العاهل المغربي يشرف على تدشين مصانع «بيجو» المندمجة للسيارات بالقنيطرة

الكلفة الاستثمارية في منظومتها الصناعية نحو ملياري دولار

العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال حفل تدشين المنظومة الصناعية المندمجة لمجموعة «بيجو - سيتروين» الفرنسية قرب مدينة القنيطرة
العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال حفل تدشين المنظومة الصناعية المندمجة لمجموعة «بيجو - سيتروين» الفرنسية قرب مدينة القنيطرة
TT

العاهل المغربي يشرف على تدشين مصانع «بيجو» المندمجة للسيارات بالقنيطرة

العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال حفل تدشين المنظومة الصناعية المندمجة لمجموعة «بيجو - سيتروين» الفرنسية قرب مدينة القنيطرة
العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال حفل تدشين المنظومة الصناعية المندمجة لمجموعة «بيجو - سيتروين» الفرنسية قرب مدينة القنيطرة

ترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس، مساء الخميس، بالمنطقة الصناعية المندمجة «أتلانتيك فري زون» قرب مدينة القنيطرة (شمال الرباط)، حفل تدشين المنظومة الصناعية المندمجة للمجموعة الفرنسية «بيجو - سيتروين» (بي إس إيه) بالمغرب، والتي تضم مصانع المجموعة للسيارات ومحركات السيارات الحرارية والكهربائية، بالإضافة إلى مصانع 27 من مموني ومجهزي صناعة السيارات من 10 جنسيات. كما يتضمن المشروع مركزاً للبحث والتنمية يشغل 2300 مهندس.
وبلغت القيمة الإجمالية للاستثمارات التي استقطبتها هذه المنظومة الصناعية حتى الآن زهاء ملياري دولار، موزعة بين مصانع «بيجو - سيتروين» بنحو 316 مليون دولار، والممونين والمجهزين المصنعين لأجزاء وقطع السيارات بنحو 1.68 مليار دولار.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمصنع «بيجو» الجديد للسيارات 100 ألف سيارة في السنة، والتي سيتم إنتاج محركاتها أيضاً بالمصنع نفسه، الشيء الذي سيرفع نسبة إدماج المكون المحلي في السيارات التي سينتجها المصنع الجديد إلى مستوى غير مسبوق في صناعة السيارات بالمغرب، يناهز 80 في المائة.
كما أشرف العاهل المغربي بالمناسبة نفسها على إعطاء انطلاقة أشغال توسعة مستقبلية لهذا المركب الصناعي، والتي تهدف إلى مضاعفة طاقته الإنتاجية في أفق 2023.
وخلال حفل التدشين، قدمت مجموعة «بيجو - سيتروين» عرضاً حول مختلف مراحل إنجاز المنظومة الصناعية للمجموعة بالمغرب، منذ التوقيع على الاتفاقية الاستراتيجية بين المغرب ومجموعة «بيجو - سيتروين» في 19 يونيو (حزيران) 2015. وتشمل هذه المراحل، إضافة إلى إنجاز الاستثمار الخاص لمجموعة «بيجو – سيتروين»، جلب كثير من الممونين والمجهزين للاستثمار بالمغرب، في مجال صناعة قطع وأجزاء السيارات التي ستستعملها مصانعها بالقنيطرة.
وفي كلمة بالمناسبة، أوضح مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي، أن المجموعة الفرنسية «بيجو – سيتروين» استثمرت 3 مليارات درهم (316 مليون دولار)، وتعتزم استثمار مبلغ مماثل في مشروعاتها المستقبلية، موضحاً أنه تم إحداث المصنع الجديد بالقنيطرة لإنتاج سيارات ذات محرك حراري، وأخرى بمحرك كهربائي، معززاً بذلك الطموح الصناعي للمغرب، وتطلعه ليصبح نموذجاً على مستوى القارة في مجال التنمية المستدامة.
وأضاف العلمي أن «النتائج المسجلة حتى الآن بفضل تمركز (بيجو – سيتروين) بهذه المنطقة مهمة للغاية»، مشيراً في هذا السياق، إلى أن السيارات المنتجة بالمصنع الجديد «بيجو - سيتروين - القنيطرة» ستستفيد من نسبة إدماج تفوق 60 في المائة، إذ يرتقب أن تصل إلى 80 في المائة في الأجل المنظور وفق مخطط تطوير المشروع، مشيراً إلى أن 27 مصنعاً جديداً من 10 جنسيات مختلفة قد استقرت بالقنيطرة، وأن مركز البحث والتنمية الذي كان من المرتقب أن يشغل، مبدئياً، 1500 مهندس وتقني عالي، يشغل اليوم 2300 مستخدم، 85 في المائة منهم مهندسون.
وإضافة إلى تزويد مصانعها في القنيطرة محلياً بالقطع والأجزاء المصنعة في المغرب، أوضح العلمي أن «بيجو» التزمت في إطار اتفاقيتها الاستراتيجية مع المغرب باقتناء زهاء مليار دولار من الأجزاء والقطع المصنعة محلياً، لاستعمالها في مصانعها خارج المغرب، وذلك في سياق دعم مساعي المغرب لتطوير النسيج الصناعي المحلي لأجزاء السيارات، عبر إيجاد منافذ تصدير لمنتجاته. وأشار العلمي إلى أن مشتريات «بيجو – سيتروين» من المغرب في هذا الإطار بلغت 770 مليون دولار خلال سنة 2018، مؤكداً أن مشتريات المجموعة من قطع الغيار وأجزاء السيارات تتجه إلى تجاوز هدف مليار دولار قبل 2025.
وفيما يخص تصدير السيارات والقطع والأجزاء التي ستنتجها المنظومة الصناعية لمجموعة «بيجو – سيتروين» في المنطقة الحرة بالقنيطرة، أوضح العلمي أنها ستستفيد من تحرير خط السكة الحديد الرابط بين القنيطرة وطنجة، والذي أصبح متاحاً مع انطلاق خط القطار فائق السرعة بين الدار البيضاء وطنجة عبر الرباط والقنيطرة، والذي تحول إليه رواج المسافرين وأخلى السكة أمام تطوير رواج السلع والبضائع، بما فيها منتجات مصانع منطقة الصناعة الحرة بالقنيطرة، الموجهة للتصدير عبر ميناء طنجة المتوسط.
من جانبه، أكد جان كريستوف كيمار، نائب المدير التنفيذي لـ«بي إس إيه» بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن الرؤية التي يتبناها العاهل المغربي «لتطوير منظومات اقتصادية فعالة، أضحت واقعاً بالنسبة لمجموعة (بيجو – سيتروين) بكافة مكوناتها، انطلاقاً من تلك التي تحظى بالأهمية الأكبر: التكوين المهني للرجال والنساء الذين سيصنعون مستقبل صناعة السيارات، مع آفاق مهنية واسعة وغنية داخل فرع المجموعة بالمغرب».
وذكَّر كيمار، بهذه المناسبة، بأن المغرب، وأكثر من أي وقت مضى «يقع في قلب استراتيجية نمو مجموعة (بيجو – سيتروين) التي تعد اليوم من بين أكثر مصنعي السيارات نجاحاً بالعالم»، مضيفاً: «اختارت مجموعتنا المغرب لاحتضان مركز القرار الجهوي الخاص بها، كما اختارته لتطوير مركز (بيجو – سيتروين) للبحث والتطوير المندمج في الشبكة العالمية للمجموعة».
وتميز هذا الحفل، الذي حضره كثير من رؤساء المجموعات الصناعية من أوروبا وآسيا وأميركا الذين اختاروا الاستثمار في المغرب، بالكشف عن سيارة «بيجو 208» الجديدة، التي تم إنتاجها بمصنع القنيطرة.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».