مرسي يُدفن بجوار مرشدي «الإخوان»... ومصر ترفض اتهامات الإهمال

تأجيل قضية «اقتحام السجون» إلى نهاية الشهر بسبب وفاة الرئيس الأسبق

رجال أمن يحرسون «مقبرة المرشدين» التي دُفن فيها الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي بمدينة نصر أمس (رويترز)
رجال أمن يحرسون «مقبرة المرشدين» التي دُفن فيها الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي بمدينة نصر أمس (رويترز)
TT

مرسي يُدفن بجوار مرشدي «الإخوان»... ومصر ترفض اتهامات الإهمال

رجال أمن يحرسون «مقبرة المرشدين» التي دُفن فيها الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي بمدينة نصر أمس (رويترز)
رجال أمن يحرسون «مقبرة المرشدين» التي دُفن فيها الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي بمدينة نصر أمس (رويترز)

وسط إجراءات أمنية وصفها أفراد من أسرته ومحاميه بـ«المشددة»، دُفن الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، في الساعات الأولى من فجر أمس، في مقابر «الوفاء والأمل»، بمدينة نصر (شرق القاهرة) التي تضم رفات عدد من مرشدي تنظيم «الإخوان» (تصنفه السلطات إرهابياً)، وتُعرف في أوساط الجماعة باسم «مدافن المرشدين».
يأتي ذلك فيما رفضت «الهيئة العامة للاستعلامات» (التابعة للرئاسة المصرية)، أمس، اتهامات أطلقها مسؤولون بمنظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية بشأن «إهمال في الرعاية الصحية لمرسي أدى إلى وفاته»، واعتبرت الهيئة أن ما قالوه «ادعاءات ومزاعم بلا أدلة»، فضلاً عن وصفها بـ«الاستغلال السياسي».
وتضاربت الأنباء بعد وفاة مرسي المفاجئة، مساء أول من أمس، بشأن موقع دفنه، وقال نجله إن «جهات أمنية (لم يحددها) رفضت دفنه بمقابر الأسرة في الشرقية»، لكنه عاد وأفاد بأنه تم «تغسيل جثمانه (...) بمستشفى سجن ليمان طرة (جنوب القاهرة)، والصلاة عليه داخل مسجد السجن، ولم يصلِّ عليه إلا أسرته، وتم الدفن بمقابر مرشدي الإخوان بمدينة نصر».
وشغل مرسي الذي رحل عن عمر يناهز 68 عاماً، سدّة الحكم في مصر منذ يونيو (حزيران) 2012 لمدة عام واحد، وعُزل من منصبه بعد مظاهرات شعبية حاشدة ضد استمراره وتنظيم «الإخوان» في السلطة.
والمقابر التي ووري فيها مرسي، تضم عدداً من مرشدي الجماعة أبرزهم محمد حامد أبو النصر، ومصطفى مشهور، وكان أحدث مَن دُفن فيها من المرشدين مهدي عاكف الذي توفّي في سبتمبر (أيلول) 2017، وكان محتجزاً أيضاً على ذمة اتهامه في قضايا عدة.
في السياق ذاته، أجّلت محكمة جنايات القاهرة نظر القضية المعروفة إعلامياً بـ«اقتحام السجون» وهي التي شهدت واقعة وفاة مرسي، أول من أمس، إلى 29 يونيو الجاري، وطلبت من النيابة العامة إحضار شهادة وفاة مرسي باعتباره من المتهمين في القضية التي تعاد وقائع المحاكمة فيها للمرة الثانية.
وكان مرسي قد نال في الجولة الأولى من المحاكمة عقوبة الإعدام، لكنّ محكمة النقض ألغتها مع عقوبات لمتهمين آخرين في القضية نفسها، وبدأت دائرة جديدة في محكمة الجنايات نظر القضية للمرة الثانية، وهي الجولة التي توفي خلالها الرئيس الأسبق.
وبوفاة مرسي، سيصدر الحكم في القضية متضمناً «انقضاء الدعوى» بالنسبة إليه بسبب وفاته، وتنسب التحقيقات إلى المتهمين ارتكاب جرائم «قتل 32 من قوات التأمين والمسجونين بسجن أبو زعبل، و14 من سجناء سجن وادي النطرون، وأحد سجناء سجن المرج، وتهريبهم لنحو 20 ألف مسجون من السجون الثلاثة السابقة، فضلاً عن اختطاف 3 من الضباط وأمين شرطة من المكلفين بحماية الحدود، واقتيادهم عنوة إلى قطاع غزة».
وجلبت وفاة مرسي تعليقات محلية ودولية بشأن ملابساتها، لكن «هيئة الاستعلامات المصرية»، اختصت بالرد على تغريدات بثّتها سارة ليا واتسون، رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة «هيومن رايتس ووتش» بشأن ملابسات وفاة مرسي، وقالت إنها «تضمنت ادعاءات واهية تؤكد مواصلة (تدوير الأكاذيب) الذي اتخذته المنظمة منهجاً، وأنها استباق مغرض للأحداث بدوافع سياسية».
وفندّت «الاستعلامات» التغريدات وقالت إنه «من المثير للدهشة أن واتسون نشرت أولى تغريداتها بعد أقل من 30 دقيقة من إعلان وفاة الرئيس المعزول، وخلصت فيها إلى أنه تُوفي نتيجة للإهمال الطبي، رغم عدم تقديمها أي أدلة أو معلومات تثبت مزاعمها، حيث إن المعلومات الوحيدة الموثوقة التي صدرت في هذا الشأن كان البيان الذي أصدره النائب العام والذي تضمن الملابسات الأولية المتعلقة بالوفاة، وصرح فيه بأنه سيوافي بالمزيد من التفاصيل حيال وفاة الرئيس المعزول بعد إتمام فحص الجثمان من قبل الطب الشرعي».
ونوهت بأن أحدث تقرير صدر عن المنظمة بخصوص «الحالة الصحية للرئيس المعزول المتوفى كان منذ عامين بتاريخ 19 يونيو 2017، وتضمن بعض المزاعم عن انتهاك حقوقه الصحية، وهو ما تناقض مع تقرير رسمي صدر في نفس التوقيت، أوضح أن صحته جيدة، إلا أنه مصاب بمرض السكري، ومنذ هذا الوقت لم تصدر أي إفادات أو تقارير أخرى من المنظمة بشأن حالته الصحية».
واختتمت «الاستعلامات» بيانها بأن ما خلصت إليه مسؤولة «هيومن رايتس ووتش»، «استباق مغرض للأحداث بدوافع سياسية، وأن المنظمة انحدرت إلى مستوى إضافي من التدني لاستغلالها وفاة مواطن مصري لتبني مواقف سياسية واتهامات جنائية من دون أدلة».
وفي الشأن نفسه دعت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أمس، إلى «تحقيق مستقل» في الأسباب التي أدت إلى وفاة محمد مرسي خلال حضوره جلسة محاكمته، وقال المتحدث باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة روبرت كولفيل، إن «أي وفاة مفاجئة في أثناء الاعتقال يجب أن يتبعها تحقيق سريع وحيادي وشامل وشفاف من جانب هيئة مستقلة لتوضيح سبب الوفاة».
وأضاف كولفيل، حسب وكالة الأنباء الفرنسية، أمس، إن هناك «مخاوف» إزاء ظروف احتجاز مرسي بينها «وصوله إلى الرعاية الطبية المناسبة وكذلك تواصله الكافي مع محاميه وعائلته»، ودعا إلى أن تشمل التحقيقات «جميع نواحي معاملة السلطات للسيد مرسي للنظر فيما إذا كان لظروف اعتقاله أثر في موته».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.