تُقدر صناعة الجمال بالمليارات. ورغم تأثيرها الغامر وحجم الإقبال عليها، فإنها تُبالغ أحياناً بالوعود، وطرح منتجات تدعي أنها «فائقة الإعجاز». وفي الجهة المقابلة، بدأنا نلاحظ دخول أطباء وجراحين وصيادلة هذه الصناعة متسلحين بالعلم، وفي كثير من الأحيان بوصفات الأجداد. وفيما تبقى مستحضرات التجميل جذابة مغرية، فإن المنتجات التي تباع في الصيدليات تبقى وجهة التواصل الأولى، فيما يتعلق بتوفير الحلول الطبية الخاصة بمشكلات «حبّ الشباب» و«الأكزيما» وغيرهما. والمأخذ عليها، رغم فعاليتها، أنها حلول إكلينيكية ووظيفية خالية من البريق والشكل الجميل، وبالتالي تحتاج إلى التغليف الجذاب والرائحة الطيبة التي تُحسن المزاج. لهذا ليس غريباً أن نرى شركات منتجات العناية بالتجميل تعود إلى بعض هذه العناصر المتوارثة، وتُدخلها في منتجاتها التجارية العصرية. ومن هذه المواد:
- الفضة: 781388266
وهي العلاج التاريخي لمشكلات «حبّ الشباب» و«الطفح الجلدي». وتتكون من جسيمات متناهية الصغر من هيدروسول الفضة (أو أيونات الفضة) المعلقة في مياه ذات استخدامات دوائية.
واكتشف الرومانيون القدامى فوائدها على البشرة بمحض الصدفة، حيث كانوا يخزنون المشروبات في جرار مصنوعة من الفضة لمنع تلفها، ويضعون العملات الفضية في الحليب للمحافظة عليه طازجاً. وفي ثلاثينات القرن العشرين، كان الأطباء يستخدمون الفضة لخصائص التنقية، ومكافحة البكتيريا، قبل اكتشاف المضادات الحيوية. واليوم، لا تزال ضمادات الجروح المنقوعة في الفضة مستخدمة على نطاق واسع في علاج الجلد المتضرر بشدة، للاستفادة من خصائصها المضادة للميكروبات.
أما استخدامها في العناية بالبشرة، فيتم باستخدام الفضة الصمغية (الغروانية) في تلطيف الجلد الملتهب، ومحاربة البكتيريا، من دون قتل الميكروبيومات الطبيعية (أي الميكروبات المتعايشة مع جسد - جلد الإنسان). ولديها فعالية خاصة في معالجة آثار الإجهاد المؤكسد، وعلاج «حبّ الشباب».
- الشوفان
له استخدامات فائقة في الترطيب، وإعادة بناء الحاجز الواقي للبشرة، والحد من الحكة، وتهدئة الالتهابات. ويُعتقد بأن استخدام الشوفان في العناية بالبشرة يرجع إلى القرن السابع عشر. وتمت في عام 1945 صناعة أول شوفان صمغي (غرواني)، وخضع للأبحاث، وثبتت فوائده في تحسين صحة الجلد، والتقليل من الحكة. وفي عام 2003، صادقت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية على الشوفان الصمغي (الغرواني)، باعتباره من المواد الواقية للبشرة، بصورة رسمية. ويكتنز الشوفان كثيراً من الدهون والبروتينات، مما يعني أنه يحمل كميات وفيرة من المرطبات الطبيعية، ويشكل واقياً طبيعياً للبشرة. كما أنه من المواد الغنية بمضادات الأكسدة، ويساعد في الحماية من المواد الضارة المتطايرة.
- الأذريون الطبي (البكورية الطبية)
أحد نباتات الأقحوان، ويعتبر العلاج الأفضل لمشكلات «جفاف الجلد» و«الطفح الجلدي»، وكان يُستخدم في اليونان وروما والبلدان العربية قديماً لخصائصه الطبية، وفي علاج أي شيء، من لدغات العقارب إلى الحروق. كما كان يستخدم أيضاً في أثناء الحرب الأهلية الأميركية، وفي أثناء الحرب العالمية الأولى. وكانت زهور وبتلات زهرة الماريغولد التي يُستخرج منها توضع على الجروح المفتوحة من أجل التطهير وتسريع التئام الجروح.
والآن، يُستخدم في العناية بالبشرة، لاحتوائه على مركبات الفلافونيد، وعلى حمض اللينوليكن، وكلاهما يساعد في مكافحة الالتهابات. كما أن له خصائص مضادة للبكتيريا. وتتجمع هذه الخصائص سوياً لعلاج جفاف البشرة والبشرة التالفة، وهي مفيدة بصورة خاصة في البشرة الحساسة أو البشرة الملتهبة.
- نبات السنتيلا (كينتيللا):
نبات عشبي موطنه الأصلي في قارة آسيا، وغالباً ما يستخدم في الأيورفيدا (منظومة تعاليم الطب التقليدي الهندي القديم)، و«كينتيللا» هو الاسم الشائع لهذه النبتة في سريلانكا، التي لها تاريخ طويل من الاستخدام في الطب التقليدي. وكانت تعتبر في اليونان القديمة من العلاجات المفيدة لمرض الجذام. وفي بدايات القرن التاسع عشر الميلادي، شرع الأوروبيون في استخدام نبات السنتيلا في علاج الحروق والجروح. وفي تعاليم طب الأيورفيدا الهندية، والطب التقليدي الصيني، يُعتقد أن نبتة السنتيلا تساعد في علاج مشكلات البشرة، مثل «الأكزيما» و«التهاب الجلد»، بالإضافة إلى المشكلات الداخلية بالجسم، مثل قرحة المعدة، والتهاب الشعب الهوائية، وفقر الدم. وفي فلسفة اليوغا الهندية، يُعتقد بأن نبتة الكينتيللا تعمل على تحسين تاج الشاكرا لتعزيز حالات التهدئة والتأمل، وتلطيف التوتر والقلق الداخلي. وكثيراً ما تمضغ الأفيال في سريلانكا أوراق ولحاء نبتة السنتيلا، وهي تعتبر من أطول الثدييات عمراً على وجه البسيطة.
والآن، تُستخدم في العناية بالبشرة لفائدتها في تحسين الدورة الدموية، وتعزيز مستويات الكولاجين، كما لدورها في تقوية بنية الجلد، وتحسين مرونته. ولأنها أيضاً غنية بمضادات الأكسدة، فإنها تساهم في مكافحة العوامل البيئية الضارة، وهي من أفضل المصادر الطبيعية في التعامل مع الأعراض المرئية للأكزيما، وداء الصدفية، والأوردة، والندبات أيضاً.
- نبتة «جينسينغ»
تُزرع على نطاق كبير في الصين واليابان وكوريا وروسيا. واسمها العلمي النباتي هو «باناكس»، وهي لفظة مشتقة من الكلمات الإغريقية «بان»، وتعني «الجميع»، و«أكسوس»، وتعني «العلاج». ولذلك، يمكن ترجمتها حرفياً، لتعني «الترياق الشافي للأمراض كافة» أو «الدواء لكل داء». وقد كان مستخدماً لعدة قرون في الطب التقليدي الصيني لعلاج كل شيء تقريباً، من أمراض الجهاز التنفسي إلى تعزيز المعرفة والإدراك. ولا يزال قيد الاستخدام على نطاق واسع في الطب التقليدي الصيني لإزالة السمية من الجسم، والنقاهة بعد الشفاء من الأمراض. وأظهرت الأبحاث الإكلينيكية أن نبات الجينسينغ يحاكي نظام المناعة في الجسم، ويقلل من الإجهاد، ويحسن الطاقة والقدرة على التحمل، في حين أنه يدعم الغدد الكظرية، ويساعد الجلد في التعافي من التلوث البيئي.
ويُستخدم الآن في العناية بالبشرة، باعتباره يُعزز عوامل التوازن الطبيعية للجلد، ويُنشط الدورة الدموية، ويُحفز البشرة على التجدد، وإعادة بناء الخلايا. وتساعد الخصائص المضادة للأكسدة فيه على الحد من التلف الناجم عن الأيونات الحرة، الأمر الذي يحمي البشرة، ويُضفي عليها نضارة وإشراقاً.
علاجات قديمة تعود لإنعاش البشرة
فضة لتنقية البشرة... شوفان لتغذيتها وأقحوان لترطيبها
علاجات قديمة تعود لإنعاش البشرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة