روسيا تدرس مع الاتحاد الأوروبي اعتماد العملات الوطنية في التبادل التجاري

سياسة «المركزي» أحد أسباب تراجع حصة الدولار في الاحتياطيات الدولية

روسيا تدرس مع الاتحاد الأوروبي اعتماد العملات الوطنية في التبادل التجاري
TT

روسيا تدرس مع الاتحاد الأوروبي اعتماد العملات الوطنية في التبادل التجاري

روسيا تدرس مع الاتحاد الأوروبي اعتماد العملات الوطنية في التبادل التجاري

تسعى روسيا إلى تقليص حصة الدولار الأميركي في تعاونها التجاري مع أوروبا، وأجرت محادثات مع الاتحاد الأوروبي لتحديد إمكانية اعتماد الروبل واليورو عملات رئيسية في التبادل التجاري بين الجانبين. وفي اقتراح بهذا الصدد، ركز الجانب الروسي خلال المحادثات على اعتماد العملتين في المدفوعات عن الطاقة، أي النفط والغاز.
ويأتي هذا التطور في وقت تواصل فيه روسيا اتخاذ خطوات ضمن خطة «فك الارتباط بالدولار»، وقلصت حصته في احتياطياتها الدولية إلى حد كبير، الأمر الذي ساهم، إلى جانب أسباب أخرى، في التراجع القياسي على حصة الدولار في احتياطي العملات العالمية، وفق دراسة أعدها البنك المركزي الأوروبي.
وفي تصريحات لوكالات الأنباء الروسية، قال أندريه لافروف، نائب وزير المالية الروسي، إن الوزير أنطون سيلوانوف أجرى محادثات مع ماروش شيفتشوفيتش، نائب رئيس المفوضية الأوروبية لشؤون اتحاد الطاقة، اتفقا خلالها على تشكيل لجنة عمل لبحث مسألة التحول نحو اعتماد الروبل الروسي واليورو الأوروبي في المدفوعات عن التبادل التجاري. ويلبي هذا الاقتراح مساعي روسيا لتقليص حصة الدولار في اقتصادها، كما يتوافق مع «خريطة الطريق» التي طرحتها المفوضية الأوروبية نهاية 2018 حول «الابتعاد» عن الدولار في المدفوعات التجارية وفي المجال المالي.
وأكد المسؤول الروسي أن سيلوانوف وشيفتشوفيتش بحثا بما في ذلك اعتماد الروبل واليورو في المدفوعات عن الطاقة، أي الغاز والنفط، لافتا إلى أن «الجانبين أشارا إلى أن توسيع استخدام العملات الوطنية مربح لأنه يخفف من المخاطر بالنسبة لرجال الأعمال الروس والأوروبيين». وقال الوزير سيلوانوف إن مسؤولين على مستوى نائب وزير سيمثلون الجانب الروسي في لجنة العمل التي يدور الحديث عنها، والتي ستعمل تحديداً على دراسة الخطوات العملية في مجال الانتقال نحو اعتماد الروبل واليورو في مدفوعات التبادل التجاري بين روسيا والاتحاد الأوروبي.
وحسب بيانات البنك المركزي الروسي فإن حصة الروبل في المدفوعات عن صادرات البضائع والخدمات الروسية إلى أوروبا لا تتجاوز 8.3 في المائة، ولا تزيد حصة اليورو على 34.3 في المائة، بينما تزيد حصة الدولار في تلك المدفوعات على 54 في المائة، أي إن الهيمنة تبقى للدولار، ذلك أنه العملة المعتمدة في المدفوعات عن صادرات النفط والغاز، التي تشكل الجزء الرئيسي والأكبر من الصادرات الروسية إلى الاتحاد الأوروبي.
المشهد مختلف بالنسبة لواردات البضائع والخدمات الأوروبية إلى السوق الروسية؛ حيث تسدد الشركات الروسية قيمتها باليورو والروبل بصورة أكبر. وتصل حصة الروبل في مدفوعات الواردات حتى 28.4 في المائة، وحصة اليورو تزيد على 48 في المائة، بينما لا تتجاوز حصة الدولار 22 في المائة.
التفاف روسيا نحو اليورو ليس مجرد حدث عابر أو وليد اللحظة. إذ كشفت دراسة أعدتها أخيرا صحيفة «آر بي كا» بناء على بيانات البنك المركزي الروسي، عن زيادة حصة العملة الأوروبية في مدفوعات التبادل التجاري بين روسيا وبعض الدول الحليفة ضمن مجموعة «بريكس».
وكانت روسيا تأمل بزيادة حصة العملات الوطنية (الروبل واليوان) في مدفوعات التبادل التجاري مع الصين على سبيل المثال، وتقليص حصة الدولار، إلا أن البيانات كشفت عن حفاظ الدولار على الحصة الأكبر في تلك المدفوعات، مقابل نمو محدود للغاية على حصة الروبل واليوان، أما اليورو فقد نمت حصته بشكل ملحوظ، ما يعادل بالدولار الأميركي 4.1 مليار في 2017، حتى 8.3 مليار العام 2018.
في شأن متصل قال البنك المركزي الأوروبي في تقريره السنوي حول حصة اليورو في احتياطي العملات الدولية، إن حصة الدولار الأميركي في ذلك الاحتياطي تراجعت حتى 61.7 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ 20 عاماً، أو منذ تأسيس منطقة اليورو. ومع أن الدولار يبقى عملة الاحتياطي الرئيسية والمهيمنة، إلا أن حصة اليورو في الاحتياطيات الدولية ارتفعت خلال العام الماضي بقدر 1 نقطة، حتى 20.7 في المائة، ووفق التقرير الذي أوضح أن هذه التغيرات جاءت على خلفية بيع عدد من الدول النامية احتياطياتها بالدولار الأميركي لدعم سعر صرف العملات الوطنية، في مواجهة التقلبات. ومنذ مارس (آذار) وحتى سبتمبر (أيلول) 2018. باعت تلك الدول من احتياطياتها نحو 200 مليار دولار، وبالتالي ساهم هذا الأمر في تعزيز موقف اليورو.
التدابير الوقائية التي اتخذها البنك المركزي الروسي في مواجهة العقوبات، ساهمت هي أيضا في تراجع حصة الدولار وزيادة حصة اليورو في الاحتياطيات الدولية. ويشير التقرير في هذا الصدد إلى أن بعض البنوك المركزية، وبصورة خاصة الروسي، قام بتنويع العملات في الاحتياطي، ورفع حصة اليورو نحو 0.5 نقطة تقريبا، حتى 39 في المائة في الاحتياطي الدولي الروسي حالياً، وذلك بعد أن تراجعت حصة الدولار على خلفية تقليص الاستثمارات الروسية في سندات الدين العام الأميركي من 108.7 مليار دولار في نهاية مارس (آذار) حتى 14.9 مليار بحلول نهاية مايو (أيار) العام الماضي.
وأظهرت بيانات رسمية نشرت مساء الخميس، عودة احتياطي النقد الأجنبي لدى روسيا إلى مستوياتها قبل تفجر الأزمة المالية الروسية العام 2014 على خلفية أزمة شبه جزيرة القرم.
وذكر البنك المركزي الروسي على موقعه الإلكتروني أن احتياطي روسيا من النقد الأجنبي ارتفع خلال الأسبوع المنتهي في 7 يونيو (حزيران) الحالي بمقدار 7.5 مليار دولار إلى 502.7 مليار دولار.


مقالات ذات صلة

قبيل بيانات التضخم... الدولار قرب أعلى مستوى في أسبوعين

الاقتصاد أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)

قبيل بيانات التضخم... الدولار قرب أعلى مستوى في أسبوعين

تداول الدولار بالقرب من أعلى مستوى له في أسبوعين مقابل الين، قبيل صدور بيانات التضخم الأميركي المنتظرة التي قد تكشف عن مؤشرات حول وتيرة خفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد سبائك ذهبية معروضة في مكتب «غولد سيلفر سنترال» بسنغافورة (رويترز)

توقعات باستمرار تألق الذهب حتى 2025 ليصل إلى 2950 دولاراً

مع عودة دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، من المحتمل أن يكون هناك مزيد من عدم اليقين بشأن التجارة والتعريفات الجمركية، مما سيدعم أيضاً سعر الذهب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد لقاء بين الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي على هامش قمة «بريكس» في قازان (أرشيفية - رويترز)

الهند: لا مصلحة لدول «بريكس» في إضعاف الدولار الأميركي

قال وزير الخارجية الهندي سوبراهامانيام جايشانكار يوم السبت إن دول «بريكس» ليست لديها مصلحة في إضعاف الدولار الأميركي.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)

اليورو تحت الضغط وسط أزمة فرنسا السياسية

ظل اليورو ضعيفاً يوم الخميس بعد الانهيار المتوقع للحكومة الفرنسية، ما أثار المخاوف بشأن ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر جلسة عامة في منتدى «في تي بي» للاستثمار في موسكو (رويترز)

بوتين: لماذا نراكم الاحتياطيات إذا كانت سهلة المصادرة؟

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، إنه يطرح تساؤلاً بشأن ضرورة الاحتفاظ بالاحتياطيات الحكومية بالعملات الأجنبية، في ظل إمكانية مصادرتها بسهولة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.