بوتين يؤكد أن «الظروف مهيأة» لعملية سياسية ويطالب دمشق بإصلاحات لدفعها

TT

بوتين يؤكد أن «الظروف مهيأة» لعملية سياسية ويطالب دمشق بإصلاحات لدفعها

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن الظروف «باتت مهيأة» لإطلاق العملية السياسية في سوريا، وقال إن بلاده وضعت مع تركيا وإيران أساساً قوياً للتهدئة، مضيفاً أن «بإمكاننا معاً دفع التسوية السياسية».
وكان بوتين يتحدث، أمس، خلال أعمال قمة «التعاون وبناء الثقة في آسيا»، التي انعقدت في دوشانبيه، عاصمة طاجيكستان. وشدد على ضرورة حشد الجهود لتسهيل عمليات عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وتنشيط العمل لتأسيس وإطلاق نشاط اللجنة الدستورية السورية.
ودعا الرئيس الروسي إلى تعزيز العمل المشترك على أساس مسار آستانة، وقال إن التعاون مع تركيا وإيران في هذا المسار أسفر عن تثبيت التهدئة وتوفير الظروف المناسبة لإطلاق العملية السياسية، لافتاً إلى أن الجزء الأكبر من الأراضي السورية «بات حالياً تحت سيطرة الحكومة الشرعية». لكنه أشار، في الوقت ذاته، إلى «الحاجة إلى القيام بإصلاحات سياسية» لدفع عملية التسوية. وبدا أن العبارة موجهة بشكل غير مباشر إلى الحكومة السورية.
وأضاف بوتين: «نعتقد أن استقرار الوضع في سوريا حاسم في ضمان أمن منطقتنا... من المهم تمهيد الطريق للإصلاحات السياسية في سوريا في أسرع وقت ممكن».
وأشار إلى أنه بمساعدة روسيا عادت معظم الأراضي السورية إلى سيطرة الحكومة من جديد، إضافة إلى ذلك تم تهيئة الظروف اللازمة لبدء نشاطات بناء السلام وعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى منازلهم.
وقال بوتين إن التنسيق بين روسيا وإيران وتركيا عبر مؤتمرات آستانة يخرج بنتائج إيجابية، مؤكداً أنّ بإمكانهم سويّاً تسهيل العملية السياسية الداخلية في سوريا، بما في ذلك تشكيل اللجنة الدستورية السورية وإطلاقها.
وجدد تأكيد موقف بلاده حول الأهمية الكبرى لـ«استكمال اجتثاث الإرهاب»، داعياً إلى مواصلة العمل على كشف التنظيمات الإرهابية، والقضاء على الأفكار المتطرفة، وتجفيف مصادر تمويل الإرهاب، ومنع وصول الأسلحة الكيماوية والبيولوجية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل الأخرى إلى أيدي الإرهابيين».
وفي ربط بالتوتر المتزايد في المنطقة، قال بوتين إنه يجب العمل على تخفيف التصعيد، ودعا جميع أطراف الاتفاق النووي مع إيران إلى الاستمرار بالتزاماتهم.
إلى ذلك، أعلن رئيس جمهورية الشيشان، رمضان قادروف، أنه يؤيد أعمال القوات السورية الحكومية والقوات الجوية الروسية «ضد الإرهابيين» في إدلب بسوريا. وقال قادروف في حديث لوكالة «إنترفاكس»: «أعتقد أن أي انقطاعات وفواصل في مكافحة الإرهاب أمر مستحيل. وفي سوريا وجهت القوات الجوية الفضائية الروسية ضربة ساحقة إلى (دولة إبليس) التي تم إنشاؤها للإطاحة بنظام (بشار) الأسد، وتقسيم سوريا، وجر بلدان المنطقة إلى نزاعات عسكرية طويلة الأمد يمكن أن تتحول إلى نزاعات عالمية في أي لحظة».
واتهم قادروف، الدول الغربية، بأن سياستها تطيل عملية القضاء على الإرهابيين في إدلب.
وأضاف: «عندما ظهرت هناك إمكانية حقيقية للقضاء على مراكز الإرهاب، بدأت الدول الغربية الرئيسية الحديث عن جماعات ما معتدلة في إدلب، الأمر الذي أطال عملية القضاء على الإرهاب وقاعدته المالية».
ورداً على سؤال حول مشاركة العسكريين الشيشان في عمليات حفظ السلام في المناطق السورية، والخسائر البشرية فيها، أفاد قادروف بمقتل عسكري شيشاني واحد أثناء هذه العمليات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».