بوتين يحدد 3 أولويات في سوريا بينها «القضاء على الإرهابيين في إدلب»

منظمة شانغهاي تدعم الموقف الروسي... وسفن وطائرات إلى طرطوس وحميميم

TT

بوتين يحدد 3 أولويات في سوريا بينها «القضاء على الإرهابيين في إدلب»

حدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ثلاث أولويات لتحرك بلاده في سوريا، بالتعاون مع شريكيها في مسار آستانة، تركيا وإيران. وقال إن «المهام الملحة في المرحلة الراهنة هي القضاء على مراكز الإرهابيين، وخصوصاً في إدلب، ودفع عملية تأسيس اللجنة الدستورية، وزيادة المساعدات الإنسانية في هذا البلد».
وحصل بوتين، أمس، على دعم قوي لمواقفه خلال أعمال قمة شانغهاي للتعاون التي اختتمت أعمالها في العاصمة القيرغيزية بشكيك. وأكد البيان الختامي للقمة على أهمية الانطلاق من مبدأ سيادة سوريا وضمان وحدة الأراضي السورية لإطلاق تسوية سياسية في البلاد، مشدداً على اعتماد آليات الحوار للتوصل إلى تسوية كاملة. وأكد دعم مسار آستانة وضرورة إطلاق حوار سوري يقوم على أساس القرار 2254 ويهدف لتلبية مصالح السوريين. وأوضح البيان أن المجتمعين يؤكدون أهمية توجيه الدعم الإنساني اللازم للسوريين لدفع ملفات إعادة الإعمار وتحسين الظروف المعيشية وعودة اللاجئين. وفي انتقاد مبطن لتحركات واشنطن، شدد البيان المشترك على أنه «لا يمكن تبرير التدخل في الشؤون الداخلية للدول بحجة مكافحة الإرهاب والتطرف، وكذلك لا يمكن القبول بوسائل استخدام الجماعات الإرهابية والمتطرفة والراديكالية لمصالح أحادية».
ودان البيان «كل أشكال الإرهاب والتطرف»، ورأى أنه «من المهم تنفيذ تدابير شاملة لتعزيز مكافحة الإرهاب وآيديولوجيته، وتحديد وإزالة العوامل والظروف المؤدية إلى الإرهاب والتطرف».
وفي الإطار ذاته، أشاد الرئيس فلاديمير بوتين، خلال أعمال قمة شنغهاي، بـ«التقدم الكبير الذي أنجزته روسيا في سوريا بمساعدة من جانب تركيا وإيران»، وقال إن «النتائج التي تحققت في الحرب ضد الإرهاب في سوريا تعد نجاحاً مشتركاً لروسيا وإيران وتركيا». وزاد أثناء لقاء ثنائي مع الرئيس الإيراني حسن روحاني: «لقد تمكنا من فعل الكثير بفضل العلاقات المتعددة الأوجه بين روسيا وإيران، وخصوصاً فيما يتعلق بالتعاون لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وعلى صعيد جهودنا المشتركة لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك في سوريا». بينما شدد روحاني، خلال اللقاء، على أن «الوضع في الشرق الأوسط يستلزم تعاوناً أكبر بين روسيا وإيران».
وكان بوتين ركز خلال كلمة في افتتاح القمة على الشأن السوري، وأكد أنه «تم تحقيق نتائج حقيقية في الحرب ضد الإرهاب الدولي في سوريا. وقد تمت هزيمة الإرهابيين بفضل المساعدة الروسية الشاملة للحكومة السورية الشرعية».
وفي تحديد لأولويات بلاده خلال الفترة المقبلة، أعلن بوتين أن «عملية التسوية السياسية في تقدم، والعمل جار لتشكيل اللجنة الدستورية. والمهمة ذات الأولوية حالياً هي ضمان القضاء التام على المراكز الإرهابية التي لا تزال موجودة في سوريا، وفي المقام الأول في إدلب، وبالتوازي مع ذلك زيادة حجم المساعدات الإنسانية ودعم المجتمع الدولي لإعادة الإعمار الاقتصادي في سوريا».
وتضم منظمة شنغهاي في عضويتها روسيا والصين والهند وباكستان وأربع جمهوريات سوفياتية سابقة هي كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان. وحصلت منغوليا وإيران وأفغانستان وبيلاروسيا، على صفة عضوية مراقب.
في غضون ذلك، تزايدت التكهنات حول موعد وطبيعة اللقاء المرتقب بين رؤساء المجالس القومية في روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل، علماً بأن الكرملين لم يحدد موعداً لهذا اللقاء، لكن مصادر روسية أشارت إلى أن استعدادات جارية لترتيب الموعد وجدول الأعمال، متوقعة أن ينعقد في غضون أسبوعين وأن يكون الملف الأبرز المطروح خلاله هو الوجود الإيراني في سوريا.
وكان هذا الملف بين أبرز ملفات البحث خلال محادثات موسعة أجراها في موسكو نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، علي أصغر خاجي، وقال في أعقابها إن طهران «واثقة من موقف موسكو المبدئي، وإن روسيا لن تستسلم للتجاوزات الأميركية – الإسرائيلية». وأوضح خاجي في مقابلة مع وكالة أنباء «سبوتنيك» الحكومية الروسية أن بلاده «على يقين من أن الحكومة الروسية متمسكة بموقفها المبدئي حيال شرعية الوجود الإيراني في سوريا، ولن تستسلم بالتأكيد أمام التجاوزات المستمرة من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل، ولن تجاريهما فيها»، بحسب قوله.
وتابع: «بالنسبة إلى إيران، نحن بالتأكيد لا نتوقع أن نسمع كلاماً إيجابياً من الإسرائيليين والأميركيين. نحن في سوريا بدعوة من الحكومة السورية الشرعية. وكان حضور الروس بناء على دعوة أيضاً. من عليه أن يغادر سوريا هم أولئك الضيوف غير المدعوين ومن أتى قسراً ومن احتل أرض الجولان».
وفي إشارة إلى أن موسكو أبلغت طهران بتحضيرات اللقاء المنتظر، قال الدبلوماسي الإيراني إنه «لا يعلم بالضبط ما إذا كان الأميركيون والإسرائيليون قدموا اقتراحات محددة للحكومة الروسية»، مشيراً إلى أنه سمع عن وجود اقتراحات عبر وسائل الإعلام، لكنه أضاف أن «المسؤولين الروس أبلغونا أنه من المقرر عقد اجتماع (ثلاثي) أواخر يونيو (حزيران)».
وتطرق خاجي إلى الغارات الإسرائيلية على مواقع إيرانية في سوريا، وقال إنه «ليس أمراً جديداً أن نرى في سوريا استمرار سلسلة من الاعتداءات على شعب هذا البلد من قبل كيان يحتل القدس. لقد اعترف قادة الكيان الصهيوني على الدوام بتنفيذهم العشرات من هذه الهجمات في الأشهر الأخيرة، وبناء على هذا لا يمكن أن نتوقع شيئا آخر من كيان عدواني واحتلالي. ومن ناحية أخرى، احتل الأميركيون قسراً أجزاء من الأرض السورية ووهبوا لحكومة الاحتلال الصهيوني أرض الجولان وهي أرض سورية».
وكان الناطق باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، نفى في وقت سابق صحة تقارير تحدثت عن «صفقة» اقترحها الأميركيون على موسكو تشتمل على الاعتراف بشرعية نظام الرئيس بشار الأسد مقابل احتواء روسيا للنفوذ الإيراني في سوريا. ودعا بيسكوف إلى «التعامل بحذر مع المعطيات التي تقدمها أطراف في الإدارة الأميركية» في هذا الشأن. لكن اللافت أن موسكو تكتمت حتى الآن على سير التحضيرات لعقد اللقاء الثلاثي المنتظر في القدس، ما دفع مراقبين إلى ترجيح أن تكون الأطراف الثلاثة تعمل على إنضاج رؤية مشتركة حول هذا الموضوع.
على صعيد آخر، أعلنت وسائل إعلام روسية أمس أن سفينتين حربيتين روسيتين دخلتا مياه البحر الأبيض المتوسط، الخميس، في طريقهما إلى سواحل سوريا.
ووفقاً للمعطيات التي استندت إلى مراكز رصد تركية لعبور السفن الحربية فإن سفينتي الإنزال الكبيرتين «سيزار كونيكوف» و«آزوف»، عبرتا مضيقي البسفور والدردنيل في طريقهما نحو ميناء طرطوس السوري، مع الإشارة إلى أن غاطسي السفينتين دلا إلى أنهما «محملتان بشحنات ثقيلة».
في السياق ذاته، نقلت مواقع إلكترونية متخصصة أن طائرات النقل الثقيلة الروسية من طرازات «أنطونوف - 124» و«روسلان» و«إليوشين - 76» نفذت ما لا يقل عن 14 رحلة إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، ما دفع إلى ترجيح أن تكون موسكو تقوم بحشد تعزيزات كبيرة من دون أن تعلن عن أهدافها.
ونقلت وسائل إعلام أن «سفن إنزال كبيرة وقطعاً من أسطول السفن المساعدة الروسية، إضافة إلى سفن مستأجرة، تشارك في نقل شحنات من أجل دعم مجموعة الطيران الحربي الروسي المتمركزة في قاعدة حميميم (بضواحي اللاذقية)، وقاعدة البحرية الروسية في طرطوس، وقوات الجيش السوري».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».