سنوات السينما

محمد بكري في «عيد ميلاد ليلى»
محمد بكري في «عيد ميلاد ليلى»
TT

سنوات السينما

محمد بكري في «عيد ميلاد ليلى»
محمد بكري في «عيد ميلاد ليلى»

- عيد ميلاد ليلى (2004)
- أبو ليلى يراقب غزة
فقط قبل خروج أبو ليلى من الباب في صباح يوم جديد لكي يعمل على سيارة شقيق زوجته، كسائق تاكسي، تذكّره هذه ألا ينسى أن اليوم يوم عيد ميلاد ابنتهما ليلى.
التذكير يعمل داخل عقل أبو ليلى (محمد بكري) طوال الوقت، لكن المفارقات التي يتعرّض إليها في ذلك اليوم «العادي» تكاد تنسيه وحين يتذكّر تكاد المفارقات والظروف أن تمنعه من التنفيذ ولأسباب لا علاقة له مباشرة بها.
هذا الفيلم المبني على فكرة بسيطة من بين أعمال المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي التي صوّرها في غزة والتي تميّـزت بوضع مسافة بين الحكاية وبين المباشرة السياسية من دون إغفال جوانب الوضع القائم. مشهراوي مخرج تعامل والفيلم الروائي دائماً على أنه نسيج لحياة عليه أن يلتقط منها أنفاساً وقصصاً وشخصيات بسيطة ومتواضعة٠
يترك أبو ليلى البيت ويبدأ بالتقاط الزبائن (أو هي تلتقطه): امرأة لا تعرف إذا ما كانت تريد الذهاب إلى المقبرة حيث دُفن زوجها أو إلى المستشفى لعلاج. رجل يركب لجانب السائق ويرفض ربط الحزام، ثم ينسى هاتفه النقال في السيارة. شاب خرج من السجن حديثاً سنراه لاحقاً يرقب أبو ليلى في صمت وقد فقد أبو ليلى أعصابه وانهال على الناس بالنقد. شاب وفتاة لا يعرفان طريقة للاختلاء إلا باستئجار سيّارته. الراكب الوحيد الذي شعر أبو ليلى بارتياح معه سيّدة مسيحية تقصد الانتقال من رام الله إلى مكان آخر عبر الحواجز الإسرائيلية.
لكن أبو ليلى، يكرر ذلك في الفيلم، لا يقترب من تلك الحواجز. لا يريد أن يراها. يكفيه صوت المروحية الإسرائيلية وهي تطير فوق المدينة. وفي إحدى المرات ربما تكون قصفت سيارة لاغتيال من فيها.
لجانب تصويرها وضعاً قائماً فإن معالجة المخرج لما يوفره من مفارقات مرتبطة بأبو ليلى وسيارته لا تفتقر إلى الفكاهة والنكتة والمعالجة المعتمدة على ملاحظة المجتمع. مثلاً ذلك المشهد الذي يأخذ البعض سيارته ليقودوها صوب أحد المستشفيات بينما كان يحتسى القهوة في أحد المقاهي. في مرّة ثانية، يخرج من محل الحلوى ليجد أن سيّارته زيّنت بعدما اعتقدها البعض أنها واحدة من سيارات عرس حاصل.
في المجمل أبو ليلى، الرجل المحبب والبسيط عليه أن يتحمّل قدر استطاعته، وحين لا يفعل ينفجر بالناس ثم ينظر فوقه حيث المروحية (نسمعها ولا نراها) ليصب جام غضيه على الهيمنة التي تجسّدها وترمز إليها. فيلم مشهراوي بانوراما لما لم يعد محتملاً إنما من دون عنف ومجازر وبل من دون تصوير جندي واحد. وهو يصل إلى ما يريد الوصول إليه وأكثر.
يعمد مباشرة إلى البقاء في إطار القصّة الفردية وامتدادها العائلي. أبو ليلى الذي لا يجد سوى أذناً صمّاء من المسؤولين بخصوص طلبه تعيينه في مجال عمله، يعمل جدّياً على كبح غيظه من كل تلك الأخطاء التي يرى مجتمعه يتخبّط بها، لكنه يعلم مصدرها ولذلك المشهد الذي ينظر فيه إلى السماء ويصرخ ضد كبح الداخل وأخطائه بالمواكبة مع تلك الناتجة عن التجاذب غير المجدي بين الفلسطينيين والإسرائيليين. كلاهما، حسب الفيلم، منعا الناس من العيش الطبيعي وفشلا في الوصول إلى حل لأزمة أبو ليلي وأمثاله.
مشهراوي في كل ذلك، يعرف كيف يواكب طبيعة القصّة البسيطة بتصوير هادئ (وجيد) بسيط. وكيف يبقى عقلانياً يترك خيطاً ويمسك بآخر لكنه لا يدع أي خيط من خيوط الأحداث يفلت من يده٠
تيارات


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

البحرية الأميركية تهدي توم كروز أعلى وسام مدني

توم كروز مع الجائزة (أ.ب)
توم كروز مع الجائزة (أ.ب)
TT

البحرية الأميركية تهدي توم كروز أعلى وسام مدني

توم كروز مع الجائزة (أ.ب)
توم كروز مع الجائزة (أ.ب)

حصل الممثل توم كروز على أعلى وسام مدني من البحرية الأميركية، اليوم الثلاثاء، عن «مساهماته الفنية المتميزة في البحرية ومشاة البحرية» في فيلم «Top Gun» وأفلام أخرى.

ووفقاً لـ«رويترز»، حصل كروز، في أثناء عمله بالمملكة المتحدة، على جائزة الخدمة العامة المتميزة من وزير البحرية الأميركي كارلوس ديل تورو في حفل أقيم في استوديوهات لونغ كروس بالقرب من لندن.

وقال الممثل البالغ من العمر 62 عاماً إنه فخور بتلقي «التقدير الاستثنائي» الذي جاء مع ميدالية وشهادة.

وقال كروز: «أنا معجب بكل العسكريين... أعرف أن القيادة تعني الخدمة، وأرى ذلك في العسكريين».

ومن جهتها، قالت البحرية إن كروز «زاد من الوعي العام والتقدير لأفرادنا المدربين تدريباً عالياً والتضحيات التي يقدمونها في أثناء ارتداء الزي العسكري».

لقد حقق فيلم «Top Gun» الذي صدر عام 1986 نجاحاً كبيراً، وهو يدور حول أبطال الطيران في أثناء الحرب الباردة وجعل من كروز نجماً، كما أدى إلى زيادة كبيرة في أعداد الملتحقين بالجيش.

تجدد الاهتمام بالفيلم عام 2022 «Top Gun: Maverick»، حيث قام كروز بإلهام جيل جديد من الطيارين النخبة.

وقالت البحرية إن الفيلم التكميلي «أعاد الحنين إلى الجماهير الأكبر سناً فيما استهدف بشكل كبير اهتمام الجمهور الأصغر سناً بالمهارات والفرص التي يمكن أن توفرها البحرية».