مبادرة كويتية للمفقودين في الحروب تنال قراراً بإجماع مجلس الأمن

يندد «بشدة» باستهداف المدنيين ويطالب بمنع فقدان الأشخاص وتحديد مصيرهم

جلسة لمجلس الامن تناقش مبادرة المفقودين ({الامم المتحدة})
جلسة لمجلس الامن تناقش مبادرة المفقودين ({الامم المتحدة})
TT

مبادرة كويتية للمفقودين في الحروب تنال قراراً بإجماع مجلس الأمن

جلسة لمجلس الامن تناقش مبادرة المفقودين ({الامم المتحدة})
جلسة لمجلس الامن تناقش مبادرة المفقودين ({الامم المتحدة})

نجحت الكويت في الحصول على إجماع الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن لقرار يندد «بشدة» بالاستهداف المتعمد للمدنيين أو غيرهم من الأشخاص المشمولين بالحماية في حالات النزاعات المسلحة، مطالباً الأطراف المنخرطة في نزاعات مسلحة بأن «تتخذ إجراءات» لمنع فقدان الأشخاص، وبأن «تولي عناية قصوى» لحالات الأطفال المبلغ عن فقدانهم نتيجة الحروب، واتخاذ التدابير المناسبة للبحث عنهم والتعرف عليهم.
وجرى التصويت على المبادرة التي قدمتها الكويت والتي لا سابق لها في كونها مخصصة حصراً للأشخاص المفقودين في العالم، في جلسة برئاسة نائب رئيس الوزراء الكويتي وزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، الذي تتولى بلاده مجلس الأمن للشهر الحالي، فحصل القرار 2474 على إجماع الأعضاء. وكان المندوب الكويتي الدائم لدى الأمم المتحدة منصور العتيبي قدم لنظرائه في المجلس مذكرة مفاهيمية في شأن «الأشخاص المفقودين في النزاعات المسلحة» تلحظ أن العالم «لا يزال يواجه تحديات كثيرة تفرضها النزاعات المسلحة أو أوضاع العنف الداخلي التي تؤدي إلى عواقب سلبية على المدنيين، ولا سيما على الأطفال والنساء والمسنين والأشخاص ذوي الحاجات الخاصة، من أبرزها مسألة الأشخاص المفقودين في النزاعات المسلحة، حيث تعاني أسر كثيرة بسبب اختفاء أحبائها، وتسعى بكل الوسائل إلى معرفة مصيرهم، وتذهب جهودها سدى في كثير من الأحيان»، مؤكدة أن الهدف هو جعل مسألة الأشخاص المفقودين في النزاعات المسلحة «من أول المسائل التي يتعين على أطراف نزاع ما الاتفاق على مناقشتها واتخاذ أي تدابير ضرورية في هذا الصدد، منذ بداية النزاع، من أجل تيسير عملية تحديد مصير المفقودين وأماكن وجودهم وأماكن دفن رفاتهم، فضلاً عن حماية الأدلة والشهود، وتمكين جميع العاملين في مجال البحث عن الأشخاص المفقودين ونبش المواقع التي تحتضن رفاتهم، ولا سيما المتخصصون في مجال الطب الشرعي وعلم الأدلة الجنائية، من أداء واجباتهم».
وبين حين وآخر، ينظر مجلس الأمن في هذه المسألة، في سياق النزاعات الدائرة في بلدان محددة، التي لا يزال بعضها قيد نظره، مثل الحالة في قبرص، والحالة بين العراق والكويت، والحالة بين جيبوتي وإريتريا. وفي الآونة الأخيرة، أُثيرت المسألة في كل من القرار 2449 حول سوريا والقرار 2367 المتعلق بالعراق.
وبموجب القرار، ندد مجلس الأمن «بشدة» بالاستهداف المتعمد للمدنيين أو غيرهم من الأشخاص المشمولين بالحماية في حالات النزاعات المسلحة، مناشداً كل أطراف النزاعات المسلحة «وضع حد لهذه الممارسات، وفقاً لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني». وحض أطراف النزاعات على «اتخاذ كل التدابير المناسبة للبحث بنشاط عن الأشخاص المبلغ عن فقدهم، والتمكين من إعادة رفاتهم، ومعرفة مصير الأشخاص المبلغ عن فقدهم من دون تمييز سلبي، وإنشاء قنوات مناسبة تتيح الاستجابة والتواصل مع الأسر في عملية البحث، والنظر في توفير معلومات بشأن الخدمات المتاحة فيما يتعلق بالصعوبات والحاجات الإدارية والقانونية والاقتصادية والنفسية الاجتماعية التي قد يواجهونها نتيجة لفقد أحد الأقارب، بوسائل منها التفاعل مع المنظمات والمؤسسات الوطنية والدولية المختصة»، طالباً من الأطراف المتنازعة أن «تتخذ وفقاً لالتزاماتهم الدولية التدابير المناسبة لمنع فقد الأشخاص نتيجة للنزاعات المسلحة، من خلال تيسير لمّ شمل الأسر المشتتة نتيجة النزاعات المسلحة والسماح بتبادل الأخبار العائلية». وطالب بـ«إيلاء عناية قصوى لحالات الأطفال المبلغ عن فقدهم نتيجة للنزاعات المسلحة، واتخاذ التدابير المناسبة للبحث عن هؤلاء الأطفال والتعرف عليهم»، داعياً أطراف النزاعات إلى «القيام، وفقاً لالتزاماتهم الدولية، بتسجيل وإبلاغ التفاصيل الشخصية للأشخاص المحرومين من حريتهم المنتمين إلى الطرف المعادي، بمن فيهم أسرى الحرب، نتيجة للنزاعات المسلحة، والسماح لهم بالتراسل مع أسرهم». وأهاب بالدول، في حالات الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة، أن «تتخذ تدابير، حسب الاقتضاء، لضمان إجراء تحقيقات وافية وعاجلة ونزيهة وفعالة في الجرائم المرتبطة بالأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة وملاحقة مرتكبيها قضائياً، وفقاً للقانون الوطني والدولي، بهدف تحقيق المساءلة الكاملة».
ودعا إلى «جمع وحماية وإدارة كل ما له صلة من البيانات والمستندات المتعلقة بالأشخاص المفقودين نتيجة النزاعات المسلحة مع احترام الخصوصية وبما يتمشى مع أحكام القانون الوطني والدولي الواجبة التطبيق». وحض على «البحث عن قتلى النزاعات المسلحة والتقاط جثثهم وتحديد هويتهم، بطرق منها تسجيل جميع المعلومات المتاحة وتحديد أماكن مواقع الدفن، وعلى احترام رفات الموتى، بإجراءات منها احترام قبورهم وصيانتها بشكل صحيح، وعلى إعادة رفات الموتى، كلما أمكن ذلك، إلى أقاربهم بما يتسق مع التزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان»، وفيما يتعلق بحماية البيانات الشخصية، طلب «الامتناع عن النقل المتعمد لرفات الموتى من المقابر الجماعية، وتجنب القيام بأعمال الحفر واستخراج الجثث على يد أشخاص غير مدربين مما ينتج منه إلحاق أضرار بالرفات أو تدميره، وعلى ضمان أن يجري في أي عملية لاستخراج الجثث أو انتشالها، جمع البيانات التي قد تؤدي إلى التعرف على الشخص المتوفى وتسجيلها بالصورة المناسبة». ويدعو أيضاً إلى «القيام، عند نشوب نزاعٍ ما، بإنشاء مكاتب وطنية للمعلومات أو غيرها من الآليات، لتبادل المعلومات بشأن المحتجزين والمدنيين الذين ينتمون إلى طرف معادٍ، ونقل هذه المعلومات إلى ذلك الطرف، بدعم من الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين، حسب الاقتضاء، وبدء تحقيقات بشأن هؤلاء الأشخاص». وأكد دعمه للجهود التي تبذلها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السعي للوصول إلى معلومات عن الأشخاص المبلغ عن فقدهم، داعياً كل الأطراف إلى «الامتثال لالتزاماتها فيما يتعلق بالوصول إلى تلك المعلومات وإلى التعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ووكالتها المركزية للبحث عن المفقودين في معالجة مسألة الأشخاص المفقودين، بما يتسق مع التزاماتهم الواجبة التطبيق بمقتضى القانون الدولي الإنساني».
وأكد أن «معرفة مصير الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة يمكن أن تكون عنصراً من عناصر تصميم وتنفيذ مفاوضات واتفاقيات السلام وعمليات بناء السلام، وذلك فيما يتعلق بآليات العدالة وسيادة القانون وغيرها»، داعياً أطراف النزاعات إلى «إدراج أحكام لتيسير البحث عن الأشخاص المفقودين واتخاذ كل الخطوات الضرورية لحماية الضحايا والشهود الذين يدلون بشهاداتهم عن الأشخاص المفقودين، من أجل وضع حد للإفلات من العقاب».
وأكد أن «الخطوات الواردة في هذا القرار يمكن أن تساهم في عملية بناء الثقة بين أطراف النزاعات المسلحة، وفي تسريع مفاوضات السلام والتسوية، وعمليات العدالة الانتقالية، والمصالحة، وبناء السلام والحفاظ عليه». وشجع الدول الأعضاء على «زيادة مساعدتها المالية والتدريبية التقنية واللوجيستية الطوعية المقدمة إلى الدول، بناءً على طلبها، دعماً لعمليات استخراج الجثث المتصلة بالبحث عن الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة، والتعرف على تلك الجثث، وبخاصة للنهوض بالجهود المبذولة في مجال علوم ومنهجيات الطب الشرعي لاستخراج جثث أو رفات الموتى والتعرف عليها والتعامل معها بطريقة تحترم كرامة الإنسان». وطلب من الأمين العام أن «يدرج في التقارير المتعلقة بحماية المدنيين، كبند فرعي، مسألة الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة، بما يشمل التدابير التي اتخذتها أطراف النزاعات المسلحة تنفيذا لأحكام هذا القرار، وأن يطلع مجلس الأمن كل اثني عشر شهراً على تنفيذ القرار، ضمن الإحاطة السنوية بشأن حماية المدنيين».


مقالات ذات صلة

تركيا تؤكد مجدداً استعدادها للمشاركة في قوة الاستقرار بغزة

المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)

تركيا تؤكد مجدداً استعدادها للمشاركة في قوة الاستقرار بغزة

أكدت تركيا مجدداً استعدادها لإرسال قوات عسكرية ضمن قوة الاستقرار الدولية الجاري العمل على تشكيلها في غزة، وقالت إنه تم تحديد أعضاء اللجنة التي ستدير القطاع.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا إردوغان أكد عقب مباحثات مع رئيس «جمهورية شمال قبرص التركية» طوفان إرهورمان بأنقرة في 13 نوفمبر تمسكه بحل الدولتين (الرئاسة التركية)

«حل الدولتين» يفجّر توتراً بين قبرص وتركيا... وألمانيا تسعى لوساطة

أثار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان غضب قبرص مرة أخرى بتمسُّكه بـ«حل الدولتين»؛ لحل مشكلة الجزيرة المقسّمة بين شطرين يوناني وتركي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ) play-circle 00:54

«الأمم المتحدة» لإرسال لجنة تحقيق في انتهاكات الفاشر

كلّف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الجمعة، بعثة لتقصي الحقائق وتحديد هوية جميع المسؤولين عن الانتهاكات التي يُشتبه في ارتكابها في مدينة الفاشر…

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)

مجلس حقوق الإنسان يشكل بعثة لتقصي الحقائق في الفاشر

اعتمد أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال اجتماعهم في جنيف، بالإجماع قرارا بتشكيل بعثة مستقلة لتقصي الحقائق والتحقيق في الفظائع التي ارتكبت في الفاشر بالسودان.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أوروبا فلسطينيون ينتظرون الحصول على الطعام من مطبخ خيري في مدينة غزة (رويترز)

وكالتان أمميتان تحذران من «16 بؤرة جوع» في العالم

حذرت وكالتان تابعتان للأمم المتحدة معنيتان بالغذاء، اليوم الأربعاء، من أن ملايين الأشخاص حول العالم قد يواجهون المجاعة.

«الشرق الأوسط» (روما)

«المرور السعودي»: اصطدام شاحنة وقود بحافلة في المدينة المنورة

صورة متداولة للحادث على مواقع التواصل (إكس)
صورة متداولة للحادث على مواقع التواصل (إكس)
TT

«المرور السعودي»: اصطدام شاحنة وقود بحافلة في المدينة المنورة

صورة متداولة للحادث على مواقع التواصل (إكس)
صورة متداولة للحادث على مواقع التواصل (إكس)

أعلن «المرور السعودي» في منطقة المدينة المنورة أنه باشر حادثاً مرورياً، الاثنين، وقع نتيجة اصطدام شاحنة وقود بحافلة ركاب.

وأوضح «مرور المدينة»، في بيانٍ نشره عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه جرى التعامل مع الحادث في حينه من قِبل الجهات المختصة، وجارٍ استكمال الإجراءات النظامية حياله.

وأعلنت «القنصلية الهندية» في جدة أن الحافلة كانت تُقل مُعتمرين من الجنسية الهندية متجهة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وتشكيلها غرفة تحكم على مدار الساعة؛ للمتابعة وتقديم المساعدة.

من جانبه أعرب رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، عبر حساب على منصة «إكس» باللغة العربية، عن عميق حزنه وتعازيه لأهالي الضحايا الهنود، وقال: «أشعر بحزن عميق إزاء الحادث الذي وقع في المدينة المنورة، والذي راح ضحيته مواطنون هنود. أتقدم بخالص التعازي لأُسر الضحايا، وأدعو بالشفاء العاجل لجميع المصابين. وتُقدم سفارتنا في الرياض، وقنصليتنا في جدة، كل الدعم الممكن، كما أن مسؤولينا على تواصل دائم مع السلطات السعودية».

كما أعرب وزير الخارجية الهندي إس جاي شانكار عن صدمته من الحادث، مؤكداً أن سفارة بلاده في الرياض والقنصلية في جدة تُقدمان كل الدعم للمتضررين وعائلاتهم.


باربرا ليف لـ«الشرق الأوسط»: للسعودية دور حاسم مع أميركا في استقرار المنطقة

وحدات عسكرية تابعة لواشنطن العاصمة تجري تدريبات استعداداً لوصول ولي العهد السعودي يوم 15 نوفمبر (د.ب.أ)
وحدات عسكرية تابعة لواشنطن العاصمة تجري تدريبات استعداداً لوصول ولي العهد السعودي يوم 15 نوفمبر (د.ب.أ)
TT

باربرا ليف لـ«الشرق الأوسط»: للسعودية دور حاسم مع أميركا في استقرار المنطقة

وحدات عسكرية تابعة لواشنطن العاصمة تجري تدريبات استعداداً لوصول ولي العهد السعودي يوم 15 نوفمبر (د.ب.أ)
وحدات عسكرية تابعة لواشنطن العاصمة تجري تدريبات استعداداً لوصول ولي العهد السعودي يوم 15 نوفمبر (د.ب.أ)

ألقت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابقة باربرا ليف، في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»، الضوء على جوانب عديدة من المحادثات المرتقبة بين الرئيس دونالد ترمب والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الذي جعل بلاده «من أكثر الدول ديناميكية في الشرق الأوسط من حيث تفكيرها المستقبلي»، وهو «يهيئها لعقود، إن لم يكن لقرن»، رغم «التغييرات الاستثنائية» في منطقة تعاني سلسلة من الحروب والأزمات. وأكّدت أن العلاقات بين واشنطن والرياض «حاسمة للغاية في رسم جهد مشترك لتحقيق الاستقرار» في الشرق الأوسط.

ليف تتحدث عن زيارة الأمير محمد بن سلمان الثانية إلى الولايات المتحدة لأنها «مهمة للغاية»، لا سيما في ضوء «التغييرات الاستثنائية في مشهد الشرق الأوسط»، بمعنيين: الأول سياسي، والثاني مادي، معتبرة أنه «من المنطقي تماماً أن تتشاور الولايات المتحدة عن كثب مع قادة المنطقة الرئيسيين، مثل ولي العهد»، وهذا تحديداً ما فعله الرئيس ترمب عندما قام بجولة عبر الخليج في مايو (أيار) الماضي.

باربارا ليف في صورة أرشيفية (أ.ف.ب)

وأوضحت أن التغييرات التي شهدتها المنطقة تشمل عدة جوانب، ومنها ما سمّته «السحق الكبير لـ(حزب الله)»، مما «أتاح فرصة لترسيخ سيادة الدولة فعلاً في لبنان».

وأشارت أيضاً إلى «التغييرات الاستثنائية في سوريا في أقل من عام، وحتى في العراق»، حيث توجد «ديناميكيات محددة تجري وتستحق المتابعة الدقيقة والتشاور بين القادة»، بالإضافة إلى «إيران، التي تلقّت سلسلة من الضربات المدمرة خلال العامين الماضيين»، فضلاً عن غزة التي «يحتاج القادة إلى التوصل بشأنها لمجموعة من الاتفاقات التي ستساعد في تحديد مسار تعافي» القطاع، بما «يُمهّد الطريق نحو قيام دولة فلسطينية». واستدركت أنها «لا تتوقع الاتفاق على هذا المسار في هذه الزيارة، ولكن يجب التوصل إلى بعض التفاهمات الأساسية».

«ثورة اجتماعية واقتصادية»

مع تحوّل منطقة الشرق الأوسط بدرجة يتغير معها العالم بأسره اقتصادياً وتكنولوجياً وجيوسياسياً، تظهر التساؤلات مجدداً عما إذا كانت الولايات المتحدة ملتزمة بشكل مفرط في الشرق الأوسط.

صورة تجمع رؤساء كبرى الشركات من الجانبين السعودي والأميركي مع الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترمب في الرياض 13 مايو (منتدى الاستثمار)

ورأت الدبلوماسية الأميركية المتمرسة، في حديثها مع «الشرق الأوسط»، أن بلادها «ملتزمة بشكل مفرط عسكرياً. ولكن قطعاً ليس دبلوماسياً وتجارياً»، ملاحظة أن السعودية «من أكثر الدول ديناميكية في الشرق الأوسط من حيث تفكيرها المستقبلي، وتصميمها على استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم خططها التنموية والتنويع الاقتصادي».

وإذ أشارت ليف إلى «الدور القيادي البارز الذي اضطلعت به السعودية تاريخياً»، فإنها عبّرت عن اعتقادها بأن العلاقات الأميركية - السعودية «حاسمة للغاية في رسم جهد مشترك لتحقيق الاستقرار، ومن ثم مساعدة المنطقة على الانطلاق بالطريقة الممكنة، نظراً إلى سكانها الشباب ومواردها وموقعها الجغرافي الاستراتيجي».

ولفتت المسؤولة السابقة إلى أن «الأمن لا يزال جزءاً عميقاً ومترابطاً» من العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة؛ لأن المنطقة لا تزال تعاني انعداماً كبيراً للأمن، في ضوء «التهديدات، سواء من جهات غير حكومية أو من دول». غير أن هذه العلاقة «نضجت من جوانب عديدة» في ظل التزام القيادة السعودية منذ عامي 2016 و2017 «رؤية 2030»، التي وصفتها بأنها «ثورة اجتماعية واقتصادية» تنقل المملكة من اعتمادها على منتج واحد أو اثنين لتغذية اقتصادها»، في اتجاه «تحديث النظرة السعودية حيال الاقتصاد والأمن والمجتمع».

وتوقّعت ليف أن تكون على جدول أعمال هذه الزيارة «العديد من القضايا الأخرى ذات الاهتمام المشترك، ومنها القضايا الجيوسياسية، والقضايا السياسية في كل أنحاء المنطقة، وبالطبع التبادل التجاري والشراكة التجارية».

الاستقرار الإقليمي

اعتبرت المسؤولة السابقة أن «(رؤية 2030) هي، في المقام الأول، خطة استراتيجية محلية لإصلاح شامل للسعودية ومجتمعها واقتصادها، وتحديثه جذرياً»، مضيفة أنها «تهدف إلى الارتقاء بالمملكة إلى مستوى القرن الحادي والعشرين في كل جوانبه، ومنح الاقتصاد أرضية متينة للغاية، مستندة إلى ركائز متنوعة، وقطاعات متنوعة من النشاط الاقتصادي لم تكن تلعب دوراً مهماً في السابق».

«هذا يشمل كل شيء» تقول ليف وتكمل: «من الطاقة النووية المدنية إلى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والتصنيع والتعدين، والسياحة والتجارة والخدمات اللوجيستية... مما يُهيّئ المملكة لعقود، إن لم يكن لقرن».

وأكّدت أن «الرئيس ترمب يرى المنطقة بوضوح، لا سيّما من خلال قوة العلاقات الاقتصادية والتجارية، وهذه سمة استقرار لمنطقة عانت بشدة انعدام الأمن والاستقرار والنزاع». ومع إقرارها بأن «هذين الأمرين مترابطان»، نبّهت إلى أنه «لا يمكن للمرء أبداً إغفال السياسة والجغرافيا السياسية»، مُتوقّعة حصول «مناقشات مُعمقة ومستمرة حول سوريا ولبنان وغزة وقضية الدولة الفلسطينية. وكذلك العراق». وعبّرت عن اعتقادها بأن أولويات فريقَي الأمير محمد بن سلمان والرئيس ترمب تشمل التنمية الاقتصادية السليمة، وهي بالتأكيد عنصر ضروري لضمان استقرار المنطقة. لكن هذا لن يكون كافياً، وأعتقد أنهم سيُدرجون هذه القضايا السياسية في النقاش».

إيران ووكلاؤها

وذكرت ليف أن الولايات المتحدة، نظراً إلى قوتها، تستطيع القيام بالكثير من الأمور بمفردها، ولكنها لطالما شعرت واعتقدت أنها تكون أقوى وأكثر فاعلية عندما تتحالف مع قادة إقليميين رئيسيين، سواء في آسيا أو في الشرق الأوسط»، وتستدل بذلك بالقيادة السعودية.

صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)

وأوضحت أن «هناك قضيتين لم تُحلَّا بعد»، إحداهما تتعلق بإيران والثانية حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

في إيران، ترى ليف أن الملف النووي «مل زال من دون معالجة، وتجب معالجته»، مضيفة أنه «على الرغم من الضرر الذي لحق بالبنية التحتية النووية وبرنامج الصواريخ والجيش وقيادة الحرس الثوري الإيراني، فلن يكون لدينا شعور بالأمان في شأن طبيعة هذا البرنامج، ما لم تُجرَ مفاوضات دبلوماسية سليمة ودقيقة، واتفاقية تتضمن تفتيشاً ورقابة دقيقين، وتدخّل لضمان عدم وجود بُعد عسكري لهذا البرنامج». وتساءلت عما إذا كانت إيران «ستبدأ في التحول عن دورها المزعزع للاستقرار الذي لعبته منذ الثورة» عام 1979.

وأدّت حرب الأيام الـ12 في يونيو (حزيران) الماضي، بين إيران وإسرائيل، إلى إضعاف إيران وإعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية في المنطقة. ورأت ليف أن ما حصل وضع القيادة الإيرانية «في حال دفاعية، وفي حال من عدم اليقين»؛ لأن «ما يُسمّى محور المقاومة تضرّر بشدة»، علماً بأنه «كان حجر الزاوية في نهج إيران» القائم على «الوكلاء والميليشيات التي كانت تزعزع الاستقرار وتشكل تهديداً كبيراً، ليس فقط لإسرائيل، بل أيضاً لدول الخليج»، بالإضافة إلى تضرّر إيران بشدة أيضاً فيما يتعلق بالجزء الثاني من بنيتها الدفاعية، وهو ترسانتها الضخمة من الصواريخ الباليستية»، فيما «يبقى المجهول هو مدى الضرر الذي لحق ببنية البرنامج النووي، الذي نعلم أنه تضرر بشدة، لكننا لا نعرف مدى ذلك».

دولة فلسطينية قبل التطبيع

وفي القضية الثانية التي اعتبرتها الدبلوماسية الأميركية بالغة الأهمية، فتتمثل في «السعي المُعلق نحو إقامة دولة فلسطينية»، معتبرة أن «هناك تركيزاً كبيراً على غزة لأسباب وجيهة للغاية»؛ إذ «يعيش مليونا شخص في يأس وبؤس مُطلقين، بلا مأوى ولا غذاء كافٍ».

لكن هناك قضايا قالت إت ستكون «حرجة للغاية... وأعلم أنها ستكون على جدول أعمال (الزيارة)، وهي تحديد كيفية بناء هياكل الحكم والأمن»، فضلاً عن «السؤال الذي أعتقد أن الولايات المتحدة وحدها قادرة على طرحه، وهو تمهيد الطريق نحو الدولة الفلسطينية. وإلى أن يتمّ ذلك، أعتقد أن المنطقة ستشهد المزيد من المآسي».

فلسطينيون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولفتت ليف إلى أنه في سياق تساؤلات حول التطبيع بين السعودية وإسرائيل، وضع المسؤولون السعوديون «مطلباً واضحاً للغاية» لجهة «تحديد مسار محدد زمنياً، لا رجعة فيه، وذي صدقية، نحو الدولة الفلسطينية». وأضافت أن «السعودية ستواصل الدفاع بقوة نيابة عن الفلسطينيين، وكي لا يتجاوز التطبيع أو إعادة إعمار غزة الفلسطينيين».

خطة غزة

رأت باربرا ليف أن النقاط العشرين في خطة ترمب لغزة هي بمثابة «خطوط عريضة»، مضيفة أن «ما يجب أن يتبع هو التفاصيل الدقيقة، التي ستتضمن قرارات سياسية صعبة للغاية من مجموعة من الجهات الفاعلة، من إسرائيل إلى الوسطاء، ولكن أيضاً من (حماس) نفسها، والسلطة الفلسطينية، وآخرين».

وحذّرت من أن الأمر «لن يكون بهذه البساطة، بل سيكون معقداً للغاية»؛ لأن «هناك أجزاء متشابكة، فأيهما يأتي أولاً؟ هل تُشكّل حكومة تكنوقراط؟ هل تشكل أولاً قبل تدريب ونشر عناصر شرطة غير تابعين لـ(حماس) في غزة؟». وقالت: «هناك نقاش واسع حول قوة الاستقرار الدولية، ولكن نحن بحاجة إلى رجال شرطة الآن، وليس مجرد قوة استقرار يمكن أن تأتي في يناير (كانون الثاني) أو فبراير (شباط) المقبلين»، فضلاً عن الحاجة إلى «اتّخاذ قرارات أسرع بكثير في شأن أساسيات الحكم.

اليمن «رهينة» بيد الحوثيين

إلى جانب إيران واليمن، رأت باربرا ليف أن الأزمة التي أوجدها الحوثيون في اليمن «ليست مجرد مشكلة ثانوية»، بل «مأساة عميقة للشعب اليمني أن يكون لديهم هذه المجموعة الصغيرة، قادة متسلطون ووحشيون، أخذوا البلاد رهينة».

مقاتلان من جماعة الحوثي خلال تجمّع مسلّح في صنعاء (إ.ب.أ)

وذكّرت بأن السعودية تعرّضت لهجمات من الجماعة المدعومة من إيران التي هاجمت دولاً خليجية أخرى، وهدّدت التجارة الدولية لسنوات عديدة، بذريعة دعم الشعب الفلسطيني، معتبرة أن ذلك «كان نوعاً من السخرية»؛ لأن هجماتهم «لم يكن لها أي تأثير على شعب غزة أو الشعب الفلسطيني بشكل عام، بل كان له تأثير مدمر على دول مثل الأردن ومصر، التي كانت تحاول إنهاء الحرب». وقالت: «لا أعتقد أن هناك حلاً سهلاً، لا عسكرياً ولا سياسياً في هذه المرحلة».

«حزب الله» والفساد

اعتبرت ليف أن لبنان «سيكون بالتأكيد سمة من سمات جدول أعمال» الزيارة، علماً بأن «هناك تحفظاً أو حذراً من القيادة السعودية بشأن التدخل مجدداً قبل أن تقوم القيادة اللبنانية بالعمل اللازم لنزع سلاح (حزب الله)»، وكذلك «لإحراز تقدم، على وجه الخصوص، في قضايا الإصلاح الاقتصادي»، مشيرة إلى «فسادٍ مستشرٍ وإساءة استخدام للثقة العامة».

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس يوم 8 نوفمبر (الرئاسة اللبنانية)

ومع ذلك، عبّرت عن اعتقادها بأن الرئيس ترمب ومستشاريه «سيدفعون باتجاه مشاركة سعودية أكبر، دبلوماسياً ومالياً» لإنعاش لبنان.

أما بالنسبة إلى السودان، فأكدت أنه «قضية مُلحّة للغاية»، مُذكّرة بأن «هناك جهوداً متقطعة في الماضي لجمع ثلاث دول رئيسية هي السعودية ومصر والإمارات، إلى جانب الولايات المتحدة، حول طاولة المفاوضات من أجل «التوصل إلى مسار مشترك، دبلوماسياً وغير دبلوماسي، في شأن السودان». وأكدت أنه «من الضروري للغاية بذل جهود متجددة في هذا الشأن»، آملة في حصول «نقاش جاد، بل وأكثر من مجرد نقاش، أن يوافقوا على إعطاء طاقة متجددة للجهود الدبلوماسية» الخاصة بإنهاء حرب السودان.


العلاقات السعودية الأميركية على موعد مع تعميق التعاون الاستراتيجي

الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب لدى زيارة الأخير إلى الرياض - 13 مايو 2025 (أ.ب)
الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب لدى زيارة الأخير إلى الرياض - 13 مايو 2025 (أ.ب)
TT

العلاقات السعودية الأميركية على موعد مع تعميق التعاون الاستراتيجي

الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب لدى زيارة الأخير إلى الرياض - 13 مايو 2025 (أ.ب)
الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب لدى زيارة الأخير إلى الرياض - 13 مايو 2025 (أ.ب)

تنظر الدوائر السياسية الأميركية إلى زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، بوصفها حدثاً استراتيجياً بالغ الأهمية يُعيد تشكيل عمق العلاقات الأميركية - السعودية، ويُعزّز الشراكات الاقتصادية والأمنية بين الحليفين التاريخيين.

ويستعد البيت الأبيض بكثير من الاهتمام لهذه الزيارة، التي تشمل جميع مظاهر زيارات الدولة، بما في ذلك مراسم استقبال صباحية واجتماعات في المكتب البيضاوي وحفل عشاء رسمي. وقال ترمب، مساء الجمعة، خلال توجّهه إلى فلوريدا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، إن هذه الزيارة «أكثر من مُجرّد لقاء... نحن نُكرّم المملكة العربية السعودية وولي العهد».

محطّات زيارة استثنائية

ذكرت مصادر أن الزيارة ستبدأ بمراسم استقبال في الحديقة الجنوبية (South Lawn)، يتبعها استقبال رسمي عند الرواق الجنوبي (South Portico)، ثم يستضيف ترمب ولي العهد السعودي في المكتب البيضاوي لعقد اجتماع ثنائي، يعقبه توقيع اتفاقيات، وتناول الغداء في قاعة الاجتماعات (Cabinet Room).

وفي وقت لاحق من يوم الثلاثاء، يرتقب أن يقيم البيت الأبيض حفل عشاء في الغرفة الشرقية (East Room) تحت رعاية وإشراف السيدة الأولى ميلانيا ترمب. وجرى إرسال الدفعة الأولى من الدعوات، وتضم قائمة الضيوف رؤساء شركات تنفيذية، بالإضافة إلى مشرّعين وحكام ولايات.

واتصل ترمب شخصياً ببعض الضيوف لدعوتهم إلى العشاء، وفق ما ذكره أشخاص مطلعون على الترتيبات لشبكة «سي إن إن».

أما يوم الأربعاء، فيُتوقع أن يرأس كل من ترمب والأمير محمد بن سلمان منتدى الأعمال السعودي - الأميركي، في مركز كيندي. وسيبحث المنتدى فرص الاستثمار في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والخدمات المالية والرعاية الصحية والتعليم.

وتُعدّ زيارة ولي العهد السعودي لواشنطن أولى الزيارات الرسمية الكبرى التي يستضيفها ترمب في ولايته الثانية، وتأتي بعد أشهر من زيارة الأخير السعودية، في مايو (أيار) 2025، بوصفها أولى وجهاته الخارجية منذ تنصيبه رئيساً لولاية ثانية. وشهدت الرياض، في حينها، توقيع أكبر اتفاقية مبيعات دفاعية في التاريخ بقيمة تقترب من 142 مليار دولار، لتزويد المملكة بمعدات وخدمات قتالية متطورة من أكثر من 12 شركة دفاعية أميركية.

وتنظر الأوساط السياسية والاقتصادية الأميركية إلى زيارة الأمير محمد بن سلمان بوصفها جزءاً من جهود أوسع لتعزيز التعاون بين البلدين في قطاعات رئيسية؛ مثل الطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية والمالية والذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية والدفاع، خصوصاً مع اعتزام المملكة استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة، مع إمكانية زيادتها حال توفرت فرص إضافية.

تعزيز التحالف الأميركي - السعودي

يرى مراقبون أميركيون أن هذه الزيارة حاسمة في إعادة تشكيل التحالف الأميركي - السعودي في عصر ترمب وضمن توجهات «رؤية 2030» السعودية، وسط توقعات بتوقيع اتفاقيات بمليارات الدولار في مجالات الدفاع والاستثمار؛ ما يدعم الاقتصادين الأميركي والسعودي.

الأمير محمد بن سلمان ودونالد ترمب في الرياض يوم 13 مايو (رويترز)

ويقول آرون ديفيد - ميلر، الباحث بمؤسسة «كارنيغي للسلام الدولي»، إن «زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة ترتقي بالعلاقات السعودية - الأميركية إلى مستوى جديد». وأشار ميلر، الذي خدم في وزارة الخارجية الأميركية لمدة 24 سنة حتى عام 2003، إلى أهمية الزيارة في الدفع بقطاع الدفاع والذكاء الاصطناعي، لافتاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى احتمال إبرام اتفاق دفاعي مشترك خلال الزيارة. كما سلّط الضوء على استعداد واشنطن لبيع أشباه المواصلات المتقدمة إلى الرياض؛ «لأن ولي العهد السعودي يسعى لجعل بلاده ثالث أهم دولة في العالم من حيث الحوسبة والذكاء الاصطناعي بعد الولايات المتحدة والصين».

وأشار جيسون غرينبلات، المبعوث السابق للبيت الأبيض لمنطقة الشرق الأوسط، في مقال رأي بمجلة «نيوزويك» إلى العلاقة الدفاعية القوية بين البلدين، عادّاً أنها ذات أهمية كبيرة في ردع القوى المعادية، وحماية خطوط الملاحة، وتأمين إمدادات الطاقة التي يقوم عليها الاقتصاد العالمي. وقال غرينبلات إن ولي العهد السعودي «لا يقود بلاده نحو المستقبل فحسب؛ بل يعيد تشكيل المنطقة بما يتماشى مع المصالح المشتركة في التقدم والاستقرار، مع الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية السعودية».

وأشار غرينبلات إلى «رؤية 2030»، ووصفها بأنها «أكثر خطط التحول الاقتصادي طُموحاً في التاريخ الحديث لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط، وتوسيع قطاع السياحة، وجعل السعودية مركزاً عالمياً للاستثمار والابتكار». ووصف غرينبلات السعودية بأنها «قوة صاعدة في مجالات الإبداع والتكنولوجيا والفرص، وأبدى تفاؤلاً كبيراً في النتائج التي ستعقب إبرام اتفاقية دفاع رسمية بين البلدين، من حيث جعل منطقة الشرق الأوسط أكثر أماناً وأكثر إشراقاً وازدهاراً».

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله ترمب بعد وصوله إلى الرياض يوم 13 مايو (رويترز)

ولا شكّ أن الملفات الإقليمية ستكون مطروحة على جدول الأعمال، من وقف حرب غزة، وجهود إقامة دولة فلسطينية، إلى السودان ولبنان وسوريا والعراق واليمن.

وفيما يتعلق بلبنان، قال ميلر: «أعتقد أن السعوديين لديهم نفوذ في لبنان، وأعتقد أن لديهم استعداداً لاستخدامه، لكن هذا سيعتمد على مدى استعداد الإسرائيليين للانسحاب (من الجنوب اللبناني)، وأرى أنه يتوجّب على الإدارة الأميركية الوقوف إلى جانب المملكة العربية السعودية». وخلص إلى أن «الالتزامات الدفاعية، واتفاقية أشباه المواصلات، وطائرات (إف - 35) هي القضايا المحورية» في هذه الزيارة.

ولفت ميلر إلى أن لدى ولي العهد السعودي «نهجاً متوازناً في إبرام صداقات مع الجميع، بما في ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتهدئة التوترات مع إيران»، وقال إن «هذا النهج يؤدي إلى قدر لا بأس به من التحوط وتحقيق التوازن».

إعجاب شخصي

عبَّر الرئيس الأميركي عن إعجابه الكبير بولي العهد السعودي، وقال خلال زيارته إلى الرياض في مايو: «أنا حقاً أعتقد أننا نحب بعضنا كثيراً». كما وصف الأمير محمد بن سلمان بأنه «رجل رائع» و«صديقي».

وأشار تقرير لمجلس شيكاغو للشؤون العالمية، إلى زيارة ولي العهد السعودي بأنها «فرصة لتعزيز فترة إيجابية جديدة، مبنية على العلاقة الشخصية القوية بين ترمب والأمير محمد بن سلمان، وروابط تجارية عميقة بين قيادات البلدين». وتوقّع المجلس في تقريره إجراء مناقشات واتفاقات اقتصادية ودفاعية، وتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والطاقة. بينما أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن الرئيس ترمب يدفع لترتيبات تاريخية تشمل صفقات أسلحة متقدمة وأخرى تجارية، يمكن أن تُعزِّز الاقتصاد الأميركي، والمنافسة الأميركية مع الصين.

اقرأ أيضاً