تحرك حكومي لإخراج المنتجين السعوديين من «التقوقع» محليا.. إلى الأسواق «العالمية»

أمين «هيئة الصادرات» لـ «الشرق الأوسط»: استمرار الاعتماد على المشروعات المحلية «تحد» لنا

الصادرات السعودية «غير النفطية» تحاول أن تجد لها مواقع جديدة في الأسواق العالمية بدعم حكومي («الشرق الأوسط»)
الصادرات السعودية «غير النفطية» تحاول أن تجد لها مواقع جديدة في الأسواق العالمية بدعم حكومي («الشرق الأوسط»)
TT

تحرك حكومي لإخراج المنتجين السعوديين من «التقوقع» محليا.. إلى الأسواق «العالمية»

الصادرات السعودية «غير النفطية» تحاول أن تجد لها مواقع جديدة في الأسواق العالمية بدعم حكومي («الشرق الأوسط»)
الصادرات السعودية «غير النفطية» تحاول أن تجد لها مواقع جديدة في الأسواق العالمية بدعم حكومي («الشرق الأوسط»)

تعتزم جهات حكومية عدة في السعودية، التحرك نحو العمل المشترك في سبيل إخراج المنتجين السعوديين من «التقوقع» في السوق المحلية، وتوجيه أعينهم صوب أسواق عالمية جديدة، وذلك في توجه تقوده هيئة تنمية الصادرات السعودية، التي تضع - حاليا - ضرورة توعية المستثمر السعودي بأهمية التصدير إلى الخارج كأحد أهم أجنداتها في هذه المرحلة، خاصة مع كون الهيئة حديثة التأسيس حتى الآن.
وكشف أحمد الحقباني، الأمين العام للهيئة، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن من أهم أدوار هيئة تنمية الصادرات السعودية هو حل معوقات التصدير التي تواجه المصانع السعودية، وأضاف: «رصدت الهيئة عبر عدد من الأبحاث وورش العمل مع ممثلين للمصانع الوطنية والقطاع الخاص ومنسوبي الغرف التجارية المعوقات التي تواجههم كافة».
وبسؤال الحقباني عن توجهات عمل الهيئة في هذه المرحلة على ضوء المعوقات التي رصدتها، قال: «تقوم الهيئة بالتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى بالعمل على تذليل تلك المعوقات، وتقديم خدمات تتناسب وحجم تطلعات حكومة خادم الحرمين الشريفين، في تحفيز الصادرات السعودية والترويج لها نحو الأسواق العالمية».
وحول تقييمه لوعي المستثمر السعودي بأهمية التصدير إلى الخارج، يجيب الحقباني «النهضة الشاملة التي تشهدها المملكة في القطاعات كافة، أسهمت في إبقاء أهداف المنتجين السعوديين موجهة للأسواق المحلية، وهي مؤشرات إيجابية تجاه النهوض بالمنتجات الوطنية للمشاركة في عملية البناء خلال هذه الفترة الزمنية المهمة من تاريخ المملكة».
ويعترف الأمين العام لهيئة تنمية الصادرات السعودية، بأن توجيه أعين هؤلاء المستثمرين نحو الأسواق الخارجية يمثل «التحدي الأكبر» في عمل الهيئة، قائلا: «استمرار المنتجين السعوديين في الاعتماد على المشروعات التنموية المحلية وسط انفتاح الأسواق وتجاهل المتغيرات التي قد تطرأ نتيجة الدورات الاقتصادية، هو تحد بحد ذاته».
وبالسؤال عن جهود الهيئة في هذا الإطار، قال الحقباني «نسعى إلى إيضاح أهمية التصدير كأحد أهم الخيارات الفعالة للمنتجين التي قد تسهم في تقليص المخاطر لهذه المنشآت، من خلال تنوع الأسواق وكذلك خفض التكاليف الناجمة عن زيادة الإنتاج، وزيادة المبيعات بما يعزز من فرص نمو المنشأة، لذا كان من أهم أدوار هيئة تنمية الصادرات السعودية، زيادة الوعي للمصدرين السعوديين وتطوير قدراتهم عبر تقديم مجموعة من البرامج التدريبية وورش العمل ذات العلاقة بأسس التصدير وغيرها من البرامج التدريبية ذات العلاقة».
وأضاف الحقباني «كما أننا عملنا في (الصادرات السعودية) على إطلاق (دليل التصدير) في نسخته الأولى، الذي يعد مرجعا شاملا للمنتجين السعوديين للتعرف على خطوات وإجراءات التصدير في السعودية، إذ ندعو جميع المصانع الوطنية إلى استكشاف هذا الدليل والحصول على النسخة الإلكترونية من (دليل التصدير) عبر الموقع الإلكتروني».
يأتي ذلك في حين تشهد الصناعات السعودية والصادرات غير البترولية نموا كبيرا يصل إلى 12 في المائة سنويا، وذلك بحسب تصريحات حديثة للدكتور توفيق الربيعة، وزير التجارة والصناعة، نقلتها وكالة الأنباء السعودية - مؤخرا - وهو ما يعني ضعف نسبة نمو الناتج القومي للبلاد، مبينا أن استمرار ذلك النمو سيوجد تنوعا اقتصاديا كبيرا خلال السنوات المقبلة، في حين تكشف هيئة تنمية الصادرات السعودية عبر موقعها الإلكتروني أن الصادرات السعودية غير النفطية تجاوزت حاجز الـ150 مليار ريال، خلال العامين الماضيين.
ومن الجدير بالذكر أن تنظيم الهيئة يُعنى بشؤون تنمية الصادرات غير النفطية في السعودية، بما يسهم في تحسين البيئة التصديرية للبلاد وتحفيز صادراتها للوصول للأسواق العالمية، وبالتالي تحقيق تنوع في روافد الاقتصاد الوطني، حيث تقوم الهيئة بممارسة أعمالها وفق الأدوار الرئيسية التي أقرها مجلس إدارة هيئة تنمية الصادرات السعودية عبر المساهمة في وضع سياسات واستراتيجية وطنية للتصدير، وكذلك المساندة في حل معوقات التصدير التي تواجه المصانع السعودية داخليا وخارجيا بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
كما تعمل الهيئة على زيادة الوعي لدى المصدرين وتطوير قدراتهم، والترويج للصادرات السعودية من خلال المشاركات في المعارض الدولية المتخصصة وتنظيم زيارات لوفود رجال الأعمال في الأسواق المستهدفة، وتقديم خدمات المعلومات والإحصاءات المتعلقة بالتصدير، بالإضافة إلى المساندة في تقديم الخدمات الاستشارية للمصدرين.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»