الرئيس اليمني يتهم إيران بتأجيج الانقسامات ومحاولة إشعال الحرب

الجيش يعلن الحياد ويحذر من «الأيادي الخفية».. والحوثيون يهددون هادي بالفرصة الأخيرة

جنود يمنيون يفتشون سيارات عند حاجز بالقرب من وزارة الداخلية في العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)
جنود يمنيون يفتشون سيارات عند حاجز بالقرب من وزارة الداخلية في العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

الرئيس اليمني يتهم إيران بتأجيج الانقسامات ومحاولة إشعال الحرب

جنود يمنيون يفتشون سيارات عند حاجز بالقرب من وزارة الداخلية في العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)
جنود يمنيون يفتشون سيارات عند حاجز بالقرب من وزارة الداخلية في العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)

اتهم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إيران بتأجيج الخلافات المذهبية والانقسامات داخل بلاده ومحاولة إشعال الحرب في صنعاء، بسبب دعمها وتمويلها للمتمردين الحوثيين الذين يقودون احتجاجات مصحوبة بمظاهرة مسلحة ضد الحكومة منذ أسابيع، وطلب هادي من عشائر وقبائل التقى بهم أمس حماية صنعاء من الحوثيين، فيما أعلن الجيش أنه مؤسسة محايدة تقف على مسافة واحدة من الجميع.
وتأتي هذه التطورات بعد أسابيع من الاحتجاجات التي دعت إليها جماعة الحوثيين الشيعية التي أعلنت الجمعة التصعيد ضد الرئيس هادي والحكومة واستمرار حشدها لأنصارها المسلحين إلى المخيمات التي أقامتها داخل صنعاء ومحيطها وبالقرب من معسكرات للجيش ومقرات حكومية.
والتقى هادي أمس في صنعاء، بزعماء عشائر وقبائل من مختلف المحافظات، مشيرا إلى أن إيران تدعم الجماعات المسلحة المذهبية لنشر الفوضى وفرض الأمر الواقع بقوة السلاح، وذكر أن هناك من لا يريد لصنعاء الأمن والاستقرار والخروج من الأزمة، وإنما يريدها تشتعل نارا مثلما هو حاصل في دمشق وبغداد وليبيا. وبحسب وكالة الأنباء الحكومية، فقد دعا هادي إيران إلى «تحكيم العقل والمنطق فيما يتعلق بتعاملها مع الشعب اليمني وعليها أن تتعامل مع الشعب وليس مع فئة أو جماعة أو مذهب»، موضحا أن الحوثيين يتلقون دعما من إيران من خلال أربع قنوات تبث من بيروت، واتهم الرئيس هادي الحوثيين بتحدي المجتمع ونشر الفرقة داخله، وقال: «اليمن كان متعايشا مع جميع المذاهب منذ أمد بعيد ولم يشهد أي خلاف داخل النسيج الاجتماعي الذي كان متماسكا ومترابطا، ولم يكن أحد يلاحظ وجود أي فوارق تذكر»، مضيفا: «لا نتمنى أن نرى استعلاء من جماعة أو طرف يريد فرض الأمر الواقع بقوة السلاح ونشر الفوضى»، وطلب هادي من العشائر والقبائل حماية العاصمة صنعاء من الحوثيين الذين واصلوا حشد أنصارهم إلى مخيماتهم المسلحة، بمحيط صنعاء، معتبرا أن «صنعاء عاصمة كل اليمنيين، والحفاظ عليها وترسيخ الأمن والاستقرار واجب على الجميع». مؤكدا أنه يدعو للسلم دائما لتجنيب البلاد الخلاف والحرب والدمار. من جانبهم تعهد زعماء العشائر والقبائل بالوقوف بجانب الرئيس هادي، لتجاوز الأزمة، مؤكدين وقوفهم بقوة وصرامة ضد العنف واستخدام الأساليب الملتوية التي تتآمر على استقرار وأمن اليمن، معتبرين أن ما تقوم به ميليشيات الحوثي من صعدة وحتى الجوف ومأرب وعمران وصولا إلى محاصرة صنعاء، يحمل الشك والريبة من الأهداف الحقيقة وراء هذا التحرك.
إلى ذلك قال وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر أحمد: «إن الجيش والأمن مؤسسة حيادية بعيدة عن كل أشكال الحزبية أو الولاءات الضيقة، وإنها تقف على مسافة واحدة من الجميع وهم يتنافسون سلمياً وديمقراطياً من أجل تقديم الأفضل للوطن والشعب». ودشن الوزير مع رئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن أحمد علي الأشول ونائب رئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن عبد الباري الشميري ورؤساء الهيئات أمس سلسة محاضرات عسكرية في عدد من الوحدات العسكرية في العاصمة صنعاء ومدن أخرى، وأكد وزير الدفاع أن «قوات الجيش لن تقف مكتوفة الأيدي أمام كل ما يهدد الأمن والاستقرار وستتصدى بكل قوة للإرهاب والتخريب»، داعيا الجميع إلى تحكيم العقل والمنطق وتغليب مصالح الوطن العليا، ونبذ كل أشكال العنف وتجريم أي لجوء إلى السلاح. محذرا من «تدخل الأيادي الخفية والغادرة والتي لا تريد لليمن الخير».
في السياق نفسه هاجم قيادي في جماعة الحوثيين والتي تطلق على نفسها (أنصار الله)، الرئيس هادي وحكومة الوفاق واتهمه بالوقوف «في مواجهة الشعب وإرادته»، ولفت رئيس المجلس السياسي للجماعة صالح هبرة في تصريح صحافي نقله موقع الجماعة الإلكتروني إلى أن «السلطة تثبت أنها أكثر سوءا من (علي صالح)، وأنهم كانوا ينتقدون تمسكه برئاسة البلد وإذا بهم يتمسكون برئاسة حكومة أجمع العالم على فسادها»، وطالب هبرة الرئيس هادي بالاستجابة لمطالبهم، وقال: «أنصحه أن يلتقط الفرصة الأخيرة ويستجيب لمطالب الشعب ولا يقبل أن يُبتز من بعض الأطراف التي تسعى لإيقاعه في فخ مواجهة الشعب». مؤكدا أن «الشعب عزم على مواصلة ثورته حتى تحقيق مطالبه، ولا يستطيع هادي ولا غيره إركاع الشعب، لأن عصر الهزائم قد ولى وأتى عصر المستضعفين»، بحسب الموقع.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.