انقلابيو اليمن يواصلون الهجمات الإرهابية ويحشدون لنسف «ستوكهولم»

TT

انقلابيو اليمن يواصلون الهجمات الإرهابية ويحشدون لنسف «ستوكهولم»

رغم بيانات الإدانة الدولية للهجمات الحوثية الإرهابية الأخيرة على مطار «أبها» الدولي جنوب السعودية واعتبار ذلك الصنيع يرقى إلى «جرائم» حرب، فإن الجماعة هددت رسمياً باستمرار هذه العمليات الإرهابية دون إلقاء بال لتبعات ذلك.
وتزامن التهديد الحوثي على لسان المتحدث باسم الميليشيات يحيى سريع، مع تحركات مكثفة للجماعة الحوثية في مدينة الحديدة ونواحيها الجنوبية بامتداد خطوط التماس مع القوات الحكومية في مسعى يرجح أنه لنسف اتفاق ستوكهولم نهائياً، رغم وجود كبير للمراقبين الدوليين ورئيس بعثة تنسيق إعادة الانتشار الجنرال مايكل لوليسغارد في المدينة الساحلية.
وبحسب بيان أممي كان لوليسغارد زعم قبل أيام انتهاء المظاهر العسكرية الحوثية في مينائي الصليف ورأس عيسى شمال الحديدة، مع بقاء هذه المظاهر في ميناء الحديدة نفسه، رغم ادعاء الحوثيين انسحابهم الأحادي من ثاني أكبر الموانئ اليمنية.
واتهمت مصادر عسكرية يمنية تحدثت إلى «الشرق الأوسط» الميليشيات الحوثية بتحويل الحديدة وأريافها الجنوبية إلى معسكرات وثكنات عسكرية كبرى وميادين لحشد المجندين وتدريبهم بعد أمنت الجماعة الضربات الجوية في عموم مناطق الحديدة.
وذكرت المصادر أن الجماعة الحوثية باتت تعتمد على الجغرافيا الخاضعة لها في محافظة الحديدة لتخريج الدفعات الجديدة من المقاتلين وإعادة توزيعهم إلى مختلف الجبهات، دون خوف من الاستهداف الجوي بخلاف بقية المناطق مثل صنعاء وذمار وحجة.
ويبدو - وفق مراقبين عسكريين - أن الجماعة الموالية لإيران قررت نسف اتفاق «ستوكهولم» نهائيا وإنهاء الهدنة الهشة وخصوصاً مع النظر إلى تصعيدها الكبير للسيطرة على خط الساحل الغربي وقطع خطوط إمداد القوات الحكومية المرابطة جنوب مدينة الحديدة وشرقها.
وعلى وقع هذه التطورات الميدانية كان المتحدث باسم ميليشيات الجماعة يحيى سريع قال في تصريح رسمي بثته المصادر التابعة لجماعته إن هجمات الميليشيات الإرهابية الجوية بالصواريخ الإيرانية والطيران المسير على المطارات السعودية لن يتوقف - بحسب تهديده - وإن جماعته تضغط بذلك من أجل فتح مطار صنعاء.
ورغم الآثار المحدودة لمثل هذه الهجمات الحوثية على المدن السعودية، غير أن المراقبين يرون في ذلك الأمر تحديا لخيارات السلام من قبل الجماعة ورغبة في الإصرار على تنفيذ أوامر طهران التي تمر بمأزق العقوبات الأميركية وتجفيف الموارد النفطية.
وكان المتحدث باسم قوات التحالف الداعم للشرعية العقيد تركي المالكي أعلن تصدي الدفاعات السعودية لخمس طائرات حوثية مسيرة وإسقاطها أول من أمس كانت تستهدف مطار أبها ومحافظة خميس مشيط بعد يوم واحد فقط من إطلاق صاروخ حوثي على صالة الوصول في مطار أبها قالت الجماعة إنه من نوع «كروز».
وفي السياق نفسه، صرح القيادي البارز في الجماعة وابن عم زعيمها محمد علي الحوثي بأن جماعته تريد التفاوض مع من وصفها بالدول المؤثرة في المنطقة دون أن يسمها للوصول إلى سلام، على حد زعمه، في مسعى كما يبدو للضغط من أجل إخراج الحكومة الشرعية من المشهد ودفع المجتمع الإقليمي والدولي للاعتراف بانقلاب الجماعة ومشروعيته.
بيد أن التحالف ومنذ بداية العمليات أكد على أن الأزمة يمنية - يمنية، وأن حلها يمني - يمني.
وكان سياسيون يمنيون وناشطون أدانوا بشدة التصعيد الحوثي على المطارات السعودية المدنية واعتبروا ذلك عملا إرهابيا وتصعيدا خطيرا يستعدي مزيدا من الحزم، وتحريك مختلف جبهات القتال ضد الميليشيات الحوثية، كما اعتبروا هذا التصعيد «رسائل إيرانية» عن طريق وكيلها الحوثي.
وحذر السياسيون اليمنيون من احتمال أن تدفع إيران الجماعة الحوثية مجددا إلى تهديد الملاحة في البحر الأحمر واستهداف ناقلات النفط لتوسع بذلك من دائرة الهجمات التي تعاقبت أخيرا قرب مضيق هرمز وخليج عمان ضد ناقلات الوقود.
ووفق تأكيدات المصادر العسكرية اليمنية، فإن الجماعة الحوثية عززت من ورش تصنيع الألغام في محافظة الحديدة في الآونة الأخيرة، ومن بينها الألغام البحرية، وكان أعلنت قبل أشهر سابقة عن تخريج دفعة من ميليشياتها أطلقت عليهم قوة «الضفادع البشرية»، ويرجح أنها تعدهم لزراعة الألغام الإيرانية في السفن المارة عبر البحر الأحمر.
وعلى رغم الهدنة الأممية التي بدأت في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد اتفاق السويد فإن تحالف دعم الشرعية أفاد بأن الجماعة خرقت الهدنة أكثر من 5 آلاف مرة خلال هذه المدة، في وقت تواصل الجماعة تصعيدها في مناطق الجبلية والفازة والتحتيتا للعودة مجددا إلى الطريق الساحلي الخاضع للقوات الحكومية.
وتقول القوات الحكومية إنها تتحلى بضبط النفس، وتجد نفسها مجبرة على التصدي للهجمات المتواصلة من قبل الميليشيات، غير أنها لن تستمر في ذلك إلى ما لا نهاية، وبخاصة مع تضاؤل فرص تنفيذ اتفاق ستوكهولم برمته ومحاولة المساعي الأممية إفراغه من مضمونه لمصلحة الجماعة الإيرانية، وبما يتعارض مع روح الاتفاق.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.