أنباء متضاربة عن مصدر القصف على قرية شمال حلب

أسفر عن مقتل 12 مدنياً وجرح 15 آخرين

TT

أنباء متضاربة عن مصدر القصف على قرية شمال حلب

قتل 12 مدنياً ليل الأحد الاثنين في قصف بالقذائف الصاروخية شنته فصائل على قرية واقعة تحت سيطرة القوات الحكومية في محافظة حلب في شمال سوريا، في وقت نفى قيادي معارض قصف هذه المنطقة.
كانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أفادت بأن «مجموعات إرهابية من تنظيم جبهة النصرة المنتشرة في ريف حلب الغربي (...) اعتدت بعدة قذائف صاروخية على المنازل السكنية في قرية الوضيحي» في ريف حلب الجنوبي، وأسفر القصف، وفق «سانا»، عن مقتل 12 مدنياً وإصابة 15 آخرين بجروح.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان حصيلة القتلى، مشيراً إلى أنه بينهم «خمسة أطفال».
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن «فصائل متطرفة استهدفت القرية» من دون أن يحدد ما إذا كانت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) التي تنتشر مع مجموعات أخرى في ريف حلب الغربي ضمنها.
ونشرت «سانا» صوراً لجرحى في أحد المستشفيات بينهم طفل وُضعت له ضمادات على وجهه وبطنه، وآخر انتشرت آثار الشظايا على رجله اليمنى التي غطتها بقع صغيرة من الدماء.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على الجزء الأكبر من محافظة إدلب وأجزاء من محافظات حماة وحلب واللاذقية المجاورة، وتنتشر أيضا في المنطقة فصائل إسلامية ومقاتلة وأخرى جهادية أقل نفوذاً.
وتشهد تلك المنطقة، حيث يقطن نحو ثلاثة ملايين شخص، منذ نهاية أبريل (نيسان) تصعيداً عسكرياً.
وتستهدف الطائرات الحربية السورية والروسية بشكل يومي مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة والمتطرفة فيها، ما يسفر بشكل شبه يومي عن سقوط قتلى في صفوف المدنيين، وفق المرصد السوري. وباتت قرى وبلدات شبه خالية من سكانها بعدما فروا جراء القصف العنيف.
وترد الفصائل المسيطرة على المنطقة، وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام، باستهداف مناطق سيطرة القوات الحكومية المجاورة، كما تشن بين الحين والآخر هجمات مضادة ضد مواقع تقدمت فيها قوات النظام.
وتخضع محافظة إدلب ومحيطها، حيث يقطن نحو ثلاثة ملايين شخص، منذ سبتمبر (أيلول) الماضي لاتفاق روسي - تركي ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح، لم يتم استكمال تنفيذه. وبعد أشهر من الهدوء النسبي، صعّدت قوات النظام قصفها قبل أن تنضم الطائرات الروسية إليها لاحقاً.
وترافق القصف اشتباكات مستمرة على الأرض تتركز في ريف حماة الشمالي حيث تقدمت القوات الحكومية خلال الأسابيع الماضية.
من جهته، نفى قائد عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير التابعة للجيش السوري الحر، قيام فصائل المعارضة بقصف بلدة في ريف حلب الجنوبي ليل الأحد - الاثنين.
وقال القائد العسكري، لوكالة الأنباء الألمانية، إن «غرفة العمليات المشتركة التابعة لفصائل الجيش السوري الحر في مناطق ريف حلب الجنوبي، نفت أنها قصفت أي منطقة تحت سيطرة القوات الحكومية في ريف حلب، وأكدت أن ما تم تناقله من قبل وسائل إعلام تابعة للنظام حول قصف بلدة الوضيحي بريف حلب الجنوبي، هو عار عن الصحة تماما».
وأضاف القائد العسكري: «لدينا معارك عنيفة في ريف حماة وإدلب مع القوات الحكومية والمجموعات الموالية لها، وليس لدينا مصلحة بفتح جبهة جديدة حالياً ضد القوات الحكومية. وقد رصدت سرايا المدفعية التابعة لغرفة العمليات المشركة إطلاق قذائف من مناطق تسيطر عليها القوات الحكومية واستهدفت بلدة الوضيحي».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».