البشير ينكر إصداره أوامر قتل المتظاهرين ويحمل «قوش» المسؤولية

يواجه ثلاثة اتهامات عقوبة بعضها الإعدام والمهدي يمثل للشهادة

TT

البشير ينكر إصداره أوامر قتل المتظاهرين ويحمل «قوش» المسؤولية

أنكر الرئيس المعزول عمر البشير، توجيه أوامر بقتل المتظاهرين السلميين، وحمّل رئيس جهاز أمنه السابق صلاح عبد الله المعروف باسم «قوش» المسؤولية عن قتلهم، في حين ينتظر أن يمثل رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي أمام النيابة اليوم، للإدلاء بشهادته بشأن الاتهامات الموجهة للبشير بتقويض النظام الدستوري والانقلاب على النظام الديمقراطي.
ونقلت صحيفة «السوداني» المستقلة الصادرة أمس، أن البشير لدى استجوابه بواسطة النيابة العامة، الأيام الماضية، بشأن قتل المتظاهرين، وعن تصريحات سابقة أدلى بها في خطاب جماهيري بمنطقة الكريدة وسط البلاد، ذكر أنه تلقى تقارير أمنية كانت «مغلوطة».
وقالت الصحيفة، إنها حصلت على معلومات في غاية الدقة حول استجواب البشير، بشأن مقتل الطبيب بابكر في منطقة بُرّي شرق الخرطوم، أثناء الاحتجاجات ضد نظامه، وأضافت: «البشير عند استجوابه بواسطة وكلاء النيابة، بشأن قتل المتظاهرين، وما ذكره في خطاب جماهيري في منطقة الكريدة بولاية النيل الأبيض، حول مقتل الطبيب بابكر»، أجاب بأنه «تلقى تقارير أمنية، واتضح له أنها كانت مغلوطة». وبحسب الصحيفة، فإن البشير أنكر توجيه تعليمات لأجهزة الأمن بقتل المتظاهرين، وأن تقدير الأوضاع الميدانية متروك لأجهزة الأمن، وقال: «قتل المتظاهرين اسألوا عنه قوش».
ووجهت النيابة العامة للبشير وآخرين في الثالث عشر من مايو (أيار) الماضي، اتهامات بـ«الاشتراك والتحريض على قتل المتظاهرين»، وهي الاتهامات التي يتوقع نظرها من قبل النيابة بحق الرجل الذي ظل يحكم البلاد طوال ثلاثين عاماً بالحديد والنار، واستخدمت أجهزته الأمنية عنفاً مفرطاً في قتل المحتجين السلميين، فضلاً عن صدور مذكرتي قبض من محكمة الجنايات الدولية ضده، على جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإبادة الجماعية، على مقتل أكثر من 300 ألف في إقليم دارفور. لكن هيئة الدفاع عن البشير، والمكونة من عدد من المحامين برئاسة رئيس برلمانه الأسبق أحمد إبراهيم الطاهر، نفت ما نشرته الصحيفة، ووصفته بأنه «لا أساس له من الصحة».
وقال عضو هيئة الدفاع عن البشير محمد الحسن الأمين لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتهامات التي وجهت للبشير تتعلق بقانون الثراء الحرام، ولائحة الطوارئ، وقانون النقد الأجنبي، وتتعلق بالأموال التي تم العثور عليها في «بيت الضيافة»، حيث كان يقيم.
وأكد الأمين بأنهم سيناهضون الاتهامات الموجهة لموكلهم؛ لأنها بلا سند قانوني، وقال: «المواد التي وجهت بموجبها الاتهامات، استندت إلى أن المبلغ الذي تم العثور عليه كبير، لكن يمكن تبريره، بيد أن النيابة رأت أن توجه له اتهامات بموجب هذه القوانين».
ووصف الأمين معلومات تحميل البشير لـ«قوش» المسؤولية عن قتل المتظاهرين بأنها «لا أساس لها»، وتساءل: «أين التقوا به، البشير لم يصرح بأي معلومات»، وتابع: «لا نريد عن البشير وهو غائب، لكنا نتساءل، من أين خرجت مثل هذه التصريحات، فلو كانت خرجت من النائب العام فهذه مشكلة».
وكان البشير قد أصدر في مارس (آذار) الماضي أوامر طوارئ جرم بموجبها حيازة النقد الأجنبي، و«تخزين العملة الوطنية والمضاربة فيها»، وعدم السماح للأفراد الاحتفاظ بأكثر من مليون جنيه - زهاء (20) ألف دولار - سائلة بحوزتهم، لكن المجلس العسكري الانتقالي ذكر بعد عزل البشير أنه عثر على أكثر، وكان رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان أكد، الأحد الماضي، أنه تم العثور في منزل الرئيس السابق على مبلغ نقدي بثلاث عملات، تصل قيمته إلى أكثر من 113 مليون دولار، وأكثر من 20 مليون دولار في خزن بالقصر الرئاسي لا يعرف رموزها السرية سوى البشير وشقيقه العباس.
من جهة أخرى، يمثُل رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي أمام النيابة العامة اليوم للإدلاء بشهادته في اتهامات وجهها محامون للبشير ومساعديه، بـ«تقويض النظام الدستوري، بتدبيره لانقلاب الإنقاذ العسكري في 30 يونيو (حزيران) 1989، على الحكومة التي كان المهدي يشغل رئيس وزرائها».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن المهدي سيمثل اليوم أمام النيابة العامة للإدلاء بشهادته، بشأن الانقلاب الذي دبرته «الجبهة القومية الإسلامية» على حكومته المنتخبة، ووضعت البشير على رأسه.
وتقدم محامون كبار برئاسة الراحل علي محمود حسنين بعريضة جنائية للنائب العام ضد البشير ومساعديه ونوابه وبينهم نائبه الأول السابق علي عثمان محمد طه، رئيس حزب المؤتمر الشعبي علي الحاج محمد، وغازي صلاح الدين العتباني، وعبد الحي يوسف، والطيب مصطفى، وآخرون ترك أمر إضافتهم للتحقيق، إضافة إلى بلاغ جنائي ضد الجبهة القومية الإسلامية التي كان يترأسها عراب الإسلاميين الراحل حسن الترابي، لتدبيرها الانقلاب مع البشير.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».