«داعش» يذبح جنديا لبنانيا ثانيا عقب خروج الموفد القطري من عرسال

الحكومة تؤكد قطع أشواط في الملف.. وزوجة مختطف: أبلغني رسالة بأن نقف بوجه «حزب الله»

إجراءات أمنية مشددة في محيط بلدة عرسال (رويترز)
إجراءات أمنية مشددة في محيط بلدة عرسال (رويترز)
TT

«داعش» يذبح جنديا لبنانيا ثانيا عقب خروج الموفد القطري من عرسال

إجراءات أمنية مشددة في محيط بلدة عرسال (رويترز)
إجراءات أمنية مشددة في محيط بلدة عرسال (رويترز)

أعلن حساب مزعوم لقيادي في تنظيم «داعش» في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أمس، إعدام جندي آخر من العسكريين اللبنانيين المحتجزين لدى مجموعات إسلامية متشددة منذ سيطرتها على بلدة عرسال (شرق لبنان) الحدودية مع سوريا، بعد ساعات على عودة الموفد القطري من جرود البلدة، حاملا شروط الخاطفين التي تمثلت بالإفراج عن سجناء إسلاميين من سجن روميه المركزي اللبناني، والحصول على مبلغ مالي.
وأكد قيادي في «داعش» لوكالة «الأناضول» التركية «إعدام الجندي في الجيش اللبناني عباس مدلج ذبحا»، مشيرا إلى أن الأخير «كان يحاول الهرب». وفي وقت لاحق، أعلن «داعش» قاطع القلمون، أن «الجندي اللبناني عباس مدلج حاول الهرب من سجنه.. وبعدما حاول إطلاق النار على عناصرنا، تمكنا من السيطرة على الموقف وكان مصيره الذبح». ولم يصدر موقف لبناني رسمي يؤكد الحادثة. ونشر حساب مزعوم للقيادي في «داعش» «أبو مصعب حفيد البغدادي» في «تويتر» »، صورا تظهر مدلج راكعا ومكبل اليدين أمام راية «التنظيم في منطقة جردية، وسط خمسة مسلحين ملثمين، فيما كان أحدهم يقرأ في ورقة. وأظهرت صورة أخرى أحد العناصر يحمل رأس الجندي اللبناني بعد ذبحه، وكان يحمل في يده الأخرى خنجرا ملطخا بالدماء، بينما أظهرت صورة ثالثة رأس الجندي على ظهره، وكانت يداه مكبلتين».
ولم يذكر حفيد البغدادي في تغريدات متعاقبة، أن الجندي حاول الهرب، إذ قال: «أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها»، «واعلموا يا روافض واعلموا يا حكومة لبنان أننا جئناكم بالذبح»، كما توعد «بحرق الحسينيات» و«تدمير الصليب».
وكان أبو مصعب (حفيد البغدادي) أعلن الأسبوع الماضي ذبح الرقيب في الجيش اللبناني علي السيد، في محاولة للضغط على الحكومة اللبنانية للتفاوض مع التنظيم والاستجابة لمطالبه. وتسلم لبنان جثة السيد مساء الأربعاء الماضي ودفن الخميس في بلدته فيدق في عكار (شمال لبنان) في مأتم حاشد.
وبعد تهديد «حفيد البغدادي» بذبح جنود لبنانيين آخرين، أقفل حسابه في «تويتر» مساء الأربعاء الماضي، قبل أن يعلن أمس عن افتتاح حساب جديد، طالبا دعمه. وافتتحه بالقول إنه سينشر صور الجندي اللبناني المذبوح.
ويأتي ذلك غداة الإعلان عن دخول قطر على خط التفاوض مع المجموعات المتشددة، بهدف الإفراج عن العسكريين اللبنانيين. وذكرت تقارير لبنانية أمس، أن الموفد القطري «غادر عرسال عائدا إلى بيروت بعد تسلمه لائحة مطالب المجموعات الخاطفة».
وذكرت مصادر مقربة من «جبهة النصرة» لـ«الشرق الأوسط» أن الموفد القطري لم يلتق مسؤولي الجبهة شخصيا، بل «عقد اللقاء عبر وسطاء»، مؤكدة أن اللائحة بالمطالب سلمت إليه مساء أول من أمس. وفيما لم تكشف المصادر عن مطالب الجبهة، ذكرت عدة تقارير إعلامية لبنانية أن «داعش» و«النصرة» يطالبان بـ«الإفراج عن سجناء إسلاميين في سجن روميه مقابل إطلاق سراح العسكريين»، فيما ذكرت إذاعة «صوت لبنان» أن «الفصيلين يطالبان بالإفراج عن 400 سجين إسلامي من روميه، إضافة إلى الحصول على مبلغ 5 ملايين دولار». ولم يصدر أي إعلان رسمي عن الحكومة اللبنانية حول شروط الخاطفين، بينما أكد رئيسها تمام سلام أن «مأساة العسكريين هي الشغل الشاغل لنا وهي تحتل الأولوية القصوى لدينا»، مشيرا إلى «أن خلية الأزمة الوزارية تتابع الملف بأقصى درجات الحرص والجدية والدقة»، أملا في «الوصول به إلى خاتمته السعيدة».
وفي سياق متصل، أعلن وزير العدل اللواء أشرف ريفي «أننا قطعنا أشواطا في سبيل استرجاع أبنائنا»، مؤكدا «أننا على مستوى الدولة اللبنانية ومجلس الوزراء، أقررنا بالإجماع خطة عمل معينة لم تعلن بكل تفاصيلها حفاظا على سريتها وحرصا على السلامة العامة»، مشددا على «أننا لن نتخلى عن الواجب ولن نقصر في أي عمل معين لاسترجاع العسكريين». وأعلنت الحكومة اللبنانية الجمعة أن دولة قطر تقوم بمسعى «جدي» للتوسط مع الخاطفين، من دون تفاصيل إضافية.
وأكد عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد قباني أن «ملف العسكريين المختطفين معقد، وهو أكبر من قدرة الحكومة على التعاطي معه»، مطالبا «الحكومة بعدم التأخر باتخاذ أي تدبير يؤدي إلى الإفراج عن العسكريين، ولو غضب البعض، لأن هناك أناسا مهددين بالذبح من قبل تلك الجماعات»، محذرا من أي تحريض على الحكومة لأن موضوع سلامة العسكريين لا يدخل في إطار المزايدات أو تسجيل النقاط في مرمى الحكومة.
وبحسب وسطاء وبيانات على مواقع التواصل الاجتماعي وأشرطة فيديو ظهر فيها بعض العسكريين المحتجزين، تطالب المجموعات المسلحة بأن تفرج السلطات اللبنانية عن إسلاميين متطرفين في سجونها مقابل تحرير عسكرييها. إلا أن الحكومة اللبنانية ترفض أي مقايضة. كما يطالب المسلحون بانسحاب «حزب الله» الذي يقاتل إلى جانب قوات النظام السوري من سوريا.
وأعلنت زوجة العسكري في قوى الأمن الداخلي المخطوف لدى جبهة النصرة زياد عمر، أمس، أن زوجها طلب منها باسمه وباسم جميع المخطوفين في اتصال هاتفي استمر 8 دقائق، أن «نقف بوجه حزب الله الإيراني وما يقوم به من قتل للأطفال والعجز كما طلب مني التوجه إلى الشعب اللبناني لمطالبة الحزب بالانسحاب من سوريا واستنكار ما يقوم به من محاولة لقطع الطرق ورفض إطلاق سراح الإسلاميين».
وتوجهت صابرين، زوجة زياد عمر، في مؤتمر صحافي عقدته، إلى «السنة والشيعة والموحدين الدروز»، بالقول: «ما ذنبنا أن فئة من اللبنانيين لم تسلم سلاحها بعد اتفاق الطائف؟» وأضافت: «أتوجه إلى الدولة اللبنانية لتعمل على إنقاذ حياة زوجي ورفاقه وتسريع التفاوض وإنقاذ أولادنا من هذه المحنة».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.