قال فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية أمس الجمعة، إن الهجمات التي تعرضت لها ناقلتان في خليج عمان تهدد أمن الطاقة العالمية.
وأثارت الهجمات على الناقلتين الخميس مخاوف بشأن تقلص تدفقات الخام في أحد أهم مسارات الشحن العالمية مما دفع أسعار النفط للصعود 4.5 في المائة.
وقال بيرول للصحافيين: «هذا مبعث قلق كبير لأمن الطاقة العالمية، لأمن النفط العالمي ولأسواق الطاقة العالمية». وأضاف «نراقب الأحداث على نحو وثيق للغاية» قائلا إن الوكالة مستعدة للتحرك متى كان ذلك ضروريا.
وواصل خام برنت أمس الجمعة، مكاسبه القوية التي سجلها في الخميس، عقب هجمات تعرضت لها ناقلتا نفط في خليج عمان، مما أثار مخاوف بشأن تقلص تدفقات الخام عبر أحد مسارات الشحن الرئيسية في العالم.
ودفعت الهجمات التي وقعت قرب إيران ومضيق هرمز أسعار النفط للارتفاع 4.5 في المائة الخميس، مما أوقف انخفاضا سجلته الأسعار في الأسابيع الأخيرة بفعل مخاوف بشأن الطلب العالمي.
وهذه المرة الثانية في شهر التي تتعرض فيها ناقلات لهجمات في أهم منطقة لإمدادات النفط في العالم، في ظل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران. وسرعان ما ألقت واشنطن باللوم على إيران بشأن هجمات الخميس، لكن طهران نفت مسؤوليتها.
- توقعات قاتمة
قالت وكالة الطاقة الدولية أمس، إن توقعات نمو الطلب على النفط لعام 2019 أصبحت قاتمة بسبب تدهور آفاق التجارة العالمية، رغم أن النمو سيلقى الدعم من حزم التحفيز والدول النامية في 2020.
وعدلت الوكالة التي مقرها باريس، وتنسق سياسات الطاقة للدول الصناعية، بالخفض تقديراتها لنمو الطلب في 2019 بمقدار مائة ألف برميل إلى 1.2 مليون برميل يوميا، لكنها قالت إن النمو سيرتفع إلى 1.4 مليون برميل يوميا في 2020.
وقالت الوكالة في تقريرها الشهري «التركيز الرئيسي على الطلب على النفط مع ضعف الثقة الاقتصادية... العواقب بالنسبة للطلب على النفط أصبحت واضحة». وأضافت «تدهور توقعات التجارة مسألة شائعة في أنحاء جميع المناطق».
وتفترض توقعات نمو الطلب على النفط الإبقاء على الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة والصين على سلع في 2018، لكن الوكالة قالت إنها لم تضع في الاعتبار رسوم أميركية أخرى أُعلنت في مايو (أيار).
كما عزت الوكالة ضعف نمو الطلب في النصف الأول من العام إلى تباطؤ قطاع البتروكيماويات في أوروبا، وارتفاع درجات الحرارة بما يفوق المتوسط في نصف الكرة الأرضية الشمالي وركود الطلب على البنزين والديزل في الولايات المتحدة.
ومن المرجح أن ينتعش نمو الطلب إلى 1.6 مليون برميل يوميا في النصف الثاني من العام بفضل الإجراءات الحكومية لكبح التباطؤ الاقتصادي وتعزيز الاستهلاك في الدول غير المتقدمة.
وكتبت الوكالة: «من المرجح أن تدعم حزم التحفيز نمو الطلب في الأجل القصير. علاوة على ذلك، أوقفت البنوك المركزية الرئيسية زيادات أسعار الفائدة أو أبطأتها، مما سيدعم النمو في النصف الثاني من 2019 و2020».
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن العقوبات الأميركية على إيران وفنزويلا، واتفاق خفض الإنتاج الذي تنفذه منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بجانب حلفائها، والصراع في ليبيا والهجمات على ناقلتين في خليج عمان عوامل عززت الضبابية التي تكتنف الإمدادات على نحو محدود.
وأضافت أن إنتاج إيران النفطي انخفض 210 آلاف برميل يوميا في مايو إلى 2.4 مليون برميل يوميا، مسجلا أدنى مستوياته منذ الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات. وانخفضت الصادرات 480 ألف برميل يوميا إلى 810 آلاف برميل يوميا.
وسيساهم ارتفاع الإنتاج الأميركي وكذلك الزيادات في إنتاج البرازيل وكندا والنرويج في صعود الإمدادات من خارج أوبك 1.9 مليون برميل يوميا هذا العام و2.3 مليون برميل يوميا في 2020.
وتتصاعد التوترات في الشرق الأوسط منذ قرر الرئيس الأميركي انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق نووي عالمي أُبرم مع إيران في 2015. وأعاد فرض عقوبات على طهران مستهدفا صادراتها النفطية على وجه الخصوص.
وعلى جانب الطلب، خفضت أوبك الخميس توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط بسبب النزاعات التجارية وأشارت إلى مخاطر حدوث تراجع أكبر مما يبرر تمديد قيود على الإمدادات حتى نهاية 2019.
ومن المقرر أن تجتمع المنظمة وحلفاؤها في الأسابيع المقبلة لاتخاذ قرار بشأن الإبقاء على قيود الإمدادات. ويشعر بعض الأعضاء في المنظمة بالقلق إزاء تراجع الأسعار على نحو حاد، رغم مطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالتحرك لخفض سعر النفط.
وقالت أوبك في تقرير شهري نُشر الخميس إن الطلب العالمي على النفط سيزيد 1.14 مليون برميل يوميا هذا العام، بما يقل 700 ألف برميل يوميا عن التقديرات السابقة.
وبحلول الساعة 06:38 بتوقيت غرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 23 سنتا أو 0.4 في المائة إلى 61.54 دولار للبرميل، بعد أن صعدت 2.2 في المائة عند التسوية الخميس. لكن عقود برنت تتجه صوب تسجيل انخفاض أسبوعي نسبته نحو 3 في المائة متراجعة بذلك للأسبوع الرابع.
وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي بمقدار سنت إلى 52.27 دولار للبرميل بعد أن ارتفعت في وقت سابق. وأغلق خام غرب تكساس أيضا مرتفعا 2.2 في المائة في الجلسة السابقة، لكنه يتجه صوب الانخفاض 3.2 في المائة على أساس أسبوعي.
- السعودية تطمئن الأسواق
قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن المملكة ملتزمة بتزويد الأسواق العالمية بإمدادات «موثوقة» من النفط وإنها زادت الاستعدادات للتعامل مع أي تهديدات في أعقاب هجومين على ناقلتي نفط في الخليج الخميس.
وأدان الفالح الهجومين اللذين تعرضت لهما الناقلتان، وإحداهما تحمل شحنة من الميثانول من السعودية، في خليج عمان. وجاء الهجومان في أعقاب هجمات الشهر الماضي على أربع سفن، من بينها ناقلتا نفط سعوديتان، قبالة دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقال الفالح في بيان «المملكة ستتخذ الإجراءات التي تراها مناسبة لحماية موانئها ومياهها الإقليمية». ودعا المجتمع الدولي «لتحمل مسؤولياته لحماية الملاحة البحرية الدولية».
وأضاف أن وزارة الطاقة في أكبر مصدر للنفط في العالم وشركة النفط العملاقة أرامكو المملوكة للدولة رفعتا «مستوى الجاهزية للتعامل مع مثل هذه الأعمال العدائية والإرهابية». وأكد مجددا التزام المملكة بإرسال إمدادات «موثوقة» من النفط إلى الأسواق الدولية.
- أوبك وروسيا تقتربان من اتفاق التمديد
ذكرت صحيفة نيكي اليابانية نقلا عن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أن أوبك ومنتجين آخرين بما في ذلك روسيا يجرون محادثات نهائية بشأن اتفاق، ربما يجري توقيعه في أوائل يوليو (تموز) للتعاون بشأن إمدادات النفط على أساس طويل المدى. كما أبلغ نوفاك نيكي أن المباحثات مع أوبك بشأن تعديل موعد الاجتماع إلى أوائل يوليو من الموعد الأصلي المزمع يومي 25 و26 يونيو (حزيران) تقترب من نهايتها.
وجرى التخلي عن اقتراح بتأسيس كيان رسمي في وقت سابق من العام الجاري بعد أن بدأ الكونغرس الأميركي تحركات لإقرار تشريع يستهدف التكتلات الاحتكارية في قطاع النفط. لكن نيكي قالت إن المجموعة تسعى لأن تكون أوبك إطار عمل دائما بموجب اتفاق سيجري توقيعه في الاجتماع القادم.
وقبل المخاوف الأخيرة، كان بعض أعضاء أوبك يشعرون بالقلق إزاء انخفاض حاد للأسعار التي تراجعت إلى 62 دولارا للبرميل من ذروة سجلتها في أبريل (نيسان) عند ما يزيد عن 75 دولارا للبرميل بسبب مخاوف بشأن النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين وتباطؤ الاقتصاد العالمي.