معارضون سوريون يؤكدون نقل إيران مقر قواتها بسبب غارات إسرائيلية

دراسة أعدها ضباط منشقون عن مخازن الصواريخ والسلاح

موقع لمستودع صواريخ قرب السفيرة بحلب
موقع لمستودع صواريخ قرب السفيرة بحلب
TT

معارضون سوريون يؤكدون نقل إيران مقر قواتها بسبب غارات إسرائيلية

موقع لمستودع صواريخ قرب السفيرة بحلب
موقع لمستودع صواريخ قرب السفيرة بحلب

كشفت دراسة قام بها ضباط منشقون من الجيش السوري يعملون في «حركة تحرير وطن» بقيادة العميد فاتح حسون عن تحركات قامت بها القوات الإيرانية في سوريا بسبب الغارات الإسرائيلية بينها نقل مقر قيادي من دمشق إلى منطقة جبلية شمال العاصمة، إضافة إلى استمرار وجود قواعد ومخازن للسلاح والصواريخ في سوريا.
وجاء في دراسة «حركة تحرير وطن»، التي تضم 150 ضابطاً منشقاً، أنه إذ «تملك الترسانة الصاروخية الإيرانية كثيرا من الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى» وأن إيران تقوم بتصنيع واستخدام عدة أنواع وأجيال من الصواريخ الباليستية التي يصل مدى بعضها إلى 3000 كلم، ولكن ما تم رصده على الأراضي السورية سواء مع جيش النظام أو مع الميلشيات الإيرانية يمكننا إجمالها بالآتي:

- أولا: صواريخ قصيرة المدى
1 - «شهاب - 1» و«شهاب - 2»
تعتبر صواريخ «شهاب - 1» و«شهاب - 1» من الصواريخ قصيرة المدى، وقد تم تصميم هذه الصواريخ على نموذج صواريخ (سكاد - بي وسي) المستوردة من الاتحاد السوفياتي السابق. ويعمل «شهاب - 1» بالوقود السائل، ويمكنه حمل رأس حربي تقليدي يصل وزنه إلى ألف كلغ ويقطع مسافة 300 كلم وفيما بعد طورت طهران نسخة محدثة عنه سمته «شهاب - 2» يمكنه قطع مسافة 500 كلم. وقد تم تصميم هذه الصواريخ لحمل رؤوس حربية تقليدية.
هدف إيران من استيراد مثل هذه الصواريخ في الثمانينات من روسيا وكوريا الشمالية، كان لمواجهة الهجمات الصاروخية العراقية التي كانت تنهال على المدن الإيرانية. أما في الوقت الحاضر، فتهدف إيران من إنتاج مثل هذه الصواريخ من جيل شهاب 1و 2 قصيرة المدى والتكتيكية لإرسالها لدول المنطقة، مثل سوريا و«حزب الله» وللحوثيين في اليمن.
وقدمت إيران لـ«حزب الله» صواريخ فجر 1 - 2 - 3 وفجر 5 (قطر ٣٣٣ ملم، تعمل بالوقود الصلب، بمدى يصل إلى 75 كلم، وتحمل رأسا حربيا تقليديا بوزن 175 كلغ)، صواريخ خيبر، زلزال، فاتح 110، وسكاد - دي، حتى وصلت ترسانته الصاروخية لحدود 150 ألف صاروخ.
2 - «فاتح 110»
صواريخ الفاتح 110 صناعة إيرانية مطورة من صاروخ «سكاد» الروسي، ويبلغ مداه نحو 200 كلم، وقد زودت دمشق بهذا النوع من الصواريخ للعمل في بعض كتائب «اللواء 155» في القطيفة شمال دمشق. وهو صاروخ ذو مرحلة واحدة يعمل على الوقود الصلب بمدى يصل إلى 200 كلم وادعت إيران حينها أيضا أنها طورت نسخة بحرية من صواريخ (فاتح) التي يعتقد الأميركيون أنها قادرة على إصابة السفن البحرية والتجارية في الخليج العربي ومضيق هرمز.
3 - «تشرين»
صواريخ «تشرين» التي يصل مداها إلى 300 كلم وهي صواريخ مطورة عن صواريخ «فاتح 110» الإيرانية.
4 - صواريخ «ميسلون»
صواريخ «ميسلون» المطورة عن صواريخ (زلزال 2) الإيرانية، ويبلغ مدى ميسلون نحو (210) كم.
5 - «ذو الفقار»
صواريخ «ذو الفقار» هي الجيل الأكثر دقة، وهو صاروخ موجه من لحظة الانطلاق وحتى الوصول إلى الهدف، يستخدم الوقود الصلب ويحمل رأسا انشطاريا ويبلغ مداه أكثر من 700 كلم، وقد تم استخدام هذا النوع بتاريخ 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2018 في استهداف لمقرات تنظيم «داعش» الإرهابي على الأراضي السورية شرق الفرات انطلاقا من الأراضي الإيرانية انتقاما لهجوم الأحواز الذي استهدف العرض العسكري قبل أسبوع من تاريخه، ولم يرصد وجود قواعد لهذا الصاروخ على الأراضي السورية.
6 - «نازعات»
صاروخ «نازعات» صاروخ أرض - أرض قصير المدى يعمل على الوقود الصلب، ويتم إطلاقه من منصة إطلاق أو راجمة صواريخ، بمدى يصل إلى 150 كلم.

- ثانيا: صواريخ مضادة للدروع
> صاروخ «طوفان 1»: صاروخ مضاد للدروع وزنه (3.6) كلغ، مداه 3850 مترا، والأجيال الأولى منه موجهة سلكيا، أما الأجيال اللاحقة فموجهة بالليزر، وقد تم رصد هذه الصواريخ في سوريا مخزنة لصالح القوات الإيرانية في «مطار تيفور»، وبتاريخ 20 مايو (أيار) الماضي تم سحب عدد منها وتوزيعها على مجموعات القوات الإيرانية المقاتلة في دير الزور.

- ثالثا: صواريخ بحرية
> صاروخ «نور»: صاروخ بحري مضاد للسفن يطلق من السفن الحربية ومن عربات إطلاق ساحلية، يعمل بالوقود الصلب، ويبلغ مداه 150 كلم. سلمت إيران عام 2010 للقوى البحرية السورية مجموعة زوارق إيرانية تستخدم هذا النوع من الصواريخ وتتمركز في ميناء البيضاء على الرصيف الشرقي. وفي عام 2011 تم تسليمها مجموعة من عربات الإطلاق الساحلية، وتعمل مشتركة مع (صواريخ آلياخونت) الروسية في «الفوج 200» المتمركز في (ظهر صفرا) إلى الشمال من طرطوس وجنوب مدينة بانياس.
وأفادت الدراسة بأنه «تم تطوير صواريخ (فاتح) بأيد إيرانية وبمشاركة خبراء سوريين، وقد كان كبير الباحثين السوريين المسؤول عن مشروع إنتاج صواريخ (فاتح) بعد تجربة العينة الأولى عام 2012 هو الدكتور عزيز إسبر مدير مركز البحوث العلمية في مدينة مصياف جنوب غربي حماة، العالم في وقود الصواريخ، والذي قتل بتفجير سيارته بعبوة ناسفة بتاريخ 5 أغسطس (آب) الماضي».

- منطقة الكسوة
> الموقع الأول، يضم مستودعات «صواريخ ميسلون» المطورة من «سكود» تعمل بالوقود السائل، وتم نقلها حديثا للمنطقة شرق مدينة الكسوة بريف دمشق. وقد تم تعديل عينات من هذه الصواريخ لتحمل رؤوسا مخضبة، على يد الخبير عزيز إسبر قبل أن تأخذه إيران إلى بلادها، وقد تم تجربة هذا الصاروخ في إيران خلال مناوراتها الأخيرة عام 2018، أطلق على الصاروخ بعد التعديل اسم (فاتح 4) وقد بلغ مداه (500) كلم، وكان قيد التطوير ليبلغ مداه 1500 كلم، وقد تم استئناف المشروع من قبل الروس».
> الموقع الثاني، يقع هذا الموقع غرب أوتوستراد دمشق - درعا الدولي قبل دخول مدينة الكسوة على يمين الطريق الذي يعبر لداخل مدينة الكسوة، ويقع على هضبة استراتيجية تطل على المدينة. ويعتبر هذا الموقع من المواقع التي يتم فيها تركيب وتخرين قطع الصواريخ التي يتم تصنيعها في إيران «صاروخ قيام» و«ذو الفقار»، ونقلها كأجزاء متفرقة في شاحنات تحمل مواد استهلاكية.
> الموقع الثالث، يقع هذا الموقع على يسار الطريق الواصل بين مدينتي الكسوة والحرجلة الواقعة شرق مدينة الكسوة، ويحتوي هذا الموقع كذلك على قطع صواريخ وفيه مخازن لتخزين هذه الصواريخ أيضا.
> جب الجراح
وتخزن بها صواريخ «فاتح 110»، تقع في مستودعات شرق مدينة السلمية وغرب بلدة الجراح ويبلغ مدى هذه الصواريخ 300 كلم وهي ملك لـ«الحرس الثوري الإيراني».
> جنوب محرده
وتقع وسط سوريا وتضم مستودعات الأسلحة والصواريخ ومقر لـ«حزب الله» في أصيلة.
> مقرات القطيفة
وتقع فيها مستودعات صواريخ «الفاتح وزلزال» وهي خاصة بـ«الحرس الثوري الإيراني» ومقرات مشتركة لإدارة الصواريخ مع «الحرس»، إضافة إلى مستودعات صواريخ «نشرين» الباليستية متوسطة المدى ولم يخرج منها أي صاروخ طوال السنوات الماضية.
> «لواء 155»
وأشارت الدراسة أيضا إلى «لواء 155» ويضم صواريخ سكود أرض - أرض، في منطقة القطيفة بعد الانتهاء من «طلوع الثنايا»، ويضم عدة كتائب إطلاق وكتيبة هندسة، ويقع بين سفح جبلين، ارتفاع المنطقة نحو 1700 متر عن سطح البحر وارتفاع الجبلين حول سفح اللواء أكثر من 500 متر، ويمتد اللواء عبر منطقة طولها نحو ثلاثة كيلومترات وتقع كتيبة الهندسة في آخر اللواء، وهي الكتيبة التي يتم فيها تجميع الصواريخ وتزويدها بوقود الإطلاق. وتقع قواذف الصواريخ على ارتفاع نحو 150 مترا من سفح اللواء، وفي سراديب حفرت في بطن الجبال المحيطة باللواء. وتوجد كتائب تابعة له في كل من الناصرية في القلمون و«حفير تحتا».
وتابعت: «يضم اللواء في بنيته كتائب صاروخية منها: الكتيبة 51 والكتيبة 52 والكتيبة 77 والكتيبة 79 وكتيبة دفاع جوي هي الكتيبة 580 بالإضافة لكتيبة فنية للصواريخ، وعدد من السرايا منها: سرية الإشارة وسرية الهندسة وسرية النقل». ويعتبر اللواء 155 من أهم القطع العسكرية في ريف دمشق خاصة وسوريا عامة، فهو أحد الألوية التي خضعت للتطوير عن طريق خبراء روس وإيرانيين وصرفت دمشق الأموال الطائلة لتطوير الموقع.
ويضم اللواء 155 صواريخ من أربعة أنواع هي: صواريخ ذات مدى 300 كلم وهي التي تنطلق من منطقة الناصرية التابعة لمنطقة القلمون ريف دمشق، وصواريخ ذات مدى 500 كلم (جيل شهاب 1)، وصواريخ ذات مدى 700 كلم (جيل شهاب 2)، وصاروخ فاتح 1 المطور في إيران.

- قاعدة الناصرية
وجاء في الدراسة أن إيران «سعت إلى استغلال مطار «الناصرية» الجوي الواقع على مسافة 10 كلم إلى الشمال الشرقي من مدينة «جيرود» في منطقة القلمون الشرقي، لأغراض عسكرية سرية تخص صناعة الصواريخ. وقد منح النظام صلاحيات واسعة لإيران لتمكين خبرائها من الإشراف على تجهيز مخازن صواريخ جديدة في المنطقة الممتدة ما بين مدينتي «القطيفة» و«الناصرية» تمهيداً لتخزين وإنتاج وتطوير وصيانة الصواريخ فيها، دون أن يتخلى عن إدارة المطار، وما تزال عناصر «الفرقة الثالثة» توجد إلى الآن وبصورة طبيعية في داخل ومحيط منطقة المطار. وقام الحرس الثوري الإيراني في الآونة الماضية بنقل شحنات صواريخ ومعدّات خاصة بإنتاجها، بشكلٍ سري من مواقع ونقاط إيرانية مختلفة تقع في محيط مطار (دمشق) الدولي، إلى قاعدة (الناصرية) الحربية، وذلك عبر شحنها جواً عن طريق مطار المزة العسكري».
وتعمل إيران على استغلال القاعدة الجوية في «الناصرية» لتكون بديلاً عن قواعدها الرئيسية التي أُجبرت على التخلي عنها في محيط مطار دمشق الدولي، نتيجة الخسائر الكبيرة التي تلقتها بفعل الضربات الجوية الإسرائيلية المتتالية لتلك القواعد، بحسب الدراسة. وأضافت أن منطقة «الناصرية» تشهد منذ عدّة أسابيع «تحركات غير اعتيادية تجري من قبل قوات النظام، وهناك تزايد في حركة هبوط وإقلاع الحوامات من مطار «الناصرية» خلال فترات الليل، وذلك بالتزامن مع قيام قوات النظام بتشييد أبنية وحفر خنادق ومستودعات جديدة للأسلحة في المنطقة. وقام النظام بتسليم قاعدة «الناصرية» الجوية في منطقة «القلمون» الشرقي بريف دمشق «بكامل سلاحها لإيران».
وأضافت أن أهمية مطار الناصرية «تأتي بسبب محاذاته للأوتوستراد الدولي (دمشق – بغداد)، وعلى الرغم من كونه قاعدة صغيرة نسبياً، فإنه يشكل إلى جانب مطار «السين» الواقع في المنطقة نفسها، نقطة تمركز قوية لإيران التي تعمل في الوقت الراهن على إعادة تموضعها وتعزيز قدراتها العسكرية في عموم محافظة ريف دمشق».
يضم مطار «الناصرية» الذي يبعد عن دمشق 60 كلم مدرجاً واحداً، وقاعدة صاروخية ومستودعات تحوي 21 حظيرة إسمنتية، بالإضافة إلى أربع حظائر أخرى ومخازن للأسلحة تحت الأرض، كما تقع قربه كتيبتا إطلاق خاصة بصواريخ «سكود»، إحداهما (الكتيبة 578) الشهيرة التي نـَفذت أول عملية إطلاق صواريخ «سكود» ضد «المناطق المحررة».
«ميناء البيضاء» في اللاذقية
يقع الموقع على السواحل السورية شمال مدينة اللاذقية، ويشكّل المرفأ الرئيسي لمدينة أوغاريت لكونه قديما جدا. وقالت الدراسة: «تحوّل إلى ثكنة وميناء عسكريين، منذ سبعينات القرن الماضي، وأتبع القوة البحرية في الجيش السوري، وبقي بالاسم القديم نفسه. ويعتبر مركزا لقوات الغواصين والضفادع البشرية، ومشاة البحرية الخاصة، ويستخدم إلى جانب الأغراض العسكرية في مجال النقل، إذ ترسو فيه سفن النقل في أغلب الأحيان». وقامت إيران بتوقيع اتفاقٍ مع دمشق في عام 2017، و«قامت من خلاله بإنشاء قاعدة عسكرية لها على سواحل سوريا في ميناء البيضا في اللاذقية. وحاليا تقوم إيران باستخدام هذا الميناء لنقل الصواريخ نحو الأراضي السورية».
> مقرات بلدة السفيرة
أفادت مصادر للباحثين بـ«اتخاذ الميليشيات الإيرانية مقرين لها داخل بلدية السفيرة» شمال حلب لتخزين السلاح ووصول تعزيزات من «الحرس الثوري» الإيرانية، إلى «معامل الدفاع» جنوب شرقي حلب، مستقدمة معها أسلحة وذخائر، و«يرافقها قادة وضباط إيرانيون رفيعو المستوى وخبراء من «جامعة مالك اشتر المتخصصة في تطوير الصناعات العسكرية الإيرانية والتابعة لقوات الحرس الثوري».
> معسكر الطلائع في مصياف
وقالت الدراسة إن المعسكر يعرف بـ«حاجز الشيخ غضبان، والواقع قبيل مدخل مدينة مصياف بريف حماة الغربي، والمتعارف عليه بأنه ثاني أكبر حواجز النظام قوة في سوريا، حيث يتم تبديل عناصره بشكل يومي لضمان عدم حدوث أي تعارف بين العناصر والأهالي أو المارّين عبره، وليتم تفتيش جميع المارين عليه مهما كانت هوية المار، إن كان مدنياً أو عسكرياً أو حتى ضابطاً في جيش النظام». ومعسكر الطلائع هو نقطة عسكرية كبيرة جداً بمساحة جغرافية كبيرة وبموقع استراتيجي مهم بين قرى وبلدات ريف حماة الغربي الموالية للنظام، يحوي بداخله ما يقارب ثلاثة آلاف عنصر من أفرع المخابرات العسكرية والجوية ومكافحة الإرهاب و«قوات الدفاع الوطني».
وأضافت أنه يحتوي على «كميات كبيرة من المتفجرات والصواريخ بداخله وكذلك المواد الكيميائية والأسمدة الخاصة بصناعة المتفجرات والمواد الكيميائية، حيث يعد الموقع هذا مركزا لصناعة البراميل المتفجرة والصواريخ».



هوكستين يدقق في تلويح إسرائيل بتمديدها الهدنة للبقاء بجنوب لبنان

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (يمين) يصافح المبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت (رويترز)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (يمين) يصافح المبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت (رويترز)
TT

هوكستين يدقق في تلويح إسرائيل بتمديدها الهدنة للبقاء بجنوب لبنان

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (يمين) يصافح المبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت (رويترز)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (يمين) يصافح المبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت (رويترز)

يترقب لبنان الرسمي ما سيؤول إليه الاجتماع الذي تعقده الهيئة الدولية المشرفة على تثبيت وقف النار في الساعات المقبلة في مقر قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في الناقورة برئاسة الوسيط الأميركي آموس هوكستين، للتأكد من مدى صحة ما أخذت تروّج له إسرائيل بتمديد فترة الهدنة التي تنتهي في السابع والعشرين من الشهر الحالي بموجب الاتفاق الذي كان توصل إليه في مفاوضاته مع لبنان وإسرائيل لإنهاء الحرب بتطبيق القرار 1701، خصوصاً أن التمديد يعني أنها تؤخر انسحابها من الجنوب، ما يقلق اللبنانيين من تجدُّد اندلاع المواجهة بين تل أبيب و«حزب الله».

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر لبنانية رسمية أن زيارة هوكستين لبيروت تستمر لساعات، ويُفترض أن يتوجه فوراً إلى الناقورة لمواكبة سير تطبيق الاتفاق الذي رعاه بين لبنان وإسرائيل على أن يختتمها بلقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري للوقوف منه على مدى استعداد إسرائيل للانسحاب من جنوب لبنان التزاماً منها بما نص عليه في هذا الخصوص، بخلاف تلويحها بتمديد الفترة الزمنية من دون تحديدها موعداً جديداً لخروجها من الجنوب.

وأكدت المصادر اللبنانية أنها فوجئت بتلويح إسرائيل بتمديد الهدنة الذي يؤدي حكماً إلى تأخير انسحابها من لبنان، مع أن الجهات الرسمية لم تُبلَّغ من الهيئة المشرفة على تثبيت وقف النار، أو من واشنطن مباشرة، بعدم تقيدها بالمهلة الزمنية التي نص عليها الاتفاق لخروجها من جنوب لبنان.

وكشفت أن رئيسها الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز كان قد أبلغ بري، عندما التقاه في حضور سفيرة بلاده ليزا جونسون، بأن المهلة الزمنية المتبقية لتثبيت وقف النار تكفي لانسحاب إسرائيل بالكامل من الجنوب.

نبيه بري مستقبلاً الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز بحضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون يوم الخميس (رئاسة البرلمان)

وبرغم أنها تفضل عدم حرق المراحل باستباقها الموقف النهائي لإسرائيل ريثما تكون على بيّنة بما سيحمله هوكستين لبري ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه، فإنها تسأل في المقابل عما إذا كانت عازمة على البقاء في الجنوب لمدة زمنية تتخطى الجدول الزمني الذي نص عليه الاتفاق لسحب جيشها من الجنوب؟ أم أنها تود جس نبض الحكومة اللبنانية في محاولة لابتزازها والتهويل عليها بذريعة عدم التزام «حزب الله» بما نص عليه الاتفاق بإخراج ما تبقى من ترسانته العسكرية من منطقة جنوب الليطاني إفساحاً في المجال أمام انتشار الجيش اللبناني بمؤازرة «يونيفيل» لتثبيت وقف النار تمهيداً لتطبيق القرار 1701، شرط أن تكون خاضعة بالكامل لسلطة الدولة وخالية من أي وجود عسكري غير شرعي؟

كما تسأل عما إذا كانت إسرائيل في حاجة إلى مزيد من الوقت، كما تدّعي، لتدمير البنى التحتية العسكرية للحزب، خصوصاً أن جيشها تمكن من وضع يده على منشآت عسكرية عائدة له، بما فيها عدد من الأنفاق لم يسبق له أن استخدمها طوال الحرب الأخيرة.

قوات إسرائيلية تتحرك في 2 ديسمبر الماضي بين منازل مدمرة في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

وفي هذا السياق قالت مصادر دبلوماسية غربية بأن إسرائيل لن تسمح لـ«حزب الله» بأن يعيد بناء قدراته العسكرية، وهي عازمة على تدميرها في ضوء تأكيد أمينه العام، نعيم قاسم، أن المقاومة بدأت تستعيد عافيتها وستكون قريباً أقوى مما كانت عليه من قبل. وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن إسرائيل تدرس التروّي في اتخاذ قرارها النهائي بالانسحاب من الجنوب، ما دام جيشها بتوغله في عدد من البلدات تمكن من اكتشاف المزيد من الأنفاق والمنشآت العسكرية ويعمل على تدميرها، إضافة إلى أنه يستمر في ملاحقته وتعقبه الخلايا النائمة للحزب لمنعها من شن عمليات تستهدف دورياتها أثناء توغلها في الأحياء الضيقة لعدد من البلدات التي لا يزال يوجد فيها.

ولفتت إلى أن إسرائيل تربط انسحابها من الجنوب بمدى استعداد الجيش اللبناني للانتشار في منطقة جنوب الليطاني والسيطرة عليها بمؤازرة «يونيفيل». وقالت إنها تدقق حالياً بتشكيلاته الميدانية للتأكد من قدرته على الانتشار ومنع الحزب من الاحتفاظ بما تبقى من قدراته العسكرية، مع أن قيادة الجيش، وبشهادة الجنرال الأميركي، استكملت جهوزيته للانتشار، وهي ليست مسؤولة عن التباطؤ بتوسيعه بمقدار ما أن المسؤولية تقع على عاتق إسرائيل لأنه من غير الجائز الدخول إلى البلدات التي ما زالت تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي.

وسألت عن رد فعل واشنطن في حال أن إسرائيل أخلّت بالتزامها التقيُّد بحرفية الاتفاق بدءاً بتمديد فترة انسحابها؟ وهل أنها تتريث في استكمال خروجها من جنوب الليطاني لاختبار رد فعل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع استعداده للدخول إلى البيت الأبيض في العشرين من الشهر الحالي، أي قبل أسبوع من سريان مفعول المهلة لانسحابها في 27 منه؟

كما سألت ما إذا كان تلويحها بتمديد الهدنة لتأخير انسحابها يأتي في سياق اضطرارها لتأجيل عودة مستوطنيها إلى المستوطنات الواقعة على تخوم حدودها مع لبنان إلى مارس (آذار) المقبل ليكون في وسعها التخلص من الترسانة العسكرية للحزب ومنع الجنوبيين من العودة إلى بلداتهم الواقعة على الخطوط الأمامية؛ لأن عودتهم ستسبب لها الإحراج بمنع سكانها من العودة إلى أماكن سكنهم في الجزء الشمالي من إسرائيل، خصوصاً أنها بدأت تتذرع بأن جيشها تمكن من اكتشاف بنى ومنشآت عسكرية للحزب لم يسبق له أن استخدمها ولا يعلم بها إلا القليل من قادته وكوادره العسكرية.

لذلك يفضّل لبنان الرسمي الترقب قبل أن يبادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومعه الرئيس بري، كونه المعني الأول بتطبيق الاتفاق بحرفيته، الذي توصل إليه مع هوكستين بتفويض من حليفه «حزب الله»، إلى تشغيل محركاتهما دولياً لعل الوسيط الأميركي يحمل معه ما يدعوهما للاطمئنان بأن لا تمديد للهدنة، وأن الانسحاب الإسرائيلي سيتم في موعده، وبالتالي فإن ما تلوّح به إسرائيل، في هذا الخصوص، يبقى تحت سقف جس النبض ليس أكثر.