وزير خارجية الحكومة الليبية المؤقتة: قطر توسع نفوذها بدعم الإسلام السياسي

الحويج اتهم تركيا وإيران بدعم الميليشيات المسلحة في طرابلس

TT

وزير خارجية الحكومة الليبية المؤقتة: قطر توسع نفوذها بدعم الإسلام السياسي

اتهم عبد الهادي إبراهيم الحويج، وزير خارجية الحكومة الليبية المؤقتة، قطر وتركيا وإيران بدعم الميليشيات المسلحة في طرابلس من خلال السفن والشاحنات، التي قال: «إن العالم رصدها»، مؤكداً أن «الدول الغربية تعي تماماً أن (الجيش الوطني) هو الجسم النظامي الذي يتكون من جميع أطياف الشعب الليبي، لكن مصالحهم تغلبت على مواقفهم؛ لذلك نجدها تتخبط».
وأضاف الحويج لـ«الشرق الأوسط» أن «الأتراك يعتقدون أن الفرصة حانت لهم للتدخل في شؤون المنطقة مجدداً، وذلك من خلال دعم الإسلام السياسي؛ لذلك نجد الحزب الحاكم في أنقرة يتبنى هذا التيار في كل الدول المنطقة»، مشيراً أيضاً إلى أن قطر «تطمح دائماً لأن تكون مركز نفوذ؛ ولذلك رحبت بدعم الفكرة ذاتها، المتمثلة في الإسلام السياسي مدخلاً لتوسعة أجندتها».
وفي معرض حديثه عن موقف البيت الأبيض من المعركة العسكرية في طرابلس، رأى الحويج أنه «يستمع للجميع، وهذا حال السياسة الأميركية. لكن بتقديري، فإن الأميركيين لن يتأثروا بالادعاءات الزائفة، وهم يدركون أن الجيش الليبي دخل العاصمة لتحريرها من الإرهاب ومحاولة فرض الاستقرار»، الذي دعا إليه اتفاق أبوظبي نهاية فبراير (شباط) الماضي.
وبخصوص فرص استئناف العملية السياسية في البلاد مرة ثانية، قال وزير الخارجية بالحكومة المؤقتة: «نحن نرحب بطبيعة الحال بكل المقترحات والدعوات، ما دام أن ذلك يصب في مصالح الشعب الليبي... لكن المشكلة وهي أن الطرف الآخر (فائز السراج) أثبت عدم جديته في اللجوء للحل السياسي، بدليل تمترسه وراء الميليشيات، والأسوأ من ذلك أنه أصبح، تقريباً، الناطق باسمها».
وتابع الحويج موضحاً أنه «لا غنى عن العملية السياسية، ولا بد من إنهاء حالة الاقتتال والانقسام السياسي والمجتمعي. لكن يجب أيضاً تمهيد المناخ للعملية السياسية بالقضاء على فوضى السلاح والميليشيات؛ إذ لا يستقيم الحديث عن انتخابات وحياة ديمقراطية، ووجود دولة من الأساس في ظل استمرارهما بالمشهد، ولا يمكن أن نقبل بحوار مع أي جهة تدعم الإرهاب أو تمثله».
في غضون ذلك، استبعد الحويج ما ردده البعض من أن زيارة قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر لروسيا، مؤخراً، تروم محاولة جذب «الدب الروسي» بأسلحته القوية لدعم الجيش في معركة تحرير طرابلس، مبرزاً أن حفتر زار روسيا مرات عدة، كما زار دولاً مختلفة فاعلة؛ بهدف توضيح وجهات النظر، من دون منح أي وعود بالتسليح.
وبخصوص موقفه من المبعوث الأممي غسان سلامة، انتقد الحويج موقف هذا الأخير، واتهمه «بعدم الموضوعية» إثر وصفه معركة طرابلس بأنها «نزاع مسلح»، ومساواته بين الجميع باعتبارهم «أطرافاً مسلحة».
وحول مزاعم بوجود زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي في ليبيا، أكد الحويج أنه «لا يوجد حتى الآن دليل قاطع بشأن وجود البغدادي في الأراضي الليبية. إلا أن ثمة إشارات تشير إلى احتمالية ذلك». لافتاً إلى أن «الجيش الوطني» عاقد العزم على اجتثاث الإرهاب في مناطق الجنوب، وبخاصة بعدما رصد عدد من المواطنين بعض العناصر المسلحة داخل سيارات مدججة بالمدافع، تعلوها رايات سوداء في مدن الجنوب والغرب، فضلاً عما توارد في وسائل الإعلام من ظهور البغدادي مع عدد من أنصاره، وهو يدعوهم إلى توجيه عملياتهم الإرهابية ضد قوات الجيش بالجنوب.
في سياق ذلك، تطرق الحويج إلى الأوضاع في مدينة درنة، التي أعلن الجيش تحريرها من الجماعات الإرهابية، وقال: إن المدينة «بدأت تنهض بعد تحريرها من قبضة الإرهاب منتصف العام الماضي. أما بخصوص العملية التفجيرية التي أعقبت الزيارة، وتحديداً تفجير سيارتين ملغومتين استهدفتا وحدة عسكرية تابعة للجيش الوطني بالمدينة، التي أعلن (داعش) مسؤوليته عنها فيما بعد، فهذا دليل على إصرار الإرهابيين على تدمير كل ما له صلة بتعايش الأديان في ليبيا ككل، ودرنة رمز لهذا التسامح والتعايش».
ونفى وزير الخارجية بالحكومة المؤقتة ما يصوره البعض بأن الحكومة المؤقتة ومستقبل الحكم في ليبيا رهينة لدى قائد «الجيش الوطني» الليبي، وقال إن «قيادة ليبيا التي نراها مستقبلاً ليست رهناً بيد أحد، فهي تخضع فقط لكلمة الشعب من خلال صناديق الاقتراع، والمعركة الراهنة هي معركة (الجيش الوطني) المصيرية لتحرير عاصمة البلاد، لا معركة شخصية بعينها، وبالتالي فالحكومة المؤقتة تقف خلفها بكل قوة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.