سجال مفاجئ بين «الاشتراكي» و«المستقبل» بعد تباينات للطرفين مع «التيار الوطني»

TT

سجال مفاجئ بين «الاشتراكي» و«المستقبل» بعد تباينات للطرفين مع «التيار الوطني»

اشتعل سجال مفاجئ بين «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«تيار المستقبل» على خلفية عدم الالتزام باتفاق بين الحزبين يقضي بدعم التناوب على رئاسة بلدية شحيم في منطقة إقليم الخروب في منطقة الشوف بين شخصيتين كل منهما مدعوم من أحد الطرفين لمدة ثلاث سنوات، وذلك بعد أسبوع من السجالات بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، وسجالات أخرى للأخير مع «الاشتراكي» وتباينات معه على ملفات عدة.
وكانت المداورة على رئاسة بلدية شحيم التي تم الاتفاق عليها مسبقاً بين «تيار المستقبل» المتمثل بالرئيس الحالي للبلدية السفير زيدان الصغير والحزب التقدمي الاشتراكي المتمثل بأحمد فواز، والذي كان يفترض أن يتولى رئاسة البلدية للسنوات المتبقية من عمر المجلس (3 سنوات من أصل ست)، وهذا ما أحدث سجالاً حاداً بين قيادة «الحزب التقدمي الاشتراكي» وقيادة «المستقبل».
وغرّد رئيس «التقدّمي الاشتراكي» وليد جنبلاط عبر حسابه على موقع «تويتر» قائلاً: «كم هزيلة تلك الأيام التي وصلنا إليها، حيث يصبح محافظ جبل لبنان موظفاً صغيراً عند تيار سياسي تائه ومتخبط في خياراته العامة، لكن مصرّ في محاربة الحزب الاشتراكي في إقليم الخروب بأي ثمن، متجاهلاً التاريخ النضالي للجبل والإقليم. رحم الله رجالات الأمس أمثال غالب الترك وسميح الصلح».
وردّ الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري عبر حسابه على «تويتر» على كلام جنبلاط، قائلاً: إن هذا الكلام «ليس لك يا بيك»، مشيراً إلى أن ما بين التيارين أكبر من مجلس بلدي، مضيفاً: «إذا شايف غير شي خبرنا».
وردّ أمين السر العام في الحزب «التقدمي» ظافر ناصر على تغريدة الحريري بالقول: «لأن ما بيننا أكبر بكثير، مش لابن رفيق الحريري تهديد الناس بأرزاقن كرمال بلدية». ودعا الحريري إلى «تصويب المسار كرمى لما بيننا».
وعاد أحمد الحريري وردّ على ناصر بالقول: «كلامك أو كلام معلمك يا (رفيق) ظافر ليس مقبولاً... سعد الحريري لا يقطع أرزاق... ابن رفيق الحريري بنى أرزاقاً ودفع من لحمه الحي وأنتم أول العارفين.. يا عيب الشوم».
وجاء السجال بموازاة سجال آخر بين النائبين بلال عبد الله (التقدمي) ومحمد الحجار (المستقبل)، بدأ مع تغريدة النائب عبد الله التي اتهم فيها رئيس الحكومة سعد الحريري بالتدخل لتعطيل اتفاق التناوب في بلدية شحيم قائلاً: «غير مشكور وغير محمود تدخلك دولة الرئيس سعد الحريري في شحيم، معطلاً لاتفاق التناوب في بلديتها، مستخدماً أسلوب الضغط على أرزاق الأعضاء في لقمة عيشهم»، مضيفاً: «أخلاقنا وقيمنا وعاداتنا تستهجن انجرارك لهذا الموقع».
فردّ عليه عضو «المستقبل» النائب محمد الحجار قائلاً: «لا إنت يا د.بلال ولا غيرك مهما علا شأنه يحق له التطاول على رئيس حكومة لبنان رئيس تيار المستقبل سعد رفيق الحريري». ودعا عبد الله إلى إزالة التغريدة مهدداً بفتح «الأوراق التي يعرفها الجميع».
وبعد أن أزال عبد الله التغريدة، قال في تغريدة أخرى: «لن أرد على صغار القوم، عندما يتمنى الكبار سحب التغريدة، وأتمنى على الجميع عدم الانزلاق إلى مستوى ليس لنا ولا من أدبياتنا».
وجاء السجال بعد أسبوع على سجال آخر بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، وتلت سجالات أخرى بين «التيار الوطني الحر» و«الاشتراكي» وتباينات على ملفات كثيرة بينها خطة الكهرباء والتوقيفات بحق الناشطين وغيرها من الملفات الداخلية، وتحذير جنبلاط من أن «وقف التفاهمات الجيوكهربائية التي حصلت قبل انتخاب الرئيس ميشال عون هي التي أوصلت البلاد إلى هذا الخطاب الاستكباري وإلى هذا الاحتقان وإلى تحنيط ودفن الطائف».
ورأى مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوضعين السياسي والاقتصادي في البلد ليسا على ما يرام، والموازنة، رغم الجهد الكبير الواضح في عدد من العناوين، لم تلامس الرؤية الإصلاحية بشكلٍ وافٍ، وردود فعل المجتمع الدولي أيضاً دلت على هذا الأمر، والمشهد القضائي خطير»، لافتاً إلى أن «ما حصل في الآونة الأخيرة يطرح أكثر من علامة استفهام، حول سبل وضع اليد على القضاء وتجاوز أصول العمل السياسي في أكثر من موقع». واعتبر أن «كل ذلك يضع اتفاق الطائف برمته تحت المجهر، خصوصا أن هناك سوابق»، مضيفاً: «قامت بعض القوى السياسية بالمفاخرة بأنها تعدل اتفاق الطائف بالممارسة، وهذه مسألة أيضا خطيرة. لكل هذه الاعتبارات، عبّر وليد جنبلاط على طريقته، عن موقفه السياسي».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.