اللوز والتفاح الأميركي في طليعة معركة الهند الانتقامية

28 سلعة على قائمة مستهدفات نيودلهي

شرعت الهند أمس في تنفيذ رسومها الانتقامية ضد الواردات الأميركية بقائمة تضم 28 سلعة على رأسها اللوز والتفاح (رويترز)
شرعت الهند أمس في تنفيذ رسومها الانتقامية ضد الواردات الأميركية بقائمة تضم 28 سلعة على رأسها اللوز والتفاح (رويترز)
TT

اللوز والتفاح الأميركي في طليعة معركة الهند الانتقامية

شرعت الهند أمس في تنفيذ رسومها الانتقامية ضد الواردات الأميركية بقائمة تضم 28 سلعة على رأسها اللوز والتفاح (رويترز)
شرعت الهند أمس في تنفيذ رسومها الانتقامية ضد الواردات الأميركية بقائمة تضم 28 سلعة على رأسها اللوز والتفاح (رويترز)

فرضت الهند الأحد رسوماً جمركية إضافية على 28 سلعة مستوردة من الولايات المتحدة، رداً على سحب واشنطن مؤخراً امتيازات تجارية كانت تمنحها لنيودلهي. وتطبق الرسوم الإضافية على منتجات بينها اللوز والتفاح والجوز، وفق ما أفادت الهيئة المركزية للضرائب غير المباشرة والجمارك في الهند.
وأوضحت الهيئة في مذكرة، أن الهند «ستطبق رسوماً انتقامية على 28 سلعة محددة مصدرها الولايات المتحدة». متوقعة أن تدر تلك التعريفات على الهند نحو 220 مليون دولار، حسب ما نقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «ذي إيكونوميك تايمز» الهندية.
ووفقاً لإخطار صدر عن الحكومة في دلهي مساء السبت، فإن الرسوم الجمركية الإضافية دخلت حيز التنفيذ اعتباراً من أمس الأحد. وستؤثر هذه الخطوة على المصدرين الأميركيين لسلع محددة، مثل المكسرات والعدس والتفاح، مما يجعل هذه السلع أكثر كلفة في السوق الهندية. وكانت القائمة تضم في البداية 29 سلعة؛ لكن تم حذف «الأرتيميا» أو الروبيان الملحي منها. وتعد الهند السوق الثانية في العالم للوز المنتج في كاليفورنيا، والتفاح الذي تنتجه واشنطن.
وفي يونيو (حزيران) 2018، أصدرت السلطات الهندية أمراً بزيادة الرسوم الجمركية بنسبة تصل إلى 120 في المائة على سلع أميركية، رداً على قرار واشنطن رفض منحها استثناءً من التعريفات المفروضة على الواردات إلى الولايات المتحدة من الصلب والألومنيوم؛ لكنها أجلت تنفيذ هذه الرسوم مع انخراط الدولتين في محادثات تجارية.
كما يأتي التصعيد الهندي رداً على إنهاء واشنطن الوضع التجاري التفضيلي للهند، وسط خلاف متزايد بشأن السياسات الحمائية التي تنتهجها واشنطن في ظل حكم الرئيس دونالد ترمب.
والهند هي أكبر المستفيدين من نظام المعاملة التفضيلية لبعض السلع التي تدخل الولايات المتحدة، معفاة من الرسوم الجمركية.
وتقول الإدارة الأميركية، إن الهند، أكبر الدول المستفيدة من برنامج الأفضليات، فشلت في تقديم ضمانات بأنها ستسمح بالوصول المطلوب إلى أسواقها، وعملت أيضاً على نصب «عوائق تجارية تخلق تأثيرات سلبية كبيرة على تجارة الولايات المتحدة». ومن بين الصادرات السنوية الهندية إلى الولايات المتحدة، البالغ قيمتها 80 مليار دولار، 5.6 مليار منها فقط مشمولة بالبرنامج، بحسب السلطات الهندية.
ويأتي هذا التوتر التجاري رغم جهود واشنطن لتعزيز العلاقات مع الهند، كقوة قادرة على مواجهة الصين، والتأكيدات الصادرة عن كل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بشأن العلاقات الجيدة بين بلديهما.
ومهّد رفض واشنطن العام الماضي إعفاء الهند من الرسوم الإضافية التي فرضها ترمب على الحديد الصلب والألومنيوم المصدّر من عدد من الدول، الطريق لاندلاع النزاع التجاري. وردت الهند بالقول إنها ستزيد رسوم الاستيراد على سلسلة من السلع الأميركية؛ لكنها أجّلت زيادة الرسوم عدة مرّات على أمل التفاوض لحل المسألة. إلا أن قرار ترمب هذا الشهر وقف المعاملة التجارية التفضيلية للهند، دفعها على ما يبدو للقيام بالتحرّك الأخير. وبناءً على القرار الجديد، تم رفع الرسوم على استيراد الجوز من 30 في المائة إلى 120 في المائة، وعلى الحمص والعدس من 30 في المائة إلى 70 في المائة.
ويرجّح أن يتطرق ترمب ومودي إلى النزاع التجاري عندما يلتقيان في قمة مجموعة العشرين في 28 و29 يونيو الجاري، في أوساكا باليابان. ويتوقع كذلك أن تتطرق إليه المحادثات مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الذي سيزور الهند في وقت لاحق هذا الشهر. وصدّرت الولايات المتحدة منتجات بقيمة 142.1 مليار دولار إلى الهند عام 2018 بحسب بعض التقديرات، فيما قدر العجز في ميزانها التجاري بـ 24.2 مليار دولار وفق الأرقام الرسمية.
وتتصاعد توترات تجارية عالمية منذ مارس (آذار) 2018، بين الولايات المتحدة من جهة، وكل من الصين والاتحاد الأوروبي والمكسيك والهند، من جهة أخرى، بسبب ما تصفها الولايات المتحدة، بـ«قوانين غير عادلة» تؤثر على ميزان تجارتها مع تلك البلدان والتجمعات.



الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

TT

الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري «الذي خسر 24 عاماً من التنمية البشرية حتى الآن».

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

لبنان

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.