تحرك غربي لاستيضاح ملابسات الإشكالات مع النازحين السوريين

TT

تحرك غربي لاستيضاح ملابسات الإشكالات مع النازحين السوريين

تحرك سفراء دول أجنبية للقاء مسؤولين لبنانيين ومعرفة خلفيات الأحداث التي حصلت في البقاع تجاه النازحين السوريين، واستيضاح أسبابها ودوافعها، في وقت حذّر النائب مروان حمادة من أن الهيئات الدولية والدول المانحة «قد لا تسكت طويلاً عن هذه الممارسات».
وقالت مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن السفراء الأجانب عقدوا اجتماعاً مع ممثلي المنظمات الدولية، ومن بينهم مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة قبل ثلاثة أيام، وتحركوا باتجاه المسؤولين اللبنانيين، حيث أجروا اتصالات مع وزيرة الداخلية ريا الحسن، ووزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان؛ لمعرفة ملابسات ما جرى حول الإشكالات بين اللبنانيين والنازحين السوريين في دير الأحمر في البقاع، وللاستيضاح عن الأحداث.
وحصلت إشكالات بين النازحين والأهالي في دير الأحمر في البقاع، بعد اعتداء نازحين على عناصر الدفاع المدني في هذه البلدة؛ ما أدى إلى إصابة عنصر وتحطيم آلية إطفاء، إثر رشق عدد من الشبان السوريين الآلية بالحجارة، عند محاولتها إخماد حريق شب داخل حرج أعشاب بجانب أحد مخيمات النازحين بحجة انزعاجهم من انبعاث الدخان.
ورأى مسؤولون لبنانيون أن ما جرى يمثل تحريضاً على النازحين. وقال عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حمادة في بيان أن «لبنان معرّض بفعل التحريض الإثني والطائفي لبعض سلطته، لخسارة الصورة التي اكتسبها في الأعوام الماضية كدولة حضنت وعاملت النازحين معاملة إنسانية، وهو دور كان محل اشادة المؤتمرات الدولية». وأضاف: «أما الآن وبعد قرارات غامضة لما يسمى المجلس الأعلى للدفاع الذي لم تنط به صلاحيات إجرائية، هي محصورة أصلاً في مجلس الوزراء، تقوم بعض الهيئات المحلية والمتطرفين، خصوصاً المرتبطين بالسلطة، بالتحريض على المخيمات وعلى النازحين، وبتحويل كل حادثة إلى عملية انتقامية تشبه معاملة النازيين للبولونيين خلال الحرب العالمية الثانية، فيما كان يسمى pogrom أي أبلسة كل غريب وزيادة الاحتقان في الداخل اللبناني وضرب سمعة لبنان لدى الدول العربية والمجتمع الدولي، في الوقت الذي نسعى فيه إلى مساعدات واستثمارات ضرورية لإنعاش اقتصادنا».
وقال حمادة: «علمتُ، في هذا السياق، أن الموضوع أصبح متداولاً من قِبل الهيئات الدولية والدول المانحة التي قد لا تسكت طويلاً عن هذه الممارسات»، متسائلاً: «هل يبقى شيء لم تخربه السياسات الداخلية والخارجية للسلطة؟».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.