ترحيب أممي وأوروبي بمبادرة السراج... ومعارك طرابلس تطال خزانات النفط

TT

ترحيب أممي وأوروبي بمبادرة السراج... ومعارك طرابلس تطال خزانات النفط

رحّب الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، أمس، بالمبادرة الجديدة التي طرحها رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، الذي أعلن أنه غير مستعد للجلوس مع غريمه السياسي القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر، للتفاوض على إنهاء الهجوم على العاصمة طرابلس، المستمر منذ شهرين. وجاء هذا الترحيب بمبادرة السراج في وقت رفضتها السلطات الموازية والجيش الوطني في شرق البلاد.
وفي خطوة كانت متوقعة، صوّت أمس أعضاء موالون لحكومة السراج في مجلس النواب، بالإجماع، في طرابلس، على إلغاء القانون الخاص بمنصب القائد العام للجيش.
وبدا أمس أن قوات الجيش الوطني تتأهب لتحقيق تقدم على الأرض، خلال اليومين المقبلين، وفقاً لما قاله اللواء عبد السلام الحاسي، قائد مجموعة عمليات المنطقة الغربية التابعة للجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن الاشتباكات مستمرة بشكل يومي في معظم محاور القتال حول العاصمة طرابلس. وقال الحاسي إن «المشير حفتر على اتصال يومي مع قوات الجيش»، مضيفاً: «ستسمعون أخباراً جيدة وطيبة خلال اليومين المقبلين». وزاد: «هناك مواقع قوات الجيش ثابتة فيها في مواجهة الميليشيات المسلحة، وهناك مواقع أخرى كثيرة نتقدم فيها على الأرض». ورداً على ما يتردد عن تأخر الحسم العسكري في معارك طرابلس، قال الحاسي: «هذه ليست رحلة سياحية، معنويات الجنود ممتازة، والأمور على ما يرام في جانبنا».
ورفض الحاسي التعليق على مبادرة السراج، رئيس حكومة الوفاق المعترف بها دولياً، لحل الأزمة السياسية في ليبيا، لكنه أكد في المقابل أن «المعارك لتحرير العاصمة مستمرة وفقاً للخطة الموضوعة زمانياً ومكانياً».
وكان السراج قال في مقابلة مع «رويترز» بمكتبه في طرابلس: «لن ألتقي بحفتر مرة أخرى، لأنه أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا يمكن أن يكون شريكاً في أي عملية سياسية». وأضاف: «هدفنا عسكري بالدرجة الأولى دفاعاً عن العاصمة، دفاعاً على أهلنا، وإبعاد حفتر. حققنا خطوات إيجابية، ودخلنا في اليومين الماضيين في المرحلة الثانية من صد هذا الهجوم، وخلال أيام قادمة سنسمع أخباراً جيدة، وهناك تقدم». وعبّر السراج عن قلقه بشأن احتمال استخدام المنشآت النفطية في الصراع، حيث قال: «نحن بالفعل نخشى على أماكن إنتاج النفط... حريصون على إبعاد الإنتاج عن مجال أي خصومة أو مواجهات... وهناك محاولات لعسكرة هذه الموانئ، وقد حذرت المؤسسة الوطنية للنفط من ذلك لأننا طالبنا منذ البداية بإبعاد العسكريين عن المنشآت النفطية».
وكانت مؤسسة النفط، الموالية لحكومة السراج، قد كشفت، في بيان، مساء أول من أمس، عن اندلاع حريق بالقرب من خزانات نفط في جنوب طرابلس التي تشهد اشتباكات منذ أكثر من شهرين. وأوضحت المؤسسة أن فرق الإطفاء التابعة لها نجحت في السيطرة على حريق اندلع بالقرب من «خزانات غاز النفط المسال في مستودع طريق المطار»، ليتم تفادي وقوع «كارثة إنسانية وبيئية». ونشب الحريق نتيجة لقصف مباشر حصل مساء السبت على مستودع يضم خزانات النفط والغاز جنوب العاصمة.
واقترح السراج، أول من أمس، مبادرة سياسية جديدة من سبعة بنود تتضمن عقد ملتقى ليبي للإعداد لانتخابات بنهاية العام، داعياً إلى ضرورة اجتماع الليبيين للتغلب على الصراع على السلطة.
ورحب بالفكرة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، التي اقترحت مؤتمراً مشابهاً قبل اندلاع الحرب الأخيرة. وأعلنت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا عن ترحيبها بمبادرة السراج وأي مبادرة أخرى تقترحها أي من القوى الرئيسية الفاعلة في ليبيا لإنهاء النزاع. ووصفت البعثة، في بيان، مبادرة السراج، بأنها مبادرة بناءة للدفع بالعملية السياسية قدماً. وقالت إنها «تعرض مساعيها الحميدة على كل الأطراف في سبيل مساعدة ليبيا على الخروج من مرحلتها الانتقالية الطويلة نحو مرحلة السلام والاستقرار والازدهار».
من جانبها، نقلت بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا عن المتحدث باسم الاتحاد قوله، في بيان، إن «الاقتراح الذي قدمه السراج هو بالتأكيد خطوة في هذا الاتجاه»، لافتاً إلى أن الاتحاد الأوروبي كان داعماً لأي اقتراح بناء لدفع العملية السياسية في ليبيا، تحت رعاية الأمم المتحدة، ووضع حد للصراع والانقسام.
في المقابل، قلل عبد الله الثني، رئيس الحكومة المؤقتة في شرق البلاد، من أهمية مبادرة السراج، ووصفها بأنها «ذر للرماد في العيون». واعتبر في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس، أن «السراج ليس صاحب قرار وسلطة حقيقية، لأن من يمتلك ذلك هم الميليشيات الإرهابية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.