المناطق القبلية الباكستانية في انتظار العدالة

السكان اشتكوا من كونهم محاصرين بين وحشية الجماعات المسلحة وقبضة الجيش

الجيش الباكستاني منتشر في شمال وزيرستان قريباً من الحدود الأفغانية (غيتي)
الجيش الباكستاني منتشر في شمال وزيرستان قريباً من الحدود الأفغانية (غيتي)
TT

المناطق القبلية الباكستانية في انتظار العدالة

الجيش الباكستاني منتشر في شمال وزيرستان قريباً من الحدود الأفغانية (غيتي)
الجيش الباكستاني منتشر في شمال وزيرستان قريباً من الحدود الأفغانية (غيتي)

شنّ الجيش الباكستاني خلال الأيام الأخيرة حملة قمع ضد متظاهرين في منطقة الحزام القبلي الواقعة شمال غربي البلاد، التي أكدت خلالها قدرات قوات الأمن الاعتماد على نفسها باعتبارها المنفذ لبسط يد العدالة في المنطقة. وذكرت قيادات أمنية أنه سيجري الاعتماد على نظام بديل معني بمكافحة الإرهاب في محاكمة قادة حركة المظاهرات السلمية التي أطلقتها عناصر من البشتون. وكانت قوات الأمن قد أغلقت الطرق في المنطقة وفرضت حظر تجوال بها. ومع هذا، كان من المفترض أن تكون الأوضاع مختلفة داخل الحزام القبلي هذا العام، في منطقة ظلت طيلة عقود طويلة تنتظر نظام في نظام عدالة بديل.
جدير بالذكر، أن باكستان صوتت العام الماضي لصالح دمج هذه المناطق الحدودية التي كانت تعرف في وقت مضى باسم المناطق الحدودية ذات الإدارة الفيدرالية داخل التيار السياسي والقانوني الرئيسي بالبلاد. وبذلك، حصل أبناء هذه المنطقة البالغ إجمالي عددهم خمسة ملايين نسمة، وتنتمي الغالبية الكاسحة منهم إلى أقلية البشتون، على الحقوق الدستورية ذاتها التي ينعم بها الباكستانيون الآخرون، بما في ذلك إمكانية المثول أمام نظام العدالة المدني الوطني.
قبل ذلك، خضع سكان المنطقة إلى أعراف حدودية صارمة أقرها المستعمر الإنجليزي، كان من شأنها وضع كل منطقة حدودية تحت سلطة شبه كاملة لحاكم واحد. وحرم سكان المنطقة من حقوق أساسية مثل توكيل محامين أو المثول أمام محاكم طبيعية، بجانب أنه كان من الشائع إنزال عقوبات جماعية عن جرائم اقترفها أفراد.
من جهته، قال منظور باشتين، زعيم حركة الحقوق المدنية البشتونية المعروفة اختصاراً باسم «بي تي إم»، إن الحملة الأخيرة التي شنتها قوات الأمن تثبت أن قرار إلغاء نظام العدالة الاستعماري القديم في المنطقة، لم يكن سوى كذبة. وقال مستخدماً الاسم القديم للمنطقة: «من الواضح الآن أن المناطق الحدودية ذات الإدارة الفيدرالية والشؤون الإدارية المتعلقة بها لا تزال في يد الجيش. وفي ظل الحكم الاستبدادي الحالي من جانب الجيش، لا نعتقد أنه من الممكن تحقيق العدالة».
من ناحية أخرى، ظهرت بعض المؤشرات على حدوث تغيرات. الشهر الماضي، داخل واحدة من المحاكم المؤقتة في مبنى فيدرالي على أطراف مدينة بيشاور، ساور بعض من ينتظرون المثول أمام المحاكمة في ظل النظام الجديد الأمل في أن تأتي النتيجة أفضل بالنسبة لهم. من بين هؤلاء، الحاج أمير خان، تاجر في منتصف الأربعينات من عمره كان في انتظار المثول أمام محكمة ضاحية خيبر بتهمة تهريب حشيش، وقال: «في ظل النظام القديم، كان يزج بنا في السجن دون محاكمة. ولم أكن لأحظى بأي فرصة لأن تستمتع إليّ هيئة محكمة». وقال خان، إن الشرطة لفقت له هذا الاتهام بعد أن رفض دفع رشوة. وأضاف: «آمل أن ينصفني هذا النظام». إلا أن الكثير من هذه الآمال تحطمت خلال الأسبوعين الماضيين عندما بدأ الجيش في التحرك بقوة أكبر ضد «بي تي إم». جدير بالذكر أن الحملة تتركز داخل إقليم خيبر بختونخوا الذي يضم اليوم المناطق القبلية السابقة. وعلى مدار العام الماضي، كانت حركة «بي تي إم» بمثابة شوكة في خصر الجيش، واتهمت قوات الأمن بارتكاب أعمال قتل خارج منظومة العدالة والزج بالمنشقين في سجون سرية وانتهاكات أخرى.
من جانبه، فإن الجيش الذي يتهم الحركة بالخضوع لسيطرة وكالات استخباراتية أفغانية وهندية، ازداد غضباً تجاه الحركة، في الوقت الذي التزمت فيه وسائل الإعلام الباكستانية الصمت إزاء الأمر برمته تحت تهديد شديد من السلطات. وتصاعدت التوترات في 26 مايو (أيار) عندما أطلقت قوات الأمن النار على حشد من المتظاهرين في منطقة شمال وزيرستان الحدودية؛ ما أسفر عن سقوط 13 قتيلاً على الأقل، حسبما أفاد أعضاء بالحركة. وذكر ناشطون في «بي تي إم» وشهود عيان، أن المتظاهرين كانوا غير مسلحين. في المقابل، قالت السلطات إن المتظاهرين كانوا من أطلق النار أولاً؛ ما أدى إلى إصابة الكثير من الضباط، رغم أنها لم تعرض لقطات مصورة للحدث. في الوقت ذاته، لا يزال اثنان من كبار أنصار حركة «بي تي إم»، وهما عضوا البرلمان محسن دوار وعلي وزير، قيد الاحتجاز مثلما الحال مع الكثير من أعضاء الحركة. وقد اندلعت مظاهرات أصغر حجماً عبر مختلف أرجاء المنطقة، منها مظاهرة في بيشاور، الاثنين، قال متظاهرون إن قوات الأمن استغلت خلالها الهراوات في تفريقهم أثناء مشاركتهم في اعتصام سلمي. يذكر أن أربعة جنود قتلوا الأسبوع الماضي بسبب انفجار عبوة ناسفة زرعت على جانب الطريق في شمال وزيرستان، التي كانت من قبل معقلاً لجماعات مسلحة. ودفعت هذه التوترات حكومة خيبر بختونخوا إلى أن تطلب إرجاء عقد أول انتخابات محلية على الإطلاق داخل المناطق المدمجة حديثاً. كان من المقرر تنظيم الانتخابات في الثاني من يوليو (تموز). وجاءت الحملة القاسية الأخيرة في أعقاب إطلاق الكثير من نشطاء حقوق الإنسان تحذيرات من أن أي وعود بتوفير حمايات مدنية لن يكون لها معنى طالما استمرت سيطرة الجيش المتنامية على السلطة في البلاد. في هذا الصدد، قال أفراسياب خطاب، عضو مجلس الشيوخ السابق والناشط بمجال حقوق البشتون: «كشفت تجربة الأيام القليلة الماضية عن أن السيطرة القمعية للجيش تشكل انتهاكاً كاملاً للقوانين والدستور».
وعلى مدار سنوات طويلة، اشتكى سكان المناطق القبلية أنهم محاصرون بين وحشية الجماعات المسلحة الموجودة بالمنطقة، بما فيها «طالبان» الباكستانية وتنظيم «القاعدة» من ناحية، والجيش من ناحية أخرى.

* خدمة «نيويورك تايمز»



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.