إقليم كردستان العراق... خلفيات ومعلومات

إقليم كردستان العراق... خلفيات ومعلومات
TT

إقليم كردستان العراق... خلفيات ومعلومات

إقليم كردستان العراق... خلفيات ومعلومات

تحد الإقليم إيران من الشرق، وتركيا في الشمال، وسوريا إلى الغرب، بينما تحده باقي مناطق العراق إلى الجنوب. العاصمة الإقليمية للإقليم هي مدينة أربيل، وهي في الوقت نفسه العاصمة الإدارية لمحافظة أربيل. ومن أكبر مدن الإقليم الأخرى مدينة السليمانية، عاصمة محافظة السليمانية المتاخمة لإيران، ومدينة دهوك عاصمة محافظة دهول المتاخمة لتركيا، ناهيك عن الوجود الكردي الكبير في مدينة كركوك (عاصمة النفط) في العراق. وبين المدن والبلدات الشهيرة في الإقليم راوندوز وشقلاوة وسنجار والعمادية وزاخو وبنجوين وجوارتة وحلبجة ورانيا.
معاهدة الحكم الذاتي

يعود تأسيس إقليم كردستان العراق، رسمياً، إلى معاهدة الحكم الذاتي في مارس (آذار) 1970، بعد الاتفاق بين الحكومة العراقية والمعارضة الكردية عقب سنوات كثيرة من الصراع المسلح. وكانت أجزاء واسعة من الإقليم الشهير بجباله ومياهه قد عانت من التدمير إبان الحرب بين إيران والعراق في عقد الثمانينات من القرن العشرين، وكذلك إبان حملة الإبادة الجماعية (التي عُرفت بـ«الأنفال») التي شنها الجيش العراقي بين 1986 و1988، وتختلف التقارير حول العدد الحقيقي لضحاياها، وهي تتراوح بين 50 ألفاً و180 ألف قتيل.
وعام 1991، أعلن في شمال العراق، بعد حرب الخليج الثانية (حرب تحرير الكويت)، ما شكل ملاذا آمناً سهل عودة اللاجئين الأكراد، كما واصل الأكراد فيما بعد محاربة الجيش العراقي، إلى أن غادرت القوات العراقية الإقليم في أكتوبر (تشرين الأول) 1991، ومن ثم غدت المنطقة مستقلة ذاتياً بحكم الأمر الواقع، إلا أن أياً من الحزبين الكرديين الرئيسين (أي الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) لم يعلن الاستقلال في ذلك الوقت، وظلت منطقة كردستان العراق تعد نفسها جزءاً لا يتجزأ من العراق الموحد. بيد أن وضع العراق تغير في أعقاب الغزو الذي تعرض له عام 2003. وأدت التغيرات السياسية اللاحقة للتصديق على دستور جديد للعراق عام 2005 إلى تحديد الدستور العراقي الجديد منطقة كردستان العراق «كياناً اتحادياً» ضمن العراق، وجعل اللغة العربية واللغة الكردية لغتين رسميتين مشتركتين في العراق.
ويقدر عدد سكان الإقليم بنحو 4 ملايين نسمة، كما تقدر مساحة محافظاته الثلاث أربيل والسليمانية ودهوك بنحو 40 ألف كلم مربع.
وراهناً، يتمتع إقليم كردستان العراق بحكم ديمقراطي برلماني، مع حكم برلمان إقليمي يتكون من 111 مقعداً. وكان أول رئيس للإقليم الذاتي الحكم مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي انتخب في بداية عام 2005، وأعيد انتخابه عام 2009.

عراقة تاريخية
عرفت مناطق شمال العراق، ومنها كردستان العراق الحالية، السكنى منذ عصور ما قبل التاريخ، كما شهدت هذه المنطقة حضارات عريقة، لعل أشهرها حضارة آشور (نينوى) في منطقة الموصل، كما اشتهرت فيها في العصور المسيحية الأولى بمراكزها المسيحية النسطورية واليعقوبية (السريانية).

الفتح الإسلامي
في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، فتحت أرض العراق التي كانت تحت سيطرة الدولة الفارسية، واتسع نطاق الإسلام، وبات العراق جزءاً رئيساً من الدولة الإسلامية، ولاحقاً قامت في جنوبه عاصمة الخلافة بمدينة الكوفة. ومع أن الأمويين نقلوا عاصمة حكمهم إلى دمشق، فإن انتصار العباسيين أعاد السلطة إلى العراق، حيث شيد الخليفة العباسي الثاني أبو جعفر المنصور مدينة السلام (بغداد)، وجعلها عاصمة للخلافة، وظلت كذلك حتى سقوطها بعد غزو المغول عام 1258م.
أما بالنسبة لأكراد العراق، ورغم حضورهم المؤثر فيه، فإنه لم تقم دولة كردية ذات حدود واضحة متعارف عليها، ومستقلة بالمعنى الكامل لكلمة استقلال، مع أن كلمة كردستان ظهرت كمصطلح جغرافي لأول مرة خلال القرن الـ12 الميلادي، في أيام السلاجقة.
ثم في أعقاب وصول العثمانيين إلى منطقة كردستان العراق، بدءاً من القرن الـ16م، كانت تقوم في المنطقة ثلاث إمارات كردية، هي إمارات بابان وبادينان وسوران.
وفي عام 1831، فرض الحكم العثماني المباشر بعد اعتماد الدولة العثمانية نظاماً إدارياً جديداً (نظام الولايات)، بتدخل من بريطانيا وفرنسا، فحلت هذه الإمارات كما حلت إمارات أخرى في أراضي الدولة. واستمر الوضع على هذه الحال حتى الحرب العالمية الأولى التي انتهت بخسارة العثمانيين، وانسحابهم من ولاية الموصل (الكيان الإداري الكبير لشمال العراق).

ما بعد الحرب العالمية الأولى
كما هو معروف، قسمت أراضي الدولة العثمانية، على أثر هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، بين دول الحلفاء. وعام 1916، قدمت بريطانيا وفرنسا خطة لتقسيم غرب آسيا وتقاسمها بعد تلك الحرب، بموجب ما عُرف بـ«اتفاقية سايكس - بيكو»، ولكن بعد انتهاء الحرب منحت عصبة الأمم ولايات سورية ومتصرفية جبل لبنان لفرنسا، بينما أعطت ولايات بلاد الرافدين (وهي بغداد والبصرة والموصل) لبريطانيا.
وهكذا، في11 نوفمبر (تشرين الثاني) 1920، أصبح العراق منتدباً من عصبة الأمم تحت السيطرة البريطانية.


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل
TT

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ) و«الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، فإنه كان غالباً «الشريك» المطلوب لتشكيل الحكومات الائتلافية المتعاقبة.

النظام الانتخابي في ألمانيا يساعد على ذلك، فهو بفضل «التمثيل النسبي» يصعّب على أي من الحزبين الكبيرين الفوز بغالبية مطلقة تسمح له بالحكم منفرداً. والحال أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحكم ألمانيا حكومات ائتلافية يقودها الحزب الفائز وبجانبه حزب أو أحزاب أخرى صغيرة. ومنذ تأسيس «الحزب الديمقراطي الحر»، عام 1948، شارك في 5 حكومات من بينها الحكومة الحالية، قادها أحد من الحزبين الأساسيين، وكان جزءاً من حكومات المستشارين كونراد أديناور وهيلموت كول وأنجيلا ميركل.

يتمتع الحزب بشيء من الليونة في سياسته التي تُعد «وسطية»، تسمح له بالدخول في ائتلافات يسارية أو يمينية، مع أنه قد يكون أقرب لليمين. وتتمحور سياسات

الحزب حول أفكار ليبرالية، بتركيز على الأسواق التي يؤمن بأنها يجب أن تكون حرة من دون تدخل الدولة باستثناء تحديد سياسات تنظيمية لخلق أطر العمل. وهدف الحزب الأساسي خلق وظائف ومناخ إيجابي للأعمال وتقليل البيروقراطية والقيود التنظيمية وتخفيض الضرائب والالتزام بعدم زيادة الدين العام.

غينشر

من جهة أخرى، يصف الحزب نفسه بأنه أوروبي التوجه، مؤيد للاتحاد الأوروبي ويدعو لسياسات أوروبية خارجية موحدة. وهو يُعد منفتحاً في سياسات الهجرة التي تفيد الأعمال، وقد أيد تحديث «قانون المواطنة» الذي أدخلته الحكومة وعدداً من القوانين الأخرى التي تسهل دخول اليد العاملة الماهرة التي يحتاج إليها الاقتصاد الألماني. لكنه عارض سياسات المستشارة السابقة أنجيلا ميركل المتعلقة بالهجرة وسماحها لمئات آلاف اللاجئين السوريين بالدخول، فهو مع أنه لا يعارض استقبال اللاجئين من حيث المبدأ، يدعو لتوزيعهم «بشكل عادل» على دول الاتحاد الأوروبي.

من أبرز قادة الحزب، فالتر شيل، الذي قاد الليبراليين من عام 1968 حتى عام 1974، وخدم في عدد من المناصب المهمة، وكان رئيساً لألمانيا الغربية بين عامي 1974 و1979. وقبل ذلك كان وزيراً للخارجية في حكومة فيلي براندت بين عامي 1969 و1974. وخلال فترة رئاسته للخارجية، كان مسؤولاً عن قيادة فترة التقارب مع ألمانيا الديمقراطية الشرقية.

هانس ديتريش غينشر زعيم آخر لليبراليين ترك تأثيراً كبيراً، وقاد الحزب بين عامي 1974 و1985، وكان وزيراً للخارجية ونائب المستشار بين عامي 1974 و1992، ما جعله وزير الخارجية الذي أمضى أطول فترة في المنصب في ألمانيا. ويعتبر غينشر دبلوماسياً بارعاً، استحق عن جدارة لقب «مهندس الوحدة الألمانية».