نجحت الكويت في الحصول على إجماع الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن لقرار يندد «بشدة» بالاستهداف المتعمد للمدنيين أو غيرهم من الأشخاص المشمولين بالحماية في حالات النزاعات المسلحة، مطالباً الأطراف المنخرطة في نزاعات مسلحة بأن «تتخذ إجراءات» لمنع فقدان الأشخاص، وبأن «تولي عناية قصوى» لحالات الأطفال المبلغ عن فقدانهم نتيجة الحروب، واتخاذ التدابير المناسبة للبحث عنهم والتعرف عليهم.
وجرى التصويت على المبادرة التي قدمتها الكويت والتي لا سابق لها في كونها مخصصة حصراً للأشخاص المفقودين في العالم، في جلسة برئاسة نائب رئيس الوزراء الكويتي وزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، الذي تتولى بلاده مجلس الأمن للشهر الحالي، فحصل القرار 2474 على إجماع الأعضاء. وكان المندوب الكويتي الدائم لدى الأمم المتحدة منصور العتيبي قدم لنظرائه في المجلس مذكرة مفاهيمية في شأن «الأشخاص المفقودين في النزاعات المسلحة» تلحظ أن العالم «لا يزال يواجه تحديات كثيرة تفرضها النزاعات المسلحة أو أوضاع العنف الداخلي التي تؤدي إلى عواقب سلبية على المدنيين، ولا سيما على الأطفال والنساء والمسنين والأشخاص ذوي الحاجات الخاصة، من أبرزها مسألة الأشخاص المفقودين في النزاعات المسلحة، حيث تعاني أسر كثيرة بسبب اختفاء أحبائها، وتسعى بكل الوسائل إلى معرفة مصيرهم، وتذهب جهودها سدى في كثير من الأحيان»، مؤكدة أن الهدف هو جعل مسألة الأشخاص المفقودين في النزاعات المسلحة «من أول المسائل التي يتعين على أطراف نزاع ما الاتفاق على مناقشتها واتخاذ أي تدابير ضرورية في هذا الصدد، منذ بداية النزاع، من أجل تيسير عملية تحديد مصير المفقودين وأماكن وجودهم وأماكن دفن رفاتهم، فضلاً عن حماية الأدلة والشهود، وتمكين جميع العاملين في مجال البحث عن الأشخاص المفقودين ونبش المواقع التي تحتضن رفاتهم، ولا سيما المتخصصون في مجال الطب الشرعي وعلم الأدلة الجنائية، من أداء واجباتهم».
وبين حين وآخر، ينظر مجلس الأمن في هذه المسألة، في سياق النزاعات الدائرة في بلدان محددة، التي لا يزال بعضها قيد نظره، مثل الحالة في قبرص، والحالة بين العراق والكويت، والحالة بين جيبوتي وإريتريا. وفي الآونة الأخيرة، أُثيرت المسألة في كل من القرار 2449 حول سوريا والقرار 2367 المتعلق بالعراق.
وبموجب القرار، ندد مجلس الأمن «بشدة» بالاستهداف المتعمد للمدنيين أو غيرهم من الأشخاص المشمولين بالحماية في حالات النزاعات المسلحة، مناشداً كل أطراف النزاعات المسلحة «وضع حد لهذه الممارسات، وفقاً لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني». وحض أطراف النزاعات على «اتخاذ كل التدابير المناسبة للبحث بنشاط عن الأشخاص المبلغ عن فقدهم، والتمكين من إعادة رفاتهم، ومعرفة مصير الأشخاص المبلغ عن فقدهم من دون تمييز سلبي، وإنشاء قنوات مناسبة تتيح الاستجابة والتواصل مع الأسر في عملية البحث، والنظر في توفير معلومات بشأن الخدمات المتاحة فيما يتعلق بالصعوبات والحاجات الإدارية والقانونية والاقتصادية والنفسية الاجتماعية التي قد يواجهونها نتيجة لفقد أحد الأقارب، بوسائل منها التفاعل مع المنظمات والمؤسسات الوطنية والدولية المختصة»، طالباً من الأطراف المتنازعة أن «تتخذ وفقاً لالتزاماتهم الدولية التدابير المناسبة لمنع فقد الأشخاص نتيجة للنزاعات المسلحة، من خلال تيسير لمّ شمل الأسر المشتتة نتيجة النزاعات المسلحة والسماح بتبادل الأخبار العائلية». وطالب بـ«إيلاء عناية قصوى لحالات الأطفال المبلغ عن فقدهم نتيجة للنزاعات المسلحة، واتخاذ التدابير المناسبة للبحث عن هؤلاء الأطفال والتعرف عليهم»، داعياً أطراف النزاعات إلى «القيام، وفقاً لالتزاماتهم الدولية، بتسجيل وإبلاغ التفاصيل الشخصية للأشخاص المحرومين من حريتهم المنتمين إلى الطرف المعادي، بمن فيهم أسرى الحرب، نتيجة للنزاعات المسلحة، والسماح لهم بالتراسل مع أسرهم». وأهاب بالدول، في حالات الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة، أن «تتخذ تدابير، حسب الاقتضاء، لضمان إجراء تحقيقات وافية وعاجلة ونزيهة وفعالة في الجرائم المرتبطة بالأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة وملاحقة مرتكبيها قضائياً، وفقاً للقانون الوطني والدولي، بهدف تحقيق المساءلة الكاملة».
ودعا إلى «جمع وحماية وإدارة كل ما له صلة من البيانات والمستندات المتعلقة بالأشخاص المفقودين نتيجة النزاعات المسلحة مع احترام الخصوصية وبما يتمشى مع أحكام القانون الوطني والدولي الواجبة التطبيق». وحض على «البحث عن قتلى النزاعات المسلحة والتقاط جثثهم وتحديد هويتهم، بطرق منها تسجيل جميع المعلومات المتاحة وتحديد أماكن مواقع الدفن، وعلى احترام رفات الموتى، بإجراءات منها احترام قبورهم وصيانتها بشكل صحيح، وعلى إعادة رفات الموتى، كلما أمكن ذلك، إلى أقاربهم بما يتسق مع التزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان»، وفيما يتعلق بحماية البيانات الشخصية، طلب «الامتناع عن النقل المتعمد لرفات الموتى من المقابر الجماعية، وتجنب القيام بأعمال الحفر واستخراج الجثث على يد أشخاص غير مدربين مما ينتج منه إلحاق أضرار بالرفات أو تدميره، وعلى ضمان أن يجري في أي عملية لاستخراج الجثث أو انتشالها، جمع البيانات التي قد تؤدي إلى التعرف على الشخص المتوفى وتسجيلها بالصورة المناسبة». ويدعو أيضاً إلى «القيام، عند نشوب نزاعٍ ما، بإنشاء مكاتب وطنية للمعلومات أو غيرها من الآليات، لتبادل المعلومات بشأن المحتجزين والمدنيين الذين ينتمون إلى طرف معادٍ، ونقل هذه المعلومات إلى ذلك الطرف، بدعم من الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين، حسب الاقتضاء، وبدء تحقيقات بشأن هؤلاء الأشخاص». وأكد دعمه للجهود التي تبذلها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السعي للوصول إلى معلومات عن الأشخاص المبلغ عن فقدهم، داعياً كل الأطراف إلى «الامتثال لالتزاماتها فيما يتعلق بالوصول إلى تلك المعلومات وإلى التعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ووكالتها المركزية للبحث عن المفقودين في معالجة مسألة الأشخاص المفقودين، بما يتسق مع التزاماتهم الواجبة التطبيق بمقتضى القانون الدولي الإنساني».
وأكد أن «معرفة مصير الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة يمكن أن تكون عنصراً من عناصر تصميم وتنفيذ مفاوضات واتفاقيات السلام وعمليات بناء السلام، وذلك فيما يتعلق بآليات العدالة وسيادة القانون وغيرها»، داعياً أطراف النزاعات إلى «إدراج أحكام لتيسير البحث عن الأشخاص المفقودين واتخاذ كل الخطوات الضرورية لحماية الضحايا والشهود الذين يدلون بشهاداتهم عن الأشخاص المفقودين، من أجل وضع حد للإفلات من العقاب».
وأكد أن «الخطوات الواردة في هذا القرار يمكن أن تساهم في عملية بناء الثقة بين أطراف النزاعات المسلحة، وفي تسريع مفاوضات السلام والتسوية، وعمليات العدالة الانتقالية، والمصالحة، وبناء السلام والحفاظ عليه». وشجع الدول الأعضاء على «زيادة مساعدتها المالية والتدريبية التقنية واللوجيستية الطوعية المقدمة إلى الدول، بناءً على طلبها، دعماً لعمليات استخراج الجثث المتصلة بالبحث عن الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة، والتعرف على تلك الجثث، وبخاصة للنهوض بالجهود المبذولة في مجال علوم ومنهجيات الطب الشرعي لاستخراج جثث أو رفات الموتى والتعرف عليها والتعامل معها بطريقة تحترم كرامة الإنسان». وطلب من الأمين العام أن «يدرج في التقارير المتعلقة بحماية المدنيين، كبند فرعي، مسألة الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة، بما يشمل التدابير التي اتخذتها أطراف النزاعات المسلحة تنفيذا لأحكام هذا القرار، وأن يطلع مجلس الأمن كل اثني عشر شهراً على تنفيذ القرار، ضمن الإحاطة السنوية بشأن حماية المدنيين».
مبادرة كويتية للمفقودين في الحروب تنال قراراً بإجماع مجلس الأمن
يندد «بشدة» باستهداف المدنيين ويطالب بمنع فقدان الأشخاص وتحديد مصيرهم
مبادرة كويتية للمفقودين في الحروب تنال قراراً بإجماع مجلس الأمن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة