قوى الحرية والتغيير السودانية تطلق «الموجة الثالثة» وتبدأ «التصعيد الثوري»

البرهان يعقد جلسة مباحثات مع الرئيس التشادي... والاتحاد الأوروبي يحمّل المجلس العسكري مسؤولية قتل المدنيين

رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان لدى عودته من تشاد ونائبه محمد حمدان دقلو يستقبله في الخرطوم أمس (سونا)
رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان لدى عودته من تشاد ونائبه محمد حمدان دقلو يستقبله في الخرطوم أمس (سونا)
TT

قوى الحرية والتغيير السودانية تطلق «الموجة الثالثة» وتبدأ «التصعيد الثوري»

رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان لدى عودته من تشاد ونائبه محمد حمدان دقلو يستقبله في الخرطوم أمس (سونا)
رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان لدى عودته من تشاد ونائبه محمد حمدان دقلو يستقبله في الخرطوم أمس (سونا)

أعلنت «قوى إعلان الحرية والتغيير» السودانية العودة لـ«لجداول» التظاهر والاحتجاج الأسبوعية الشهيرة مرة أخرى، وإطلاق موجة ثالثة من «الثورة»، إزاء ما تسميه تعنت المجلس العسكري الانتقالي في تسليم السلطة لحكومة مدنية، وعدم جديته في التعامل مع مرتكبي «مجزرة» فض العصيان. وفي أثناء ذلك، حمّل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المجلس العسكري المسؤولية عن أعمال العنف، ودعاه لوقفها على الفور.
وفيما ظل التوتر يتصاعد في البلاد باطراد، بعد أحداث فض الاعتصام من أمام القيادة العامة للقوات المسلحة، أجرى رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، زيارة سريعة إلى تشاد، التقى فيها الرئيس التشادي إدريس ديبي. وذكر عبد المنعم عثمان البيتي، مدير الإدارة العامة للشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية، أن رئيس المجلس العسكري الانتقالي قدم تنويراً للرئيس ديبي حول تطورات الأوضاع على الساحة السودانية، والجهود المبذولة لتحقيق التوافق بين القوى السياسية، موضحاً أن الرئيس التشادي أكد دعمه لهذه الجهود، متعهداً بالعمل مع الأطراف الإقليمية والدولية لدعم مواقف السودان واستقراره، وأضاف أن الجانبين أشادا بتجربة القوات المشتركة السودانية - التشادية على الحدود بينهما، ودورها المهم في تأمين حركة المواطنين بين البلدين، وتسهيل الحركة التجارية والاقتصادية بينهما.
ونقلت وكالة السودان للأنباء (سونا) أن زيارة البرهان لتشاد تجيء في إطار «تواصل المجلس مع دول الجوار والمحيط الإقليمي، لتهيئة الأجواء السياسية للدخول في المرحلة الانتقالية، والانتقال السلس إلى الحكومة المدنية».
وبحسب الوكالة الرسمية، فإن نائب البرهان، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، وعدداً من أعضاء المجلس العسكري الانتقالي والمسؤولين، كانوا في وداعه واستقباله في مطار الخرطوم أمس.
وبعد إطاحة الرئيس عمر البشير، في أبريل (نيسان) الماضي، وتولي المجلس العسكري الانتقالي السلطة في البلاد، زار البرهان معظم دول الإقليم، ومن بينها: مصر، والسعودية، والإمارات، وإثيوبيا، وإريتريا.
ويرتبط كل من السودان وتشاد بعلاقات رسمية وشعبية وثيقة، تتضمن اتفاقيات تعاون مشترك، وعلى رأسها «التعاون العسكري»، الذي أنشأت بموجبه «قوات عسكرية مشتركة» على حدود البلدين، هدفها المعلن حفظ الأمن على الحدود السودانية - التشادية.
والتقى البرهان، أول من أمس، الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي زار الخرطوم. والتقى أبو الغيط أيضاً رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي، وممثلي الحزب الاتحادي الديمقراطي، والحركات السياسية والمدنية السودانية. وقال بيان للجامعة إن زيارة أبو الغيط «جاءت في سياق الالتزام الكامل لجامعة الدول العربية بمساندة السودان، والوقوف معه ومع شعبه في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به، وانطلاقاً من حرص الجامعة الأصيل والثابت على أمن واستقرار السودان، وسلامة أراضيه ووحدته الوطنية، ودور السودان العروبي الفاعل في الجامعة، وفي منظومة العمل العربي المشترك».
وأكد الأمين العام أن «الجامعة كانت وستظل ملتزمة بتقديم أشكال العون والمساندة كافة للسودان، تأسيساً على المقررات ذات الصلة التي اعتمدها مجلس الجامعة على مستوى القمة، بما في ذلك في سبيل تطبيع علاقات السودان مع مؤسسات التمويل الدولية، وإعفائه من ديونه الخارجية، ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتفعيل الآلية المشتركة بين الجامعة وحكومة السودان لمتابعة وتنفيذ المشروعات الإنسانية والإنمائية العربية، في دارفور ومختلف أرجاء البلاد، والتحضير لتنظيم وعقد مؤتمر عربي جامع لإعادة الإعمار والتنمية في السودان».
وأمس، وزعت «قوى إعلان الحرية والتغيير» جدولاً جديداً لأنشطتها المعارضة للأسبوع الجاري، جاء فيه: «نعلن لكم أدناه الجدول التحضيري للتصعيد الثوري حتى نهاية الأسبوع».
ويتضمن الجدول اجتماعات للجان العصيان في الأحياء، ومظاهرات ليلية في الأحياء في الخرطوم والأقاليم، للمطالبة بسلطة مدنية، وإدانة «مجازر» 3 يونيو (حزيران)، فضلاً عن عمل دعائي لاستكمال بناء لجان العصيان المدني، وتنظيم ندوات مركزية.
وأعلنت قوى الحرية والتغيير، وفقاً للجدول، فتح «جدول الحضور الثوري» للتوقيع من قبل التنظيمات المهنية والمدنية والأفراد، لإعلان «التزامهم باستمرار النضال والتنظيم، والعمل الثوري، وصولاً للسلطة المدنية الانتقالية».
ويشمل الجدول المحدد له فترة أسبوع لقاءات في الميادين والأندية بالأحياء، للتنوير بمستجدات الوضع السياسي، والتهيئة للحشود الجماهيرية، ليتوج مجهود الأسبوع الخميس المقبل بوقفات احتجاجية للمهنيين والموظفين والحرفيين والعمال في العاصمة والولايات، لإدانة «مجزرة القيادة»، وارتداء «الشريط الأزرق».
وابتكرت قوى إعلان الحرية والتغيير فكرة «جداول الاحتجاج الأسبوعية»، واستخدمتها بنجاح في قيادة وتنظيم للاحتجاجات والمواكب والمظاهرات ضد نظام المعزول عمر البشير، ولقيت استجابة شعبية واسعة، توجت بإعلان المجلس العسكري الانتقالي عزله وتنحيته بعد ثلاثين سنة من الحكم.
وقال «تجمع المهنيين السودانيين» الذي يشكل رأس رمح قيادة الحراك الثوري، على صفحته في «فيسبوك»، إن عدداً من أحياء الخرطوم استبقت جدوله، وخرجت في مظاهرات هادرة تطالب بنقل السلطة للمدنيين، مطلقة «الموجة الثالثة» من الاحتجاجات.
وأوضح التجمع أن المواكب الاحتجاجية تجددت في «شارع الستين» بشرق الخرطوم الذي شهد مظاهرات انطلقت فجراً، واستمرت حتى الصباح، فيما طافت مواكب هادرة أحياء جبرة والصحافة جنوب الخرطوم، بجانب مظاهرات في حي «بري» الذي كان من أشرس أحياء الخرطوم في تنظيم الاحتجاجات المناوئة لنظام البشير.
وجاء في بيان قوى الحرية والتغيير أنهم يعملون على موجة ثالثة من الثورة السودانية، وقال: «تنتظم من جديد خطى ثورتكم الظافرة في المدن والقرى والأرياف، مجددين العهد لشهدائنا الكرام الذين احتقروا الموت، فعاشوا فينا أبداً».
وتعهد قادة الحراك باستلهام «كل وسائل ثورتنا الباقية المجيدة، وتعود جداول نشاطنا الثوري، بأمر شعبنا وترتيبه، فما كان لنا أن نبادر إليها، إلاّ بالتنسيق اللازم ورص الصفوف»، وتابع: «الثورة مد وجزر، ننهض الآن لننتصر بسلميتنا من جديد، نتم مهامنا الهادفة، لا نكوص عنها، مدنية هدفنا و(ماها بعيد)».
وقادت قوى إعلان الحرية والتغيير تفاوضاً مارثونياً مع المجلس العسكري الانتقالي، امتد منذ عزل البشير في 11 أبريل (نيسان) الماضي، وتوصلت خلاله إلى اتفاقات قضت بتكوين حكومة كفاءات مدنية انتقالية من قبلها، وحازت على تمثيل نسبته 67 في المائة من المجلس التشريعي الانتقالي، بيد أن الطرفين فشلا في الاتفاق على المجلس السيادي.
وتدهورت الأوضاع في البلاد عقب فض المجلس العسكري الانتقالي للاعتصام المقام أمام القيادة العامة للجيش السوداني، باستخدام القوة المفرطة، مما أدى لمقتل 61 محتجاً، وجرح وإصابة المئات، بحسب مصادر رسمية.
وإثر ذلك، نظمت قوى إعلان الحرية والتغيير عصياناً مدنياً وإضراباً سياسياً شل الحياة في البلاد لمدة 3 أيام، أعقبه إعلان رئيس المجلس العسكري الانتقالي وقف التفاوض، وإلغاء الاتفاقات المبرمة بينه وبين قوى الحرية.
ووصلت الأوضاع بين الطرفين إلى طريق مسدود، قبل أن يتدخل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بوساطة أفريقية، اقترح خلالها العودة للتفاوض من النقطة التي توقف فيها.
ورفضت قوى الحرية التفاوض المباشر مع العسكري، مشترطة تكوين لجنة تحقيق دولية في أحداث فض الاعتصام، وإعادة انتشار القوات العسكرية خارج المناطق المدنية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، واعتراف المجلس بارتكاب المجزرة.
وأعلن المجلس العسكري رفضه لمعظم شروط الحرية والتغيير، وأبلغ مبعوث رئيس الوزراء الإثيوبي ومبعوث الاتحاد الأفريقي، للمرة الثانية، تراجعه عن الاتفاقيات المبرمة بينه وبين قوى الحرية والتغيير، فاضطر الأخير للعودة لأديس أبابا للتشاور مع رئيسه، ولم يعد حتى الآن.
ومنذ فض الاعتصام، يواجه المجلس العسكري الانتقالي ضغوطاً إقليمية ودولية متصاعدة لدفعه لتسليم السلطة لحكومة مدنية، ومن بينها أن الخرطوم استقبلت الأسبوع الماضي كل من مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية تيبور الناغي، ومبعوث الإدارة الأميركية للسودان دونالد بوث، وأمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، إلى جانب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذين طلبوا من المجلس العسكري الانتقالي تكوين لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في أحداث فض الاعتصام، والعودة للتفاوض، وتسليم السلطة للمدنيين.
من جهة أخرى، دعا الاتحاد الأوروبي الخرطوم لوقف أعمال العنف والاعتقالات ضد المدنيين، وحمّل السلطات الحاكمة حالياً المسؤولية كاملة عن الهجمات ضد المدنيين في الثالث من يونيو (حزيران) الجاري.
وبحسب بيان منشور في موقع الاتحاد الأوروبي على الإنترنت أمس، فإن وزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتحاد بحثوا في أثناء انعقاد اجتماع وزراء الخارجية في لوكسمبورغ الأوضاع المتوترة في السودان، ومطالب السودانيين بالديمقراطية والتعددية السياسية والتنمية.
وأدان البيان بشدة الهجمات العنيفة التي أدت لمقتل وجرح كثير من المتظاهرين المدنيين المسالمين، وقال: «الواضح أن المجلس العسكري الانتقالي يتحمل المسؤولية لكونه السلطة الحاكمة المعنية بحماية المواطنين».
ودعا الاتحاد لوقف جميع أعمال العنف ضد الشعب فوراً، بما في ذلك القتل خارج القضاء، والإعدام دون محاكمة، والضرب والاعتقالات والإخفاء القسري، وإطلاق سراح المعتقلين في أثناء الأحداث، فضلاً عن رفع القيود على حرية التجمع ووسائل الإعلام والفضاء المدني والوصول لخدمة الإنترنت.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.