رئيس الحكومة يفاجئ النواب بمشاركته في اجتماع لجنة المال

TT

رئيس الحكومة يفاجئ النواب بمشاركته في اجتماع لجنة المال

فاجأ رئيس الحكومة سعد الحريري النواب بحضوره اجتماع لجنة المال النيابية، المنكبّة على مناقشة ودرس مشروع موازنة عام 2019. وشكّلت الزيارة سابقة إيجابية، كونها المرّة الأولى التي يشارك رئيس حكومة في اجتماعات هذه اللجنة، ما أعطاها جرعة دعم، وحافزاً على الإسراع في إقرار الموازنة وإحالتها إلى الهيئة العامة لمجلس النواب لإقرارها بقانون خلال أسبوعين كحدّ أقصى ووضعها موضع التنفيذ. إلا أن خبراء اقتصاد ربطوا الزيارة بقلق الحريري من تعديلات تدخلها اللجنة على الموازنة، تؤدي إلى تطيير بنود تؤمّن إيرادات مالية للخزينة، وخوفه من ارتفاع عجز الموازنة أكثر من نسبة 7.59% التي حددتها الحكومة.
وشارك الحريري في النقاشات، واستمع إلى آراء النواب حول البنود التي تضمّنها مشروع الحكومة، وأوضحت مصادر مقرّبة من الحريري لـ«الشرق الأوسط»، أن «انضمام رئيس الحكومة إلى اللجنة يهدف إلى أمرين: الأول، الإسراع في إقرار الموازنة ووضع مقررات مؤتمر (سيدر) موضوع التنفيذ. والثاني، تثبيت عجز الموازنة في حدود الـ7.59%، حتى لا نعود إلى المرّبع الأول»، مشيرةً إلى أن الحريري «عبّر عن إصراره على استكمال الإصلاحات، وعدم إدخال بنود إنفاق جديدة ترفع العجز وتضرب مصداقية لبنان أمام المجتمع الدولي».
وأعلن رئيس مجلس الوزراء في تصريح من المجلس النيابي، أنه قام بزيارة «دعم للجنة المال»، وقال: «هناك نقاش إيجابي يحصل في مجلس النواب، وهدفنا جميعاً المحافظة على نسبة العجز في الموازنة»، معتبراً أن «لبنان مرّ بمرحلة انقسامية صعبة وتمكنّا من المحافظة على البلد وأخذنا قرارات صعبة، واليوم علينا اتخاذ قرارات صعبة اقتصادية، تكون إصلاحية وتنفع شباب لبنان وتؤمّن الاستمرارية في الاقتصاد». وأكد أن «التعاون بين المجلس النيابي والحكومة قائم ويجب أن نكون إيجابيين»، مشدداً على «عدم البحث عن السلبيات من أجل تحصين أنفسنا في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة»، داعياً إلى «الإبقاء على الإصلاحات في الموازنة والمحافظة على نسبة العجز المحقَّقة»، متخوفاً في الوقت نفسه «من تخفيض التصنيف الائتماني للبنان».
بدوره، أوضح عضو لجنة المال والموازنة النائب نزيه نجم، أن الحريري «شارك بصفته النيابية وجلس بين زملائه النواب، وأعطى جرعة دعم قوية للجنة وعملها». وأكد نجم لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس الحكومة «استمع إلى مداخلات وزير المال (علي حسن خليل) ورئيس اللجنة (إبراهيم كنعان) وعدد من النواب المنتمين إلى كتل مختلفة، وكان متفهماً لوجهات نظرهم، لكنه لفت إلى أهمية الإسراع في إقرار الموازنة لإنقاذ الاقتصاد والمضيّ في تطبيق مقررات مؤتمر (سيدر)، وإقرار المواد التي تنعش الاقتصاد».
ويبدو أن كلّ القوى السياسية متفقة على أهمية الإصلاحات في بنية الاقتصاد اللبناني، ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الجميع إلى «الالتزام بالإصلاح وبآلية التعيينات المتفق عليها، لأن الكلّ في مركب واحد». وقال خلال «لقاء الأربعاء» النيابي: «نحن بأمسّ الحاجة إلى حالة طوارئ اقتصادية وإصلاحية للنهوض بالبلد»، معتبراً أن «كلفة الصفقات هي أغلى بكثير من الإصلاحات».
لكنّ مشاركة رئيس مجلس الوزراء في اجتماع لجنة المال والموازنة لها تفسيرات أخرى لدى أهل الاختصاص وتعبّر عن قلقٍ ما، إذ اعتبر الخبير المالي والاقتصادي الدكتور غازي وزنة، أن «قلق الحريري ينبع من أمرين، الأول خوفه من تطيير بعض البنود التي تجبي أموالاً للخزينة، أبرزها إلغاء اقتطاع ضريبة 3% على رواتب موظفي الدولة المتقاعدين، والأهم إلغاء رسم 2% على الاستيراد، الذي يؤمّن نحو 260 مليون دولار سنوياً، وهذا ما يهدد برفع العجز إلى 8.1%».
ولاحظ وزنة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الحريري «شارك في اجتماع اللجنة عند بدء البحث برواتب السلك العسكري، ورسم الـ2% على الاستيراد، لمطالبة النواب بأن يكونوا موضوعيين، ولتحديد سقف زمني للجنة لإقرار الموازنة قبل نهاية الشهر الحالي، وإنجازها في الهيئة العامة في الثالث والرابع من شهر يوليو (تموز) المقبل».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».