الجدل حول «رايات الأمازيغ» يطغى على مطلب رحيل رموز النظام في الجزائر

توقيف ثالث شخصية نافذة في قطاع السيارات بـ«تهم فساد»

متظاهرون يحملون الراية الأمازيغية خلال مظاهرات «الجمعة الـ18» من حراك الجزائر في العاصمة أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يحملون الراية الأمازيغية خلال مظاهرات «الجمعة الـ18» من حراك الجزائر في العاصمة أمس (أ.ف.ب)
TT

الجدل حول «رايات الأمازيغ» يطغى على مطلب رحيل رموز النظام في الجزائر

متظاهرون يحملون الراية الأمازيغية خلال مظاهرات «الجمعة الـ18» من حراك الجزائر في العاصمة أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يحملون الراية الأمازيغية خلال مظاهرات «الجمعة الـ18» من حراك الجزائر في العاصمة أمس (أ.ف.ب)

بينما سار آلاف الجزائريين في غالبية مدن البلاد في إطار «الجمعة الـ18» للحراك الشعبي، بهدوء ومن دون احتكاك مع قوات الأمن، تعرض مقر حزب ذي توجه أمازيغي لحصار أمني بالعاصمة، قصد منع أنصاره من الخروج بالرايات الأمازيغية، التي تثير حساسية بالغة لدى قائد الجيش الجنرال أحمد قايد صالح.
وشهدت شوارع العاصمة صباح أمس عملية كر وفر، لم تدم طويلاً بين قوات مكافحة الشغب ومتظاهرين يحملون راية الأمازيغ، التي ترمز إلى خصوصية ثقافية، أحدثت انقساماً كبيراً بين الجزائريين. وأخضع رجال أمن بزي مدني المئات من المتظاهرين بالساحات العامة لتفتيش دقيق، بحثاً عن الراية المثيرة للجدل، والتي غطت في الأيام الأخيرة على الموضوع الأساسي للحراك، وهو رحيل الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي.
وقالت الصحافية سهيلة حمادي، التي شاركت في مظاهرة أمس: «أحد أجمل الشعارات التي رفعت في الجمعة الـ18: «ماكاش فتنة... عربي... قبائلي... خاوة خاوة». ومعناه «جزائري من أصل عربي أو أمازيغي، هما في النهاية إخوة». وهي إشارة إلى أن الجدل حول الراية لا ينبغي أن يفرق بين الجزائريين.
وحسب مراقبين، فقد مر حراك جمعة الأمس بأصعب اختبار له منذ انطلاقه في 22 من فبراير (شباط) الماضي؛ لكن اجتازه بسلام، إذ كانت كل التكهنات تفيد بأن المواجهة بين قوات الأمن والمتظاهرين «محتومة وغير ممكن تفاديها»، على أساس التعليمات الصارمة التي وجهها قائد الجيش للسلطات الأمنية، والتي تدعو لاعتقال أي شخص يحمل راية الأمازيغ، التي عدها «دخيلة» على المجتمع، وأن من يرفعونها «أقلية قليلة». لكن اتضح بعد صلاة الجمعة، وتدفق الحشود على «معاقل المظاهرات»، أن قوات الأمن تأكدت من أن استعمال القوة ضد حاملي الراية قد يخلف انزلاقاً غير محمود، ولهذا تراجعت إلى خطوطها الخلفية.
وبعيداً عن ساحات الاحتجاج، احتدم أمس في بلاتوهات الفضائيات وبالمنصات الرقمية الاجتماعية جدل كبير حول «الراية التي يقصدها الجنرال، هل هي تلك التي ترمز للخصوصية الثقافية لأمازيغ شمال أفريقيا، أم هي راية الانفصاليين؟». وفي هذا السياق تساءل المتخصص في علم الاجتماع ناصر جابي: «هل اطلع قائد أركان الجيش على مواد الدستور التي تعترف بالأمازيغية كلغة وتراث مشترك لكل الجزائريين، وهو يطالب بنزع الراية الأمازيغية التي لم يدّع حاملوها يوماً أنها بديلاً للراية الوطنية؟»، محذراً من «موقف ضد اتجاه التاريخ يهدد وحدتنا».
ولوحظ أمس انتشار واسع للرايات الأمازيغية بساحات «موريس أودان» و«أول مايو»، والبريد المركزي بالعاصمة، وبشكل أكثر قوة وإصراراً بولايات القبائل شرق البلاد، مناطق الأمازيغ التي تتحاشى فيها السلطات تنفيذ أي إجراء قد يثير حساسيتهم. كما لوحظ أن خطاب المتظاهرين كان حاداً ضد قائد الجيش، فيما كانت الشعارات ضد بن صالح وبدوي أقل حدة، لاعتقاد المتظاهرين أن مصيرهما بات بين يدي الجنرال قايد صالح، الذي يرفض إبعادهما.
ويرى أستاذ العلوم السياسية محمد هناد، أن «الذين رفعوا الألوان الأمازيغية لم يحملوا علماً ضد العلم الوطني؛ بل مجرد راية للدلالة على حاجة جماعتنا الوطنية إلى قبول تنوعها»، مشدداً على أن «تعرُّض متظاهرين لعنف قوات الأمن قد يؤدي إلى انتفاضة جهة، أو جهات بأكملها من الوطن، بكل ما يحمله ذلك من خطر التدخل الأجنبي... هناك حل واحد لا غير: تجنّب رفع الراية الأمازيغية كي لا يقع الحراك الشعبي في الفخ، ويستطيع أن يستمر في تمسكه بطابعه السلمي. إن الجمهورية الجديدة التي نظل نحلم بها ستكون حاضنة للجميع لا محالة».
من جهة ثانية، وفي إطار التحقيقات التي تقودها النيابة في ملفات تورط عدد من المسؤولين السامين في قضايا فساد، أعلن التلفزيون الجزائري أمس، أنّ رجل الأعمال النافذ حسان عرباوي، مدير عام «غلوبال غروب»، وُضع أول من أمس رهن الحبس المؤقت على خلفية قضية فساد، ليصبح بذلك ثالث شخصية فاعلة في قطاع السيارات الجزائري، يتم توقيفها مند بدء حملة محاربة الفساد في البلاد.
وبعد محي الدين طحكوت ومراد عولمي، أصبح عرباوي ثالث شخصية نافذة في قطاع السيارات الجزائري توضع رهن الحبس المؤقت، منذ بدء الملاحقات القضائية بحقّ رجال أعمال ومسؤولين سياسيين رفيعين، مرتبطين بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي اضطر إلى الاستقالة تحت ضغط الشارع والجيش.
وقال التلفزيون الجزائري العمومي، إنّ عرباوي أوقف «مع ستّة آخرين»، عقب الاستماع إليهم من قبل قاضي التحقيق في محكمة سيدي امحمد في الجزائر العاصمة. ووفق المصدر نفسه، فإنّ الستة الآخرين هم إطاران وموظفان في وزارة الصناعة، وأيضاً مدير المصرف الوطني الجزائري (مصرف عمومي)، بالإضافة إلى مدير سابق لمؤسسة عامة.
وأوضحت القناة أنّ الموقوفين السبعة يلاحقون في إطار «تبييض أموال واختلاس أموال عمومية، وإساءة استغلال الوظيفة ومنح امتيازات». وقد جرى الاستماع لمسؤولين كبار في القضية نفسها، بالأخص رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، الذي وضع رهن الحبس الموقت في 12 من يونيو (حزيران) الجاري.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.