«العسكري» و«قوى التغيير» يتفقان على استئناف التفاوض... ورفع العصيان المدني

موفد أميركي وآبي أحمد إلى الخرطوم لإتمام الوساطة الأفريقية... والمعارضة تتوافق على مرشحيها لـ«السيادي» وتباين حول رئاسة الوزارة

الحياة بدأت تعود إلى الأسواق في وسط الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
الحياة بدأت تعود إلى الأسواق في وسط الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

«العسكري» و«قوى التغيير» يتفقان على استئناف التفاوض... ورفع العصيان المدني

الحياة بدأت تعود إلى الأسواق في وسط الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
الحياة بدأت تعود إلى الأسواق في وسط الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

أعلن مبعوث رئيس الوزراء الإثيوبي للسودان محمود برير، عن اتفاق طرفي النزاع السوداني؛ «قوى إعلان الحرية والتغيير»، والمجلس العسكري الانتقالي الحاكم، على العودة إلى التفاوض من النقطة التي توقف عندها، وموافقة المجلس العسكري على إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وموافقة «قوى الحرية» على رفع العصيان المدني.
وقال محمود برير، الذي يشغل في ذات الوقت منصب مستشار وزير الخارجية الإثيوبي، في مؤتمر صحافي عقد أمس، إنه أجرى لقاءات مباشرة مع رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان وأعضاء المجلس، و«قوى إعلان الحرية والتغيير»، وشخصيات سياسية بارزة، استكمالاً لمبادرة الرئيس آبي أحمد لتقريب المسافة بين الطرفين.
وأوضح برير أن الطرفين اتفقا على عدم التراجع عما تم الاتفاق عليه في المفاوضات السابقة بينهما، وقبل التصعيد الذي صاحب فضّ الاعتصام ومقتل المتظاهرين السلميين، وتابع: «أقصد بالطرفين المجلس العسكري الانتقالي، وقوى إعلان الحرية والتغيير».
وقال برير إن الخلاف على التمثيل في المجلس السيادي ورئاسته سيتم التفاوض عليه «قريباً»، وأضاف: «المجلس السيادي هو ما سوف يتم التباحث حوله بحسن نية، وهي الروح التي تركها الرئيس آبي أحمد قبل أن يغادر البلاد».
وبحسب برير، اتفق الطرفان على وقف التصعيد المتبادل، ووقف البيانات والخطابات التي قد تقود إلى فشل المبادرة، ولإبداء حسن النية وافق المجلس العسكري على إطلاق سراح المعتقلين الذين ألقى القبض عليهم على خلفية الاعتصام، فيما وافقت «قوى إعلان الحرية والتغيير» على رفع الاعتصام ابتداء من يوم أمس، وتابع: «نحن نسعى إلى أن يتجنب الأطراف التصعيد والاتهامات المبادلة والتلاسن الذي قد يقود للعودة للوراء»، وأضاف: «نريد المضي قدماً في المبادرة وبحسن النية، معتمدين على عقلانية وسماحة السودانيين»، واستطرد: «سيتجاوز السودان هذه المرحلة من تاريخه الحديث».
وفي بيان منفصل، نشر على صفحة «تجمع المهنيين السودانيين» على «فيسبوك»، أعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير «تعليق العصيان المدني، ورفع الإضراب السياسي حتى إشعار آخر»، ابتداء من نهاية يوم أمس، مع استمرار الاستعداد والتنظيم للجان الأحياء ولجان الإضراب في القطاعات المهنية والعمالية المختلفة.
وأشاد البيان بمشاركة الشعب السوداني في الإضراب وتوحده حول مطلبه في تسليم السلطة لحكومة مدنية، وقال: «لقد سطر الشعب السوداني كما المعتاد ملحمة جديدة في درب النضال، ووعد وأوفى كأبهى ما يكون الوفاء، وأثبت أنه قادر على تركيع الطغاة متى أراد، كما أنه صاحب القرار والقول الفصل سلماً وقياماً وتظاهراً وإضراباً وعصياناً».
وافقت «قوى إعلان الحرية والتغيير» التي تقود الاحتجاجات في السودان على تسمية 8 مرشحين لها لمجلس السيادة، استجابة لوساطة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي زار الخرطوم في وقت سابق.
ووصف البيان تجربة العصيان بأنها كانت بارزة في تاريخ المقاومة السلمية، و«تؤكد عظمة وخبرة الشعب السوداني في فرض إرادته»، وأضاف: «خلال 3 أيام من الصمود التاريخي، تم تنفيذ العصيان بنسبة مرتفعة جداً، وعلى جميع المستويات الحيوية»، ووصفه بأنه «إجماع مدني غير مسبوق، ورسالة واضحة للمجلس حول مكامن قوة وجبروت الشعب السوداني».
وأوضح البيان، أن المجلس العسكري تكبد «خسائر سياسية جمة بما لا يقاس»، وتابع: «تكشفت له حقيقة أن مقاليد الحكم هي بيد أهل الشأن، الشعب السوداني العظيم».
وتواصل العصيان المدني ليومه الثالث على التوالي في معظم المدن السودانية، وذلك على الرغم من ازدياد حركة السير في شوارع الخرطوم، بيد أن الإضراب استمر في كثير من المرافق العامة والقطاع الخاص.
وبحسب شهود عيان، فإن العدد الأغلب من المتاجر والمؤسسات العامة والخاصة ظلت مغلقة، فيما واصل جنود من الجيش وقوات الدعم السريع، على عربات رباعية الدفع ومدرعات خفيفة، التجول في شوارع الخرطوم، ولوحظت أعداد قليلة من السيارات والحافلات العامة تسير في الشوارع، وقال مواطنون لـ«الشرق الأوسط»، إنهم مضطرون للعودة للعمل لكسب عيشهم، على الرغم من تأييدهم العصيان المعلن، فيما عاد بعض الموظفين لممارسة أعمالهم، وقال بعضهم إنهم اضطروا للعودة إثر تلقيهم تهديدات بالفصل عن العمل.
وقال القيادي بـ«قوى إعلان الحرية والتغيير» الطيب العباس لـ«الشرق الأوسط»، في وقت سابق أمس، إن المجلس العسكري الانتقالي تعهد بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والناشطين في الإضراب والعصيان المدني. وأوضح أن المجلس يعترض على مقترح الرئيس آبي أحمد بتشكيل مجلس سيادة من 8 مدنيين و7 عسكريين، وأن تكون رئاسته دورية بين الطرفين، وأكد أن «قوى إعلان الحرية» اتفقت على الخبير الأممي عبد الله حمدوك رئيساً للوزارة الانتقالية، فيما تحفظت عليه بعض الأحزاب، وتابع: «لجنة المعايير المعنية باختيار مرشحي مجلس السيادة، على وشك الانتهاء من عملها، وتم الاتفاق على أن يراعي الاختيار التوزيع الجغرافي بالبلاد»، متوقعاً حسم الأمر بشكل نهائي في غضون 48 ساعة.
بدوره، قال القيادي بـ«قوى الحرية والتغيير» صديق يوسف، إن «تحالف الحرية والتغيير» توصل إلى اتفاق مبدئي بشأن أسماء المرشحين والمرشحات للمجلس السيادي، والكشف عنها في الوقت المناسب، دون تحديد إطار زمني للإعلان.
وأوضح القيادي في «التجمع الاتحادي» المعارض، وهو أحد الفصائل الرئيسة في «تحالف قوى الحرية والتغيير»، عزّ العرب حمد النيل، إن «قوى الحرية والتغيير» اتفقت على مرشحيها لمجلس السيادة، تمهيداً لاستئناف التفاوض مع المجلس العسكري.
وأشار حمد النيل إلى أن المجلس العسكري بدأ في اتخاذ خطوات باتجاه محاسبة المتورطين في جريمة فضّ الاعتصام، وتعهد بإطلاق سراح المعتقلين.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن المشاورات تجري داخل «تجمع المهنيين السودانيين»، التيار الرئيسي في «تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير»، لرفع العصيان المفتوح المستمر في البلاد منذ أيام. وقال مصدر بالتجمع، تحدث للصحيفة، إن نقاشات حول آثار الاعتصام على المواطنين، ولا سيما أن كثيرين منهم يعملون باليومية، توصلت إلى رفع الاعتصام مؤقتاً، على أن يظل سلاحاً بيدها تشهره بيد «العسكري» متى ما استوجبت الأمور.
وكشف مصدر لـ«الشرق الأوسط» عن زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد للسودان خلال اليومين القادمين، لمتابعة المبادرة الافريقية، وينتظر أن يصل البلاد بعد غد (الخميس)، وذلك بعد أقل من أسبوع لزيارته التي أطلق فيها مبادرته.
من جهة أخرى، يصل الخرطوم اليوم مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية تيبور ناجي، في زيارة تستغرق يومين، يلتقي خلالها الأطراف السودانية، ثم يغادرها إلى أديس أبابا لمناقشة ملف الوساطة.
وبحسب الخارجية الأميركية، فإن الإدارة الأميركية تسعى مع الشركاء الدوليين لتحقيق السلام في السودان، وهي ملتزمة بمساندة شعب السودان، ونقلت «العربية نت» عن الخارجية الأميركية قولها: «الشعب السوداني، يستحق حكومة مدنية تعمل لصالحه». ومن المنتظر أن يطلب المسؤول الأميركي البارز، وقف الاعتداءات على المدنيين، وحثّ الأطراف للعمل على تهيئة أجواء تسمح بالعودة لطاولة الحوار.
ويرى الصحافي والمحلل السياسي، جعفر السبكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التدخل الأميركي من شأنه أن يحدث اختراقاً وكسر الجمود بين أطراف الأزمة السودانية»، مشيراً إلى أن الرسالة التي ربما يريد أن يوصلها المبعوث الأميركي هي دعوة المجلس العسكري بشكل مباشر إلى وقف الاعتداءات على المدنيين وعدم إجراء انتخابات سريعة في البلاد، كما ظل المجلس العسكري يكرر ذلك.
وقال السبكي إن مساعد وزير الخارجية الأميركي تيبور ناجي سيعمل على إقناع المجلس العسكري بضرورة تقليص عدد ممثليه في المجلس السيادي على أن تكون الغلبة للمدنيين وليس للعسكريين كما تطالب «قوى الحرية والتغيير»، كما تكهنوا بأن ناجي سيشدد على تشكيل لجنة دولية للتحقيق حول مقتل أكثر من 100 شخص في الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة.
من جهته، أعلن المجلس العسكري في ساعة متأخرة من ليلة أول من أمس، القبض على عدد من الجنود، قال إنهم «متورطون في قتل المتظاهرين»، وكشف عن وضعهم في الحجز، إثر عملية فضّ الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش السوداني، الذي راح ضحيته 118 مدنياً، بحسب لجنة الأطباء المركزية، و61 بحسب وزارة الصحة السودانية، فضلاً عن مئات الجرحى والمصابين والمفقودين.
وقال المجلس، في بيان، إنه عثر على ما أسماه «أدلة أولية» ضد عدد من عناصر القوات النظامية، وإنه وضعهم في الحجز العسكري، تمهيداً لإحالتهم للمحاكمة بشكل عاجل. وتابع البيان: «يؤكد المجلس العسكري الانتقالي أنه لن يكون هناك تأخير في محاسبة من تثبت إدانتهم، وفقاً للوائح والقوانين».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.