لماذا يثير «غسيل الفيفا القذر» رائحة كريهة في هذه الأوقات المظلمة؟

احتجاز بلاتيني لم يمثل فضيحة كبيرة بالشكل الذي كان من الممكن أن نراه في الماضي!

بلاتيني يغادر مكتب مكافحة الفساد التابع للشرطة القضائية الفرنسية (إ.ب.أ)  -  إنفانتينو بعد فوزه بولاية ثانية لرئاسة الفيفا (إ.ب.أ)
بلاتيني يغادر مكتب مكافحة الفساد التابع للشرطة القضائية الفرنسية (إ.ب.أ) - إنفانتينو بعد فوزه بولاية ثانية لرئاسة الفيفا (إ.ب.أ)
TT

لماذا يثير «غسيل الفيفا القذر» رائحة كريهة في هذه الأوقات المظلمة؟

بلاتيني يغادر مكتب مكافحة الفساد التابع للشرطة القضائية الفرنسية (إ.ب.أ)  -  إنفانتينو بعد فوزه بولاية ثانية لرئاسة الفيفا (إ.ب.أ)
بلاتيني يغادر مكتب مكافحة الفساد التابع للشرطة القضائية الفرنسية (إ.ب.أ) - إنفانتينو بعد فوزه بولاية ثانية لرئاسة الفيفا (إ.ب.أ)

أنا سعيدة للغاية لأن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، جياني إينفانتينو، كان يستمتع وهو يلقي خطاب فوزه بولاية ثانية قبل أسبوعين، حيث قال: «لم يعد أحد يتحدث عن أزمات في (الفيفا) بعد الآن أو إعادة هيكلته من الصفر. ولم يعد أحد يتحدث عن فضائح أو فساد، لكننا نتحدث عن كرة القدم. يمكننا أن نقول إننا قمنا بتغيير الوضع تماماً. لقد تحولت هذه المنظمة من كونها منظمة ذات أجواء مسمومة وشبه إجرامية إلى ما ينبغي أن تكون عليه - منظمة تعمل على تطوير كرة القدم، وأصبحت الآن مرادفاً للشفافية والنزاهة».
لكن الآن وبعد احتجاز الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ميشيل بلاتيني، يوم الثلاثاء الماضي، فإن هذا الأمر ينضمّ إلى قائمة طويلة من الأشياء التي أخطأ فيها إنفانتينو. وفي الحقيقة، من المؤسف أن تمتد آلة الفساد لتشمل بلاتيني، الذي ربما يُعدّ أفضل لاعب في تاريخ فرنسا. وقد تم إطلاق سراح بلاتيني من دون أي تهمة، وقد نفى كل الاتهامات الموجهة إليه، قائلاً: «أشعر بأنه ليست هناك أي علاقة بيني وبين أي من هذه الأمور».
ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن قصة احتجاز بلاتيني واستجوابه لمدة 15 ساعة لم تؤدِّ إلى الضجة التي كان من الممكن أن نراها لو حدث ذلك في وقت سابق. لقد شعر المرء بأن ربيع عام 2015 كان أطول بكثير من مدته الحقيقة، إذ إنه قبل أربع سنوات من الآن عقد «الفيفا» مؤتمراً صحافياً في زيوريخ بعد إلقاء القبض على العديد من الشخصيات البارزة في الاتحاد الدولي لكرة القدم. وبعد الساعة السادسة صباحاً، وفي صباح أحد الأيام المتأخرة من شهر مايو (أيار)، تم نقلهم من فندق «بور أو لاك» بعد مداهمة بناء على طلب من السلطات الأميركية. وحظيت هذه القصة بتغطية إعلامية مكثفة.
وقالت المدعية العامة الأميركية، لوريتا لينش، في مؤتمر صحافي بنيويورك آنذاك: «كان من المتوقع أن يلتزموا بالقواعد التي تحافظ على مصداقية كرة القدم. لكنهم بدلاً من ذلك أفسدوا أعمال كرة القدم العالمية لخدمة مصالحهم وإثراء أنفسهم. لقد فعلوا ذلك مراراً وتكراراً، وعاماً بعد عام، وبطولة بعد بطولة». كما أعلن ممثلو الادعاء الفيدراليون السويسريون عن إجراءات جنائية تتعلق بمنح حق استضافة بطولة كأس العالم 2018 لروسيا وكأس العالم 2022 لقطر.
وتم الحصول على كثير من المعلومات التي استندت إليها الولايات المتحدة في قضيتها من خلال تشاك بليزر، عضو اللجنة التنفيذية السابق في الاتحاد الدولي لكرة القدم والأمين العام للـ«كونكاكاف»، الذي كان لديه أسطول من الدراجات البخارية بقيمة 29 مليون دولار، كما كان يمتلك شقة ثانية مخصصة فقط لقططه! وقد كانت هذه الشقة بالمناسبة في برج ترمب في نيويورك، الذي كان مملوكاً من قبل للرجل الذي وُصِف في ذلك الوقت بأنه «نجم متدرب وإمبراطور العقارات دونالد ترمب».
ويجب الإشارة إلى أن كثيراً من الأمور قد تغيرت في العديد من الأماكن منذ ربيع عام 2015. وقد كانت هذه الاضطرابات السياسية - التي لم تقتصر بأي حال من الأحوال على الولايات المتحدة - تصبُّ في مصلحة «الفيفا» في كثير من النواحي. وبغض النظر عما يدعيه إنفانتينو، فمن الصعب الهروب من الشعور بأنه كان من الطبيعي أن يمر الاتحاد الدولي لكرة القدم بهذه الفترة من عدم الاتزان، نظراً لأن كل شيء من حوله قد أصبح أكثر غرابة، بدءاً من رئاسة دونالد ترمب للولايات المتحدة، وصولاً إلى الفوضى التي اندلعت فيما يتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو تنامي الأنظمة المستبدة التي وصلت للحكم عبر الانتخابات، أو الأدلَّة المتنامية على محاولات التأثير على نتائج الانتخابات من قبل جهات حكومية أجنبية، أو أي من الأخبار الأخرى التي لا تزال مستعرة وتتكشف تفاصيلها بين الحين والآخر. وبالتالي، يشعر الرجال الجشعون الذين تمت مداهمة مقرهم في فندق «بور أو لاك» ببعض الراحة، لأنهم ليسوا وحدهم من تورطوا في أمور مخالفة.
وفي ذلك الوقت، أعربت كثير من الشخصيات المهمة عن غضبها بسبب ما ورد في لوائح الاتهام من قبل «الفيفا». لكن عندما ننظر إلى الأمور الآن، فإننا نعتقد أن البيان الذي أصدره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول رحيل سيب بلاتر عن رئاسة «الفيفا» كان بمثابة مفارقة مثيرة للسخرية. وقد أعلن بوتين أن ما حدث كان عبارة عن «محاولة أخرى واضحة من قبل الولايات المتحدة الأميركية لنشر سلطتها القضائية على دول أخرى. إنها محاولة واضحة لعدم السماح بإعادة انتخاب بلاتر رئيساً للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). ونحن نعرف الضغوط التي مورست عليه لكي يمنع إقامة بطولة كأس العالم 2018 في روسيا». وفي الواقع، فإننا نعرف أكثر الآن عن هذا الأمر، بعدما أصبحت عملية منح حق استضافة بطولة كأس العالم 2022 لقطر (التي صوّت عليها بلاتيني) تشكل خط بحث رئيسياً وتحقيقات جادة للمحققين الفرنسيين.
ومع ذلك، فحتى الانتخابات التي زُعم أن الرئيس الروسي قد تدخل فيها آنذاك تبدو الآن غريبة إلى حد ما، بالنظر إلى ما حدث بعد ذلك. وقيل إن بوتين قد عرض على بلاتيني إحدى لوحات الرسام العالمي بيكاسو في المقابل، وهي المزاعم التي دائماً ما ينفيها بلاتيني. لكن في ظل كل هذه الأجواء المسمومة وهجمات الأمن السيبراني (ممارسة حماية الأنظمة والشبكات والبرامج من الهجمات الرقمية، التي تهدف عادة إلى الوصول إلى المعلومات الحساسة أو تغييرها أو إتلافها أو ابتزاز المال من المستخدمين أو مقاطعة العمليات التجارية)، لم تعد الفضائح المتعلقة بـ«الفيفا» تُحدث الضجة التي كانت تحدثها في السابق.
ورغم ذلك، ستقام بطولة كأس العالم 2022 في قطر. ورغم أن إنفانتينو لم ينجح في خطته الرامية إلى إحداث مزيد من الخراب والتدمير لبطولة كأس العالم بزيادة عدد فرق البطولة إلى 48 فريقاً، فإنه مصمّم على السير في نفس الطريق وتطبيق هذا الأمر في كأس العالم 2026. ومع ذلك، تم انتخابه بالتزكية هذا الشهر، رغم مواجهة كثير من الادعاءات المالية والمزاعم المتعلقة بحقوق الرعاية منذ بداية فترة رئاسته. لقد نفى إنفانتينو كل هذه الادعاءات، ونجح في إبعاد كل الشبهات حتى الآن، وبالتالي فربما كان محقّاً في التصريحات التي أدلى بها قبل أسبوعين من الآن. ولم نعد نسمع كثيراً من الحديث عن الأزمات والفساد في «الفيفا» بعد الآن، حتى وإن كان الأمر يبدو أن هناك العديد من الأشياء التي تحتاج إلى نقاش.


مقالات ذات صلة

لويسمي: أي لاعب يتعرض لإصابة دماغية فعليه مغادرة الملعب فوراً

رياضة عالمية لويسمي لاعب ملقة الإسباني (الشرق الأوسط)

لويسمي: أي لاعب يتعرض لإصابة دماغية فعليه مغادرة الملعب فوراً

احتاج لويسمي لاعب وسط ملقة الإسباني إلى عملية جراحية بعد إصابة في الرأس في عام 2012، وقد استفاد كثيراً من التجربة المؤلمة التي أبعدته عن الملاعب لنحو ستة أشهر.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
رياضة عالمية عرض رسالة فيديو لرئيس «الفيفا» جياني إنفانتينو خلال حفل افتتاح متحف بوشكاش (إ.ب.أ)

رئيس «فيفا» يهنئ المجر على افتتاح متحف بوشكاش

تقدم جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بالتهنئة إلى الاتحاد المجري لكرة القدم على جهوده في مشروع تكريم عظماء كرة القدم على مرّ العصور.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
رياضة عالمية الاتحاد الدولي لكرة القدم (د.ب.أ)

«فيفا»: الأندية دفعت 125 مليون دولار في انتقالات اللاعبين... والسعودية وإنجلترا الأكثر إنفاقاً

أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أن أندية كرة القدم في جميع أنحاء العالم حصلت على 125 مليون دولار من الأموال المستحقة لها من انتقالات لاعبيها السابقين.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
رياضة عالمية تقنية «إف ڤي إس» ستكون إضافية لـ«الڤار» لحسم القرارات التحكيمية المثيرة للجدل (الشرق الأوسط)

«فيفا» يوسع تجارب التحديات التقنية للمدربين على غرار «الڤار»

يأمل «فيفا» في الحصول على إذن من «المجلس الدولي لكرة القدم (إيفاب)» لمواصلة تجارب «الدعم بالفيديو في كرة القدم (إف ڤي إس)»، وهو نظام بديل لـ«تقنية الفيديو».

فاتن أبي فرج (بيروت)
رياضة عالمية الاتحاد الدولي لكرة القدم (الشرق الأوسط)

«فيفا» يخطط لإصلاح شامل في نظام حكم الفيديو المساعد

يسعى «فيفا» إلى تطوير نظام بديل لـ«في إيه آر» واستبداله بنظام جديد يُدعى «إف في إس» سيسمح للمدربين بتحدي قرارات التحكيم التي يعدّونها خاطئة.

فاتن أبي فرج (بيروت)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.