراثه، كما تابع أثره في أفكار ونظريات الفلاسفة اللاحقين عليه، وأصدر ما يقرب من مائة كتاب ما بين تأليف وترجمة ومراجعة من أبرزها «المنهج الجدلي عند هيجل»، «تطور هيجل الروحي»، «دراسات في الفلسفة السياسية عند هيجل»، «مدخل إلى الفلسفة»، «أفكار ومواقف»، «تطور الجدل بعد هيجل» (3 أجزاء)،
ولد إمام عبد الفتاح إمام بمحافظة الشرقية، شمال شرقي القاهرة عام 1934 لوالد من علماء الأزهر الشريف، وخلال رحلته الوظيفية عمل بأغلب جامعات مصر، وجامعة الكويت، وطرابلس، وجامعة سبها بليبيا، كما أشرف على الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه داخل مصر وخارجها، وهو أبرز تلاميذ زكي نجيب محمود، وأهم الباحثين في فكره وفلسفته.
عمل إمام قبل رحيله أستاذاً غير متفرغ بقسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة عين شمس، وهو عضو الجمعية الهيجلية بكندا... وفي سياق العام أشرف على سلسلة «أقدم لك» بالمجلس الأعلى للثقافة، وصدر منها ما يقرب من سبعين عدداً، كما أشرف على ترجمة موسوعة «كوبلستون» في تاريخ الفلسفة الغربية. ومن مؤلفاته أيضاً: «الديمقراطية والوعي السياسي»، «كيركجور رائد الوجودية»، «هوبز فيلسوف العقلانية»، «الطاغية»، «الأخلاق والسياسة»، «معجم ديانات وأساطير العالم»، «سلسلــة الفيلسـوف والمـرأة»، وهي سلسلة اعتنى فيها بالبحث عن العقل المؤنث في تاريخ الفلسفة، وقدرة المرأة بما تمتلكه من عقل أنثوي متعدد المعاني والتأويل على استهواء العقل الذكوري والجدل البناء معه حول أسرار الكون والطبيعة والحياة.
لم تخل إسهامات إمام الفكرية، من نظرة خاصة إلى فلسفة الأخلاق، وربطها بطبيعة المجتمع وتطوره، فكان يرى أنه كلما اشتدت وطأة الظلم والطغيان السياسي، انحطت كرامة الفرد، وافتقد إنسانيته وحقوقه الكاملة في مجتمعه.
تحت هذه المظلة، يهدي إمام كتابه الشهير «الطاغية... دراسة فلسفية لصور الاستبداد السياسي» رابطاً بين طبائع الاستبداد والحرية وكيف تشكل علاقة الإنسان بالوجود من حوله قائلا: إلى الذين يشعرون أن الحرية هي ماهية الإنسان، إذا فقدها، فقد وجوده معها».
ويشبه إمام الشعب المنزوع حقه في الديمقراطية بالمسخ، لافتاً إلى أنه «في النظام السياسي السيئ يتم تحويل الشعب إلى جماجم وهياكل عظمية تسير في الشارع منزوعة النخاع، شخصيات تافهة تطحنها مشاعر العجز والدونية واللاجدوى!»، مؤكد أن «الديمقراطية الناقصة أو العرجاء خير ألف مرة من حكم الطغيان». على الضفة نفسها ربط عزت قرني الفلسفة بالوجود الشرعي للمجتمعات، وانصب جانب مهم من مشروعه الفكري في البحث عن ركائز وسمات خاصة لفلسفة مصرية وعربية جديدة تكتب باللغة العربية، وتنفض أيديها من غبار التأثر بالمنجز الغربي.
وهو المشروع الذي وصفة بالرسالة، قائلاً في إحدى حواراته: «إن رسالتي الفكرية الهادفة إلى بلورة رؤية فلسفية جديدة خاصة بالثقافة العربية نابعة من مواقفنا وتصوراتنا ومشاكلنا الحالية لتقدم بطريقة حرفية تفصيلية، كما أننا مطالبون بالتعريف بإنجازات الحضارة الإسلامية التي شوهتها الحركات المتطرفة في زمن طغت وغلبت فيه العلوم التطبيقية وتحولت أغلب العلوم الإنسانية إلى علوم حية».
وفي إحدى ندواته بالمجلس الأعلى للثقافة بمصر بأن السلطة الدينية تحارب الفلسفة وترفض تدريسها فما سبب ذلك برأيك؟
وفي حوار شيق معه ومفتوح بإحدى ندواته بالمجلس الأعلى للثقافة يطرح عزت قرني نظرة شاملة وعميقة لما يسمى بتطوير الخطاب الديني، وإنقاذ مقوماتنا الثقافية الذاتية لتصبح حجر الأساس لفلسفتنا الخاصة بنا قائلاً: «أنا أفضل تسمية ثقافتنا الجديدة باسم (الأصوليات) لكي نبتعد عن الاسم (الإفرنجي) ونتخلص من التأثير الأجنبي عليها، لأن الفلسفة هي علم الأصول كما قال العلماء، وبالنظر إلى الحضارة الإسلامية نجد أنهما قد أنتجت اتجاهات مهمة في ميادين العلم، ولكن يرجع أساسها وأصلها إلى التوحيد، ولا بد لنا أيضاً من إعادة تكوين علم أصول الدين ليحمل أساساً نظرة إسلامية مستقبلية، فعلم أصول الدين القديم أصبح تاريخياً».
ولد عزت قرني في محافظة الجيزة بمصر في 15 يناير (كانون الثاني) 1940. وتخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1960. وحصل على جائزة الدولة التشجيعية في الفلسفة عام 1975، وعلى وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1976. وهو عضو في الجمعية الفلسفية المصرية والجمعية التاريخية المصرية وجمعية محبي الفنون الجميلة بالقاهرة. وعمل لفترة في جامعة الكويت.
ترك عزت قرني العديد من الأعمال المهمة فترجم للعربية على سبيل المثال كتاب «أرسطو» لألفريد تايلور، وكتاب الفلسفة المعاصرة في أوروبا، تأليف إ.م.بوشنسكي. ومن أبرز مؤلفاته «الفلسفة اليونانية حتى أفلاطون»؛ «الفكر الجديد في أزمة الفكر العربي المعاصر»؛ «العدالة والحرية في فجر النهضة العربية»، «مستقبل الفلسفة في مصر»؛ «في الفكر المصري الحديث»؛ «فعل الإبداع الفني مع نجيب محفوظ»، «تأسيس الحرية»، «طبيعة الحرية؛ «الذات ونطريه الفعل»، «غايات الإنسان وفكرة الخير»، «نظرية الشر».
اتسم عزت قرني بالتواضع الجم، وكان يتمتع بشخصية جذابة وقوية، منفتحة بحيوية على كل الآراء والأفكار، وأذكر أنه في كلية الآداب بجامعة عين شمس حيث حظيت بدراسة الفلسفة اليونانية على يديه وأيضاً جانب من فلسفة علم الجمال، كان ما إن تدلف قدماه إلى مدرج المحاضرات، حتى يخيم السكون والصمت على المكان، وكأنه محراب علم. لم أكن أشعر أنه يدرس لنا الفلسفة فحسب، وإنما كان يفتح أعيننا وحواسنا على مكانة الفلسفة في المجتمع، وأنه لكل مجتمع وتجمع فلسفته الخاصة، لأن المعنى الحقيقي للفلسفة هو رؤية الكون والإنسان في إطار من العلاقة الحية المتجددة فيما بينهما.
يبقى أن أشير إلى أنه من الإضافات المهمة في مشروع عزت قرني الفلسفي، ربطه ببين فلسفة الفن والفلسفة بشكل عام، وقد تجلى هذا على نحو لافت في كتابة الموسوعي «أصول الفن» الذي صدر عن هيئة الكتاب المصرية عام 2016، حيث طرح فيه رؤى وأفكار في غاية الأهمية، خاصة فيما يتعلق بتعريف الشكل أو نظرية التعبير الفني، متتبعاً تجلياتها في شتى دروب الفن: من الرقص والغناء، والموسيقى، إلى المسرح والقصة والسينما، مروراً بالفنون التشكيلية. وقد أشار في مقدمته للكتاب أنه الأول من أربعة أو خمسة كتب، هيئة الكتاب، وفي نعيها له، ذكرت هيئة الكتاب أن هناك كتابين من هذه الكتب تحت الطبع بعنوان «الجميل والجمال»، و«غايات الإنسان».
إنهما عالمان جليلان أخلصا للعلم والحقيقة، فصارا مثالين يحتذيان على يقظة الضمير والشعور الوطني النبيل.



لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
TT

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس، قررت محكمة القضاء الإداري بمصر الثلاثاء تأجيل نظر الطعن على قرار إعادة التمثال لجلسة 21 يناير (كانون الثاني) الحالي، للاطلاع على تقرير المفوضين.

وتباينت الآراء حول إعادة التمثال إلى موقعه، فبينما رأى معارضو الفكرة أن «ديليسبس يعدّ رمزاً للاستعمار، ولا يجوز وضع تمثاله في مدخل القناة»، رأى آخرون أنه «قدّم خدمات لمصر وساهم في إنشاء القناة التي تدر مليارات الدولارات على البلاد حتى الآن».

وكان محافظ بورسعيد قد أعلن أثناء الاحتفال بالعيد القومي للمحافظة، قبل أيام عدة، بأنه طلب من رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه في مدخل القناة بناءً على مطالبات أهالي المحافظة، وأن رئيس الوزراء وعده بدراسة الأمر.

ويعود جدل إعادة التمثال إلى مدخل قناة السويس بمحافظة بورسعيد لعام 2020 حين تم نقل التمثال إلى متحف قناة السويس بمدينة الإسماعيلية (إحدى مدن القناة)، حينها بارك الكثير من الكتاب هذه الخطوة، رافضين وجود تمثال ديليسبس بمدخل قناة السويس، معتبرين أن «المقاول الفرنسي»، بحسب وصف بعضهم، «سارق لفكرة القناة وإحدى أذرع التدخل الأجنبي في شؤون مصر».

قاعدة تمثال ديليسبس ببورسعيد (محافظة بورسعيد)

ويعدّ فرديناند ديليسبس (1805 - 1894) من السياسيين الفرنسيين الذين عاشوا في مصر خلال القرن الـ19، وحصل على امتياز حفر قناة السويس من سعيد باشا حاكم مصر من الأسرة العلوية عام 1854 لمدة 99 عاماً، وتقرب من الخديو إسماعيل، حتى تم افتتاح القناة التي استغرق حفرها نحو 10 أعوام، وتم افتتاحها عام 1869.

وفي عام 1899، أي بعد مرور 5 سنوات على رحيل ديليسبس تقرر نصب تمثال له في مدخل القناة بمحافظة بورسعيد، وهذا التمثال الذي صممه الفنان الفرنسي إمانويل فرميم، مجوف من الداخل ومصنوع من الحديد والبرونز، بارتفاع 7.5 متر، وتم إدراجه عام 2017 ضمن الآثار الإسلامية والقبطية.

ويصل الأمر بالبعض إلى وصف ديليسبس بـ«الخائن الذي سهَّل دخول الإنجليز إلى مصر بعد أن وعد عرابي أن القناة منطقة محايدة ولن يسمح بدخول قوات عسكرية منها»، بحسب ما يؤكد المؤرخ المصري محمد الشافعي.

ويوضح الشافعي (صاحب كتاب «ديليسبس الأسطورة الكاذبة») وأحد قادة الحملة التي ترفض عودة التمثال إلى مكانه، لـ«الشرق الأوسط» أن «ديليسبس استعبد المصريين، وتسبب في مقتل نحو 120 ألف مصري في أعمال السخرة وحفر القناة، كما تسبب في إغراق مصر بالديون في عصري سعيد باشا والخديو إسماعيل، وأنه مدان بالسرقة والنصب على صاحب المشروع الأصلي».

وتعد قناة السويس أحد مصادر الدخل الرئيسية لمصر، وبلغت إيراداتها في العام المالي (2022- 2023) 9.4 مليار دولار، لكنها فقدت ما يقرب من 50 إلى 60 في المائة من دخلها خلال الشهور الماضية بسبب «حرب غزة» وهجمات الحوثيين باليمن على سفن في البحر الأحمر، وقدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخسائر بأكثر من 6 مليارات دولار. وفق تصريح له في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

في المقابل، يقول الكاتب المصري علي سعدة، إن تمثال ديليسبس يمثل أثراً وجزءاً من تاريخ بورسعيد، رافضاً ما وصفه في مقال بجريدة «الدستور» المصرية بـ«المغالطات التاريخية» التي تروّجها جبهة الرفض، كما نشر سعدة خطاباً مفتوحاً موجهاً لمحافظ بورسعيد، كتبه مسؤول سابق بمكتب المحافظ جاء فيه «باسم الأغلبية المطلقة الواعية من أهل بورسعيد نود أن نشكركم على القرار الحكيم والشجاع بعودة تمثال ديليسبس إلى قاعدته».

واجتمع عدد من الرافضين لإعادة التمثال بنقابة الصحافيين المصرية مؤخراً، وأكدوا رفضهم عودته، كما طالبوا فرنسا بإزالة تمثال شامبليون الذي يظهر أمام إحدى الجامعات الفرنسية وهو يضع قدمه على أثر مصري قديم.

«المهندس النمساوي الإيطالي نيجريلي هو صاحب المشروع الأصلي لحفر قناة السويس، وتمت سرقته منه، بينما ديليسبس لم يكن مهندساً، فقد درس لعام واحد في كلية الحقوق وأُلحق بالسلك الدبلوماسي بتزكية من والده وعمه وتم فصله لفشله، وابنته نيجريلي التي حصلت على تعويض بعد إثباتها سرقة مشروع والدها»، وفق الشافعي.

وكانت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية قد أصدرت بياناً أكدت فيه أن ديليسبس لا يستحق التكريم بوضع تمثاله في مدخل القناة، موضحة أن ما قام به من مخالفات ومن أعمال لم تكن في صالح مصر.

في حين كتب الدكتور أسامة الغزالي حرب مقالاً يؤكد فيه على موقفه السابق المؤيد لعودة التمثال إلى قاعدته في محافظة بورسعيد، باعتباره استكمالاً لطابع المدينة التاريخي، وممشاها السياحي بمدخل القناة.

وبحسب أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس المصرية والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، الدكتور جمال شقرة، فقد «تمت صياغة وثيقة من الجمعية حين أثير الموضوع في المرة الأولى تؤكد أن ديليسبس ليس هو صاحب المشروع، لكنه لص سرق المشروع من آل سان سيمون». بحسب تصريحاته.

وفي ختام حديثه، قال شقرة لـ«الشرق الأوسط» إن «ديليسبس خان مصر وخدع أحمد عرابي حين فتح القناة أمام القوات الإنجليزية عام 1882، ونرى بوصفنا مؤرخين أنه لا يستحق أن يوضع له تمثال في مدخل قناة السويس».