تصعيد إرهابي في منطقة الساحل الأفريقي

هجمات تركزت في بوركينا فاسو وشملت مالي المجاورة

جنود فرنسيون قبل انطلاق عملية «برخان» ضد المتشددين في منطقة غورما وسط مالي (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون قبل انطلاق عملية «برخان» ضد المتشددين في منطقة غورما وسط مالي (أ.ف.ب)
TT

تصعيد إرهابي في منطقة الساحل الأفريقي

جنود فرنسيون قبل انطلاق عملية «برخان» ضد المتشددين في منطقة غورما وسط مالي (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون قبل انطلاق عملية «برخان» ضد المتشددين في منطقة غورما وسط مالي (أ.ف.ب)

ارتفعت حصيلة الهجمات المسلحة في منطقة الساحل الأفريقي خلال الأيام الأخيرة لتصل إلى أكثر من ستين قتيلاً من المدنيين، وقد وقعت هذه الهجمات في المثلث الحدودي الرابط بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، الذي يوصف بالمنطقة الملتهبة في شبه المنطقة. وكان وزير الدفاع في بوركينا فاسو شريف سي، قد أعلن أن مسلحين من إحدى الجماعات الإرهابية قتلوا 17 مدنيا في هجوم جرى ليلة الأربعاء الماضي على إحدى القرى في شمال البلاد، وقال الوزير في بيان صحافي إن «مجموعة إرهابية مسلحة نفذت هجوما ضد مدنيين في قرية بيليهيدي وتسببت في مقتل 17 شخصا».
من جهته عزز الجيش المالي حضوره في المنطقة الحدودية مع بوركينا فاسو، وخاصة في قرى تقطنها قبائل «الدوغون» المتصارعة مع قبائل «الفلاني»، في توتر عرقي تصاعد مؤخراً بعد دخول جماعات إرهابية على الخط، بعضها يتبع للقاعدة والآخر لـ«تنظيم داعش».
وتعرّضت قريتان على الحدود مع بوركينا فاسو، يوم الاثنين الماضي إلى «هجمات إرهابية» أسفرت عن سقوط 38 قتيلاً وعدد كبير من الجرحى، وفق ما أعلنت الحكومة المالية في «حصيلة رسمية»، وأضافت الحكومة أنه «تم نشر قوات الدفاع والأمن في الموقع لحماية السكان وممتلكاتهم وتعقّب منفذي هذه الهجمات».
وقال نائب عن المنطقة إن «الوضع كان هادئاً أثناء الليل. لكن بعد حدث من هذا النوع، يشعر السكان بطبيعة الحال بالخوف»، وأضاف المسؤول الذي فضل حجب هويته: «علمنا أن الجيش سيعزز وجوده اليوم في المنطقة. إنه أمر جيّد إذا حصل».
وعبّر أميدو مايغا، وهو موظف متقاعد من سكان منطقة كورو التي تتبع لها إدارياً القريتان المستهدفتان، عن استغرابه لتمكن المهاجمين من الوصول بأعداد كبيرة على الدراجات النارية، رغم حظر التجوّل في المنطقة.
وكان الرئيس المالي أبو بكر كيتا قد أصدر منذ عدة أشهر قراراً بمنع التجول على متن الدراجات النارية في هذه المنطقة، لأنها تستغل من طرف الإرهابيين للتحرك بخفة وسرعة وشن هجمات خاطفة ضد الجيش والمدنيين، والاختباء بعد ذلك في الغابات؛ وجدد الرئيس المالي قراره الأسبوع الماضي.
وقال موظف محلي في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: «السكان يشعرون بالخوف. هناك نقطة عسكرية متقدّمة على بعد ثلاثين كيلومتراً من يورو. يجب تعزيزها»، وكان التوتر العرقي في هذه المنطقة قد وصل إلى ذروته في مارس (آذار) الماضي عندما نفذت مجموعة من الصيادين التقليديين «الدوغون» مذبحة ضد «الفلاني» راح ضحيتها 160 مدنياً أغلبهم من الأطفال وكبار السن.
وتسعى الجماعات الإرهابية إلى استغلال التوتر العرقي لإظهار الدول الوطنية فاشلة في حل هذه المعضلة وتوفير الأمن للمواطنين، وذلك من أجل إقامة مشروعها المتمثل في تأسيس إمارة تطبق تفسيراً متشدداً للشريعة.
وأمام تصاعد التوتر الأمني في منطقة الساحل الأفريقي، دعا مفوض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي، إسماعيل شرقي، دول الاتحاد إلى التصدي لأسباب التطرف منددا بانتشار «الإرهاب» في منطقة الساحل.
وتسببت الاضطرابات في زعزعة استقرار منطقة الساحل بأكملها في غرب أفريقيا، مع إخفاق الجيوش الوطنية وقوات خاصة من دول غربية وبعثة الأمم المتحدة المؤلفة من 15 ألف جندي في السيطرة على الوضع.
وتشير التقارير الصحافية في المنطقة إلى أن «اثنتين من هذه الجماعات تثيران قلقا خاصا»، الأولى هي جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، وهي تابعة لتنظيم «القاعدة» وأعلنت مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع في مارس 2018، على السفارة الفرنسية في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو، وعلى قوات البلد ذاته القريبة من قرية تويني في ديسمبر (كانون الأول) 2018.
أما المجموعة الأخرى فهي «أنصار الإسلام» التي تشكلت عام 2016، وحصلت على دعم من «القاعدة» و«داعش» في الصحراء الكبرى. ورغم أن الجماعات الإرهابية لم تسيطر على أراض في وسط مالي، فإنها تمكنت من إنشاء قواعد للهجوم على القرى والبلدات القريبة. وبدأ التمرد في منطقة الساحل بعد الفوضى التي عمت ليبيا في 2011. ووقعت هجمات إرهابية في شمال مالي فيما برزت جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا.
وتمكن الجيش الفرنسي من طرد المسلحين من مناطق مترامية في مالي، لكنهم توسعوا في بوركينا فاسو والنيجر، فيما تتصدى تشاد لاضطرابات على حدودها. وتعاني قوة الساحل من نقص في التمويل والتدريب والافتقار للتجهيزات.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».