نيجيرفان بارزاني... رئيس كردستان العراق وسليل أعرق عائلات الإقليم السياسية

انتخب وفق قانون الرئاسة المعدّل خلال الشهر الماضي

نيجيرفان بارزاني... رئيس كردستان العراق وسليل أعرق عائلات الإقليم السياسية
TT

نيجيرفان بارزاني... رئيس كردستان العراق وسليل أعرق عائلات الإقليم السياسية

نيجيرفان بارزاني... رئيس كردستان العراق وسليل أعرق عائلات الإقليم السياسية

للسنوات الأربع المقبلة، سيحظى إقليم كردستان العراق، بحقبة غير مسبوقة من الوئام السياسي، والاستقرار الأمني والاقتصادي، مقرونة بعلاقات دبلوماسية وسياسية متوازنة مع السلطات الاتحادية في بغداد ومع محيطه الخارجي.
هذا ما تعهد به نيجيرفان بارزاني (52 سنة) الرئيس الجديد للإقليم، الذي تسلم مقاليد منصبه أخيراً، وبات من ثم، أول رئيس لكردستان العراق يجري انتخابه وفقاً للنظام البرلماني الذي أُقر في الإقليم، وفقاً لقانون الرئاسة المعدّل يوم 8 مايو (أيار) الماضي. ولقد حصل نيجيرفان بارزاني على 68 صوتاً من أصوات 81 عضواً حضروا الجلسة النيابية، مع الإشارة إلى أن العدد الإجمالي لمقاعد برلمان الإقليم (وبالتالي، عدد نوابه) هو 111 مقعداً.

نيجيرفان بن إدريس بن مصطفى بارزاني، الرئيس الجديد لإقليم كردستان العراق (الذاتي الحكم) تدرّج في السلمين الحزبي والحكومي، بتأنٍّ وثبات، إلى أن تبوأ منصب نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، أكبر الأحزاب الحاكمة في الإقليم، بزعامة رئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني، وهذا، قبل أن يتولى رئاسة حكومة الإقليم.
يوصف نيجيرفان في الأوساط السياسية والإعلامية على المستويين المحلي والخارجي، بـ«الرئيس الشاب والأنيق والمنفتح» في سياساته وأفكاره. ولقد اكتسب تلك الشهرة من خلال حنكته السياسية والدبلوماسية ومهارته العالية، وتبصره في التعاطي المرن مع أكثر القضايا السياسية والعسكرية تعقيداً.
تجلت كل تلك الصفات السياسية في الزعيم الشاب بعد أحداث إعادة انتشار القوات العراقية.
يومذاك، حاولت ميليشيات «الحشد الشعبي» اقتحام إقليم كردستان العراق، مستغلة أجواء التوتر بين أربيل وبغداد، في أعقاب عملية الاستفتاء على مصير إقليم كردستان يوم 25 من سبتمبر (أيلول) من العام ذاته، ساعية إلى القضاء على الكيان السياسي والدستوري القائم في الإقليم منذ عام 1992.
إلا أن نيجيرفان بارزاني نجح في تطويق الأزمة وتبديد المخاوف والمخاطر، كما نجح في إبعاد شبح القتال عن الإقليم وشعبه، وتطبيع العلاقات مع بغداد أولاً، ومع عواصم دول الجوار أيضاً، بحكمته السياسية المعهودة وعلاقاته الدبلوماسية الواسعة، مع مراكز وعواصم القرار في العالم على مدى عقدين متواصلين تقريباً من توليه رئاسة الحكومة، بل أكثر من هذا وذاك، نجح بامتياز في توسيع نطاق الشعبية والجماهيرية التي يتمتع بها حزبه في الإقليم، ما ضمن له الفوز في الانتخابات التشريعية التي أجريت في العراق خلال مايو (أيار) 2018 بحصوله على 26 مقعداً، وبعد ذلك الانتخابات النيابية في الإقليم التي أجريت في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي بحصوله على المرتبة الأولى بواقع 45 مقعداً (أي نصف مقاعد البرلمان تقريباً) وبالتالي، كسب الرجل مزيداً من التألق السياسي وعزّز من موقعه في الإقليم على مختلف المستويات.

تبنّي النظام البرلماني
لعل من أهم ما يُحسب للرئيس الجديد، وسليل بيت الزعامة الأبرز في كردستان العراق منذ النصف الثاني من القرن العشرين. تحديداً من إنجازات سياسية، هو نجاحه في إقناع قيادات حزبه بتبني النظام البرلماني، عوضاً عن النظام الرئاسي، الذي لطالما تسبب في إثارة معضلات سياسية عويصة مع أقطاب المعارضة وفي مقدمتها «حركة التغيير».
إذ كانت هذه الحركة تشترط تغيير النظام النيابي سبيلاً لتطبيع الأوضاع السياسية المتوترة بينها وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني، التي نشبت على خلفية رفض الرئيس السابق مسعود بارزاني في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2016، تبني النظام البرلماني، وتعديل قانون رئاسة الإقليم، ما أسفر عن تعطيل برلمان الإقليم لسنتين من عمر دورته السابقة، ومنع رئيسه وقتذاك، يوسف محمد، القيادي في «حركة التغيير» (التي كانت تشغل 24 مقعداً) من مزاولة مهامه وإبعاد وزراء الحركة الأربعة من تشكيلة الحكومة السابقة.
ومن ثم، كان لحصول هذا التحول السياسي والإداري الكبير، أثر عميق في إبراز دور نيجيرفان بارزاني، في الحياة السياسية وتصحيح مسيرتها في الإقليم، بحيث أفلح في استقطاب أكبر قوى المعارضة، أي «حركة التغيير»، إلى تحالف القوى الثلاث التي ستشكل حكومة الإقليم المنتخَبة، وبالتالي، إضعاف جبهة المعارضة النيابية في الإقليم.

إبان مقاومة «داعش»
أيضاً يُسجَّل للزعيم الشاب، إدارته لشؤون الإقليم، أمنياً واقتصادياً، خلال سنوات الحرب ضد تنظيم «داعش»، الذي كان يهدد أمن واقتصاد الإقليم في الصميم، وفي ظل أوضاع اقتصادية خانقة جراء قطع بغداد لحصة الإقليم من الموازنة العامة للبلاد على مدى أربع سنوات. ولقد وُفّق تماماً في حفظ السلم الاجتماعي رغم ما عانى منه الإقليم من اضطرابات سياسية وهيجان شعبي، بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية. وبرهن للقاصي والداني على مهارته وسعة خبرته الإدارية والسياسية، ما يؤهله، حسب كثير من المراقبين، وقطاع واسع من النخبة الثقافية والإعلامية، لأن يكون رئيساً متميزاً، بوسعه فعل الكثير، في حال لم يتكالب أعداء النجاح لعرقلة مشاريعه الطموحة والواعدة.

مضمون خطاب اليمين
وفي خطاب نيجيرفان بارزاني الذي ألقاه خلال مراسم أدائه اليمين القانونية أمام برلمان الإقليم في 10يونيو (حزيران) الحالي، حدد الرئيس الجديد، جوهر وأساس الخلافات القائمة بين الإقليم والسلطات الاتحادية في بغداد منذ 16 سنة، ألا وهو تجاهل الدستور العراقي الذي صوّت عليه 70 في المائة من الشعب العراقي عام 2005، أو الانتقائية في تنفيذ بنوده.
وعزا في الخطاب إلى ذلك كل المشاكل السياسية والأمنية التي عانى ويعاني منها العراق، بما فيها مشكلة الإرهاب، ممثلاً بالمنظمات والجماعات المتطرفة. وأكد أن الفرصة ما زالت سانحة، وهناك متَّسع من الوقت لإعادة تفعيل الدستور وتنفيذ مضامينه حرفياً، وجعله المرجع والفيصل في حلحلة الخلافات القائمة بين الجانبين. كذلك أعلن استعداده لطي صفحة الخلافات وفتح صفحة أوسع من التعاون والعلاقات المتوازنة والإيجابية مع بغداد، وهو ما يعني ضمناً أن الرئيس الشاب يطمح إلى تدشين مرحلة فريدة من التعاون المثمر بين الإقليم والسلطات الاتحادية ببغداد، مستثمراً وجود عادل عبد المهدي، المعروف بعلاقاته الطيبة جداً مع القوى الكردية، على رأس الحكومة العراقية، الأمر الذي يؤمل أن تظهر أولى بوادره أثناء زيارة عبد المهدي المرتقبة للإقليم خلال اليومين المقبلين. هذه الزيارة ستكون الزيارة الأولى لعبد المهدي منذ توليه رئاسة الحكومة. ووفقاً لمصادر كردية مطلعة، من المرتقب أن يبحث الرئيسان بارزاني وعبد المهدي، أهم وأعقد الملفات العالقة بين الطرفين، وعلى رأسها مسألة تصدير النفط من الإقليم، وقانون النفط والغاز المعطل في البرلمان العراقي منذ أكثر من عقد، وحصة الإقليم من الموازنة المالية للدولة، وملف قوات البيشمركة ومستحقاتها المالية والعسكرية، وهي جزء من سلسلة ملفات ما برحت تعيق عودة المياه إلى مجاريها الطبيعية، بين أربيل وبغداد.

السيرة الذاتية
ولكن ماذا عن نيجيرفان بارزاني الإنسان؟ من هو وما سيرته الشخصية؟
سيرة نيجيرفان بارزاني تسرد، في الحقيقة، فصولاً طويلة من النضال السياسي العسير.
وُلِد نيجيرفان يوم 21 سبتمبر (أيلول) من عام 1966 في بارزان، معقل الأسرة البارزانية، وهو ابن إدريس، أحد ولدي الملا مصطفى بارزاني أحد أبرز الزعماء والقادة الميدانيين، بجانب أخيه مسعود، الرئيس السابق للإقليم.
وهاجر مع أسرته صبياً إلى إيران عام 1975، غداة انهيار الثورة الكردية التي قادها جده الزعيم الراحل الملا مصطفى. ونتيجة لظروف النزوح القاسية والانخراط بمعترك السياسة والعمل العسكري ضمن قوات البيشمركة الكردية، ولسنوات طويلة، تعذر عليه الانتظام واستكمال المراحل الدراسية، والحصول على شهادة جامعية. مع هذا، نتيجة لدوره المتميز في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني انتخب عضواً في المكتب السياسي عام 1989، ثم انتُخِب نائباً لرئيس الحزب.
في مارس (آذار) 1991 شارك بفاعلية في الانتفاضة الكردية ضد النظام العراقي السابق، مخططاً ومنفذاً لكثير من فصولها، ثم انتُخِب رئيساً لحكومة إقليم كردستان، في دورتها الثالثة عام 1996، ثم للدورة الرابعة عام 1999. (في تلك الفترة كانت حكومة الإقليم منقسمة إلى إدارتين بين أربيل والسليمانية بفعل الاقتتال الداخلي بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وغريمه الأزلي الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الراحل جلال الطالباني).
بعد ذلك، أُعِيد انتخابه رئيساً لحكومة الإقليم في أعقاب توحيد إدارتيها عام 2006. وأعيد انتخابه مجدداً رئيساً لدورتها الخامسة للفترة من 2011 ولغاية 2013، ثم رئيساً للدورة السادسة للفترة من 2013 ولغاية 2018.
يوم 3 ديسمبر (كانون الأول) 2018 قرر الحزب الديمقراطي ترشيحه لرئاسة الإقليم، وهكذا، وانتخب بالفعل للمنصب في مايو الماضي.
نيجيرفان بارزاني متزوج من ابنة عمه مسعود بارزاني، وله خمسة أولاد، هم: إدريس، وجيافان، ورانيا، ومايا، ودانيال. ولقد منحته كلية واشنطن وجفرسون الجامعية الأميركية المرموقة شهادة فخرية.

تكامل فريقه السياسي
ما يعزّز تكهنات المراقبين والمتابعين في أن تخيم أجواء إيجابية على العلاقة المستقبلية بين بغداد والإقليم، الآن، هو تولي مسرور بارزاني، الذي هو النجل الأكبر لزعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني، وابن عم نيجيرفان، رئاسة الحكومة المقبلة، كونه مدعوماً بقوة من والده الزعيم وابن عمه رئيس الإقليم. والرجلان تعهدا رسمياً بتقديم الدعم الكامل ليتمكن من معالجة المشاكل الداخلية في الإقليم، لا سيما مكافحة الفساد الإداري والبطالة المقنّعة، وتوفير فرص العمل المتوازنة للشباب، لا سيما حملة الشهادات الجامعية.
هذا، وسيباشر مسرور بارزاني مساعيه لتشكيل حكومته اعتباراً من مطلع الأسبوع المقبل، بعد تكليفه بذلك رسمياً من قبل رئيس الإقليم يوم الأربعاء الماضي. ومن المنتَظَر أن تكون مفاوضاته سهلة في مدينة السليمانية مع زعماء حزب الاتحاد الوطني الكردستاني (21 مقعداً)، بصفته الشريك الثاني في الحكومة، و«حركة التغيير» بصفتها الشريك الثالث، في ضوء ما هو محدد في الاتفاقات الثنائية المنفصلة المبرمة بين «الديمقراطي» وشريكيه في الحكم. على أن يتم تشكيل الحكومة في غضون شهر واحد من تاريخ تكليف مسرور بارزاني، الذي هو عضو في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي، وحاصل على شهادة الماجستير في العلوم السياسية من إحدى الجامعات الأميركية.



نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
TT

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا، كما أيّد تصدي المملكة العربية السعودية للمتمردين الحوثيين في اليمن.

في المقابل، أدان روبيو هجوم حركة «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على غلاف قطاع غزة، وأعرب بقوة عن دعمه لإسرائيل و«عن حقها في الدفاع عن النفس»، داعياً إلى القضاء التام على «حماس» في القطاع الفلسطيني المحتل.

وعندما سُئل عما إذا كانت هناك طريقة ما لوقف «حماس» من دون التسبّب في خسائر بشرية جسيمة في صفوف مدنيي غزة، قال روبيو - بالحرف - إن إسرائيل لا تستطيع التعايش «مع هؤلاء المتوحشين... يجب القضاء عليهم». وتابع في الاتجاه نفسه ليقول: «إن (حماس) مسؤولة بنسبة 100 في المائة» عن الخسائر البشرية الفلسطينية في غزة.

أما فيما يتعلق بإيران فالمعروف عن روبيو أنه يدعم العقوبات الصارمة وإلغاء الاتفاق النووي معها. وإزاء هذه الخلفية يرى محللون أن اختياره لمنصب وزير الخارجية ربما يعني تطبيقاً أكثر صرامة للعقوبات النفطية على كلّ من إيران وفنزويلا.

ومن جهة ثانية، بصفة ماركو روبيو نائباً لرئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ وعضواً في لجنة العلاقات الخارجية، فإنه يناقش في الكثير من الأحيان التهديدات العسكرية والاقتصادية الأجنبية، ولعل من أبرزها ما تعدّه واشنطن تهديد الصين. وهو يحذّر بشدّة من أن كلاً من الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا تتعاون بشكل متزايد ضد الولايات المتحدة. وسبق له أن قال في خطاب ألقاه خلال مارس (آذار) الماضي: «إنهم جميعاً يشتركون في هدف واحد. إنهم يريدون إضعاف أميركا، وإضعاف تحالفاتنا، وإضعاف مكانتنا وقدراتنا وإرادتنا».

وحول الصين بالذات، فيما يتعلق بالأمن القومي وحقوق الإنسان، فإنه يحذر من الصين. وفي حين يأمل روبيو بنمو اقتصادي أكبر نتيجة للتجارة معها، فإنه يعتقد أن على واشنطن دعم الديمقراطية والحرية والاستقلال الحقيقي لشعب هونغ كونغ.

أما بالنسبة لروسيا، فقد أدان روبيو غزو روسيا لأوكرانيا، خلال فبراير (شباط) 2022، بيد أنه صوّت مع 15 جمهورياً في مجلس الشيوخ ضد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل وشركاء آخرين جرى تمريرها في أبريل (نيسان).

ثم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وصف الأوكرانيين بأنهم «شجعان وأقوياء بشكل لا يصدق»، لكنه قال إن الحرب في أوكرانيا وصلت إلى «طريق مسدود»، و«يجب إنهاؤها» عبر التفاوض لتجنب المزيد من الضحايا، بدلاً من التركيز على استعادة كل الأراضي التي استولت عليها موسكو.

في المقابل، يدعم وزير الخارجية المرشّح الشراكةَ التجارية والتعاون مع الحلفاء عبر المحيط الهادئ، ويدعو إلى تعزيز الوجود العسكري الأميركي في تلك المنطقة، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة «تخاطر بالاستبعاد من التجارة العالمية ما لم تكن أكثر انفتاحاً على التجارة».