مقتل قيادي في «الجماعة الإسلامية المقاتلة» باشتباكات طرابلس

ليبيا تتهم السودان بدعم المتطرفين وتطرد ملحقه العسكري

عناصر من قوات ميليشيا أثناء وصولهم إلى مطار طرابلس (أ ف ب)
عناصر من قوات ميليشيا أثناء وصولهم إلى مطار طرابلس (أ ف ب)
TT

مقتل قيادي في «الجماعة الإسلامية المقاتلة» باشتباكات طرابلس

عناصر من قوات ميليشيا أثناء وصولهم إلى مطار طرابلس (أ ف ب)
عناصر من قوات ميليشيا أثناء وصولهم إلى مطار طرابلس (أ ف ب)

أعلن قياديون في جماعات متطرفة ليبية عن مقتل عضو الجماعة الليبية المقاتلة المدعو عبد الرحمن الزليتني الملقب بـ«أبو الوليد الزاوي» في اشتباكات اندلعت أول من أمس واستمرت أمس لليوم الثاني على التوالي في محيط مناطق ورشفانة غرب العاصمة الليبية طرابلس.
وقالت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» إن الزليتني يعتبر أحد العناصر الفاعلة في الجماعة وشارك ضمن المقاتلين العرب في أفغانستان، علما بأنه عاد مؤخرا من مقر إقامته بمدينة مانشستر في بريطانيا إلى ليبيا للمشاركة في القتال المشتعل في العاصمة طرابلس ومحيطها.
والزليتني من مدينة الزاوية، وتم منحه رتبة عقيد رغم هروبه من ليبيا مطلع الثمانيات، حيث التحق بتنظيم القاعدة عام 1989 مع مؤسس الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة عوض الزواوي في أفغانستان.
ولاحقا توجه الزليتني إلى بريطانيا التي يقال أنه حصل على جنسيتها وأقام فيها حتى اندلاع الثورة الشعبية ضد نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي في شهر فبراير (شباط) عام 2011، حيث عاد ليقود لواء الدبابات التابع لدرع الغربية.
وبعد سقوط نظام القذافي، توجه إلى سوريا، حيث قاتل مع مجموعة من المقاتلين السوريين والعرب في «لواء الأمة» الذي أسسه الليبي الحاصل على الجنسية الآيرلندية المهدي الحاراتي في معرة النعمان بإدلب.
وفى تأكيد على أهميته داخل الجماعة الإسلامية المقاتلة التي يقودها عبد الحكيم بلحاج، نعاه بشير الفقيه وسامي الساعدي القياديان البارزان في الجماعة.
وقال الفقيه إن الزليتني كان أحد القيادات التي شاركت في «عملية قسورة»، التي شنتها ميليشيات مصراتة والجماعات المتطرفة المتحالفة معها منذ الثالث عشر من شهر يوليو (تموز) الماضي للسيطرة على العاصمة الليبية ومطارها الرئيس الدولي.
وكشف الساعدي القيادي الآخر في الجماعة الإسلامية المقاتلة عبر صفحته على «فيسبوك» في نعيه للزليتني أن الأخير الذي وصفه بأحد أبطال عملية فجر ليبيا، لقي مصرعه إثر انفجار قذيفة دبابة.
وتواصلت لليوم الثاني على التوالي الاشتباكات العنيفة بين ميلشيات ما يسمى عملية فجر ليبيا وجيش القبائل في منطقة ورشفانة التي تبعد نحو 30 كيلومترا غرب العاصمة طرابلس.
وتحدثت مصادر طبية عن مقتل 12 شخصا على الأقل في هذه الاشتباكات، بينما طالب مجلس ورشفانة من السلطات الرسمية، اعتبارها «منطقة منكوبة إنسانيا»، بالإضافة إلى إنشاء جسر لإغاثة أهالي المناطق المتضررة وتقديم المساعدات العاجلة لهم.
إلى ذلك، اغتال مسلحون مجهولون العقيد صلاح عبد الفاخري الطيار بسلاح الجو الليبي عقب خروجه من صلاة العشاء بالمسجد القريب من بيته الواقع بحي المغار في مدينة درنة التي تعتبر المعقل الرئيس للجماعات المتطرفة في شرق ليبيا.
وقالت وكالة الأنباء المحلية إن الفاخري لم تكن له أي علاقة بالعمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الوطني الليبي، تحت قيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر في إطار ما يسمى عملية الكرامة.
إلى ذلك، اتهمت ليبيا السودان بانتهاك مجالها الجوي عبر طائرة نقل عسكرية سودانية قالت إنها كانت متجهة لمطار بطرابلس خاضع لسيطرة جماعة مسلحة دخلت مجالها الجوي لتزويد «جماعة إرهابية» بالذخيرة.
وقال بيان للحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني نشرته عبر موقعها الإلكتروني مساء أول من أمس، إن هذا العمل من جانب دولة السودان يخرق سيادة دولة ليبيا ويشكل تدخلا في شؤونها، مشيرا إلى أن ليبيا طلبت من الملحق العسكري السوداني مغادرة البلاد.
وأوضح البيان أن الطائرة السودانية كانت متجهة لمطار معيتيقة بطرابلس وتوقفت لإعادة التزود بالوقود في واحة الكفرة الليبية قرب الحدود مع السودان، مشيرا إلى أنه تم العثور على ذخيرة محملة بهذه الطائرة خلال تفتيش في مطار الكفرة.
وأضاف البيان: «إن الحكومة الليبية تعلن بشكل قاطع أن طائرة عسكرية سودانية خرقت المجال الجوي الليبي دون تصريح رسمي منها، وإن الطائرة كانت تحمل ذخيرة لم توافق عليها الحكومة الليبية رسميا».
واعتبر أن «هذا العمل من قبل الدولة السودانية يتجاوز الدولة الليبية ويتدخل في شؤونها ويقحم السودان على أنه طرف داعم للجماعات الإرهابية التي تتعدى على مقدرات الدولة الليبية»، داعيا السلطات السودانية إلى «الكف عن التدخل في الشأن السياسي الليبي وعدم الانحياز لأي من أطراف الأزمة في ليبيا والكف عن مثل هذه الإجراءات المرفوضة شكلا ومضمونا».
ولكن السودان الذي تقوده حكومة إسلامية وصف الحادث بأنه سوء تفاهم وقال في المقابل إن الطائرة كانت تحمل معدات لقوة حدودية سودانية ليبية مشتركة لمواجهة التهريب وتهريب البشر.
وأبلغ الصوارمي خالد، المتحدث باسم الجيش السوداني، قناة محلية، أن الطائرة لم تكن تحمل أي مواد لجماعات مسلحة في ليبيا، وأضاف أن الجيش السوداني لا يتدخل في ليبيا.
لكن رئيس المجلس العسكري بالكفرة قائد القوات الليبية السودانية المشتركة العقيد سليمان حامد اعترف في المقابل بأن الطائرة السودانية كانت تحمل إمدادات لقواته، في تناقض واضح لنفيه أول من أمس لوكالة الأنباء الرسمية ما تناقلته بعض الوسائل الإعلامية بشأن طائرة شحن سودانية تحمل شحنة أسلحة متجهة إلى قاعدة معيتيقة.
وقال سليمان أن هذه الشحنة كانت عبارة عن إمدادات عسكرية ولوجيستية للقوة المشتركة من الجيش الوطني التي يترأسها والمكلفة التمركز في نقطتي السارة والعوينات، وهما من النقاط العسكرية التي تتمركز بها قوات الجيش لحماية الحدود.
وأكد سليمان أنه تم تفريغ هذه الشحنة أمام مرأى بعض الضباط العسكريين ومشايخ وأعيان وأمراء الكتائب بمدينة الكفرة وذلك لتفنيد أي شائعات بهذا الخصوص.
لكنه أبلغ وكالة أنباء الأناضول التركية لاحقا، أن «الطائرة السودانية وصلت إلى مطار الكفرة، صباح الخميس الماضي، دون أن يكون هناك تنسيق بين القوة والسلطات السودانية»، مقللا من أهمية ذلك بقوله: «ربما لتردي الاتصالات بيننا».
وأضاف أنه «بعد هبوط الطائرة في مطار الكفرة اتصلنا بالسودان للاستفهام عن الأمر فقالوا إن الطائرة تحمل مواد طلبت المدة الماضية من قبل القوه المشتركة»، لافتا إلى أنهم بالفعل طالبوا الحكومة السودانية أكثر من مرة بإرسال دعم للقوة المشتركة، لكن دون استجابة.
ولفت إلى أنه «تم تفريغ ما تحمله الطائرة في مدينة الكفرة»، نافيا تصريحات للمتحدث باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد بأن الطائرة ذهبت لمطار معيتيقة في العاصمة الليبية طرابلس (غرب)، مشيرا إلى أن الطائرة عادت إلى السودان بعد إفراغ الشحنة.
ومعيتيقة مطار عسكري يستخدم الآن بشكل أساسي للرحلات التجارية بعد أن أدى القتال بين جماعات مسلحة متناحرة إلى تدمير مطار طرابلس الدولي الرئيس، حيث يسيطر على معيتيقة تحالف جماعات تتحدى الحكومة التي نقلت مقرها إلى طبرق في أقصى شرق البلاد هربا من العنف.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.