مصر تصعّد ضد «كريستيز» لاسترداد رأس توت عنخ آمون

الخارجية البريطانية طالبت بوقف بيعه في لندن وإعادته للقاهرة

رأس تمثال من الحجر لتوت عنخ آمون في صالة «كريستيز» للمزادات بلندن
رأس تمثال من الحجر لتوت عنخ آمون في صالة «كريستيز» للمزادات بلندن
TT

مصر تصعّد ضد «كريستيز» لاسترداد رأس توت عنخ آمون

رأس تمثال من الحجر لتوت عنخ آمون في صالة «كريستيز» للمزادات بلندن
رأس تمثال من الحجر لتوت عنخ آمون في صالة «كريستيز» للمزادات بلندن

صعّدت مصر من إجراءاتها للمطالبة باستعادة تمثال رأسي للفرعون الذهبي توت عنخ آمون، تعتزم دار كريستيز للمزادات بلندن بيعه في مزاد مطلع الشهر المقبل، وأرسلت وزارتا الآثار والخارجية المصريتان، مساء أول من أمس، خطابات إلى الخارجية البريطانية، ودار كريستيز للمزادات، ومنظمة اليونيسكو، طالبتا فيه بوقف بيع التمثال الأثري، وإعادته إلى القاهرة فوراً.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر لا تتهاون في استعادة آثارها بالخارج، وسنبذل أقصى جهدنا لاستعادة التمثال»، موضحاً أن «وزارة الآثار فور علمها بعرض التمثال للبيع، تحركت بالتعاون مع وزارة الخارجية المصرية، وأرسلتا خطابات إلى منظمة يونيسكو، ودار كريستيز للمزادات، للمطالبة بوقف بيع التمثال، وإرسال المستندات الخاصة التي تثبت ملكيته».
وأضاف وزيري أن «تمثال رأس توت عنخ آمون ليس من مفقودات المتاحف أو المخازن المتحفية، وليس من مقتنيات مقبرته التي اكتشفها هيوراد كارتر عام 1922، وربما تكون من معبد الكرنك كما تقول (كريستيز)، أو أي معبد آخر».
ولم تعلق دار كريستيز للمزادات على المطالبات المصرية، واكتفت بعرض القطعة الأثرية على موقعها الإلكتروني، مع غيرها من القطع المصرية، مبينة تاريخ ملكيتها له، ووفقاً لما نشرته «كريستيز»، فإن «التمثال من حجر الكوارتزيت، وعمره نحو 3000 سنة، وهو تمثال للإله آمون على هيئة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون»، ويتم بيعه ضمن مجموعة خاصة لجامع مقتنيات يدعى ريساندرو.
ووفقاً لدار كريستيز، فإن التمثال كان جزءاً من المجموعة الخاصة بالأمير ويلهلم فون ثورن أوندتاكسي، وهو مقتني آثار ألماني، منذ ستينات القرن الماضي، ثم اشتراه جوزيف مسينا في الفترة ما بين عامي 1973 و1974، وبعدها انتقلت ملكيته إلى أرنولف روزمان في الفترة بين عامي 1982 و1983، وبعدها انتقل إلى هاينز هيزر في يونيو (حزيران)، قبل أن تدخل مجموعة ريساندرو في يوليو (تموز) 1985»، مشيرة إلى أن «التمثال موثق من قِبل علماء الآثار منذ الثمانينات، وتم إقراضه من قبل للعرض في متاحف في ألمانيا وإسبانيا».
من جهته، قال الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، لـ«الشرق الأوسط»: إن «التمثال الرأسي نُهب أو سُرق من معبد الكرنك بالأقصر عام 1970، و(كريستيز) لا تملك أي مستندات لإثبات ملكيته، فهذه القطعة مِلك لمصر»، مشيراً إلى أنه «حتى لو كانت تملكه، فمن غير الأخلاقي عرضه للبيع»، وأضاف: «هذا رأس تمثال ملك، وكان على دار كريستيز إرساله للقاهرة بدلاً من عرضه للبيع بهذه الطريقة».
وفور تداول أخبار عن المزاد المزمع عقده لبيع التمثال أصدرت وزارة الآثار المصرية بياناً في يوم 5 يونيو الحالي، طالبت فيه دار كريستيز للمزادات بإرسال مستندات ملكية التمثال، لكن الدار لم توقف عملية البيع أو ترسل المستندات المطلوبة؛ مما دفع مصر للتصعيد مرة أخرى.
وأصدرت وزارتا الآثار والخارجية المصرية بياناً مساء أول من أمس، أعلنت فيه عن مطالبتها دار كريستيز بوقف بيع التمثال وغيره من القطع الأثرية المصرية، مؤكدة «أحقيتها في التمثال بموجب القوانين المصرية الحالية والسابقة»، كما خاطبت السفارة المصرية بلندن، وزارة الخارجية البريطانية؛ للمطالبة «بوقف البيع والتحفظ على التمثال الرأسي لتوت عنخ آمون وإعادته لمصر»، إضافة إلى «وقف بيع باقي القطع الأثرية المصرية التي أعلنت دار كريستيز عن عزمها بيعها في المزاد الشهر المقبل، والتأكيد على ضرورة إرسال كافة المستندات التي تثبت ملكية (كريستيز) للقطع الأثرية المصرية».
ووفقاً لموقع دار كريستيز، فهناك نحو 32 قطعة آثار مصرية متنوعة معروضة للبيع الشهر المقبل، من بينها تابوت خشبي يعود للأسرة السادسة والعشرين، وتمثال لقطعة من البرونز يعود للفترة نفسها، وتمثال آخر لقطة من العصر البطلمي، وتماثيل أوشابتي، وقناع لمومياء من العصر البطلمي، لكن أبرزها وأهمها هو تمثال توت عنخ آمون، الذي من المتوقع أن يصل سعره في المزاد إلى نحو 4 ملايين جنيه إسترليني.
وقال وزيري إنه «حتى الآن لم يصلنا رد رسمي من دار كريتسيز للمزادات»، مشيراً إلى أن «وزارة الآثار طالبت (كريستيز) بوقف بيع جميع القطع الأثرية المصرية التي تنوي بيعها في مزادات يومي 3 و4 من الشهر المقبل، والبالغ عددها نحو 16 قطعة أثرية».


مقالات ذات صلة

تفاصيل جديدة عن حياة وموت «المومياء الصارخة» في مصر

يوميات الشرق وجه «مومياء المرأة الصارخة» التي اكتشفت عام 1935 في الدير البحري بالقرب من الأقصر ويرجع تاريخها لنحو 1500 قبل الميلاد خلال فترة المملكة الحديثة في مصر القديمة تظهر بالمتحف المصري في القاهرة - 18 يناير 2023 (رويترز)

تفاصيل جديدة عن حياة وموت «المومياء الصارخة» في مصر

رجّح علماء آثار أن مومياء امرأة مصرية دُفنت منذ نحو 3500 عام، وتبدو على وجهها علامات صراخ، «ماتت وهي تتألّم».

شادي عبد الساتر (بيروت)
يوميات الشرق كان شمع العسل والزيت النباتي وصمغ الأشجار من بين المكونات التي شكلت الرائحة منذ أكثر من 3500 عام (تويتر - باربرا هوبر)

إعادة إنتاج «رائحة الخلود» المستخدمة في التحنيط عند المصريين القدماء

تمكّن الباحثون من إعادة تركيب ما يصفونها بـ«رائحة الخلود»، التي كانت تعدّ في السابق مناسبة لسيدة نبيلة مصرية قديمة.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق نقوش على جدران إحدى المقابر الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

اكتشاف «أكبر» ورشتي تحنيط آدمية وحيوانية في سقارة

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية الكشف عن ورشتي تحنيط آدمية وحيوانية، وصفتهما بأنهما «الأكبر» و«الأكثر اكتمالاً».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق تفاؤل مصري بحجم الإقبال على «رمسيس وذهب الفراعنة» بباريس

تفاؤل مصري بحجم الإقبال على «رمسيس وذهب الفراعنة» بباريس

أبدى مسؤولون مصريون تفاؤلهم بحجم الإقبال على معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» بالعاصمة الفرنسية باريس، الذي تم فتح أبوابه للجمهور بداية من الجمعة. وشهدت «صالة عرض لافيليت»، إقبالاً لافتاً من الجمهور في أولى ساعات فتح المعرض، ووفق الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام لـ«المجلس الأعلى للآثار»، فإنه تم حتى الآن بيع 165 ألف تذكرة لزيارة المعرض، وتوقع استقبال المعرض 10 آلاف زائر يومياً. وأضاف د.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق «رمسيس وذهب الفراعنة» يبدأ استقبال زائريه في باريس

«رمسيس وذهب الفراعنة» يبدأ استقبال زائريه في باريس

يبدأ معرض «رمسيس وذهب الفراعنة»، اليوم (الخميس)، استقبال زائريه لمدة 5 شهور، في قاعة «لافيليت الكبرى» بالعاصمة الفرنسية، باريس، في ثالث محطات جولاته الخارجية التي شملت مدينتي هيوستن وسان فرانسيسكو الأميركيتين. ويضم المعرض 181 قطعة أثرية ثمينة من كنوز الملك رمسيس الثاني، من بينها «التابوت الملكي»، الذي وافقت السلطات المصرية على نقله إلى فرنسا بشكل استثنائي، لعرضه ضمن المعرض، تقديراً لجهود العلماء الفرنسيين الذين أنقذوا مومياء رمسيس الثاني، وعالجوها من الفطريات بالأشعة السينية عام 1976. وبذلك تكون فرنسا الوحيدة التي تستقبل التابوت الملكي من جديد للمرة الثانية. واكتشف التابوت في خبيئة الدير البحر

عبد الفتاح فرج (القاهرة)

الذكاء الاصطناعي يعجز عن حل مسائل الرياضيات الصعبة

تغطي هذه المسائل مجموعة واسعة من المواضيع في الرياضيات الحديثة (arXiv - 2024)
تغطي هذه المسائل مجموعة واسعة من المواضيع في الرياضيات الحديثة (arXiv - 2024)
TT

الذكاء الاصطناعي يعجز عن حل مسائل الرياضيات الصعبة

تغطي هذه المسائل مجموعة واسعة من المواضيع في الرياضيات الحديثة (arXiv - 2024)
تغطي هذه المسائل مجموعة واسعة من المواضيع في الرياضيات الحديثة (arXiv - 2024)

قام فريق دولي من الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي وعلماء الرياضيات التابعين لعدة مؤسسات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بتطوير مقياس رياضي، يسمح للعلماء باختبار قدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي على حل مشاكل رياضية صعبة للغاية.

وأظهرت نتائج دراستهم المنشورة على منصة «أركيف بريبرنت (arXiv preprint)» للأوراق البحثية أن أنظمة الذكاء الاصطناعي التي حققت درجات جيدة من قبل، وفق كثير من المعايير والمقاييس التقليدية، لم تتمكن من تسجيل درجات أعلى من 2 في المائة في تقديم حلول للمسائل الرياضية الصعبة، وفق مقياس الاختبارات الجديد.

ووفق بيان منشور، الثلاثاء، على منصة «ساينس إكس نتورك» فإنه على مدى السنوات القليلة الماضية، أصبحت برامج الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق مثل «شات جي بي تي (ChatGPT)» أكثر تطوراً، وبالتالي تبدو في بعض الأحيان وكأنها تتمتع بمستوى عالٍ جداً من الذكاء يجعلها قادرة على حل كثير من المعضلات في كثير من المجالات المختلفة. إلا أنه وفقاً لنتائج الدراسة الأخيرة هناك مجال واحد لا يزالون يفشلون فيه، حل مشاكل الرياضيات الصعبة.

ومع استمرار عمل مطوري أنظمة الذكاء الاصطناعي من أجل تحسين مهارات الرياضيات في نماذجهم، فقد طوروا عدداً من المقاييس لتكون بمثابة وسيلة لاختبار تقدمهم، ومنها اثنان هما الأكثر شعبية؛ MATH وGSM8K.

وبمرور الوقت، تحسنت برامج ذكاء اصطناعي إلى الحد الذي أصبحت فيه قادرة على تسجيل درجات تصل إلى 90 في المائة في هذه اختبارات تلك المقاييس.

ولكن كما لاحظ أعضاء فريق الدراسة، فإن مستوى صعوبة مثل هذه المقاييس ليس مرتفعاً بما يكفي، لذا قرروا أن هناك حاجة إلى مقياس جديد لاختبارات قدرات الذكاء الاصطناعي في حل المسائل الرياضية الصعبة، وعليه أنشأوا مقياساً جديداً يفي بهذا الغرض، أطلقوا عليه اسم FrontierMath، وهو الذي يقدم مقياساً مستمراً للتقدم في التفكير الرياضي المعقد للذكاء الاصطناعي.

ومن ثم تواصل فريق البحث مع بعض من ألمع العقول في مجال الرياضيات، وطلبوا منهم تقديم بعض مسائل الرياضيات الصعبة حقاً، وبالفعل تلقوا المئات منها.

وكما يقول الباحثون، فإن «مثل هذه المسائل ليست فريدة من نوعها فحسب، بل إنها تتطلب أيضاً مستوى عميقاً من الفهم للرياضيات. وقد يستغرق حل بعضها عدة أيام». كما تغطي هذه المسائل مجموعة واسعة من المواضيع، من نظرية الأعداد إلى الهندسة الجبرية (أحد فروع علم الجبر). وللحصول على درجات جيدة في معيار FrontierMath، يجب أن يتمتع نظام الذكاء الاصطناعي بالإبداع والبصيرة، وما يصفه فريق البحث بـ«الخبرة العميقة في المجال».

ويوضح الباحثون: «نجحت نماذج الذكاء الاصطناعي في حل أقل من 2 في المائة من المسائل الرياضية الصعبة فقط، مما يكشف عن فجوة هائلة بين قدراتها، وبراعة أفراد المجتمع العلمي الرياضي من العلماء والباحثين».

وأضافوا: «رغم تقدم أنظمة الذكاء الاصطناعي في محاولة للوصول إلى القدرات الرياضية نفسها على مستوى الخبراء والمتخصصين، فإن منصة FrontierMath تقدم اختبارات صارمة تستطيع أن تقيس مدى هذا التقدم».